الإجراءات القانونيةالجرائم الالكترونيةالقانون الجنائيالقانون المصريجرائم الانترنت

جرائم إنشاء منصات تمويل إرهابي إلكتروني

جرائم إنشاء منصات تمويل إرهابي إلكتروني

تحديات المواجهة والحلول القانونية والتقنية

في ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا الرقمية والانتشار الواسع للإنترنت، برزت تحديات أمنية جديدة تتعلق بكيفية استغلال هذه التقنيات في أنشطة غير مشروعة. من بين أخطر هذه الأنشطة إنشاء منصات إلكترونية مخصصة لتمويل الإرهاب، التي تستغل الفضاء الرقمي لجمع الأموال وتحويلها لدعم التنظيمات الإرهابية. يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على هذه الجرائم، وتحديد آليات عملها، وتقديم حلول عملية ومنهجية لمكافحتها من الجوانب القانونية والتقنية، مع التركيز على الإطار المصري والدولي.

ماهية منصات التمويل الإرهابي الإلكتروني

تعريفها وآليات عملها

جرائم إنشاء منصات تمويل إرهابي إلكترونيتشير منصات التمويل الإرهابي الإلكتروني إلى أي وسيلة رقمية تستخدم لجمع أو نقل أو إدارة الأموال بهدف دعم الأنشطة الإرهابية. تشمل هذه المنصات المواقع الإلكترونية، تطبيقات الهاتف المحمول، العملات المشفرة، منصات التمويل الجماعي، وحتى الألعاب الإلكترونية التي تحتوي على أنظمة دفع. تعتمد هذه المنصات على إخفاء هويتها وهويات المتبرعين والمستفيدين، مستغلة في ذلك طبيعة الإنترنت اللامركزية والتشفير.

تتنوع آليات عمل هذه المنصات لتشمل طلب التبرعات المباشرة، إنشاء حملات وهمية لجمع التبرعات تحت ستار الأعمال الخيرية، استغلال العملات المشفرة لتجنب الرقابة المصرفية، واستخدام بطاقات الدفع المسبق التي يصعب تتبعها. كما قد تستخدم هذه المنصات تقنيات متقدمة لإخفاء مسار الأموال، مثل خلط العملات الرقمية وتغيير المحافظ بشكل مستمر، مما يزيد من صعوبة الكشف عنها وتتبعها.

المخاطر والتحديات التي تفرضها

تفرض منصات التمويل الإرهابي الإلكتروني تحديات جسيمة على الأمن القومي والدولي. فهي تمكن التنظيمات الإرهابية من الوصول إلى مصادر تمويل أوسع وأسرع، وتزيد من قدرتها على تنفيذ الهجمات وتجنيد الأفراد. كما أنها تشكل تحديًا للأنظمة المالية العالمية بتهديد نزاهة المعاملات الاقتصادية وتسهيل غسل الأموال. يتطلب هذا النوع من الجرائم استجابة سريعة وفعالة من قبل الحكومات والمؤسسات المالية والتقنية.

من أبرز التحديات القانونية تتمثل في صعوبة تحديد الاختصاص القضائي، خاصة عندما تكون المنصة عابرة للحدود أو يستخدم فيها خوادم في دول مختلفة. إضافة إلى ذلك، فإن التطور التكنولوجي المستمر يجعل من الصعب مواكبة الأساليب الجديدة التي يبتكرها الإرهابيون لتمويل أنشطتهم، مما يستدعي تحديث التشريعات بشكل مستمر وتطوير أدوات الكشف والتحقيق.

الإطار القانوني لمكافحة هذه الجرائم

التشريعات المصرية ذات الصلة

تولي مصر اهتمامًا كبيرًا لمكافحة جرائم الإرهاب وتمويله، وقد أصدرت العديد من التشريعات التي تجرم هذه الأفعال. من أبرز هذه التشريعات قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي يعرف الجريمة الإرهابية ويحدد عقوبات صارمة على تمويل الإرهاب بأي وسيلة كانت، بما في ذلك الوسائل الإلكترونية. كما يجرم القانون إنشاء أو إدارة أي كيان يهدف إلى ارتكاب أعمال إرهابية أو تمويلها.

كما يلعب قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002 وتعديلاته دورًا حيويًا في مكافحة تمويل الإرهاب، حيث يعتبر تمويل الإرهاب من الجرائم الأصلية التي تسبق جريمة غسل الأموال. يفرض هذا القانون على المؤسسات المالية التزامًا بالإبلاغ عن أي معاملات مشبوهة، ويوفر الأدوات اللازمة لتجميد الأصول ومصادرتها. هذه التشريعات تشكل ركيزة قوية لمواجهة الجرائم المالية المرتبطة بالإرهاب.

الاتفاقيات الدولية والمواثيق الأممية

تشارك مصر بفاعلية في الجهود الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب، وهي طرف في العديد من الاتفاقيات والمواثيق الأممية ذات الصلة. من أهمها الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لعام 1999، التي تلزم الدول الأطراف بتجريم تمويل الإرهاب وتقديم المساعدة القانونية المتبادلة في هذا الشأن. كما تلتزم مصر بقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تستهدف التنظيمات الإرهابية وتفرض عقوبات مالية عليها.

هذه الالتزامات الدولية تعزز الإطار القانوني الوطني وتوفر آلية للتعاون مع الدول الأخرى في تتبع وملاحقة ممولي الإرهاب الذين ينشطون عبر الحدود. يضمن هذا التعاون تبادل المعلومات، وتنسيق الجهود، وتنفيذ القرارات الدولية، مما يحد من قدرة الجماعات الإرهابية على استغلال الثغرات القانونية في الدول المختلفة.

دور النيابة العامة والمحاكم المختصة

تضطلع النيابة العامة بدور محوري في التحقيق في جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني، حيث تتولى جمع الأدلة، وسماع الشهود، وإصدار أوامر الضبط والإحضار، وإحالة المتهمين إلى المحاكم المختصة. تتميز هذه الجرائم بكونها معقدة وتتطلب خبرات تقنية وقانونية متخصصة، لذا تتعاون النيابة مع خبراء تكنولوجيا المعلومات والجرائم الإلكترونية.

تختص المحاكم الجنائية في مصر بنظر قضايا تمويل الإرهاب. تتولى هذه المحاكم تطبيق القوانين ذات الصلة وإصدار الأحكام بناءً على الأدلة المقدمة. في بعض الحالات، قد يتم إحالة قضايا جرائم الإنترنت المتعلقة بالتمويل الإرهابي إلى المحاكم الاقتصادية أو الدوائر المتخصصة التي لديها خبرة في التعامل مع الجرائم المالية والتكنولوجية المعقدة، لضمان محاكمة عادلة وفعالة.

آليات الكشف والتحقيق في جرائم التمويل الإلكتروني

الأدوات التقنية لمراقبة المعاملات المشبوهة

لمكافحة جرائم إنشاء منصات تمويل إرهابي إلكتروني، يجب استخدام أدوات تقنية متطورة للكشف عن المعاملات المشبوهة. تتضمن هذه الأدوات برامج تحليل البيانات الضخمة (Big Data Analytics) والذكاء الاصطناعي (AI) التي يمكنها تحديد الأنماط غير الطبيعية في المعاملات المالية عبر الإنترنت. تساعد هذه التقنيات في مراقبة تدفقات الأموال وتحديد الحسابات التي قد تكون مرتبطة بأنشطة إرهابية.

يمكن أيضًا استخدام تقنيات تحليل الشبكات الاجتماعية والكشف عن الهوية الرقمية لتتبع الأفراد والكيانات المشاركة في هذه المنصات. من الضروري تطوير أنظمة رصد تعمل على تحديد الاستخدام غير المشروع للعملات المشفرة أو محافظها، وتحديد أي تحويلات مالية تتجاوز الحدود المعتادة أو تتم بين أطراف غير معروفة. توفر هذه الأدوات رؤى قيمة تساعد المحققين في بناء قضاياهم.

دور الجهات الأمنية والاستخباراتية

تلعب الجهات الأمنية والاستخباراتية دورًا حيويًا في الكشف والتحقيق في جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني. تقوم هذه الجهات بجمع المعلومات من مصادر متعددة، بما في ذلك المراقبة الإلكترونية، وتحليل البيانات المفتوحة، والتعاون مع الجهات الدولية. الهدف هو تحديد المنصات والشبكات التي تستخدم لتمويل الإرهاب، وتحديد هوية المشغلين والمستفيدين.

تعتمد الجهات الأمنية على فرق متخصصة في الجرائم الإلكترونية تتولى مهام تتبع الأثر الرقمي، اختراق الشبكات الإرهابية، وجمع الأدلة الرقمية التي يمكن استخدامها في الملاحقات القضائية. يتطلب هذا العمل مستوى عالٍ من السرية والدقة، وتنسيقًا مستمرًا بين مختلف الأجهزة لضمان الفعالية في مواجهة هذه التهديدات المعقدة والمتطورة.

التعاون الدولي في تبادل المعلومات

نظرًا للطبيعة العابرة للحدود لجرائم التمويل الإرهابي الإلكتروني، فإن التعاون الدولي في تبادل المعلومات يعد أمرًا ضروريًا وحاسمًا. يجب على الدول تبادل البيانات والخبرات والمعلومات الاستخباراتية حول الأفراد والشبكات والمنصات المشتبه بها. تساهم هذه المعلومات في تكوين صورة شاملة للتهديد وتحديد الثغرات التي يستغلها الإرهابيون.

يتم هذا التعاون من خلال منظمات دولية مثل الإنتربول، واليوروبول، ومجموعات العمل المالي (FATF)، بالإضافة إلى الاتفاقيات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الدول. تبادل المعلومات في الوقت المناسب يمكن أن يمنع تحويل الأموال إلى الجماعات الإرهابية ويساعد في تعطيل عملياتها قبل أن تتسبب في أضرار جسيمة. يجب أن تكون آليات التبادل سريعة وموثوقة لتحقيق أقصى قدر من الفعالية.

الحلول العملية لمواجهة التحدي

تعزيز القدرات التقنية والقانونية

لتحقيق مكافحة فعالة لجرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني، يجب تعزيز القدرات التقنية والقانونية للدول. يتطلب ذلك الاستثمار في تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وتوفير أحدث الأدوات والبرمجيات للجهات الأمنية والقضائية. كما يجب تدريب الكوادر البشرية على كيفية استخدام هذه الأدوات بفاعلية، وعلى فهم أساليب الجريمة الإلكترونية المتغيرة.

من الناحية القانونية، يجب مراجعة التشريعات القائمة وتحديثها لتتوافق مع التطورات التكنولوجية. يشمل ذلك إدخال تعريفات واضحة للجرائم الإلكترونية المتعلقة بتمويل الإرهاب، وتحديد آليات جديدة لجمع الأدلة الرقمية والتعامل مع العملات المشفرة. كما يجب وضع أطر قانونية لتسهيل التعاون الدولي وتبادل المعلومات بين الدول، بما يضمن سرعة الاستجابة وفعالية الملاحقة القضائية.

التوعية المجتمعية ومكافحة التطرف

لا تقتصر مكافحة تمويل الإرهاب الإلكتروني على الجانب الأمني والقانوني فقط، بل تمتد لتشمل التوعية المجتمعية ومكافحة التطرف الفكري الذي يغذي هذه الجرائم. يجب تثقيف الجمهور حول مخاطر الانجرار وراء دعوات التبرع المشبوهة عبر الإنترنت، وكيفية التعرف على المنصات غير الشرعية. تساعد حملات التوعية في حماية الأفراد من الوقوع ضحايا لهذه الشبكات أو المساهمة فيها عن غير قصد.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز جهود مكافحة التطرف عبر الإنترنت من خلال تفكيك الخطاب المتطرف الذي يحث على العنف والإرهاب. يشمل ذلك التعاون مع شركات التكنولوجيا لإزالة المحتوى المتطرف، وتطوير برامج لنشر الفكر الوسطي والاعتدال. عندما يتم تقويض الأسس الفكرية للتطرف، يقل الحافز لتمويل الأنشطة الإرهابية، مما يضعف قدرة المنظمات الإرهابية على جذب الدعم.

تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص

تعد الشراكة بين القطاعين العام والخاص حجر الزاوية في مكافحة جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني. تمتلك شركات التكنولوجيا والمؤسسات المالية خبرات وتقنيات لا غنى عنها في رصد وتحديد الأنشطة المشبوهة. يجب على الحكومات إقامة قنوات اتصال فعالة مع هذه الشركات لتبادل المعلومات والخبرات، وتطوير حلول مشتركة.

يمكن لهذه الشراكة أن تؤدي إلى تطوير أدوات وتقنيات جديدة للكشف عن الجرائم، وتحسين آليات الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة، وتبادل أفضل الممارسات في مجال الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم المالية. التعاون الوثيق يضمن أن تكون الاستجابة للتهديدات سريعة وشاملة، وتستفيد من أحدث الابتكارات في كلا القطاعين.

مقترحات لتعديل التشريعات الحالية

من الضروري مراجعة التشريعات الحالية بصفة دورية لضمان مواكبتها للتطورات المستمرة في جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني. يُقترح تعديل قانون مكافحة الإرهاب لتضمين تعريفات أكثر شمولية للمنصات الإلكترونية التي تستخدم في التمويل، وتوضيح نطاق الاختصاص القضائي في الجرائم العابرة للحدود. كما يمكن تشديد العقوبات على المتورطين في إنشاء وإدارة هذه المنصات.

يجب أيضًا النظر في تحديث قانون مكافحة غسل الأموال ليشمل التعاملات بالعملات المشفرة بشكل صريح، وتحديد آليات رقابية واضحة عليها. كما يُقترح استحداث نصوص قانونية تلزم مقدمي الخدمات الرقمية بالتعاون مع الجهات الأمنية والقضائية في تقديم البيانات والمعلومات الضرورية للكشف عن الجرائم. هذه التعديلات تضمن إطارًا قانونيًا قويًا ومرنًا لمكافحة هذه التحديات الجديدة.

خطوات عملية لضحايا أو المبلغين عن هذه المنصات

كيفية الإبلاغ عن منصة مشبوهة

إذا صادفت منصة إلكترونية تشتبه في أنها تستخدم لتمويل الإرهاب، فمن الأهمية بمكان الإبلاغ عنها على الفور. الخطوة الأولى هي توثيق أكبر قدر ممكن من المعلومات حول المنصة، مثل عنوان الموقع الإلكتروني، أسماء المستخدمين المشبوهين، المحتوى الذي يدعو للتمويل، وأي تفاصيل حول طرق الدفع المستخدمة. يجب عدم محاولة التحقق من هذه المنصات بشكل مباشر لتجنب تعريض النفس للخطر.

يفضل أخذ لقطات شاشة (screenshots) للصفحات المشبوهة والاحتفاظ بها كدليل. عند الإبلاغ، يجب تقديم هذه المعلومات بطريقة واضحة ومفصلة للجهات المختصة، مع التأكيد على أن الشكوك تتعلق بتمويل إرهابي. يجب أن يتم الإبلاغ بسرية تامة لضمان حماية المبلغ وفاعلية التحقيق، وتجنب أي محاولات لحذف الأدلة من قبل المنصة المشبوهة.

الجهات المختصة بتلقي البلاغات

في مصر، توجد عدة جهات مختصة بتلقي البلاغات المتعلقة بجرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني. يمكن للمواطنين الإبلاغ عن طريق الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، والتي لديها الخبرة في التعامل مع الجرائم الإلكترونية. كما يمكن تقديم البلاغات إلى النيابة العامة بشكل مباشر، والتي تتولى بدورها التحقيق في هذه الجرائم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن الإبلاغ عن طريق الوحدة المصرية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (EMLCU)، والتي تتلقى المعلومات المتعلقة بالمعاملات المالية المشبوهة وتتعاون مع الجهات الأمنية والقضائية. تقدم هذه الجهات قنوات اتصال آمنة وسرية للمبلغين، مما يشجع على الإبلاغ ويزيد من فعالية جهود المكافحة.

حماية المبلغين والشهود

لضمان تدفق المعلومات الضرورية للكشف عن جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني، من الأهمية بمكان توفير حماية فعالة للمبلغين والشهود. ينص القانون المصري على أحكام لحماية الشهود والمبلغين، وذلك لضمان سلامتهم وتشجيعهم على الإدلاء بشهاداتهم دون خوف من الانتقام. تشمل هذه الحماية السرية التامة لهوية المبلغ، وفي بعض الحالات توفير الحماية الجسدية إذا اقتضت الضرورة.

يجب على الجهات المختصة تطبيق هذه الأحكام بفاعلية وتوفير بيئة آمنة للمبلغين لتقديم معلوماتهم. هذه الحماية لا تقتصر على الجانب الجسدي فقط، بل تمتد لتشمل حماية البيانات الشخصية للمبلغ لضمان عدم تعرضهم لأي أذى أو تهديد. بناء الثقة بين الجمهور والجهات الأمنية والقضائية يعد عاملاً أساسيًا في نجاح حملات مكافحة الإرهاب وتمويله.

عناصر إضافية لتعزيز الأمن الرقمي

أهمية التدريب المستمر للعاملين

لمواكبة التطورات السريعة في أساليب تمويل الإرهاب الإلكتروني، يجب أن يتم توفير تدريب مستمر للعاملين في الجهات الأمنية والقضائية والمصرفية. يجب أن يشمل هذا التدريب أحدث التقنيات في مجال الجرائم الإلكترونية، وكيفية تتبع العملات المشفرة، وأدوات تحليل البيانات. يضمن التدريب المستمر أن يكون المحققون والقضاة على دراية بأحدث التحديات والحلول.

كما يجب تدريب الموظفين في المؤسسات المالية على كيفية التعرف على المؤشرات الحمراء للمعاملات المشبوهة، وعلى آليات الإبلاغ الفوري عنها. هذا التدريب يعزز من قدرة المؤسسات على اكتشاف الأنشطة غير القانونية في مراحلها المبكرة، ويقلل من فرص استغلالها من قبل ممولي الإرهاب. الاستثمار في رأس المال البشري هو استثمار في أمن المجتمع وسلامته.

تحديث استراتيجيات المكافحة

يجب أن تكون استراتيجيات مكافحة جرائم تمويل الإرهاب الإلكتروني مرنة وقابلة للتكيف مع التغيرات. يتطلب ذلك مراجعة دورية للاستراتيجيات القائمة وتقييم فعاليتها، وتطوير خطط عمل جديدة بناءً على الدروس المستفادة والتهديدات المستجدة. يجب أن تتضمن هذه الاستراتيجيات نهجًا متعدد الأوجه يجمع بين الجانب الأمني، القانوني، التقني، والتوعوي.

من المهم أيضًا تعزيز البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات المستقبلية. يجب على الدول أن تستثمر في مراكز الأبحاث والجامعات لتطوير حلول مبتكرة للكشف عن الجرائم ومنعها. تحديث الاستراتيجيات يضمن أن تبقى الجهود الوطنية والدولية خطوة إلى الأمام من الجماعات الإرهابية التي تسعى دائمًا إلى استغلال أي ثغرة لتمويل أنشطتها المدمرة.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock