التحقيق في إنشاء شبكات وهمية لبيع المنتجات المسروقة
التحقيق في إنشاء شبكات وهمية لبيع المنتجات المسروقة
الجوانب القانونية والخطوات العملية لمكافحة الاحتيال الإلكتروني
تُشكل شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية تحديًا كبيرًا في عصرنا الرقمي، حيث تستغل هذه الشبكات التطور التكنولوجي لارتكاب جرائم الاحتيال وغسيل الأموال وبيع المقتنيات المتحصلة من الجرائم. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل حول كيفية التحقيق في هذه الشبكات، مع التركيز على الجوانب القانونية في القانون المصري والخطوات العملية الدقيقة التي يجب اتباعها لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية المعقدة. سنستعرض آليات عمل هذه الشبكات، والإجراءات المتبعة لكشفها، والتحديات التي تواجه المحققين، بالإضافة إلى الحلول المقترحة لتعزيز فعالية مكافحة هذه الجرائم.
مفهوم شبكات بيع المنتجات المسروقة والأسس القانونية لمكافحتها
تعريف الشبكات الوهمية وآلية عملها
الشبكات الوهمية لبيع المنتجات المسروقة هي كيانات إجرامية منظمة تستخدم منصات الإنترنت المختلفة، مثل مواقع التواصل الاجتماعي، المتاجر الإلكترونية المزيفة، والمنتديات السرية، لعرض وبيع سلع متحصلة من جرائم سرقة أو نصب أو احتيال. تعتمد هذه الشبكات على إخفاء هويتها الحقيقية واستخدام حسابات وهمية وعناوين بروتوكول إنترنت (IP) متغيرة، بالإضافة إلى طرق دفع إلكترونية معقدة أو تحويلات مالية يصعب تتبعها، وذلك لإضفاء الشرعية على عمليات البيع وجذب الضحايا. يتم الترويج لهذه المنتجات بأسعار مغرية بشكل غير طبيعي لجذب المشترين، مستغلين رغبتهم في الحصول على صفقات جيدة دون علمهم بمصدر هذه البضائع. هذه الشبكات غالبًا ما تكون عابرة للحدود وتستخدم تقنيات التشفير لإخفاء اتصالاتها. هدفها الرئيسي هو تحقيق مكاسب مادية سريعة وغير مشروعة على حساب أمن المجتمع واستقرار المعاملات التجارية. يتميز عملها بالتنظيم والتخصص بين أفرادها، حيث يتولى كل فرد مهمة معينة، مثل الترويج أو التغليف أو الشحن أو غسيل الأموال. غالبًا ما يتم استخدام العملات المشفرة لزيادة صعوبة التتبع، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد للتحقيقات. قد تبدأ العملية بسرقة مادية أو اختراق إلكتروني للحصول على بيانات أو منتجات، ثم تنتقل لمرحلة التسويق والبيع الوهمي.
التكييف القانوني لجرائم بيع المسروقات إلكترونياً
يُصنف بيع المنتجات المسروقة إلكترونيًا ضمن الجرائم الجنائية التي تستوجب العقاب وفقًا للقانون المصري. تتداخل في هذه الجرائم عدة مواد قانونية، أبرزها تلك المتعلقة بالسرقة، النصب، الاحتيال الإلكتروني، غسيل الأموال، وكذلك إنشاء وإدارة شبكات إجرامية منظمة. يُعتبر هذا الفعل جناية يعاقب عليها القانون بغض النظر عن طريقة البيع، ولكن استخدام الوسائل الإلكترونية يضيف أبعادًا أخرى للتكييف القانوني، مثل جرائم تقنية المعلومات. يتم تكييف هذه الأفعال على أنها جرائم معلوماتية وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذي يهدف إلى مكافحة الجرائم المرتكبة عبر الإنترنت. يشدد القانون على عقوبة كل من يحوز أو يبيع أو يروج لمتحصلات الجريمة. كما يمكن أن تندرج هذه الأفعال تحت تهمة الاشتراك في الجريمة أو المساعدة على إتمامها، أو إخفاء أشياء مسروقة. يُعتبر القانون المصري رادعًا لمثل هذه الأفعال، ويسعى إلى مواكبة التطورات الإجرامية في الفضاء السيبراني. يعتمد التكييف القانوني الدقيق على تفاصيل كل حالة على حدة، بما في ذلك نية الجاني، وطبيعة السلع، وحجم الضرر الناتج. يجب على المحققين تحديد التهم المناسبة بدقة لضمان تطبيق العدالة. كما يمكن أن يُنظر إلى هذه الشبكات على أنها جريمة منظمة عابرة للحدود، مما يستدعي تطبيق اتفاقيات دولية في بعض الأحيان.
دور التشريعات المصرية في مكافحة هذه الجرائم
تُسهم التشريعات المصرية بدور حيوي في مكافحة جرائم بيع المنتجات المسروقة عبر الإنترنت. يمثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 الركيزة الأساسية في هذا الشأن، حيث يحدد الأفعال المجرمة عبر الإنترنت ويقرر العقوبات المناسبة لها. يتضمن هذا القانون نصوصًا تجرم الدخول غير المشروع إلى الأنظمة المعلوماتية، والاحتيال الإلكتروني، والاعتداء على البيانات، ويشدد على العقوبة في حال استخدام هذه الأفعال لغرض الحصول على مكاسب غير مشروعة أو بيع مسروقات. كما يلعب قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته دورًا مهمًا في تتبع الأموال المتحصلة من هذه الجرائم ومصادرتها. بالإضافة إلى ذلك، تُطبق مواد قانون العقوبات المصري المتعلقة بالسرقة والنصب والاشتراك الجنائي. تهدف هذه التشريعات إلى توفير إطار قانوني شامل يمكن من خلاله ملاحقة الجناة وتطبيق العقوبات الرادعة عليهم، وكذلك حماية حقوق الضحايا. تسعى الدولة المصرية إلى تحديث هذه القوانين باستمرار لمواكبة الأساليب الإجرامية المتجددة، وتزويد الأجهزة المعنية بالأدوات القانونية اللازمة للتعامل مع تحديات الجريمة السيبرانية. تسهم هذه القوانين في بناء بيئة رقمية آمنة وتحمي المعاملات التجارية الإلكترونية من الاستغلال غير المشروع. كما أنها تضع الأساس للتعاون القضائي الدولي في القضايا التي تمتد صلاحياتها عبر الحدود.
الخطوات العملية للتحقيق في شبكات بيع المنتجات المسروقة
الإبلاغ عن الجريمة وجمع الأدلة الأولية
تُعد خطوة الإبلاغ عن الجريمة هي النقطة الأولى في سلسلة التحقيقات. يجب على الضحية أو أي شخص يكتشف هذه الشبكات التوجه فورًا إلى أقرب قسم شرطة أو الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات بوزارة الداخلية، أو النيابة العامة. عند الإبلاغ، يجب تقديم كافة المعلومات المتاحة والدقيقة، مثل الروابط الإلكترونية للمنصات المستخدمة (المواقع، الصفحات، الحسابات)، لقطات الشاشة (Screenshots) التي توثق عملية العرض أو البيع أو المحادثات، تفاصيل الحسابات البنكية أو محافظ العملات الرقمية المستخدمة، وأي رسائل بريد إلكتروني أو مراسلات أخرى ذات صلة. من الضروري عدم التلاعب بالأدلة الرقمية أو محاولة حذفها، بل يجب الاحتفاظ بها في حالتها الأصلية قدر الإمكان، حيث إن سلامة الأدلة تزيد من فرص نجاح التحقيق. يُنصح بتوثيق التاريخ والوقت لكل دليل يتم جمعه. توفير أكبر قدر من التفاصيل يسهم بشكل كبير في تسريع عملية التحقيق وتحديد هويات الجناة. يجب أن يكون الإبلاغ مدعومًا بالأدلة المادية والرقمية الواضحة، لأن ذلك هو الأساس الذي تبنى عليه القضية. في حال وجود عدة ضحايا، يمكن أن يؤدي تجميع بلاغاتهم إلى تقوية الموقف القانوني وتوفير صورة أوضح للشبكة الإجرامية. يجب أيضًا تسجيل أرقام الهواتف المرتبطة بالعملية وأي أسماء مستخدمين تم التعامل معها.
دور الجهات الأمنية والنيابة العامة في التحقيق
تضطلع الجهات الأمنية المتخصصة، مثل الإدارة العامة لمكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات، والنيابة العامة بدور محوري في التحقيق في شبكات بيع المنتجات المسروقة. تبدأ الجهات الأمنية بجمع المزيد من المعلومات الفنية، مثل تتبع عناوين IP، تحليل بيانات الاتصال، وفحص الأجهزة الإلكترونية المشتبه بها. يتم ذلك بالتعاون مع مقدمي خدمات الإنترنت والشركات التكنولوجية للحصول على البيانات اللازمة بموجب أوامر قضائية. تتولى النيابة العامة الإشراف على هذه التحقيقات، حيث تصدر الأوامر القضائية اللازمة لتفتيش الأماكن المشتبه بها، وضبط الأدلة، واستدعاء الشهود والمتهمين، واتخاذ قرارات الحبس الاحتياطي أو الإفراج. كما تقوم النيابة بفحص الأدلة الرقمية وتحليلها بواسطة خبراء متخصصين للتأكد من صحتها وقانونيتها. يمثل هذا التنسيق بين الجهات الأمنية والنيابة العامة حجر الزاوية في بناء قضية قوية ضد الجناة، حيث تضمن النيابة شرعية الإجراءات وسلامتها القانونية، بينما تقدم الجهات الأمنية الخبرة الفنية اللازمة لتتبع الجرائم الإلكترونية المعقدة. يهدف هذا التعاون إلى الوصول إلى الحقيقة وتقديم الجناة للعدالة. غالبًا ما يتم استخدام تقنيات الطب الشرعي الرقمي لتحليل البيانات المستخرجة من الأجهزة لربطها بالجريمة. كما يتم تحليل المعاملات المالية المشبوهة بالتعاون مع البنوك والجهات المالية.
تتبع الأثر الرقمي واستخراج الأدلة الإلكترونية
تعتبر عملية تتبع الأثر الرقمي واستخراج الأدلة الإلكترونية جوهر التحقيق في الجرائم السيبرانية. يقوم خبراء الطب الشرعي الرقمي بتحليل البيانات المتبقية في الفضاء الإلكتروني، مثل سجلات الخوادم، سجلات الاتصالات، بيانات مواقع التواصل الاجتماعي، والمعلومات المخزنة في الأجهزة المحمولة والحواسيب. يتضمن ذلك استخدام أدوات وتقنيات متخصصة لاستعادة البيانات المحذوفة أو المخفية، وفك تشفير الرسائل، وتحديد مسارات الأموال الإلكترونية. يتم التركيز على تحديد عناوين IP التي استخدمها الجناة، وتحديد مواقعهم الجغرافية، والربط بين الحسابات الوهمية وهوية الأشخاص الحقيقيين خلفها. كما يتم فحص رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات لجمع قرائن تدين المتورطين. يجب أن تتم هذه العملية بدقة متناهية وبما يتوافق مع القواعد القانونية لضمان قبول الأدلة في المحكمة. أي خطأ في جمع أو التعامل مع الأدلة الرقمية قد يؤدي إلى إبطالها. يسهم هذا الجانب الفني للتحقيق في بناء خيوط القضية وتجميع الصورة الكاملة للشبكة الإجرامية، مما يمكن النيابة من توجيه الاتهامات بناءً على أدلة قوية وموثوقة. تتطلب هذه العملية خبرة عالية في الأمن السيبراني وتحليل البيانات الكبيرة لفك طلاسم الجرائم المعقدة. يجب توثيق كل خطوة في عملية جمع الأدلة بشكل تفصيلي.
التعاون الدولي في قضايا الجرائم العابرة للحدود
نظرًا للطبيعة العابرة للحدود للعديد من شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية، يصبح التعاون الدولي أمرًا حيويًا لنجاح التحقيقات. تعتمد مصر على الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف، مثل اتفاقية بودابست لمكافحة الجرائم السيبرانية، لتبادل المعلومات والأدلة مع الدول الأخرى. يشمل هذا التعاون تبادل البيانات الجنائية، تتبع المعاملات المالية الدولية، تسليم المتهمين، وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة. يتم التواصل مع الإنتربول والجهات الشرطية الدولية لتحديد أماكن الجناة الهاربين أو المتواجدين في دول أخرى، وللحصول على معلومات حول أنشطتهم. يساهم هذا التعاون في سد الثغرات القانونية والجغرافية التي قد يستغلها المجرمون للتهرب من العدالة. كما يمكن أن يشمل التعاون تبادل الخبرات والتدريب بين أجهزة إنفاذ القانون من مختلف الدول لتحسين القدرة على مكافحة هذه الجرائم المعقدة. يهدف التعاون الدولي إلى ضمان عدم إفلات الجناة من العقاب لمجرد تواجدهم في بلد آخر، وتعزيز الأمن السيبراني على المستوى العالمي. يواجه هذا التعاون تحديات تتعلق باختلاف الأنظمة القانونية والإجراءات القضائية، ولكنه يظل أداة لا غنى عنها في عالم مترابط. غالبًا ما يتم تبادل طلبات المساعدة القانونية الرسمية بين الدول لضمان الامتثال للإجراءات القانونية الدولية.
تحديات التحقيق وسبل التغلب عليها
صعوبات تحديد هوية الجناة وإثبات الجريمة
يواجه التحقيق في شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية تحديات كبيرة في تحديد هوية الجناة وإثبات الجريمة. يعمد المجرمون إلى استخدام تقنيات إخفاء الهوية مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN)، وعناوين IP المزيفة، والأسماء المستعارة، وحسابات البريد الإلكتروني المؤقتة، مما يجعل تتبعهم أمرًا بالغ الصعوبة. كما أن استخدام العملات المشفرة يجعل تتبع التدفقات المالية معقدًا للغاية. يضاف إلى ذلك الطبيعة العابرة للحدود لهذه الجرائم، مما يتطلب تعاونًا دوليًا معقدًا قد يستغرق وقتًا طويلاً. لإثبات الجريمة، يتطلب الأمر جمع أدلة رقمية قوية وموثوقة تربط الجناة بالنشاط الإجرامي بشكل لا يدع مجالًا للشك، وهو ما يستلزم خبرات فنية عالية. للتغلب على هذه التحديات، يجب تعزيز القدرات التقنية للجهات التحقيقية، وتدريب المحققين على أحدث تقنيات الطب الشرعي الرقمي، وتطوير آليات سريعة وفعالة للتعاون الدولي. كما أن سن تشريعات أكثر صرامة ومرونة تواكب التطور التكنولوجي يمكن أن يساعد في تبسيط إجراءات جمع الأدلة وملاحقة الجناة. البحث والابتكار في أدوات التحليل الجنائي الرقمي ضروري أيضًا لمواجهة التكتيكات المتغيرة للمجرمين. يجب أيضًا التركيز على الجانب الاستخباراتي لجمع المعلومات قبل وقوع الجريمة.
حماية الضحايا وتعويضهم
تُعد حماية الضحايا وتوفير سبل التعويض لهم من الأولويات في أي تحقيق يتعلق بجرائم الاحتيال. غالبًا ما يتعرض ضحايا شبكات بيع المنتجات المسروقة لخسائر مالية كبيرة وصدمة نفسية. يجب توفير آليات واضحة وسهلة للضحايا لتقديم شكاواهم وطلب التعويضات. يمكن أن يشمل ذلك إنشاء صناديق تعويض للضحايا، أو تسهيل الإجراءات القضائية للمطالبة بالحقوق المدنية أمام المحاكم. كما يجب توفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا لمساعدتهم على تجاوز التجربة. في الجانب القانوني، يمكن للضحية رفع دعوى مدنية أمام المحكمة المختصة للمطالبة بالتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به. يجب على الجهات التحقيقية العمل على تجميد الأصول المالية للجناة ومصادرتها لضمان إمكانية تعويض الضحايا. يهدف هذا الجانب إلى استعادة حقوق الضحايا قدر الإمكان، وضمان عدم تحولهم إلى مجرد أرقام في إحصائيات الجريمة. كما أن توعية الضحايا بحقوقهم وكيفية المطالبة بها أمر بالغ الأهمية. يجب على السلطات توفير قنوات اتصال آمنة وفعالة للضحايا لتقديم المعلومات ومتابعة قضاياهم. ضمان العدالة للضحايا هو جزء لا يتجزأ من تحقيق العدالة الجنائية الشاملة في مثل هذه الجرائم المعقدة والمتطورة.
أهمية التوعية والوقاية
تُشكل التوعية والوقاية خط الدفاع الأول ضد شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية. يجب على المؤسسات الحكومية، منظمات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام التعاون لنشر الوعي حول مخاطر هذه الشبكات وأساليب عملها. يجب تعليم الجمهور كيفية التعرف على العلامات التحذيرية للمتاجر الوهمية أو الصفقات المشبوهة التي تبدو جيدة جدًا لدرجة يصعب تصديقها. يشمل ذلك التوعية بأهمية التحقق من مصداقية البائعين قبل الشراء، وتجنب الروابط المشبوهة، واستخدام طرق دفع آمنة يمكن تتبعها. كما يجب توعية الأفراد بعدم مشاركة معلوماتهم الشخصية أو المالية مع أي جهة غير موثوقة عبر الإنترنت. تساهم حملات التوعية في بناء جيل أكثر وعيًا بمخاطر الإنترنت وقادر على حماية نفسه من الاحتيال. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المنصات الإلكترونية تعزيز إجراءات الأمان الخاصة بها وتطبيق سياسات صارمة لمكافحة المحتوى الاحتيالي. الوقاية خير من العلاج، فكلما زاد وعي الجمهور، قلت فرص نجاح هذه الشبكات الإجرامية في استهداف الضحايا. يمكن أن تشمل حملات التوعية إرشادات عملية حول كيفية الإبلاغ عن المحتوى المشبوه للمنصات والسلطات المختصة. يجب أن تكون هذه الحملات مستمرة ومتجددة لمواكبة التطورات في أساليب الاحتيال.
حلول إضافية لتعزيز مكافحة هذه الجرائم
تعزيز القدرات التقنية والقانونية
لتعزيز مكافحة شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية، يجب الاستثمار في تعزيز القدرات التقنية والقانونية لأجهزة إنفاذ القانون والنيابة العامة. يشمل ذلك توفير أحدث التقنيات والأدوات في مجال الطب الشرعي الرقمي، وتحليل البيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي لتتبع الأثر الرقمي للجناة بكفاءة أكبر. كما يجب التركيز على التدريب المستمر للكوادر البشرية، بما في ذلك المحققون، المدعون العامون، والقضاة، على أحدث التطورات في الجرائم السيبرانية وطرق التحقيق فيها. يتضمن التدريب فهم تقنيات التشفير، العملات المشفرة، والشبكات المظلمة. تعزيز القدرات يشمل أيضًا إنشاء وحدات متخصصة داخل الجهات الأمنية والقضائية للتعامل حصريًا مع الجرائم الإلكترونية، وتزويدها بالخبراء في مجالات الأمن السيبراني والقانون الرقمي. يساهم ذلك في بناء نظام متكامل قادر على مواجهة التعقيدات المتزايدة لهذه الجرائم وتوفير حلول فورية ومبتكرة. القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات وتحديد الأنماط المشبوهة هي مفتاح الكشف عن هذه الشبكات. يجب أيضًا تطوير برامج ومنصات محلية لمكافحة الجرائم الإلكترونية تتماشى مع خصوصية البيئة القانونية والتقنية المصرية.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص
تُعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص حلاً فعالًا لتعزيز مكافحة شبكات بيع المنتجات المسروقة. يمكن للشركات التكنولوجية، مزودي خدمات الإنترنت، والبنوك تقديم معلومات قيمة ودعم فني للجهات الحكومية في تتبع الجناة وجمع الأدلة. يجب تشجيع هذه الشركات على الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة التي تكتشفها على منصاتها، وتوفير آليات سلسة لتبادل المعلومات مع الأجهزة الأمنية والقضائية، مع الحفاظ على خصوصية بيانات المستخدمين. يمكن للقطاع الخاص أن يساهم أيضًا في تطوير أدوات وتقنيات جديدة لمكافحة الاحتيال والجرائم السيبرانية، وتوفير التدريب المتخصص. من جهة أخرى، يجب على الحكومة توفير إطار قانوني يحمي هذه الشركات عند تعاونها مع الجهات المختصة ويشجعها على المبادرة في الكشف عن الجرائم. هذه الشراكة تساهم في بناء جبهة موحدة ضد المجرمين، حيث يمتلك كل طرف نقاط قوة يمكن أن تكمل الأخرى. التعاون يمكن أن يأخذ شكل تبادل البيانات المجهولة حول التهديدات، أو المشاركة في مجموعات عمل مشتركة لتطوير أفضل الممارسات. كما يمكن للقطاع الخاص أن يقدم خبراته في مجال الأمن السيبراني لتحسين البنية التحتية الحكومية. يهدف هذا التعاون إلى خلق بيئة رقمية أكثر أمانًا للجميع.
التحديث المستمر للتشريعات
يُعد التحديث المستمر للتشريعات القانونية أمرًا لا غنى عنه لمواكبة التطور السريع في أساليب الجريمة السيبرانية. يجب على المشرعين مراجعة القوانين الحالية بانتظام وتعديلها لتشمل الأفعال الإجرامية الجديدة التي تظهر مع التقدم التكنولوجي، مثل استخدام العملات المشفرة في غسيل الأموال، أو تقنيات الإخفاء المتطورة. يجب أن تكون التشريعات مرنة بما يكفي لتغطية أساليب الاحتيال المتغيرة وأن توفر آليات قانونية فعالة لجمع الأدلة الرقمية والتعامل مع الجرائم العابرة للحدود. كما يجب أن تتضمن هذه التحديثات نصوصًا واضحة حول المسؤولية الجنائية للأفراد والكيانات المشاركة في هذه الشبكات، وكذلك آليات التعاون الدولي. يضمن التحديث المستمر أن يظل القانون أداة فعالة في يد العدالة لمكافحة هذه الظواهر الإجرامية المعقدة والمتطورة. يساهم هذا التحديث في سد أي ثغرات قانونية قد يستغلها المجرمون. يجب أن يتم هذا التحديث بالتشاور مع الخبراء التقنيين والقانونيين لضمان فعاليته وتطبيقه العملي. التكيف مع التحديات الجديدة يتطلب استجابة قانونية سريعة ومدروسة. الهدف هو خلق بيئة قانونية رادعة تحمي المجتمع وتضمن مساءلة المجرمين. هذا يشمل أيضًا مراجعة العقوبات لتكون متناسبة مع خطورة هذه الجرائم. القوانين يجب أن تكون واضحة ومفهومة لجميع الأطراف المعنية، من الأجهزة الأمنية إلى القضاة والمحامين.
في الختام، تُعد مكافحة شبكات بيع المنتجات المسروقة الوهمية مهمة معقدة تتطلب تضافر جهود كافة الأطراف، من الأفراد إلى الحكومات والقطاع الخاص. من خلال تطبيق القانون المصري بصرامة، واتباع الخطوات العملية للتحقيق، والتغلب على التحديات عبر تعزيز القدرات والتعاون الدولي والتوعية المستمرة، يمكننا بناء بيئة رقمية أكثر أمانًا. إن حماية مجتمعنا من هذه الجرائم تتطلب يقظة دائمة وتطورًا مستمرًا في آليات المكافحة، لضمان عدم إفلات أي مجرم من العقاب، وللحفاظ على استقرار المعاملات التجارية وسلامة الأفراد في الفضاء الإلكتروني.
إرسال تعليق