الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصريالمحكمة المدنية

دعوى صحة توقيع: أهميتها وإجراءاتها

دعوى صحة توقيع: أهميتها وإجراءاتها

دليل شامل لفهم وتنفيذ إجراءات صحة التوقيع في القانون المصري

تُعد دعوى صحة التوقيع من أهم الدعاوى القضائية التي تهدف إلى إضفاء الحجية القانونية على المحررات العرفية، كالعقود والاتفاقيات. إنها خطوة أساسية لضمان حقوق الأفراد والجهات، وتثبيت التوقيع المنسوب إلى شخص معين على مستند ما، وذلك لتجنب أي منازعات مستقبلية حول صحة هذا التوقيع. يقدم هذا المقال شرحًا تفصيليًا لأهمية هذه الدعوى وإجراءاتها القانونية، مع تقديم خطوات عملية لرفعها وضمان نجاحها في المحاكم المصرية.

مفهوم دعوى صحة التوقيع وأهميتها القانونية

التعريف القانوني لدعوى صحة التوقيع

دعوى صحة توقيع: أهميتها وإجراءاتهادعوى صحة التوقيع هي دعوى قضائية يرفعها أحد أطراف مستند عرفي على الطرف الآخر، بهدف إثبات أن التوقيع المنسوب إليه على هذا المستند هو توقيعه الصحيح. لا تتناول هذه الدعوى موضوع المستند أو صحة التصرف القانوني الوارد فيه، بل تقتصر فقط على التحقق من صحة التوقيع كإجراء شكلي. بمعنى آخر، المحكمة لا تبحث في مضمون العقد أو مدى التزامات الأطراف، بل تتحقق من كون التوقيع ينتمي فعلاً للشخص المدعى عليه.

أسباب اللجوء إلى دعوى صحة التوقيع

يلجأ الأفراد والشركات إلى دعوى صحة التوقيع لأسباب متعددة، أبرزها الرغبة في توثيق العقود العرفية وتجنب الإنكار المستقبلي للتوقيع. قد يُقدم شخص على بيع عقار بموجب عقد ابتدائي، ويرغب المشتري في تأكيد صحة توقيع البائع قبل إتمام الإجراءات النهائية. كما أنها تُستخدم كإجراء احترازي لضمان حقوق الدائنين في السندات العرفية، أو لتأكيد صحة أي محرر يحمل توقيعًا يخشى صاحبه إنكاره لاحقًا.

الأهمية في حماية الحقوق وتثبيت الملكية

تكمن الأهمية الجوهرية لدعوى صحة التوقيع في أنها توفر حماية قانونية للمحررات العرفية. فعند صدور حكم نهائي بصحة التوقيع، يصبح هذا المستند ذا حجية قوية ضد الموقع عليه، ويصعب عليه بعد ذلك إنكار توقيعه. هذا يعزز الثقة في التعاملات المدنية والتجارية، ويسهل على أصحاب الحقوق إثبات حقوقهم، سواء كانت ملكية لعقار، أو دينًا، أو أي التزام آخر، مما يسهم في استقرار المعاملات.المستندات المطلوبة لإقامة دعوى صحة توقيع

وثائق إثبات الشخصية

لرفع دعوى صحة التوقيع، يجب على المدعي تقديم مستندات تثبت هويته وهويته المدعى عليه. تتضمن هذه المستندات عادةً صورة من بطاقة الرقم القومي للمدعي، وفي بعض الحالات قد يُطلب تقديم وثائق مشابهة للمدعى عليه إن كانت متاحة. هذه الخطوة أساسية للتأكد من هوية الأطراف المعنية بالدعوى ولضمان سلامة الإجراءات القضائية. يجب أن تكون جميع الصور واضحة ومطابقة للأصل لعدم عرقلة سير الدعوى.

أصل المستند المراد إثبات صحة التوقيع عليه

يُعد أصل المستند العرفي الذي يحمل التوقيع المراد إثبات صحته هو الركيزة الأساسية للدعوى. يجب تقديم هذا الأصل إلى المحكمة لتمكينها من فحصه والتحقق من التوقيع عليه. سواء كان هذا المستند عقد بيع ابتدائي، أو إيصال أمانة، أو أي اتفاقية عرفية أخرى، فوجود الأصل ضروري لإتمام إجراءات الدعوى. لا يُكتفى بصور المستند في هذه الحالة لأن المحكمة تعتمد على الأصل للفحص والتدقيق.

صور المستندات وعددها

بالإضافة إلى أصل المستند، يجب تقديم عدد كافٍ من صور المستند العرفي وصور بطاقة الرقم القومي لكل من المدعي والمدعى عليه. عادةً ما يُطلب تقديم صورتين أو ثلاث صور لكل مستند، وذلك لتقديم نسخة للمحكمة ونسخة لإعلان المدعى عليه، وقد تُطلب نسخة أخرى لتُحفظ في ملف الدعوى. التأكد من مطابقة الصور للأصل يُجنب الدعوى التأجيل أو الرفض الإجرائي.

الخطوات العملية لرفع دعوى صحة توقيع

إعداد صحيفة الدعوى ومحتوياتها

تبدأ إجراءات رفع الدعوى بإعداد صحيفة دعوى قانونية يكتبها محامٍ متخصص. يجب أن تتضمن الصحيفة بيانات المدعي والمدعى عليه كاملة (الاسم، العنوان، المهنة)، وبيان المستند المراد إثبات صحة التوقيع عليه، والطلبات الختامية وهي الحكم بصحة توقيع المدعى عليه على المستند. يُراعى أن تكون صياغة الصحيفة واضحة ومحددة، وأن ترفق بها كافة المستندات المطلوبة، لضمان قبولها شكلاً أمام المحكمة.

تسديد الرسوم القضائية

بعد إعداد صحيفة الدعوى، يتوجب على المدعي سداد الرسوم القضائية المقررة. تختلف هذه الرسوم باختلاف قيمة المستند أو نوع الدعوى، ويتم تقديرها من قبل موظف الجدول بالمحكمة المختصة. يجب الاحتفاظ بإيصال سداد الرسوم، حيث يُعد دليلاً على إتمام هذه الخطوة ويُرفق بملف الدعوى. عدم سداد الرسوم يؤدي إلى عدم قيد الدعوى أو شطبها لاحقاً.

إعلان صحيفة الدعوى للخصوم

تُعد خطوة إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى من الإجراءات الجوهرية التي لا يمكن الاستغناء عنها. يقوم قلم المحضرين بإعلان المدعى عليه بمضمون صحيفة الدعوى وتاريخ الجلسة المحددة لنظرها. يجب التأكد من صحة عنوان المدعى عليه لتفادي بطلان الإعلان. وفي حال تعذر إعلانه شخصياً، يتم اللجوء إلى الإعلان في موطنه الأصلي أو بأي طريقة قانونية أخرى يحددها القانون، لضمان علمه بالدعوى.

سير الدعوى أمام المحكمة

بعد إعلان المدعى عليه، يتم تداول الدعوى أمام المحكمة. في الجلسة الأولى، قد يقوم المدعى عليه بالحضور والإقرار بصحة توقيعه، وفي هذه الحالة تُقضي المحكمة بصحة التوقيع مباشرة. أما إذا أنكر المدعى عليه التوقيع، أو لم يحضر، تقوم المحكمة عادةً بإحالة الأوراق إلى خبير خطوط (الطب الشرعي) لمضاهاة التوقيع وإعداد تقرير فني. يمكن أن تطلب المحكمة كذلك توقيعات مقارنة من المدعى عليه إن كان متواجداً.

الحكم الصادر في الدعوى

بعد انتهاء إجراءات المضاهاة وتقديم تقرير خبير الخطوط، أو بعد إقرار المدعى عليه بصحة توقيعه، تصدر المحكمة حكمها في الدعوى. إذا أثبت الخبير صحة التوقيع، أو أقر المدعى عليه بذلك، تحكم المحكمة بصحة التوقيع على المستند. هذا الحكم يُصبح نهائيًا بعد انقضاء مواعيد الطعن (الاستئناف). يُسجل هذا الحكم على هامش المستند الأصلي، مما يضفي عليه حجية قوية ويوثقه قانونياً بشكل كامل.

حالات لا تقبل فيها دعوى صحة التوقيع

المستندات الرسمية

لا تقبل دعوى صحة التوقيع فيما يتعلق بالمستندات الرسمية، وذلك لأن هذه المستندات تتمتع بحجية قانونية قاطعة بذاتها ولا تحتاج إلى إثبات صحة توقيع عليها. المستندات الرسمية هي تلك التي يحررها موظف عام مختص في حدود سلطته أو يتدخل في تحريرها، مثل العقود المسجلة بالشهر العقاري، أو الأحكام القضائية، أو شهادات الميلاد والوفاة. فالتزوير في هذه المستندات يتم الطعن عليه بدعوى تزوير أصلية، وليس بصحة توقيع.

المستندات التي تتضمن إلزامًا بالدفع أو التنفيذ

دعوى صحة التوقيع لا تصلح للمستندات التي يطلب بها المدعي إلزام المدعى عليه بالوفاء بالدين أو تنفيذ التزام معين. على سبيل المثال، إذا كان المستند عبارة عن إيصال أمانة ويريد المدعي مطالبة المدعى عليه بسداد المبلغ، فلا يكفي رفع دعوى صحة توقيع فقط. في هذه الحالة، يجب رفع دعوى أصلية للمطالبة بالدين أو لتنفيذ الالتزام وفقاً لطبيعة الحق، وقد يُطلب فيها إثبات صحة التوقيع كبند ضمن الدعوى الأصلية وليست دعوى مستقلة بذاتها.

نصائح وإرشادات إضافية لضمان نجاح الدعوى

أهمية الاستعانة بمحامٍ متخصص

إن الاستعانة بمحامٍ متخصص في القانون المدني وإجراءات التقاضي يعد خطوة حاسمة لضمان سير الدعوى بسلاسة ونجاحها. المحامي لديه الخبرة القانونية الكافية في إعداد صحيفة الدعوى، وتقديم المستندات الصحيحة، ومتابعة الجلسات، والرد على دفوع الخصوم، ومتابعة إجراءات الإحالة للخبراء. هذا يقلل من احتمالات الخطأ الإجرائي ويزيد من فرص الحصول على حكم إيجابي، ويُجنب المدعي الوقوع في أي أخطاء شكلية أو موضوعية.

التأكد من سلامة المستندات

قبل رفع الدعوى، يجب التأكد بشكل دقيق من سلامة المستند العرفي المراد إثبات صحة التوقيع عليه. يجب أن يكون المستند أصليًا وغير مزور، وأن يكون التوقيع واضحًا وغير مشوه. أي عيب في المستند الأصلي قد يؤثر سلبًا على نتيجة الدعوى أو يؤدي إلى رفضها. كما يُفضل الاحتفاظ بنسخ احتياطية من جميع المستندات الأصلية. هذا يضمن أن تكون لدى المحكمة كل ما يلزم لاتخاذ قرار مستنير.

المتابعة الدورية لسير الدعوى

تتطلب دعوى صحة التوقيع، شأنها شأن أي دعوى قضائية أخرى، متابعة دورية ومستمرة. يجب على المدعي أو محاميه متابعة مواعيد الجلسات، وحالة الدعوى في المحكمة، وتاريخ صدور التقارير الفنية، ومواعيد إعلان الخصوم. هذه المتابعة تضمن عدم تفويت أي إجراء مهم، وتساعد في تسريع وتيرة التقاضي، وتتيح التدخل السريع في حال ظهور أي مستجدات أو الحاجة لتقديم مستندات إضافية، مما يسهم في تحقيق الهدف المرجو من الدعوى.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock