الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالقانون المصريالمحاكم الاقتصاديةقانون الشركات

قضايا التلاعب في بيانات شركات الاستثمار

قضايا التلاعب في بيانات شركات الاستثمار: حلول قانونية وعملية

فهم أبعاد المشكلة وسبل مواجهتها قانونياً وعملياً

تُعد قضايا التلاعب في بيانات شركات الاستثمار من أخطر التحديات التي تواجه الأسواق المالية والاقتصاد الوطني ككل. فهي تقوض الثقة، تضر بالمستثمرين، وتعيق النمو الاقتصادي المستدام. يتطلب التعامل مع هذه القضايا فهماً عميقاً لأشكال التلاعب، وآليات الكشف عنها، والإجراءات القانونية الفعالة لمواجهتها. يهدف هذا المقال إلى تقديم حلول عملية وخطوات واضحة لمكافحة هذه الظاهرة وحماية حقوق كافة الأطراف المعنية، مع التركيز على الجانب القانوني والتطبيقي في السياق المصري.

أشكال التلاعب الشائعة في بيانات شركات الاستثمار

تضخيم الإيرادات وتضليل المستثمرين

قضايا التلاعب في بيانات شركات الاستثماريُعد تضخيم الإيرادات من أبرز أساليب التلاعب، حيث تقوم الشركات بتسجيل إيرادات وهمية أو غير محققة لإظهار أداء مالي أفضل مما هو عليه في الواقع. هذا التضليل يدفع المستثمرين لاتخاذ قرارات استثمارية خاطئة بناءً على معلومات غير دقيقة. يمكن أن يتم ذلك عبر تسجيل مبيعات لم تتم فعلاً، أو الاعتراف بإيرادات قبل تحقيقها، أو حتى التلاعب في تقييم الأصول. يتطلب الكشف عن هذا النوع من التلاعب تدقيقاً مالياً دقيقاً وتحليلاً معمقاً للقوائم المالية، مع التركيز على مصادر الإيرادات وطرق الاعتراف بها. يجب على المدققين والمستثمرين على حد سواء مراجعة العقود والوثائق الأصلية التي تدعم هذه الإيرادات للتأكد من صحتها ومطابقتها للمعايير المحاسبية. تعتمد فعالية الكشف على مدى استقلالية المدققين وخبرتهم في تحليل البيانات المالية المعقدة.

إخفاء الالتزامات والتلاعب بالميزانيات

يشمل هذا الشكل من التلاعب عدم الإفصاح عن التزامات مالية حقيقية أو تقليل قيمتها، مما يؤدي إلى إظهار مركز مالي أقوى للشركة. يمكن أن يشمل ذلك إخفاء قروض، أو التزامات ضريبية، أو دعاوى قضائية محتملة تؤثر سلباً على الشركة. التلاعب بالميزانية العمومية يتم غالباً عبر ترحيل الالتزامات إلى فترات لاحقة أو إخفائها في كيانات تابعة غير مدمجة في القوائم المالية الرئيسية. لمواجهة ذلك، يجب إجراء تدقيق شامل لكافة السجلات المحاسبية والمالية، بما في ذلك الحسابات خارج الميزانية. يتطلب الأمر أيضاً فحص دقيق للمعاملات مع الأطراف ذات الصلة والشركات التابعة للتأكد من عدم وجود التزامات خفية. يعتمد الكشف عن هذه الممارسات على قدرة المدققين على تجاوز المعلومات السطحية والتعمق في تفاصيل العمليات المالية للشركة، فضلاً عن مقارنة البيانات المالية بمتوسطات الصناعة والمؤشرات الاقتصادية العامة لتحديد أي انحرافات غير مبررة.

التداول الداخلي واستغلال المعلومات الجوهرية

يحدث التداول الداخلي عندما يستخدم أفراد لديهم معلومات غير علنية عن الشركة (مثل أعضاء مجلس الإدارة أو كبار الموظفين) هذه المعلومات لتحقيق مكاسب شخصية في سوق الأوراق المالية. هذا التلاعب يقوض مبدأ تكافؤ الفرص ويضر بالعدالة في السوق. يشمل ذلك بيع أو شراء الأسهم بناءً على معلومات داخلية حول أرباح قادمة، صفقات استحواذ، أو مشكلات مالية. لمواجهة هذا التحدي، يتطلب الأمر رقابة صارمة على تعاملات المطلعين والإفصاح الفوري عن أي معلومات جوهرية تؤثر على سعر السهم. يتعين على الشركات وضع سياسات واضحة تمنع التداول الداخلي وتفرض عقوبات صارمة على المخالفين. كما تلعب هيئات الرقابة المالية دوراً حاسماً في مراقبة تحركات الأسهم وتتبع المعاملات المشبوهة التي قد تشير إلى استغلال معلومات داخلية، وتحليل أنماط التداول قبل الإعلانات الكبرى للشركة.

غسيل الأموال عبر شركات الاستثمار

تُستخدم شركات الاستثمار أحياناً كواجهة لغسيل الأموال المتحصلة من أنشطة غير مشروعة، حيث يتم دمج هذه الأموال في النظام المالي المشروع. يتم ذلك عادة عن طريق استثمار الأموال في محافظ مالية متنوعة أو عقارات، ثم بيعها لإضفاء الشرعية على الأموال. لمكافحة غسيل الأموال، يجب على شركات الاستثمار تطبيق إجراءات “اعرف عميلك” (KYC) بشكل صارم، وفحص مصادر الأموال بعناية. كما يجب الإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة للجهات المختصة فوراً. تتطلب هذه العملية تعاوناً وثيقاً بين القطاع المالي والسلطات الرقابية وجهات إنفاذ القانون. يجب على الشركات أيضاً تدريب موظفيها على التعرف على مؤشرات غسيل الأموال واتباع الإجراءات الصحيحة عند الاشتباه. كما أن الالتزام بالتشريعات الدولية والمحلية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب يُعد أمراً ضرورياً وحاسماً لضمان سلامة ونزاهة القطاع المالي.

طرق الكشف عن التلاعب والوقاية منه

التدقيق المالي والقانوني المستقل

أحد أهم الخطوات الوقائية والكشفية هو إجراء تدقيق مالي وقانوني مستقل ودوري. يجب أن يتم هذا التدقيق بواسطة مكاتب خارجية محايدة ذات سمعة وخبرة عالية.

الخطوات العملية:

1. اختيار مدققين مستقلين: التأكد من عدم وجود أي تضارب في المصالح بين الشركة والمدققين.

2. فحص شامل للقوائم المالية: مراجعة البيانات المالية بدقة، بما في ذلك الميزانية، قائمة الدخل، قائمة التدفقات النقدية، والإيضاحات المرفقة.

3. تحليل التدفقات النقدية: مقارنة الأرباح المحاسبية بالتدفقات النقدية الفعلية للتحقق من مصداقية الأرباح المعلنة.

4. مراجعة العقود والاتفاقيات: فحص جميع العقود الهامة للشركة مع العملاء والموردين والأطراف ذات الصلة.

5. تقييم الأنظمة الرقابية الداخلية: اختبار فعالية ضوابط الرقابة الداخلية لمنع واكتشاف الأخطاء والتلاعب.

6. التحقق من الامتثال القانوني: التأكد من امتثال الشركة لجميع القوانين واللوائح المنظمة لعمل شركات الاستثمار.

7. فحص المعاملات مع الأطراف ذات الصلة: التدقيق في طبيعة وشروط المعاملات مع أطراف ذات صلة للكشف عن أي شبهات استغلال أو تضارب مصالح.

8. طلب مستندات أصلية: الاعتماد على المستندات الأصلية وتأكيد البيانات من مصادر خارجية موثوقة.

9. تحليل المؤشرات المالية: مقارنة المؤشرات المالية للشركة بمتوسطات الصناعة والمنافسين لتحديد أي انحرافات غير طبيعية.

10. التركيز على التوقعات والمقارنات: مراجعة التوقعات المالية السابقة للشركة ومقارنتها بالأداء الفعلي للكشف عن أي تباينات كبيرة غير مبررة.

11. مقابلات مع الموظفين الرئيسيين: إجراء مقابلات مع المديرين والمحاسبين والموظفين المعنيين للحصول على فهم أعمق للعمليات والإجراءات الداخلية.

12. استخدام التحليل الجنائي المالي: في حالات الشك الشديد، يمكن الاستعانة بخبراء التحليل الجنائي المالي لتعقب الأموال والوثائق بشكل مكثف.

تعزيز حوكمة الشركات والرقابة الداخلية

تعتبر الحوكمة الرشيدة للشركات ونظم الرقابة الداخلية القوية خط الدفاع الأول ضد التلاعب.

آليات لتعزيز الحوكمة:

1. تشكيل مجلس إدارة فعال ومستقل: يجب أن يضم المجلس أعضاء مستقلين ذوي خبرة لمنع تركز السلطة وضمان الشفافية.

2. لجان المراجعة والتدقيق: إنشاء لجنة مراجعة مستقلة تضم خبراء ماليين وقانونيين للإشراف على عمليات التدقيق الخارجي والداخلي.

3. فصل المهام والمسؤوليات: تحديد صلاحيات ومسؤوليات واضحة للموظفين والإدارات لمنع تضارب المصالح وإساءة استخدام السلطة.

4. مدونة قواعد سلوك واضحة: وضع وتطبيق مدونة قواعد سلوك وأخلاقيات مهنية صارمة لكافة العاملين.

5. نظام فعال للإبلاغ عن المخالفات (Whistleblowing): توفير قنوات آمنة ومحمية للموظفين للإبلاغ عن أي شبهات تلاعب أو فساد دون خوف من الانتقام.

6. التقارير الدورية للرقابة: إعداد تقارير دورية حول فعالية الرقابة الداخلية وتحديد نقاط الضعف وخطط التحسين.

7. تدريب مستمر للموظفين: توفير تدريب مستمر للموظفين على مبادئ الحوكمة والرقابة الداخلية وأحدث أساليب الاحتيال المالي.

8. التقييم المستقل للرقابة الداخلية: إجراء تقييمات دورية ومستقلة لفعالية نظام الرقابة الداخلية.

9. تطبيق سياسات واضحة للموافقات المالية: التأكد من وجود نظام صارم للموافقات على المعاملات المالية الكبيرة والصغيرة.

10. تكنولوجيا المعلومات لدعم الرقابة: استخدام أنظمة معلوماتية متقدمة توفر سجلات دقيقة ومراجعة للوصول للبيانات وتغيراتها.

استخدام التقنيات الحديثة في تحليل البيانات

توفر التقنيات الحديثة أدوات قوية للكشف عن أنماط التلاعب التي قد يصعب اكتشافها بالطرق التقليدية.

أدوات وتقنيات للكشف:

1. تحليلات البيانات الكبيرة (Big Data Analytics): استخدام أدوات تحليل البيانات الضخمة لمعالجة كميات هائلة من البيانات المالية وغير المالية للكشف عن الأنماط الشاذة أو المشبوهة.

2. الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة (AI & Machine Learning): تطوير نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تعلم السلوك الطبيعي للمعاملات وتحديد الانحرافات التي قد تشير إلى تلاعب أو احتيال.

3. التحليل الجنائي الرقمي (Digital Forensics): استخدام تقنيات التحليل الجنائي الرقمي لاستعادة وتحليل البيانات المحذوفة أو المخفية من الأنظمة الحاسوبية للكشف عن أدلة التلاعب.

4. برامج اكتشاف الاحتيال: الاستثمار في برامج متخصصة لاكتشاف الاحتيال التي تستخدم قواعد بيانات وأنماط معروفة للكشف عن المخالفات.

5. تتبع المعاملات المشبوهة: استخدام أدوات لتتبع حركة الأموال والمعاملات عبر البنوك والأنظمة المالية لتحديد مسارات غسيل الأموال أو التحويلات غير المشروعة.

6. البلوك تشين (Blockchain): استكشاف إمكانية استخدام تقنية البلوك تشين في تسجيل بعض المعاملات المالية لضمان الشفافية وعدم قابلية التغيير.

7. أدوات تصور البيانات (Data Visualization): تحويل البيانات المعقدة إلى رسوم بيانية وتصورات سهلة الفهم للكشف عن العلاقات والأنماط المخفية بسرعة.

الإجراءات القانونية لمواجهة التلاعب في القانون المصري

الإبلاغ عن المخالفات والجهات المختصة

عند اكتشاف أي شبهة تلاعب، يجب الإبلاغ عنها فوراً للجهات الرسمية المختصة.

الجهات المختصة وخطوات الإبلاغ:

1. هيئة الرقابة المالية (FRA): هي الجهة المسؤولة عن تنظيم ومراقبة الأسواق المالية غير المصرفية في مصر.

     خطوات الإبلاغ: تقديم شكوى رسمية للهيئة مرفقة بجميع المستندات والأدلة الداعمة. تقوم الهيئة بالتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة.

2. النيابة العامة: في حالات التلاعب التي تشكل جرائم جنائية (مثل الاحتيال، التزوير، غسيل الأموال)، يجب تقديم بلاغ للنيابة العامة.

     خطوات الإبلاغ: تحرير محضر بالواقعة في قسم الشرطة أو تقديم بلاغ مباشر للنيابة العامة مع المستندات. تتولى النيابة التحقيق وإحالة القضية إلى المحكمة المختصة.

3. وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب: في حال الاشتباه في قضايا غسيل أموال، يتم الإبلاغ عن طريق المؤسسات المالية أو مباشرة إلى الوحدة.

     خطوات الإبلاغ: إبلاغ الوحدة بالمعاملات المشبوهة مع تقديم البيانات والمعلومات المتاحة لديها.

4. محكمة الجنايات/ المحاكم الاقتصادية: إذا كانت القضية تتعلق بجرائم جسيمة أو جرائم اقتصادية محددة.

     دور المحاكم: تنظر في الدعاوى بعد تحقيقات النيابة العامة وتصدر الأحكام.

5. الاستعانة بمحامٍ متخصص: يُنصح بالاستعانة بمحامٍ متخصص في القضايا المالية والاقتصادية لتقديم المشورة القانونية وتمثيل الأطراف المتضررة أمام الجهات المختصة.

6. حماية المبلغين: يجب التأكد من توفير الحماية القانونية للمبلغين عن المخالفات لتعزيز الشفافية وتشجيع الإبلاغ.

رفع الدعاوى القضائية وحماية حقوق المستثمرين

للمستثمرين المتضررين الحق في رفع دعاوى قضائية للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم.

أنواع الدعاوى والإجراءات:

1. الدعاوى المدنية: يرفعها المستثمرون للمطالبة بتعويضات مالية عن الخسائر التي تكبدوها نتيجة التلاعب.

     الإجراءات: يتم رفع الدعوى أمام المحكمة المدنية المختصة أو المحكمة الاقتصادية حسب قيمة ونوع النزاع. يجب تقديم كافة المستندات التي تثبت التلاعب وحجم الضرر.

2. الدعاوى الجنائية: تهدف إلى معاقبة مرتكبي جرائم التلاعب (مثل الاحتيال، التزوير) بعقوبات سالبة للحرية وغرامات.

     الإجراءات: تبدأ بتقديم بلاغ للنيابة العامة، التي تقوم بالتحقيق وإحالة القضية إلى محكمة الجنايات أو المحكمة الاقتصادية. يمكن للمستثمر الانضمام كمدعٍ بالحق المدني في الدعوى الجنائية للمطالبة بالتعويض.

3. دعاوى المسؤولية المدنية: يمكن رفع دعاوى ضد أعضاء مجلس الإدارة أو المديرين التنفيذيين الذين يثبت تورطهم في التلاعب أو إهمالهم في الإشراف.

4. دعاوى تعويض جماعية: في بعض الحالات، يمكن للمستثمرين المتضررين رفع دعوى جماعية للمطالبة بالتعويضات بشكل مشترك لتقليل التكاليف وتوحيد الجهود.

5. إجراءات التحفظ: يمكن طلب اتخاذ إجراءات تحفظية، مثل الحجز على أموال المتورطين أو ممتلكاتهم، لضمان تنفيذ أي حكم قضائي مستقبلي بالتعويض.

6. الخبرة القضائية: في كثير من هذه القضايا، تلجأ المحكمة إلى ندب خبراء ماليين وقانونيين لتقديم تقارير فنية تساعد في كشف أبعاد التلاعب وتحديد المسؤوليات.

7. المراجعة المستمرة للقوانين: يجب على المشرع مراجعة وتحديث القوانين بشكل دوري لضمان فعاليتها في مواجهة الأساليب المتطورة للتلاعب وحماية حقوق المستثمرين بشكل أمثل.

دور المحاكم الاقتصادية في قضايا التلاعب

تلعب المحاكم الاقتصادية في مصر دوراً محورياً في الفصل في قضايا التلاعب المالي، نظراً لاختصاصها النوعي في النزاعات ذات الطبيعة الاقتصادية.

اختصاصاتها وإجراءاتها:

1. الاختصاص النوعي: تختص المحاكم الاقتصادية بنظر الدعاوى المدنية والتجارية والجنائية المتعلقة بالقوانين الاقتصادية، بما في ذلك قانون سوق رأس المال، قانون الشركات، وقانون مكافحة غسيل الأموال.

2. السرعة والفعالية: تتميز المحاكم الاقتصادية بسرعة الفصل في القضايا، حيث تتبع إجراءات مبسطة ومواعيد محددة لتسريع التقاضي.

3. القضاة المتخصصون: يضم قضاة المحاكم الاقتصادية خبرة متخصصة في الشئون المالية والاقتصادية، مما يعزز قدرتهم على فهم طبيعة النزاعات المعقدة.

4. الخبرة الفنية: تعتمد المحاكم الاقتصادية بشكل كبير على تقارير الخبراء الماليين والمحاسبيين لتقديم رؤى فنية دقيقة حول أبعاد التلاعب والخسائر الناتجة.

5. التسوية الودية: تشجع المحاكم الاقتصادية الأطراف على الوصول إلى تسوية ودية للنزاعات، مما يوفر الوقت والجهد ويحقق العدالة التصالحية.

6. إصدار الأحكام: تصدر المحاكم الاقتصادية أحكاماً قابلة للتنفيذ في كل من الجانب الجنائي (العقوبات) والمدني (التعويضات)، مما يوفر حلاً شاملاً للضحايا.

7. تحديث الإجراءات: تسعى المحاكم الاقتصادية باستمرار إلى تحديث إجراءاتها لمواكبة التطورات في الجرائم المالية والاقتصادية، مما يضمن فعاليتها في تحقيق العدالة.

8. الطعن على الأحكام: يمكن الطعن على أحكام المحاكم الاقتصادية أمام محكمة الاستئناف الاقتصادية ثم محكمة النقض، وفقاً للإجراءات القانونية المعتادة.

9. التعاون مع الهيئات الرقابية: تعمل المحاكم الاقتصادية بالتعاون مع هيئة الرقابة المالية والجهات الأخرى ذات الصلة لضمان تنفيذ القوانين وتحقيق الردع.

حلول إضافية لتعزيز الأمان والثقة في السوق الاستثماري

التوعية القانونية للمستثمرين

لتعزيز مناعة السوق ضد التلاعب، يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بحقوقهم وواجباتهم ومخاطر الاستثمار.

1. برامج تثقيفية: إطلاق حملات وبرامج توعية منتظمة للمستثمرين حول أساسيات الاستثمار، مخاطر التلاعب، وكيفية حماية أنفسهم.

2. أدلة إرشادية: توفير أدلة إرشادية مبسطة تشرح المصطلحات المالية والقانونية، وعلامات الاحتيال، وكيفية الإبلاغ عن الشكاوى.

3. الوصول للمعلومات: تسهيل وصول المستثمرين إلى المعلومات الصحيحة والموثوقة عن الشركات التي يرغبون في الاستثمار فيها.

4. ورش عمل وندوات: تنظيم ورش عمل وندوات للمستثمرين لزيادة وعيهم بالآليات القانونية المتاحة لهم.

5. التشديد على العناية الواجبة: توعية المستثمرين بأهمية القيام بالعناية الواجبة قبل اتخاذ أي قرار استثماري، وفهم طبيعة المخاطر المرتبطة به.

6. تحذير من العروض المشبوهة: تنبيه المستثمرين إلى خطورة العروض الاستثمارية التي تبدو مغرية جداً أو التي تعد بعوائد خيالية دون مخاطر.

7. التركيز على الشفافية: تعليم المستثمرين أهمية الشفافية والإفصاح الكامل من الشركات كمعيار أساسي للاستثمار الآمن.

تحديث التشريعات والقوانين

يجب أن تكون الأطر القانونية مرنة وقابلة للتكيف لمواجهة الأساليب المتطورة للتلاعب.

1. مراجعة دورية للقوانين: إجراء مراجعة دورية وشاملة لقوانين سوق المال والشركات لمواكبة التطورات العالمية وأساليب التلاعب الحديثة.

2. تغليظ العقوبات: تعديل القوانين لتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم التلاعب والاحتيال لضمان تحقيق الردع الكافي.

3. توسيع نطاق الجرائم: تضمين أشكال جديدة من التلاعب ضمن نطاق الجرائم المعاقب عليها قانوناً، مثل التلاعب بالبيانات الرقمية والجرائم الإلكترونية المرتبطة بالاستثمار.

4. تبسيط الإجراءات القضائية: العمل على تبسيط وتسريع إجراءات التقاضي في القضايا المالية والاقتصادية لضمان تحقيق العدالة في وقت مناسب.

5. تضمين التكنولوجيا: تطوير تشريعات خاصة بالجرائم الإلكترونية التي تؤثر على قطاع الاستثمار، وتوفير أدوات قانونية للتحقيق الرقمي.

6. تعزيز حماية المبلغين: سن قوانين تضمن حماية أكبر للمبلغين عن الفساد والتلاعب وتوفر لهم الحوافز للإبلاغ.

7. تكامل القوانين: ضمان التكامل والاتساق بين القوانين المختلفة المتعلقة بالقطاع المالي والاقتصادي لتجنب أي ثغرات قانونية.

التعاون الدولي لمكافحة الجرائم المالية

غالباً ما تكون قضايا التلاعب ذات طابع عابر للحدود، مما يستدعي تعاوناً دولياً فعالاً.

1. اتفاقيات تبادل المعلومات: إبرام اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول لمكافحة الجرائم المالية.

2. ملاحقة الأموال المهربة: تعزيز التعاون في تتبع واسترداد الأموال المهربة الناتجة عن التلاعب عبر الحدود.

3. التعاون القضائي: تفعيل آليات التعاون القضائي الدولي في مجال تسليم المتهمين وتبادل الأدلة في القضايا العابرة للحدود.

4. الالتزام بالمعايير الدولية: الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب التي تضعها منظمات مثل مجموعة العمل المالي (FATF).

5. التدريب المشترك: تنظيم برامج تدريب مشتركة بين خبراء الدول المختلفة لتبادل أفضل الممارسات في كشف ومكافحة التلاعب.

6. المنظمات الدولية: الاستفادة من دور المنظمات الدولية المتخصصة في مكافحة الجريمة المالية لتنسيق الجهود العالمية.

7. التكامل الإقليمي: تعزيز التعاون الإقليمي بين الدول ذات المصالح المشتركة لمواجهة التحديات المالية العابرة للحدود بشكل فعال.

الخلاصة

تُعد مكافحة التلاعب في بيانات شركات الاستثمار معركة مستمرة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف: المستثمرين، الشركات، الجهات الرقابية، والجهات القضائية. من خلال تطبيق آليات رقابية قوية، وتعزيز الحوكمة، والاستفادة من التقنيات الحديثة، وتحديث الأطر القانونية، وتثقيف المستثمرين، يمكن بناء سوق استثماري أكثر شفافية وعدلاً. إن الالتزام بالخطوات العملية والحلول المتعددة التي تم عرضها في هذا المقال يمثل ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف، بما يضمن حماية حقوق المستثمرين ويدعم استقرار ونمو الاقتصاد المصري.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock