الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصري

إجراءات دعوى استرداد الحيازة

إجراءات دعوى استرداد الحيازة

دليلك الشامل لاستعادة حيازتك القانونية

تعتبر الحيازة من أهم الأركان التي تحمي الحقوق في القانون، فهي تعبير مادي عن سيطرة شخص على شيء معين بنية تملكه أو ممارسته لحق عليه. عندما يتعرض شخص لسلب حيازته، يوفر القانون له آليات لاستردادها، ومن أبرز هذه الآليات “دعوى استرداد الحيازة”. هذه الدعوى تعد وسيلة سريعة وفعالة لحماية الحائز من أي اعتداء على حيازته، بغض النظر عن أساس حقه في الحيازة. إن فهم إجراءاتها وشروطها يضمن للحائز سرعة استعادة ما فقده.

مفهوم دعوى استرداد الحيازة وأساسها القانوني

تعريف الحيازة وأنواعها

إجراءات دعوى استرداد الحيازةالحيازة هي السيطرة المادية الفعلية لشخص على شيء أو حق معين، مع وجود نية الظهور بمظهر المالك أو صاحب الحق. وتنقسم الحيازة إلى أنواع متعددة، منها الحيازة الأصلية التي تكون بنية التملك، والحيازة العرضية كحيازة المستأجر أو الوديع. القانون يحمي كليهما من التعرض.

الهدف الأساسي من دعاوى الحيازة هو حماية الحائز من أي اعتداء يمس سيطرته الفعلية على المال، سواء كان عقاراً أو منقولاً، دون الحاجة للبحث في أصل الحق. هذا يوفر استقراراً للمراكز القانونية ويمنع استخدام القوة في فض النزاعات.

أساس دعوى استرداد الحيازة في القانون المصري

تستند دعوى استرداد الحيازة في القانون المصري بشكل أساسي إلى المادة 961 من القانون المدني. تهدف هذه المادة إلى حماية الحائز الذي سُلبت حيازته غصباً أو اعتداءً. الحق في هذه الدعوى لا يرتبط بملكية الحائز للشيء، بل بمجرد ثبوت حيازته الفعلية والمستقرة والمستمرة مدة سنة على الأقل، وسلبها منه.

القانون يمنح الحائز حق رفع هذه الدعوى خلال سنة من تاريخ سلب الحيازة. هذا الإطار الزمني مهم جداً لضمان سرعة الفصل في النزاع والحفاظ على النظام العام. الدعوى لا تبحث في ملكية العين المتنازع عليها، بل في واقعة سلب الحيازة فقط.

شروط قبول دعوى استرداد الحيازة

لقبول دعوى استرداد الحيازة، يجب توافر عدة شروط أساسية. أولاً، يجب أن تكون الحيازة حيازة صحيحة وهادئة ومستقرة وعلنية وغير مشوبة بإكراه أو لبس، ومستمرة لمدة لا تقل عن سنة كاملة سابقة على سلب الحيازة. ثانياً، يجب أن يثبت المدعي أنه قد سُلبت حيازته غصباً أو اعتداءً من قبل المدعى عليه.

ثالثاً، يجب أن تُرفع الدعوى خلال سنة من تاريخ علم المدعي بسلب حيازته أو من تاريخ وقوع السلب نفسه. إذا انقضت هذه المدة، يسقط حق الحائز في رفع دعوى استرداد الحيازة. هذه الشروط حاسمة لضمان جدية الدعوى وعدم إساءة استخدامها.

الأوراق والمستندات المطلوبة لرفع الدعوى

إثبات الحيازة السابقة

إثبات الحيازة السابقة هو حجر الزاوية في دعوى استرداد الحيازة. يمكن للمدعي إثبات حيازته بعدة طرق، منها العقود التي تثبت حق الانتفاع أو الإيجار أو وضع اليد، أو فواتير المرافق مثل الكهرباء والمياه والغاز التي تصدر باسمه وتدل على استغلاله للعقار. كما يمكن الاستعانة بشهادة الشهود الذين يؤكدون حيازته المستقرة والهادئة للمدة المطلوبة قانوناً.

تقديم صور جوية أو خرائط توضح سيطرته على الموقع، أو أي مستندات رسمية أخرى تثبت استغلاله للعين محل النزاع، يعزز موقفه. كل دليل يثبت المظهر الخارجي للحيازة يعتبر مقبولاً في هذا النوع من الدعاوى.

إثبات التعرض أو سلب الحيازة

يعد إثبات واقعة سلب الحيازة أو التعرض لها شرطاً أساسياً لنجاح الدعوى. يمكن إثبات ذلك بمحاضر الشرطة التي توضح واقعة الاعتداء أو الغصب، أو شهادة الشهود الذين عاينوا الواقعة. كما يمكن تقديم تقارير المعاينة أو المعاينات التي تجريها الجهات الرسمية.

يجب أن يحدد المدعي بدقة تاريخ وطريقة سلب الحيازة، وأن يوضح الأفعال التي قام بها المدعى عليه والتي أدت إلى فقده للسيطرة على العين. كل هذه الأدلة تساهم في تكوين قناعة المحكمة بواقعة الاعتداء على الحيازة.

مستندات الملكية (إن وجدت)

على الرغم من أن دعوى استرداد الحيازة لا تستلزم إثبات الملكية، إلا أن تقديم مستندات الملكية (مثل عقد البيع المسجل أو سندات الملكية الأخرى) يمكن أن يكون له أثر إيجابي في دعم موقف المدعي. هذه المستندات تعزز دليل الحيازة، خاصة إذا كانت الحيازة مستندة إلى سبب قانوني.

ومع ذلك، يجب التأكيد أن عدم وجود مستندات ملكية لا يمنع من رفع دعوى استرداد الحيازة أو قبولها، طالما توافرت الشروط الأخرى المتعلقة بالحيازة الفعلية وسلبها. هذه الدعوى تحمي الوضع الظاهر بغض النظر عن الحقيقة الجوهرية لأصل الحق.

خطوات رفع دعوى استرداد الحيازة

تقديم عريضة الدعوى

أول خطوة عملية لرفع الدعوى هي إعداد عريضة دعوى استرداد الحيازة. يجب أن تتضمن العريضة بيانات المدعي والمدعى عليه بشكل كامل، وتحديد العين محل النزاع بدقة (موقعها ووصفها)، وتاريخ بدء الحيازة وتاريخ سلبها، مع شرح مفصل لواقعة الاعتداء أو الغصب.

يجب أن تشتمل العريضة على طلبات المدعي بوضوح، وهي استرداد الحيازة وتسليم العين إليه مع تعويضات إن وجدت. يتم توقيع العريضة من محامٍ مقبول للمرافعة أمام المحاكم، وتقديمها لقلم كتاب المحكمة المختصة.

تحديد المحكمة المختصة

تُرفع دعوى استرداد الحيازة أمام المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها العقار المتنازع عليه. الاختصاص المكاني للمحكمة هنا يكون مرتبطاً بموقع العين محل الحيازة. يجب التحقق جيداً من اختصاص المحكمة قبل تقديم العريضة لتجنب أي تأخير أو رفض للدعوى بسبب عدم الاختصاص.

المحاكم الجزئية هي الجهة المختصة بنظر هذا النوع من الدعاوى نظراً لطبيعتها المستعجلة التي تهدف إلى فض النزاع حول الحيازة وليس أصل الحق، مما يتطلب سرعة في الإجراءات والفصل في الدعوى.

إجراءات التبليغ والإعلان

بعد تقديم عريضة الدعوى وتسديد الرسوم، يتم قيد الدعوى وتحديد جلسة لنظرها. يقوم قلم المحضرين بتبليغ المدعى عليه بصورة من عريضة الدعوى وتكليفه بالحضور أمام المحكمة في الموعد المحدد. يجب التأكد من صحة عنوان المدعى عليه لضمان تمام الإعلان.

يعد التبليغ والإعلان الصحيح ركناً أساسياً لضمان صحة إجراءات التقاضي، وبدونه قد تُرفض الدعوى شكلاً. في حال تعذر إعلان المدعى عليه، يمكن للمحكمة أن تتخذ إجراءات مثل الإعلان على لوحة الإعلانات بالمحكمة أو الإعلان عن طريق النشر في الجرائد.

جلسات المحاكمة والإثبات

خلال جلسات المحاكمة، يقدم المدعي أدلته التي تثبت حيازته وسلبها، مثل المستندات وشهادة الشهود. يحق للمدعى عليه أن يقدم دفاعه وأدلته المضادة. المحكمة تستمع إلى الطرفين وتفحص الأدلة المقدمة.

قد تقرر المحكمة إجراء معاينة للعين محل النزاع أو ندب خبير هندسي لتقديم تقرير فني حول وضع اليد الفعلي وتاريخ سلب الحيازة. هذه الإجراءات تهدف إلى تكوين صورة واضحة وشاملة للواقعة قبل إصدار الحكم.

أنواع الحيازة المتنازع عليها وآثار الحكم

الحيازة الأصلية والحيازة العرضية

تختلف أنواع الحيازة التي يمكن حمايتها بدعوى الاسترداد. الحيازة الأصلية هي تلك التي يكون فيها الحائز يسيطر على الشيء بنية تملكه أو ممارسة حق عيني عليه، مثل حيازة المالك أو المشتري. أما الحيازة العرضية فهي حيازة لحساب الغير، مثل حيازة المستأجر، الوديع، أو المرتهن حيازة.

كلا النوعين من الحيازة يتمتع بالحماية القانونية في دعوى استرداد الحيازة، بشرط توافر الشروط العامة للدعوى. القانون لا يفرق بينهما في حق الحماية من الغصب، مما يؤكد على أن الغاية هي حماية الوضع الظاهر واستقرار المعاملات.

آثار الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة

إذا حكمت المحكمة للمدعي باسترداد الحيازة، فإن هذا الحكم يلزم المدعى عليه بإعادة العين محل النزاع إلى المدعي بالحالة التي كانت عليها قبل سلب الحيازة. يمكن للمحكوم له تنفيذ الحكم جبرياً عن طريق محضرين التنفيذ، حتى لو تطلب الأمر الاستعانة بالقوة الجبرية.

الحكم في دعوى الحيازة يكون له حجية نسبية، بمعنى أنه يفصل في واقعة الحيازة فقط ولا يمس أصل الحق. هذا يعني أن الطرف الخاسر في دعوى الحيازة لا يزال بإمكانه رفع دعوى ملكية للعين محل النزاع لإثبات حقه الأصلي عليها.

الطعن على الحكم

يحق لأي من الطرفين الطعن على الحكم الصادر في دعوى استرداد الحيازة أمام المحكمة الأعلى درجة، وهي المحكمة الابتدائية بصفتها الاستئنافية أو محكمة الاستئناف حسب قيمة الدعوى. يتم الطعن بالاستئناف خلال المواعيد القانونية المحددة بعد صدور الحكم.

الطعن يوقف تنفيذ الحكم الابتدائي مؤقتاً في بعض الحالات، ويعاد نظر الدعوى أمام محكمة الاستئناف التي تعيد فحص الوقائع والأدلة. قرار محكمة الاستئناف يكون نهائياً في هذا النوع من الدعاوى، إلا في حالات الطعن بالنقض التي تكون محدودة للغاية في دعاوى الحيازة.

نصائح إضافية لتسهيل إجراءات الدعوى

أهمية الاستعانة بمحامٍ متخصص

إن الاستعانة بمحامٍ متخصص في قضايا الحيازة والعقارات أمر بالغ الأهمية. المحامي يمتلك الخبرة القانونية اللازمة لإعداد عريضة الدعوى بشكل صحيح، وتقديم المستندات المطلوبة، ومتابعة الإجراءات القضائية بدقة، وتقديم الدفوع القانونية المناسبة أمام المحكمة. هذا يضمن سير الدعوى بسلاسة ويزيد من فرص النجاح.

المحامي أيضاً سيكون قادراً على تقديم الاستشارات القانونية اللازمة وتوضيح الحقوق والواجبات للعميل، مما يساعد على اتخاذ القرارات الصائبة خلال مراحل التقاضي المختلفة، وتجنب الأخطاء الإجرائية التي قد تؤدي إلى رفض الدعوى.

جمع الأدلة والبراهين بدقة

جمع كافة الأدلة والبراهين التي تثبت الحيازة السابقة وواقعة سلبها هو مفتاح النجاح في دعوى استرداد الحيازة. يجب على المدعي توثيق كل ما يتعلق بحيازته، مثل عقود الإيجار، فواتير الخدمات، صور للمكان، أو شهادات الجيران. كما يجب توثيق واقعة الاعتداء فور حدوثها بمحضر شرطة أو إفادات شهود.

كلما كانت الأدلة قوية وموثقة، كلما كان موقف المدعي أقوى أمام المحكمة. الدقة في جمع الأدلة وتصنيفها وتقديمها للمحكمة يختصر وقت التقاضي ويسرع من عملية استرداد الحيازة.

السرعة في الإجراءات

السرعة في رفع دعوى استرداد الحيازة أمر حيوي، وذلك لأن القانون يحدد مدة سقوط لهذه الدعوى وهي سنة واحدة من تاريخ سلب الحيازة. التأخر في رفع الدعوى قد يؤدي إلى فقدان الحق في المطالبة بها، حتى لو كان الحق في الحيازة واضحاً.

بعد سلب الحيازة، يجب على الحائز اتخاذ الإجراءات القانونية فوراً، بدءاً من تحرير محضر الشرطة وانتهاءً برفع الدعوى القضائية. هذه السرعة لا تحافظ على الحق في الدعوى فقط، بل تساهم أيضاً في الحصول على قرار سريع من المحكمة بإعادة الحيازة.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock