صيغة دعوى مطالبة بمستحقات مالية

دليلك الشامل لكتابة وتقديم دعوى المطالبة المالية وفقًا للقانون المصري

تعتبر دعاوى المطالبة بالمستحقات المالية من أكثر الدعاوى شيوعًا أمام المحاكم المدنية. وهي الوسيلة القانونية التي يلجأ إليها الدائن لاسترداد أمواله من المدين الممتنع عن السداد. يتطلب رفع هذه الدعوى إلمامًا بالإجراءات القانونية الصحيحة وصياغة صحيفة الدعوى بشكل دقيق لضمان قبولها شكلاً وموضوعًا. في هذا المقال، نقدم لك خطوات عملية مفصلة لكيفية إعداد وتقديم دعوى مطالبة مالية ناجحة، مع توضيح كافة الجوانب المتعلقة بها لضمان حقوقك.

الخطوات التمهيدية قبل رفع الدعوى

أولاً: جمع المستندات والأدلة الثبوتية

قبل التفكير في كتابة صحيفة الدعوى، يجب عليك تجميع كافة المستندات التي تثبت حقك في المبلغ المطالب به. هذه المستندات هي حجر الأساس الذي ستبني عليه قضيتك. تشمل هذه الأدلة على سبيل المثال لا الحصر: العقود المبرمة بين الطرفين، الشيكات أو الكمبيالات، إيصالات الأمانة، الفواتير غير المسددة، الحوالات البنكية التي تثبت تقديمك للمبلغ، أو حتى المحادثات الكتابية الموثقة التي تتضمن إقرارًا بالمديونية. كلما كانت أدلتك قوية وواضحة، زادت فرصتك في الحصول على حكم لصالحك بسرعة وفعالية.

ثانياً: محاولة التسوية الودية

ينصح دائمًا بمحاولة حل النزاع وديًا قبل اللجوء إلى القضاء. يمكنك إرسال إنذار رسمي على يد محضر إلى المدين، تطالبه فيه بسداد المبلغ المستحق خلال فترة زمنية محددة. هذا الإجراء له فائدتان رئيسيتان، الأولى أنه قد يدفع المدين إلى السداد تجنبًا لإجراءات التقاضي وتكاليفها. والثانية هي أن هذا الإنذار الرسمي يعتبر ورقة قوية تدعم موقفك أمام المحكمة، حيث يثبت أنك استنفدت الطرق الودية وأن المدين معاند في عدم السداد. تأكد من الاحتفاظ بنسخة من الإنذار وما يفيد استلام المدين له.

ثالثاً: تحديد المحكمة المختصة

يجب تحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى بشكل صحيح لتجنب الحكم بعدم الاختصاص. يتحدد الاختصاص بناءً على عاملين رئيسيين هما الاختصاص القيمي والاختصاص المحلي. الاختصاص القيمي يعتمد على قيمة المبلغ المطالب به، حيث تختص المحاكم الجزئية بالدعاوى ذات القيمة الأقل، بينما تختص المحاكم الابتدائية بالدعاوى ذات القيمة الأعلى. أما الاختصاص المحلي، فالأصل أن تقام الدعوى في محكمة موطن المدعى عليه، ما لم يوجد اتفاق بين الطرفين على خلاف ذلك.

كيفية كتابة صحيفة دعوى المطالبة المالية

العناصر الأساسية لصحيفة الدعوى

تتكون صحيفة الدعوى من عدة أجزاء رئيسية يجب أن تكون مكتوبة بلغة قانونية سليمة وواضحة. تبدأ الصحيفة بديباجة تتضمن تاريخ تحريرها، واسم المحكمة التي سترفع أمامها الدعوى، وبيانات المدعي كاملة (الاسم، المهنة، العنوان) ومن يمثله قانونًا (المحامي)، وبيانات المدعى عليه كاملة. يلي ذلك جزء “الوقائع” الذي تسرد فيه تفاصيل النزاع بشكل زمني ومنطقي، مع الإشارة إلى المستندات الداعمة لكل واقعة. وأخيرًا يأتي جزء “الطلبات” وهو أهم جزء، حيث تحدد فيه ما تطلبه من المحكمة بشكل دقيق.

نموذج تطبيقي لصيغة الدعوى

إنه في يوم … الموافق … / … / ………
بناء على طلب السيد/ … المقيم في … ومحله المختار مكتب الأستاذ/ … المحامي.
أنا … محضر محكمة … قد انتقلت وأعلنت:
السيد/ … المقيم في … مخاطبًا مع/ …
الموضوع
بموجب (عقد اتفاق أو شيك أو إيصال أمانة) مؤرخ في …/…/…، يداين الطالب المعلن إليه بمبلغ وقدره … جنيه مصري، وحيث امتنع المعلن إليه عن السداد رغم المطالبات الودية المتكررة والإنذار الرسمي المسلم له بتاريخ …/…/…، مما اضطر الطالب إلى رفع هذه الدعوى.
بناء عليه
أنا المحضر سالف الذكر قد انتقلت وأعلنت المعلن إليه بصورة من هذه الصحيفة وكلفته بالحضور أمام محكمة … الكائن مقرها … وذلك بجلستها التي ستنعقد علنًا في يوم … الموافق …/…/… لسماع الحكم بإلزامه بأن يؤدي للطالب مبلغ وقدره … جنيه مصري والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.

الإجراءات اللاحقة لتقديم الدعوى

تسجيل الدعوى ودفع الرسوم

بعد تجهيز صحيفة الدعوى من أصل وصور بعدد الخصوم، يتم التوجه إلى قلم كتاب المحكمة المختصة. يقوم الموظف المختص بتقدير الرسوم القضائية المستحقة على الدعوى. بعد سداد الرسوم في خزينة المحكمة والحصول على إيصال السداد، يتم قيد الدعوى في السجل المخصص لذلك وتحديد رقم للدعوى وتاريخ لأول جلسة. يجب الاحتفاظ بصورة من صحيفة الدعوى مختومة بختم المحكمة للاستخدام في الخطوة التالية وهي الإعلان.

إعلان المدعى عليه بالدعوى

يعتبر إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى إجراءً جوهريًا لصحة انعقاد الخصومة. يتم تسليم أصل الصحيفة والصور إلى قلم المحضرين التابع له موطن المدعى عليه. يقوم المحضر بالانتقال إلى عنوان المدعى عليه وتسليمه نسخة من الإعلان. بعد إتمام الإعلان، يقوم المحضر بتحرير أصل الإعلان بما يفيد ما تم فيه ويعيده إلى قلم الكتاب ليتم ضمه إلى ملف الدعوى قبل موعد الجلسة المحددة. بدون هذا الإجراء، لا تكون الدعوى قد بدأت بشكل قانوني سليم.