مذكرة طعن بالنقض في حكم جناية تعاطي جوهر مخدر
محتوى المقال
- 1 مذكرة طعن بالنقض في حكم جناية تعاطي جوهر مخدر
- 2 ماهية الطعن بالنقض وأهميته في الجنايات
- 3 الشروط الجوهرية لقبول مذكرة الطعن بالنقض
- 4 الأسباب القانونية للطعن بالنقض في جنايات التعاطي
- 5 الخطوات العملية لإعداد مذكرة الطعن بالنقض
- 6 إجراءات تقديم الطعن ومتابعته
- 7 تحديات شائعة وحلول مقترحة في طعون النقض الجنائية
مذكرة طعن بالنقض في حكم جناية تعاطي جوهر مخدر
الأسس القانونية والإجراءات العملية للطعن بالنقض في قضايا التعاطي
يُعد الطعن بالنقض مرحلة بالغة الأهمية في مسيرة التقاضي الجنائي، خاصةً في القضايا المتعلقة بجنايات تعاطي المواد المخدرة. إنه الملاذ الأخير لضمان سلامة تطبيق القانون وحماية حقوق المتهم، بعد صدور حكم نهائي من محكمة الجنايات أو محكمة الاستئناف. تهدف هذه المذكرة إلى استعراض كافة الجوانب المتعلقة بإعداد وتقديم طعن بالنقض في مثل هذه القضايا، مع التركيز على الشروط الجوهرية والأسباب القانونية والإجراءات العملية التي يجب اتباعها بدقة لزيادة فرص قبوله وتحقيق العدالة المنشودة، مقدمين حلولاً متعددة للتحديات التي قد تواجه القائمين على إعداد الطعون.
ماهية الطعن بالنقض وأهميته في الجنايات
تعريف الطعن بالنقض ودوره القانوني
الطعن بالنقض هو طريق طعن غير عادي يُمارس أمام محكمة النقض، وهي المحكمة العليا في التسلسل القضائي المصري. يختلف الطعن بالنقض عن الاستئناف كونه لا يعيد بحث وقائع الدعوى وموضوعها من جديد، بل يقتصر دوره على مراقبة مدى صحة تطبيق القانون وتأويله على هذه الوقائع، ومدى التزام المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه بالإجراءات القانونية السليمة. هدفه الأساسي هو توحيد المبادئ القانونية وضمان سلامة الأحكام.
تتمحور أهمية الطعن بالنقض في الجنايات حول دوره الرقابي على الأحكام الصادرة. فإذا كان الحكم قد خالف القانون، أو شابه عيب في الإجراءات أثر فيه، أو شاب الاستدلال فيه فسادًا أو قصورًا في التسبيب، فإن محكمة النقض تتدخل لتصحيح هذا المسار. هذا يضمن عدم إدانة بريء بناءً على خطأ قانوني أو إجرائي، ويحمي حقوق الأفراد وحرياتهم من أي تجاوزات قد تحدث خلال مراحل التقاضي المختلفة، خاصة في قضايا المخدرات ذات العقوبات المشددة.
الفروقات الجوهرية بين الطعن بالنقض والاستئناف
يختلف الطعن بالنقض عن الطعن بالاستئناف في عدة أوجه جوهرية. فالاستئناف هو طريق طعن عادي يتيح للمحكمة الاستئنافية إعادة النظر في الدعوى من جديد، سواء في وقائعها أو في تطبيق القانون عليها. بمعنى آخر، يتم مراجعة القضية موضوعًا وإجراءً. يمكن للمحكمة الاستئنافية أن تستمع لشهود جدد، أو تطلب أدلة إضافية، أو تغير من الوصف القانوني للجريمة، أو تعدل في العقوبة المحكوم بها، سواء بالزيادة أو النقصان.
أما الطعن بالنقض، فهو لا يُمثل درجة ثالثة من درجات التقاضي التي تعيد فحص الوقائع. دوره محدد بالبحث في مدى صحة تطبيق القانون على الوقائع التي استقرت عليها محكمة الموضوع، ومدى سلامة الإجراءات التي سبقت صدور الحكم أو صاحبت إصداره. لا يجوز لمحكمة النقض أن تنقض الحكم المطعون فيه إلا لأسباب قانونية بحتة، مثل الخطأ في تطبيق القانون، أو البطلان في الحكم، أو القصور في التسبيب. وهذا الفرق يجعل منه وسيلة لضمان العدالة القانونية لا العدالة الوقائعية المجردة.
الشروط الجوهرية لقبول مذكرة الطعن بالنقض
الصفة والمصلحة في الطعن
لكي يكون الطعن بالنقض مقبولًا، يجب أن يتوافر في الطاعن شرطا الصفة والمصلحة. الصفة تعني أن يكون الطاعن طرفًا في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، أو من يُمثله قانونًا. في القضايا الجنائية، يكون الطاعن عادةً هو المحكوم عليه، أو النيابة العامة. النيابة العامة تملك حق الطعن بالنقض لمصلحة القانون، سواء كان الحكم صادرًا بالإدانة أو البراءة، بهدف توحيد المبادئ القانونية وتصحيح الأخطاء.
أما المصلحة، فتُقصد بها أن يكون الطعن بالنقض سيحقق للطاعن فائدة قانونية معينة. فمثلاً، لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن بالنقض في حكم صادر بالبراءة إذا كانت لا ترى فيه مخالفة للقانون، أو إذا لم يكن هناك مصلحة للمجتمع. كما أن المحكوم عليه يجب أن تكون لديه مصلحة في إلغاء أو تعديل الحكم الصادر ضده. يجب أن تكون هذه المصلحة قائمة ومباشرة ومشروعة، بحيث يؤدي قبول الطعن إلى تغيير في المركز القانوني للطاعن.
المواعيد القانونية للطعن
يُعد الالتزام بالمواعيد القانونية من أهم الشروط الشكلية لقبول الطعن بالنقض، وهي مواعيد صارمة يسقط الحق في الطعن بفواتها. حدد القانون المصري ميعاد الطعن بالنقض في المواد الجنائية بستين يومًا (60 يومًا). يبدأ هذا الميعاد من تاريخ صدور الحكم الحضوري، أو من تاريخ صيرورته نهائيًا في حالة الأحكام الغيابية التي تم الطعن عليها بالاستئناف أو المعارضة وتم تأييدها.
لا تتوقف هذه المواعيد إلا بوجود مانع قانوني صريح، مثل وفاة المحكوم عليه قبل انتهاء مدة الطعن، حيث يمكن لورثته أو محاميه متابعة الطعن. إن الإخلال بهذا الشرط الشكلي يؤدي إلى عدم قبول الطعن شكلًا دون النظر في موضوعه، مهما كانت وجاهة الأسباب الموضوعية التي يستند إليها الطعن. لذلك، يجب على المحامي أو المحكوم عليه المبادرة فورًا بإعداد المذكرة وتقديمها خلال المدة المقررة، لتجنب ضياع الحق في الطعن.
الأحكام القابلة للطعن بالنقض
لا تقبل جميع الأحكام الطعن بالنقض، بل يقتصر هذا الحق على أحكام معينة حددها القانون. في المواد الجنائية، تكون الأحكام القابلة للطعن بالنقض هي الأحكام النهائية الصادرة من محاكم الجنايات (سواء كانت المحكمة هي أول درجة أو محكمة استئناف في بعض الحالات الخاصة) والتي فصلت في الموضوع، وأصبحت باتة بعد استنفاد طرق الطعن العادية كالاستئناف. بمعنى آخر، هي الأحكام التي لم يعد هناك طريق آخر للطعن فيها إلا بالنقض.
يشمل ذلك الأحكام الصادرة في الجنايات، وكذلك بعض الجنح التي نص القانون على جواز الطعن فيها بالنقض. أما الأحكام التمهيدية أو التحضيرية أو الصادرة قبل الفصل في الموضوع، فلا يجوز الطعن فيها بالنقض إلا بعد صدور الحكم الفاصل في الموضوع برمته. هذه القاعدة تهدف إلى عدم إطالة أمد التقاضي وتقسيم النزاع على مراحل متفرقة أمام محكمة النقض، مما يضمن التركيز على الأحكام النهائية التي تحسم النزاع.
الأسباب القانونية للطعن بالنقض في جنايات التعاطي
مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله
يُعد هذا السبب من أهم وأكثر الأسباب شيوعًا للطعن بالنقض. ينشأ عندما يصدر الحكم المطعون فيه مخالفًا لنص قانوني صريح، أو يطبق نصًا قانونيًا تطبيقًا خاطئًا على وقائع الدعوى، أو يؤول نصًا قانونيًا بطريقة تتعارض مع مقصود الشارع. في قضايا تعاطي المخدرات، قد يحدث ذلك إذا طبقت المحكمة عقوبة لا تتناسب مع الوصف القانوني الصحيح للواقعة، أو إذا اعتبرت حيازة كمية معينة بغرض التعاطي في حين أن القانون قد يعتبرها إتجارًا بناءً على ظروف معينة لم يتم تفسيرها بشكل صحيح.
على سبيل المثال، قد تخطئ المحكمة في تحديد طبيعة المادة المخدرة، أو في حساب الكمية، أو في فهم نص يتعلق بالظروف المشددة أو المخففة للعقوبة. يمكن للمحامي أن يُبرهن على هذا الخطأ من خلال تحليل دقيق للنصوص القانونية ذات الصلة، ومقارنتها بتطبيق المحكمة، مع الاستعانة بالسوابق القضائية التي رسخت مبادئ تفسير معينة. الحل هنا يكمن في إظهار التناقض الصارخ بين الحكم والنص القانوني أو تفسيره السليم.
البطلان في الحكم أو في الإجراءات التي أثرت فيه
ينص القانون على بطلان الحكم إذا شابه عيب جوهري في ذاته، كأن يكون صادرًا من محكمة غير مختصة، أو إذا لم يتضمن الأسباب التي بُني عليها. كما يبطل الحكم إذا شاب الإجراءات التي أدت إلى صدوره عيب جوهري أثر فيه. في قضايا المخدرات، قد يكون البطلان ناتجًا عن عدة أمور، منها بطلان إجراءات الضبط والتفتيش (كأن يتم التفتيش دون إذن نيابة في غير حالات التلبس، أو أن يكون الإذن باطلاً لعدم جديته).
تشمل حالات البطلان الإجرائي أيضًا الإخلال بحق الدفاع، كأن تُحرم المحكمة المتهم من حقه في الاستعانة بمحامٍ، أو ترفض طلبات جوهرية للدفاع دون مبرر. أو أن يكون الحكم قد بُني على دليل باطل، كشهادة شاهد تحت تأثير الإكراه، أو اعتراف تم انتزاعه بوسائل غير مشروعة. إثبات البطلان يتطلب إبراز هذه العيوب الإجرائية أو الموضوعية في صلب الحكم، ومدى تأثيرها المباشر على النتيجة التي وصل إليها، مما يجعل الحكم مشوبًا بعيب لا يمكن معه الاستمرار في تنفيذه.
الفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب
يُعد الفساد في الاستدلال أو القصور في التسبيب من الأسباب الفعّالة لنقض الأحكام الجنائية، ويُقصد به أن تستند المحكمة في حكمها إلى أدلة غير منطقية، أو تستخلص منها نتائج لا تتفق مع المنطق أو القانون، أو أن يكون هناك تناقض بين الأسباب التي أوردتها المحكمة والنتيجة التي انتهت إليها. أما القصور في التسبيب فيعني أن يكون الحكم قد أغفل الإجابة على دفع جوهري أثاره الدفاع، أو أن تكون أسبابه مقتضبة وغامضة لا تُمكن محكمة النقض من بسط رقابتها عليها.
في قضايا تعاطي المخدرات، قد يظهر الفساد في الاستدلال إذا اعتمدت المحكمة على أقوال مرسلة لضابط الواقعة دون تعضيدها بأدلة مادية قوية، أو إذا استخلصت نية الاتجار من مجرد حيازة كمية صغيرة تصلح للتعاطي فقط دون وجود دلائل أخرى. أما القصور، فيحدث إذا لم تُجب المحكمة على دفع جوهري خاص ببطلان إذن التفتيش، أو بطلان ضبط المتهم، أو تناقض أقوال الشهود. يُمكن معالجة ذلك بتفصيل الدفوع المهملة وإظهار أهميتها في تغيير وجه الرأي في الدعوى.
الإخلال بحق الدفاع
حق الدفاع مكفول للمتهم دستوريًا وقانونيًا، وأي إخلال به يُعد سببًا قويًا لنقض الحكم. يقع الإخلال بحق الدفاع في عدة صور، منها حرمان المتهم من حقه في الاستعانة بمحامٍ، أو عدم تمكينه من حضور إجراءات المحاكمة، أو عدم تمكينه من مناقشة شهود الإثبات، أو رفض طلبات جوهرية للدفاع دون مبرر قانوني سليم. في قضايا المخدرات، قد ترفض المحكمة طلبًا بفحص المادة المضبوطة مرة أخرى، أو استدعاء شاهد نفي، أو الاطلاع على تقارير فنية جوهرية، مما يُعد إخلالًا بحق الدفاع.
يجب على المحامي في مذكرة الطعن أن يوضح بجلاء كيف أثر هذا الإخلال في مسار الدعوى وفقدان المتهم لفرصة الدفاع عن نفسه بفاعلية. الحلول هنا تتمثل في توثيق كافة الطلبات التي قدمها الدفاع ورفضتها المحكمة، وتحديد مدى جوهرية هذه الطلبات وتأثيرها المحتمل على نتيجة الحكم. يجب التركيز على أن المحكمة لم تُمكن الدفاع من تقديم حججه كاملة أو من دحض أدلة الاتهام بشكل كافٍ، مما أثر على سلامة الحكم الصادر.
الخطوات العملية لإعداد مذكرة الطعن بالنقض
جمع المستندات ودراسة الحكم المطعون فيه
الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي جمع كافة المستندات المتعلقة بالدعوى، والتي تشمل محضر الضبط، تحقيقات النيابة العامة، أقوال الشهود، تقارير المعمل الجنائي بشأن المادة المضبوطة، محضر جلسات المحاكمة، وبالأخص صورة رسمية من الحكم المطعون فيه وأسبابه التفصيلية. يجب دراسة الحكم المطعون فيه بدقة متناهية، كلمة كلمة، لتحديد مواطن الضعف والثغرات القانونية والإجرائية التي يمكن أن يبنى عليها الطعن بالنقض.
تتضمن هذه الدراسة تحليلًا لأسباب الحكم وتفنيدها، ومقارنتها بما ورد في محاضر الجلسات وأوراق الدعوى، والبحث عن أي تناقضات أو إغفالات. يجب الانتباه إلى ما إذا كانت المحكمة قد استجابت لدفوع الدفاع أم أغفلتها، وكيف عللت رفضها لبعض الطلبات. هذه العملية تُمكن المحامي من تحديد الأسباب القانونية التي سيستند إليها في الطعن، وتشكيل خارطة طريق للمذكرة، مما يمثل حلاً أساسيًا للتأكد من شمولية المذكرة وقوتها.
صياغة أسباب الطعن بدقة ووضوح
بعد تحديد الأسباب القانونية للطعن، تأتي مرحلة صياغة مذكرة الطعن بالنقض. يجب أن تكون الصياغة دقيقة، واضحة، وموجزة، مع الالتزام باللغة القانونية السليمة. تُقدم أسباب الطعن عادةً بترتيب منطقي، بدءًا بالأسباب الشكلية (مثل بطلان الإجراءات) ثم الأسباب الموضوعية (مثل الخطأ في تطبيق القانون أو فساد الاستدلال). كل سبب يجب أن يكون مُوضحًا بوضوح، مع الإشارة إلى المادة القانونية المخالفة، أو الإجراء الباطل، أو الدفع الذي أغفلته المحكمة.
يجب دعم كل سبب بوقائع الدعوى المحددة التي تدعمه، مع الاستشهاد بالسوابق القضائية لمحكمة النقض التي تُعزز وجهة نظر الطاعن. من المهم التركيز على أن الطعن يجب أن يُظهر بوضوح أن الحكم قد خالف القانون، لا أن يُعيد طرح وقائع الدعوى. يمكن اتباع أكثر من طريقة في الصياغة، فبعض المحامين يفضلون البدء بأقوى الدفوع، بينما يفضل آخرون ترتيبها زمنيًا حسب مراحل الدعوى. الحل الأمثل يكمن في البناء المنطقي الذي يقود محكمة النقض لاستنتاج واحد وهو أن الحكم المطعون فيه لا يقوم على سنده القانوني السليم.
المنهجية القانونية في عرض الدفوع والطلبات
عند عرض الدفوع والطلبات في مذكرة الطعن، يجب اتباع منهجية قانونية واضحة ومقنعة. يجب البدء بتقديم موجز لوقائع الدعوى والح حكم المطعون فيه، ثم الانتقال إلى عرض أسباب الطعن كل على حدة. لكل سبب، يجب ذكر السند القانوني له، وكيفية انطباقه على وقائع الدعوى، مع الإشارة إلى نصوص القانون أو المبادئ القضائية. يُفضل تخصيص فقرة أو أكثر لكل سبب من أسباب الطعن لضمان الوضوح والتركيز.
بعد عرض الأسباب، يجب صياغة طلبات الطاعن بوضوح. غالبًا ما تتضمن طلبات إلغاء الحكم المطعون فيه، وفي بعض الحالات، إعادة القضية إلى محكمة الموضوع للفصل فيها من جديد بهيئة أخرى، أو في حالات نادرة، الفصل في الموضوع مباشرةً من قبل محكمة النقض إذا كان الموضوع جاهزًا للفصل فيه بعد استبعاد الإجراءات الباطلة. يجب أن تكون هذه الطلبات محددة ومنطقية وتترتب على الأسباب التي بُني عليها الطعن، وتُعد هذه المنهجية حلاً فعالاً لتبسيط عرض القضية أمام محكمة النقض.
إجراءات تقديم الطعن ومتابعته
تسجيل مذكرة الطعن في المواعيد القانونية
بعد إعداد مذكرة الطعن بالنقض، يجب تقديمها إلى قلم كتاب محكمة النقض خلال الميعاد القانوني المحدد وهو ستون يومًا. يُقدم الطعن بصور كافية، الأصل وصورة للنيابة العامة وصورة لكل خصم. يتم قيد الطعن في سجلات خاصة، ويسدد الطاعن الرسوم القضائية المقررة. يجب التأكد من استلام إيصال يفيد تقديم المذكرة وتاريخ القيد، حيث يُعد هذا الإيصال هو الدليل الوحيد على تقديم الطعن في المواعيد القانونية. إن الالتزام بهذا الإجراء الحاسم يمثل الحل العملي الأول لضمان قبول الطعن شكلاً.
يتطلب هذا الإجراء الدقة المتناهية، حيث أن أي خطأ في تحديد المواعيد أو في إكمال المستندات المطلوبة يمكن أن يؤدي إلى رفض الطعن شكليًا. يُنصح بالبدء في إجراءات التسجيل قبل أيام قليلة من انتهاء الميعاد القانوني لتفادي أي ظروف طارئة قد تحول دون التسجيل في الوقت المحدد. كما يجب مراجعة جميع البيانات المدونة في قلم الكتاب للتأكد من مطابقتها لمذكرة الطعن.
دور النيابة العامة ومذكرتها
بعد قيد الطعن، تقوم النيابة العامة بفحص مذكرة الطعن والحكم المطعون فيه، ثم تُعد مذكرة بالرأي القانوني تُقدمها إلى محكمة النقض. مذكرة النيابة العامة ليست ملزمة للمحكمة، ولكنها تُقدم رؤية قانونية قد تستفيد منها المحكمة في مداولاتها. قد تؤيد النيابة العامة الطعن أو تطلب رفضه، وذلك بناءً على رؤيتها لمدى سلامة الحكم من الناحية القانونية.
يُعد دور النيابة العامة هنا هو دور محايد وموضوعي، حيث تسعى لضمان تطبيق القانون بصرف النظر عن مصلحة أي طرف في الدعوى. على الرغم من أن رأيها غير ملزم، إلا أنه غالبًا ما يكون ذا وزن في الاعتبارات القضائية. لا يجوز للخصوم التعقيب على مذكرة النيابة العامة إلا إذا سمحت المحكمة بذلك، ولكن المحامي الجيد يضع في اعتباره احتمالية رأي النيابة ويُعزز دفوعه بما يكفي لمواجهة أي رأي سلبي محتمل.
متابعة سير الطعن أمام محكمة النقض
بعد تقديم الطعن، من الضروري متابعة سيره أمام محكمة النقض. يتم ذلك عن طريق مراجعة قلم كتاب المحكمة بشكل دوري للاستفسار عن تحديد موعد الجلسة، أو عن أي طلبات قد تطلبها المحكمة. في بعض الأحيان، قد تسمح المحكمة للخصوم بتقديم مذكرات تكميلية للرد على مذكرة النيابة العامة أو لتوضيح نقاط معينة. يجب الاستفادة من هذه الفرصة لتقديم أقصى درجات الدفاع.
متابعة الطعن تتطلب صبرًا ودقة، وقد تستغرق القضية وقتًا طويلاً أمام محكمة النقض نظرًا لكثرة القضايا المعروضة عليها. الحل يكمن في البقاء على اطلاع دائم بمسار الطعن، وتجهيز أي مستندات أو مذكرات قد تُطلب، والاستعداد لجلسة المرافعة الشفوية إذا ما قررت المحكمة ذلك. الهدف هو إبقاء الملف حيويًا وتوفير أي دعم لازم لمحكمة النقض للوصول إلى قرار صائب.
تحديات شائعة وحلول مقترحة في طعون النقض الجنائية
صعوبة اكتشاف العيوب القانونية في الحكم
تُعد صعوبة اكتشاف العيوب القانونية والإجرائية في الأحكام القضائية من أكبر التحديات التي تواجه المحامين عند إعداد مذكرات الطعن بالنقض. تتطلب هذه العملية خبرة قانونية عميقة، وإلمامًا واسعًا بأحكام محكمة النقض ومبادئها المستقرة. الحل الأمثل لهذه المشكلة يكمن في دراسة متعمقة لملف الدعوى بأكمله، بدءًا من محضر الضبط وصولًا إلى الحكم المطعون فيه، مع التركيز على البحث عن أي مخالفات لنصوص القانون، أو إغفال لدفوع جوهرية، أو فساد في الاستدلال.
يمكن اللجوء إلى استشارة محامين متخصصين في قضايا النقض أو أساتذة قانون لمراجعة الحكم وتقديم رأي محايد. كما أن استخدام قواعد البيانات القانونية التي تحتوي على أحكام النقض السابقة يمكن أن يُساعد في اكتشاف مبادئ مشابهة يمكن الاستناد إليها. النهج متعدد الطرق هنا يتضمن التحليل النصي للحكم، المقارنة بالقواعد القانونية الصريحة، واستلهام السوابق القضائية، كل ذلك لتحديد أدق الثغرات القانونية.
ضيق المواعيد والإجراءات المعقدة
يُمثل ضيق المواعيد القانونية للطعن (60 يومًا) وتعقيد الإجراءات تحديًا كبيرًا، خاصة في القضايا المعقدة التي تتطلب دراسة مكثفة. للتعامل مع هذا التحدي، يجب البدء فورًا في إعداد المذكرة بمجرد استلام صورة الحكم الرسمية. يُنصح بتكوين فريق عمل إذا كانت القضية كبيرة ومعقدة، بحيث يتولى كل فرد جزءًا من العمل (جمع المستندات، البحث القانوني، الصياغة).
حل آخر يتمثل في إعداد نموذج أولي للمذكرة بناءً على الدفوع الأولية، ثم تعديله وصقله مع استكمال الدراسة. كما يجب التنسيق المسبق مع قلم كتاب محكمة النقض للتعرف على الإجراءات الدقيقة والمستندات المطلوبة لتجنب أي تأخير. استخدام الجداول الزمنية لتنظيم المهام وتحديد أولوياتها يُعد حلاً عمليًا لضمان الانتهاء من كافة الإجراءات في الموعد المحدد دون تسرع يُخل بجودة المذكرة.
كيفية التعامل مع الأحكام المستندة إلى أدلة ضعيفة
عندما يكون الحكم المطعون فيه قد بُني على أدلة ضعيفة أو غير كافية، يصبح التحدي هو كيفية إقناع محكمة النقض بفساد الاستدلال أو قصور التسبيب. الحل هنا لا يكمن في إعادة مناقشة الأدلة كوقائع، بل في إظهار أن المحكمة قد بنت حكمها على استنتاجات غير منطقية أو أن تقديرها للأدلة كان معيبًا من الناحية القانونية. يجب تحليل كل دليل على حدة، وتبيان أوجه ضعفه أو تناقضه أو عدم كفايته لإدانة المتهم.
يمكن اتباع عدة طرق هنا: الأولى هي إثبات التناقض بين أقوال الشهود أو بين الأدلة المادية. الثانية هي إظهار أن الدليل المستخدم لا يكفي بمفرده لإثبات الجريمة، وأن المحكمة لم تُكمل استدلالها بأدلة أخرى معززة. الثالثة هي إظهار أن المحكمة استندت إلى أدلة باطلة قانونًا (كاعتراف تحت إكراه). التركيز يجب أن يكون على أن الحكم لم يقم على سند صحيح من القانون، أو أن أسبابه قاصرة عن حمل النتيجة التي انتهى إليها، مما يمثل حلاً جذريًا لهذه المشكلة.