الإجراءات القانونيةالجرائم الالكترونيةالقانون الجنائيالقانون المصريجرائم الانترنت

إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة

إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة

التحديات والحلول القانونية والتقنية

تعد البيانات الحكومية المنشورة ركيزة أساسية للشفافية وتعزيز الحوكمة الرشيدة، إذ توفر للجمهور إمكانية الوصول إلى معلومات حيوية تساعد في فهم عمل المؤسسات الحكومية، وتعزز المشاركة المدنية. ومع ذلك، فإن نشر هذه البيانات، على الرغم من فوائدها الجمة، يفتح الباب أمام مخاطر جمة تتعلق بإساءة استخدامها. يمكن أن تتراوح هذه الإساءة بين الاستخدام غير المصرح به لأغراض شخصية أو تجارية، وصولًا إلى التلاعب بالمعلومات أو استغلالها في أنشطة ضارة أو غير قانونية. لذا، يطرح هذا المقال طرقًا عملية للتعامل مع هذه التحديات.

أنواع إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة

الاستخدام غير المصرح به

إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة
يُقصد بالاستخدام غير المصرح به قيام أفراد أو كيانات بالوصول إلى البيانات الحكومية المنشورة واستغلالها بطرق تتجاوز الأغراض المعلنة للنشر. قد يشمل ذلك جمع كميات كبيرة من البيانات الشخصية التي قد تكون جزءًا من البيانات الحكومية المتاحة، ثم استخدامها في حملات تسويقية مستهدفة دون موافقة أصحابها. على سبيل المثال، يمكن استخدام قوائم ناخبين أو سجلات تجارية تحتوي على معلومات شخصية لأغراض غير انتخابية أو غير تجارية مشروعة، مما يشكل انتهاكًا صارخًا لأخلاقيات استخدام البيانات. هذا النوع من الاستخدام يؤثر سلبًا على ثقة الجمهور في مبادرات البيانات المفتوحة.

يمكن أن يتخذ الاستخدام غير المصرح به أشكالًا أخرى مثل إعادة نشر البيانات في سياقات خاطئة أو مضللة، أو دمجها مع مصادر معلومات أخرى لخلق ملفات تعريف شاملة عن الأفراد دون علمهم. من المهم التأكيد على أن مجرد إتاحة البيانات لا يعني إباحة استخدامها بلا قيود، بل يجب أن يكون هناك إطار واضح يحدد الأغراض المسموح بها والاستخدامات المحظورة. تتطلب هذه الحالات تدخلًا قانونيًا وتنظيميًا لضمان حماية حقوق الأفراد والمؤسسات من أي استغلال غير مشروع.

تزوير البيانات أو تضليلها

تعتبر عملية تزوير البيانات الحكومية المنشورة أو تضليلها من أخطر أشكال إساءة الاستخدام، حيث تستهدف التلاعب بالحقائق أو تقديم معلومات مغلوطة للجمهور. يتم ذلك غالبًا عن طريق تعديل أجزاء من البيانات الأصلية، أو إخراجها من سياقها الصحيح، أو إضافة معلومات غير صحيحة إليها بهدف تشويه الحقائق. قد يلجأ البعض إلى هذه الممارسات لخدمة أجندات سياسية، أو لترويج أخبار كاذبة، أو لإلحاق الضرر بسمعة مؤسسات أو أفراد. هذا السلوك يقوض الثقة في المصادر الرسمية ويؤثر على قدرة الجمهور على اتخاذ قرارات مستنيرة.

على سبيل المثال، يمكن تزوير إحصائيات اقتصادية منشورة لتبدو مؤشرات معينة أفضل أو أسوأ مما هي عليه في الواقع، أو التلاعب ببيانات صحية عامة لإثارة الفزع أو التقليل من شأن الأوبئة. يتطلب الكشف عن هذا النوع من الإساءة آليات قوية للتحقق من سلامة البيانات وسلامة مصدرها، بالإضافة إلى فرض عقوبات رادعة على مرتكبيها. يجب أن تكون الجهات الحكومية قادرة على تتبع مصدر التزوير ومواجهته بفاعلية لحماية سلامة المعلومات المتاحة للجمهور.

انتهاك الخصوصية

يمثل انتهاك الخصوصية أحد المخاطر الكبيرة المرتبطة بنشر البيانات الحكومية، خاصة إذا كانت هذه البيانات تحتوي على معلومات يمكن أن تؤدي إلى تحديد هوية الأفراد بشكل مباشر أو غير مباشر. بالرغم من أن الهدف من نشر البيانات هو الشفافية، إلا أن عدم تطبيق تقنيات إخفاء الهوية الكافية أو إزالة المعلومات الحساسة قبل النشر يمكن أن يؤدي إلى الكشف عن بيانات شخصية للأفراد. يشمل ذلك معلومات مثل عناوين السكن، أرقام الهواتف، تفاصيل مالية، أو سجلات صحية.

يمكن للمسيئين استغلال هذه المعلومات لارتكاب جرائم مثل الاحتيال المالي، أو سرقة الهوية، أو التحرش، أو حتى الابتزاز. على سبيل المثال، قد يتم تجميع بيانات من عدة مصادر حكومية متاحة للجمهور لإنشاء ملفات تعريف تفصيلية عن الأفراد، ثم استخدام هذه الملفات لاختراق حساباتهم أو استهدافهم بعمليات احتيالية. تتطلب معالجة هذا الخطر تطبيق صارم لقوانين حماية البيانات الشخصية، واعتماد تقنيات متقدمة لإخفاء الهوية، وإجراء مراجعات دورية للبيانات المنشورة لضمان عدم احتوائها على معلومات حساسة.

استغلال البيانات لأغراض تجارية غير مشروعة

قد يتم استغلال البيانات الحكومية المنشورة، والتي تهدف إلى خدمة المصلحة العامة، لأغراض تجارية غير مشروعة أو لتحقيق مكاسب شخصية غير عادلة. هذا النوع من الإساءة يحدث عندما تقوم شركات أو أفراد بجمع البيانات المتاحة للجمهور، ثم يعيدون بيعها أو استخدامها لإنشاء منتجات وخدمات تجارية دون الالتزام بالشروط القانونية أو الأخلاقية المنظمة لاستخدام هذه البيانات. يمكن أن يشمل ذلك استخدام قوائم الشركات، أو بيانات عقارية، أو إحصائيات ديموغرافية لتحقيق ميزة تنافسية غير عادلة.

على سبيل المثال، قد تُستخدم بيانات حول المناقصات الحكومية أو المشاريع المستقبلية للحصول على معلومات داخلية تخدم مصالح شركات معينة على حساب أخرى، أو تُباع بيانات ديموغرافية لأغراض إعلانية دون موافقة. يتطلب التصدي لهذا النوع من الإساءة وضع شروط واضحة لاستخدام البيانات المفتوحة، وتحديد العقوبات على من يخالف هذه الشروط، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على الجهات التي تتعامل مع هذه البيانات لضمان التزامها بالضوابط القانونية.

الإطار القانوني والتحديات في مواجهة إساءة الاستخدام

القوانين الحالية ذات الصلة

يواجه المشرع المصري تحديًا في مواكبة التطورات السريعة في مجال البيانات والتقنيات الرقمية. بالرغم من عدم وجود قانون شامل وموحد للبيانات الحكومية المفتوحة، إلا أن هناك عددًا من التشريعات والقوانين التي يمكن أن تطبق جزئيًا لمواجهة إساءة استخدام البيانات. من هذه القوانين، قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (قانون رقم 175 لسنة 2018) والذي يجرم الدخول غير المشروع على أنظمة المعلومات، وتزوير المستندات الإلكترونية، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة.

كذلك، يمكن الاستناد إلى أحكام قانون العقوبات المصري في بعض الحالات، خاصة تلك المتعلقة بالتشهير، أو النصب، أو تزوير المحررات. قانون حماية البيانات الشخصية (قانون رقم 151 لسنة 2020) يوفر إطارًا مهمًا لحماية البيانات الشخصية، ويفرض قيودًا على جمعها ومعالجتها ونشرها، ويحدد عقوبات على المخالفين. ومع ذلك، فإن تطبيق هذه القوانين على إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة يتطلب تفسيرًا دقيقًا وربما تحديثًا لبعض بنودها لتشمل هذا النوع من الجرائم بشكل صريح.

الثغرات القانونية والتحديات التنفيذية

على الرغم من وجود بعض القوانين ذات الصلة، فإن هناك ثغرات قانونية واضحة وتحديات تنفيذية تعيق الملاحقة الفعالة لمسيئي استخدام البيانات الحكومية. إحدى الثغرات تتمثل في عدم وجود تعريف واضح وشامل للبيانات الحكومية المفتوحة وكيفية التعامل معها في القانون المصري، مما يترك مساحة للتأويل. كما أن التحديات التنفيذية تشمل صعوبة تتبع مرتكبي الجرائم الإلكترونية عبر الحدود، ونقص الخبرة المتخصصة لدى بعض جهات إنفاذ القانون في التعامل مع الأدلة الرقمية المعقدة.

بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الافتقار إلى التنسيق الفعال بين الجهات الحكومية المختلفة المسؤولة عن جمع ونشر وحماية البيانات إلى تفاقم المشكلة. فغياب إطار قانوني موحد يحدد المسؤوليات ويضع معايير واضحة للنشر والاستخدام، يجعل من الصعب تحديد الجهة المسؤولة عن حماية البيانات بعد نشرها، أو عن متابعة حالات الإساءة. هذه التحديات تتطلب تطويرًا شاملًا للتشريعات وتعزيزًا للقدرات الفنية والبشرية لدى الأجهزة المعنية.

حلول عملية وتقنية للحد من إساءة استخدام البيانات

تعزيز أمن البيانات الحكومية

لتقليل مخاطر إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة، يجب على الجهات الحكومية تطبيق تدابير أمنية قوية قبل النشر وأثناء الإتاحة. الخطوة الأولى تتضمن تطبيق تقنيات إخفاء الهوية (Anonymization) وإزالة البيانات الشخصية الحساسة بشكل كامل من مجموعات البيانات الكبيرة قبل إتاحتها للجمهور. يجب استخدام تقنيات مثل التجميع (Aggregation) والتعميم (Generalization) لضمان عدم إمكانية ربط البيانات المنشورة بأفراد معينين.

الخطوة الثانية تتمثل في اعتماد بروتوكولات تشفير قوية للبيانات الحساسة حتى في حال عدم نشرها علنًا، وحماية أنظمة التخزين والخوادم التي تحتوي على هذه البيانات. يجب أن يتم تحديث الأنظمة الأمنية بانتظام، وإجراء اختبارات اختراق دورية للكشف عن أي ثغرات أمنية محتملة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتبنى الجهات الحكومية سياسات صارمة لإدارة الوصول (Access Management)، تضمن أن يتمكن فقط الموظفون المصرح لهم بالوصول إلى البيانات غير المنشورة.

وضع سياسات واضحة للاستخدام

يعد وضع سياسات وشروط استخدام واضحة ومحددة للبيانات الحكومية المنشورة أمرًا بالغ الأهمية للحد من إساءة استخدامها. يجب على كل جهة حكومية تقوم بنشر البيانات أن ترفق معها ترخيصًا واضحًا يحدد الأغراض المسموح بها للاستخدام التجاري وغير التجاري، ويمنع أي استخدام ينتهك الخصوصية أو يهدف إلى التضليل. هذه الشروط يجب أن تكون سهلة الفهم ومتاحة للجميع.

الخطوة الثانية تتضمن إلزام المستخدمين بالموافقة على هذه الشروط قبل تنزيل أو استخدام كميات كبيرة من البيانات، خاصة تلك التي يمكن استغلالها. يمكن تفعيل آليات تسجيل بسيطة لتتبع من يقوم بتنزيل مجموعات البيانات الكبيرة. علاوة على ذلك، يجب توضيح العواقب القانونية المترتبة على مخالفة هذه الشروط، وكيفية الإبلاغ عن أي انتهاكات، وذلك لردع المستخدمين عن أي استغلال غير مشروع للبيانات المنشورة.

التوعية المجتمعية والقانونية

تعتبر التوعية المجتمعية والقانونية ركيزة أساسية في بناء ثقافة مسؤولة لاستخدام البيانات الحكومية المنشورة. يجب أن تطلق الجهات الحكومية حملات توعية مكثفة تستهدف الجمهور العام، والشركات، والمؤسسات الأكاديمية، لتوضيح ماهية البيانات الحكومية المفتوحة، وفوائدها، وكذلك المخاطر المرتبطة بإساءة استخدامها. يمكن أن تشمل هذه الحملات نشر مواد إرشادية مبسطة ومقاطع فيديو توضيحية.

الخطوة الثانية هي تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة للموظفين الحكوميين والمطورين والمحللين الذين يتعاملون مع البيانات، لتعزيز فهمهم للمسؤوليات القانونية والأخلاقية المتعلقة بنشر واستخدام البيانات. يجب أن تركز هذه الدورات على أفضل الممارسات في إخفاء الهوية، وأمن المعلومات، والامتثال للتشريعات ذات الصلة. تعزيز الوعي القانوني بجرائم الإنترنت والجرائم الإلكترونية يمكن أن يسهم في ردع الأفراد عن ارتكاب مثل هذه الجرائم.

آليات الإبلاغ والمساءلة

لضمان فعالية الإجراءات المتخذة ضد إساءة استخدام البيانات، يجب إنشاء آليات واضحة وسهلة للإبلاغ عن أي انتهاكات مشتبه بها. يمكن أن يتم ذلك عبر بوابات إلكترونية مخصصة على مواقع الجهات الحكومية، أو من خلال خطوط ساخنة، تتيح للجمهور الإبلاغ عن أي استخدام غير مصرح به أو مضلل للبيانات. يجب أن تكون هذه الآليات سرية وتوفر حماية للمبلغين.

الخطوة الثانية هي تأسيس لجان تحقيق متخصصة تضم خبراء قانونيين وتقنيين للنظر في البلاغات المقدمة، وجمع الأدلة الرقمية، وملاحقة المتورطين. يجب أن تتمتع هذه اللجان بالصلاحيات الكافية للوصول إلى المعلومات الضرورية واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تطبيق عقوبات رادعة وعلنية على مرتكبي جرائم إساءة استخدام البيانات لضمان عدم تكرارها ولتكون عبرة للآخرين.

الإجراءات القانونية المتاحة لمواجهة إساءة الاستخدام

البلاغ للنيابة العامة

تعد النيابة العامة الجهة المختصة بالتحقيق في الجرائم، ومنها جرائم إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة. في حال اكتشاف أي حالة إساءة استخدام، سواء كانت تزويرًا، أو انتهاكًا للخصوصية، أو استخدامًا غير مشروع، يجب على المتضرر أو الجهة الحكومية المعنية تقديم بلاغ رسمي للنيابة العامة. يتضمن البلاغ تفاصيل الواقعة، الأدلة المتاحة، والأطراف المتورطة إن أمكن.

تقوم النيابة العامة بفتح تحقيق، والاستماع إلى الأطراف، وطلب تحريات الجهات الأمنية المتخصصة (مثل مباحث الإنترنت). تُعد هذه الخطوة أساسية لبدء الإجراءات الجنائية، حيث تقوم النيابة بتقييم الأدلة وتحديد ما إذا كانت هناك جريمة تستدعي إحالة المتهمين إلى المحكمة المختصة. يجب على المبلغ الاحتفاظ بجميع الأدلة الرقمية التي تدعم بلاغه، مثل لقطات الشاشة أو روابط صفحات الويب أو رسائل البريد الإلكتروني.

الدعاوى الجنائية

بعد انتهاء تحقيقات النيابة العامة وثبوت وجود جريمة، تقوم النيابة بإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية المختصة. تعتمد الدعاوى الجنائية على الأدلة التي تم جمعها والتحقيقات التي أجرتها النيابة لإثبات التهم الموجهة للمتهمين. يمكن أن تشمل هذه التهم، على سبيل المثال لا الحصر، جرائم الدخول غير المصرح به، تزوير مستندات إلكترونية، إساءة استخدام البيانات الشخصية، أو النصب الإلكتروني، وذلك وفقًا لقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون العقوبات.

تتم إجراءات المحاكمة أمام القضاء الجنائي، حيث يتم عرض الأدلة، والاستماع إلى شهادات الشهود والخبراء، وتقديم مرافعة الدفاع. الهدف من هذه الدعاوى هو تطبيق العقوبات الجنائية المنصوص عليها في القانون، والتي قد تشمل الحبس أو الغرامة، أو كليهما، لردع مرتكبي هذه الجرائم وضمان سيادة القانون. من الضروري أن يتعاون المبلغ والجهات المتضررة بشكل كامل مع النيابة والمحكمة لتوفير كافة المعلومات المطلوبة.

الدعاوى المدنية للتعويض

بالإضافة إلى الدعاوى الجنائية التي تهدف إلى معاقبة الجناة، يمكن للمتضررين من إساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة رفع دعاوى مدنية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم. هذه الدعاوى ترفع أمام المحكمة المدنية، وتهدف إلى جبر الضرر المادي أو المعنوي الذي سببه الاستخدام غير المشروع للبيانات. قد تشمل الأضرار خسائر مالية، أو ضررًا للسمعة، أو انتهاكًا للخصوصية.

يتطلب رفع دعوى التعويض المدني إثبات وقوع الضرر، وأن هذا الضرر نتج مباشرة عن فعل المدعى عليه (مسيء الاستخدام)، وأن هناك علاقة سببية بين الفعل والضرر. يمكن للمحكمة أن تحكم بتعويض مادي يتناسب مع حجم الضرر، بالإضافة إلى إمكانية الحكم بإزالة المحتوى المسيء أو إيقاف الاستخدام غير المشروع للبيانات. هذه الدعاوى تمنح المتضررين حقًا في استرداد حقوقهم وتعويضهم عن الخسائر الناتجة عن هذه الجرائم.

توصيات لتعزيز حماية البيانات الحكومية المنشورة

تحديث التشريعات

لمواجهة التحديات المتزايدة لإساءة استخدام البيانات الحكومية المنشورة، يصبح تحديث التشريعات القائمة وسن قوانين جديدة أمرًا ضروريًا. يجب على المشرع المصري العمل على إعداد قانون شامل للبيانات المفتوحة يحدد بوضوح آليات النشر، شروط الاستخدام، المسؤوليات، والعقوبات المترتبة على أي إساءة. يجب أن يتضمن القانون تعريفًا دقيقًا للبيانات الحكومية وأنواعها، مع إيلاء اهتمام خاص للبيانات الشخصية والمعلومات الحساسة.

الخطوة الثانية تتضمن مراجعة وتعديل القوانين الحالية مثل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وقانون حماية البيانات الشخصية، لضمان تغطيتها لكافة أشكال إساءة استخدام البيانات الحكومية المستجدة. يجب أن تكون العقوبات رادعة ومتناسبة مع حجم الضرر، وأن تسهل إجراءات الملاحقة القضائية. كما يمكن النظر في إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة تكون مسؤولة عن الإشراف على سياسات البيانات الحكومية وحمايتها.

التعاون الدولي

نظرًا للطبيعة العابرة للحدود لجرائم الإنترنت وإساءة استخدام البيانات، فإن التعاون الدولي الفعال يعد حجر الزاوية في مكافحة هذه الظواهر. يجب على مصر تعزيز تعاونها مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية المتخصصة في مجال أمن المعلومات والجرائم الإلكترونية. هذا التعاون يشمل تبادل الخبرات، وتنسيق الجهود في تتبع الجناة عبر الحدود، والمساعدة القضائية المتبادلة في جمع الأدلة الرقمية.

الخطوة الثانية تتمثل في الانضمام إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المعنية بمكافحة الجرائم الإلكترونية، مثل اتفاقية بودابست بشأن الجرائم الإلكترونية، والتي توفر إطارًا قانونيًا للتعاون الدولي في هذا المجال. التعاون في مجال التدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات الجديدة يمكن أن يعزز قدرة الدول على التصدي بشكل جماعي لإساءة استخدام البيانات.

الاستثمار في التقنيات الحديثة

يجب على الجهات الحكومية المصرية الاستثمار في تطوير وتطبيق التقنيات الحديثة التي تعزز أمن البيانات وتحميها من إساءة الاستخدام. يشمل ذلك تبني حلول الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لتحليل البيانات الضخمة، والكشف عن الأنماط المشبوهة في استخدام البيانات، وتحديد المحاولات غير المصرح بها للوصول أو التلاعب. هذه التقنيات يمكن أن توفر قدرة استباقية على اكتشاف التهديدات.

الخطوة الثانية تتضمن استخدام تقنيات مثل البلوك تشين (Blockchain) لتعزيز شفافية وسلامة البيانات الحكومية، حيث يمكن أن توفر هذه التقنية سجلًا غير قابل للتغيير للبيانات وتتبع استخدامها. كما يجب التركيز على تطوير بنية تحتية رقمية قوية ومحمية ضد الهجمات السيبرانية، وتدريب الكوادر الفنية المتخصصة في مجال أمن المعلومات وتحليل البيانات لمواكبة التطورات التكنولوجية المستمرة في هذا المجال.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock