الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون الجنائيالقانون المصريمحكمة الجنايات

الدفع بانتفاء قصد التوزيع في المخدرات

الدفع بانتفاء قصد التوزيع في المخدرات

استراتيجيات قانونية وحلول عملية للدفاع

يُعد الدفع بانتفاء قصد التوزيع في قضايا المخدرات أحد أهم الدفوع الجوهرية التي يمكن أن تعتمد عليها هيئة الدفاع لتغيير مسار القضية بشكل جذري. يتعلق هذا الدفع بالركن المعنوي للجريمة، حيث يهدف إلى إثبات أن المتهم لم يكن لديه النية لترويج أو بيع المواد المخدرة، بل كانت حيازته لها بقصد التعاطي الشخصي أو لأي غرض آخر لا يندرج تحت مفهوم التوزيع. تكتسب هذه النقطة أهميتها من الفارق الكبير في العقوبة بين الحيازة بقصد التعاطي والحيازة بقصد التوزيع، مما يجعل إثبات هذا الدفع حجر الزاوية في تحقيق العدالة. يقدم هذا المقال استعراضًا شاملاً للطرق والحلول القانونية والعملية لتقديم هذا الدفع بفاعلية، مع التركيز على الأدلة المطلوبة والخطوات الإجرائية الواجب اتباعها في القانون المصري.

مفهوم قصد التوزيع وأهميته القانونية

التعريف القانوني لقصد التوزيع

الدفع بانتفاء قصد التوزيع في المخدراتيُعرف قصد التوزيع قانونًا بأنه نية المتهم في إيصال المادة المخدرة إلى الغير بأي وسيلة كانت، سواء بالبيع أو الشراء بقصد البيع أو التبادل أو الإهداء أو الوساطة أو أي تصرف آخر يفيد الترويج. لا يُشترط أن يتم التوزيع فعليًا، بل يكفي مجرد توافر النية الجرمية لدى المتهم. هذه النية تُعد ركنًا أساسيًا من أركان جريمة الاتجار في المواد المخدرة التي تستوجب عقوبات مشددة في القانون المصري، ويثبت القصد من خلال الظروف والملابسات المحيطة بواقعة الضبط. فهم هذا التعريف هو الخطوة الأولى لتحديد كيفية دحضه قانونيًا. يجب على المحامي البحث عن كل ما ينفي هذه النية الجرمية الواضحة.

التمييز بين الحيازة بقصد التعاطي والحيازة بقصد التوزيع

الفارق الجوهري بين الحيازة بقصد التعاطي والحيازة بقصد التوزيع يكمن في الركن المعنوي (القصد). ففي الأولى، يكون الهدف هو الاستهلاك الشخصي للمادة المخدرة، بينما في الثانية، يكون الهدف هو نقل المادة المخدرة للغير. يترتب على هذا التمييز اختلاف كبير في تكييف الجريمة والعقوبة المقررة لها. فالحيازة بقصد التعاطي غالبًا ما تكون عقوبتها أخف، وقد تسمح المحكمة ببعض التدابير العلاجية أو التأهيلية، بينما الحيازة بقصد التوزيع تعد جناية تستوجب عقوبات قاسية قد تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام. لذلك، فإن إثبات انتفاء قصد التوزيع وتحول الاتهام إلى حيازة بقصد التعاطي يمثل انتصارًا كبيرًا للدفاع. ينبغي التركيز على إبراز جميع الدلائل التي تدعم نية التعاطي حصراً.

تأثير القصد على العقوبة

يُعد القصد الجنائي العامل الرئيسي في تحديد شدة العقوبة في قضايا المخدرات. فمجرد حيازة كمية صغيرة من المخدرات قد تُفسر على أنها بقصد التعاطي إذا ما توافرت أدلة تدعم ذلك، وبالتالي تكون العقوبة أخف. أما إذا رأت المحكمة أن الحيازة كانت بقصد التوزيع، فإنها ستطبق أشد العقوبات المنصوص عليها في قانون مكافحة المخدرات. هذا التأثير المباشر والخطير للقصد على مصير المتهم يبرز أهمية الدفع بانتفاء قصد التوزيع وضرورة تقديم كافة الأدلة والبراهين التي تُثبت أن النية لم تكن متجهة نحو الترويج أو الاتجار. يتوجب على الدفاع التركيز على أدق التفاصيل في ملف القضية لإثبات ذلك.

أركان جريمة حيازة المخدرات بقصد التوزيع

الركن المادي (الحيازة)

يتمثل الركن المادي لجريمة حيازة المخدرات بقصد التوزيع في السيطرة المادية على المادة المخدرة، سواء كانت حيازة فعلية (باليد) أو حيازة حكمية (في حوزة المتهم وتحت تصرفه). لا يشترط أن تكون الحيازة مباشرة، بل يكفي أن تكون للمتهم القدرة على التصرف في المادة المخدرة. هذا الركن هو أول ما يتم إثباته من قبل النيابة العامة أو سلطة الضبط. يجب على الدفاع التأكد من صحة إجراءات الضبط والتفتيش التي أدت إلى اكتشاف هذه الحيازة. إذا كانت هناك مخالفات إجرائية، فقد يؤدي ذلك إلى بطلان دليل الحيازة بالكامل. ينبغي مراجعة المحاضر بدقة للبحث عن أي ثغرات.

الركن المعنوي (قصد التوزيع)

يُعد الركن المعنوي، وهو قصد التوزيع، المحور الأساسي الذي يدور حوله الدفع بانتفائه. لا يكفي مجرد ضبط المادة المخدرة بحوزة المتهم لتوافر هذا الركن، بل يجب أن تتجه إرادته إلى ترويجها أو بيعها للغير. هذا القصد هو أمر خفي لا يمكن إدراكه مباشرة، وإنما يُستدل عليه من خلال الظروف المحيطة بالواقعة، مثل كمية المخدرات المضبوطة، وجود أدوات التوزيع، طريقة التعبئة، وجود سجلات اتصالات، أو شهادة الشهود. إثبات عدم توافر هذا القصد هو جوهر مهمة الدفاع، ويتطلب تحليلًا عميقًا لكل دليل تُقدمه النيابة لإثبات هذا القصد. تتطلب هذه العملية مهارة قانونية عالية.

ثبوت علم المتهم بالمادة المخدرة

بالإضافة إلى الركن المادي والمعنوي، يجب أن يثبت علم المتهم بأن ما يحوزه هو مادة مخدرة ومحظورة قانونًا. فإذا كان المتهم يجهل طبيعة المادة التي بحوزته، أو اعتقد أنها مادة أخرى غير محظورة، فإن الركن المعنوي للجريمة لا يكتمل. على الرغم من أن جهل القانون لا يعفي من المسؤولية، إلا أن جهل المتهم بطبيعة المادة يُعد من الدفوع المهمة التي يمكن طرحها، خاصة إذا كانت هناك ظروف تدعم هذا الادعاء. يجب على الدفاع في هذه الحالة تقديم أدلة قوية تثبت أن المتهم لم يكن على علم حقيقي بكون المادة المضبوطة من المواد المخدرة. تتطلب هذه النقطة بحثًا دقيقًا في الظروف الشخصية للمتهم.

طرق إثبات انتفاء قصد التوزيع

صغر الكمية المضبوطة

تُعد صغر الكمية المضبوطة من المواد المخدرة أحد أهم القرائن التي يستند إليها الدفاع لإثبات انتفاء قصد التوزيع. فمن غير المنطقي أن يكون شخص بصدد التوزيع بكمية ضئيلة لا تكاد تكفي للاستخدام الشخصي. المحاكم المصرية تأخذ بهذه القرينة في الاعتبار عند تقدير القصد. يجب على الدفاع التركيز على تقديم تقارير المعمل الجنائي التي توضح الوزن الدقيق للمادة المضبوطة، ومقارنته بما يُعرف بالحد الأدنى للكمية التي قد تُستخدم في التوزيع. هذا الدفع يكون أكثر قوة عندما لا توجد أدلة أخرى تدعم قصد التوزيع، مثل أدوات التعبئة أو المبالغ المالية الكبيرة. ينبغي توضيح عدم تناسب الكمية مع نشاط التوزيع.

عدم وجود أدوات التوزيع

غياب أدوات التوزيع النموذجية مثل الموازين الحساسة، الأكياس الصغيرة للتعبئة، المواد المخدرة المقطعة إلى جرعات، أو المبالغ المالية الكبيرة المتحصلة من البيع، يُعد دليلًا قويًا على انتفاء قصد التوزيع. يُشكل وجود هذه الأدوات قرينة قوية لدى المحكمة على نية الترويج، وبالتالي فإن عدم وجودها ينفي هذه القرينة. يجب على المحامي التأكيد على أن محضر الضبط لم يشر إلى وجود أي من هذه الأدوات، أو أن الأدوات التي وُجدت لا ترقى إلى كونها أدوات للتوزيع بل هي أدوات شخصية عادية. هذا يُعزز من حجية الدفع بأن الحيازة كانت لغرض شخصي بحت وليس للتوزيع. يمكن للدفاع تقديم شهادات تفيد عدم وجود مثل هذه الأدوات.

الاستدلال بوجود أدوات التعاطي

على النقيض من أدوات التوزيع، فإن وجود أدوات التعاطي مثل أدوات الشرب أو الحقن أو اللف (تبعًا لنوع المخدر) بجانب المادة المضبوطة يُعد قرينة قوية على أن الحيازة كانت بقصد التعاطي الشخصي لا بقصد التوزيع. يجب على الدفاع إبراز هذه النقطة بشدة في مرافعته، وتقديم ما يثبت أن هذه الأدوات تخص المتهم وتُستخدم لأغراض التعاطي. هذا الدليل يُكمل الدفع بانتفاء قصد التوزيع ويُقدم تفسيرًا منطقيًا لوجود المادة المخدرة بحوزة المتهم. يجب أن يوضح المحامي كيف أن هذه الأدوات تُشير بوضوح إلى نية الاستهلاك الشخصي، مما يرفع الشبهة عن نية التوزيع. هذا الدفع يستند إلى منطق قوي.

عدم وجود سجلات اتصالات تدل على التوزيع

في العصر الحديث، تُعد سجلات الاتصالات والرسائل النصية والدردشات الرقمية من الأدلة الهامة التي تُستخدم في إثبات جرائم التوزيع. فإذا كانت هواتف المتهم خالية من أي مكالمات أو رسائل أو صور تُشير إلى صفقات بيع أو شراء أو ترويج للمخدرات، فإن ذلك يُعد دليلًا إضافيًا على انتفاء قصد التوزيع. يجب على الدفاع طلب فحص هواتف المتهم وسجلاته الرقمية لإثبات خلوها من أي دليل يدعم تهمة التوزيع. على النقيض، وجود مثل هذه السجلات يعزز من تهمة التوزيع. لذلك، فإن غيابها يصب في مصلحة المتهم بشكل كبير. يمكن للدفاع طلب ندب خبير فني لفحص هذه السجلات بعناية. هذا الدليل يكتسب أهمية متزايدة.

شهادة الشهود

يمكن أن تُقدم شهادة الشهود، سواء شهود نفي أو حتى شهود إثبات في بعض الحالات، دعمًا قويًا للدفع بانتفاء قصد التوزيع. فإذا كان هناك شهود يُمكنهم الإدلاء بمعلومات تُفيد بأن المتهم معروف عنه التعاطي الشخصي، أو أنه لم يسبق له الاتجار في المخدرات، أو أن ظروف ضبطه لا تُشير إلى نية التوزيع، فإن شهادتهم قد تُغير مسار القضية. يجب على الدفاع تقديم قائمة بأسماء الشهود الذين يُمكنهم دعم هذه النقطة وطلب استدعائهم أمام المحكمة. شهادة الشهود، خاصة إذا كانت متماسكة وموثوقة، تُعد من الأدلة المباشرة التي تُعزز من موقف المتهم. يجب تحضير الشهود جيدًا قبل الإدلاء بشهاداتهم. يمكن لشهادة الشهود أن تقدم إفادات قوية.

الأدلة التي تدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع

التقارير الفنية والمعملية

تُعد التقارير الفنية الصادرة عن المعمل الجنائي أدلة حاسمة في قضايا المخدرات. يجب على الدفاع التدقيق في هذه التقارير والبحث عن أي تفاصيل تُدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع. على سبيل المثال، قد يُظهر التقرير أن الكمية المضبوطة صغيرة جدًا، أو أن تركيز المادة المخدرة لا يُشير إلى غرض الترويج، أو أن تحليل عينات من المتهم أثبت تعاطيه الشخصي. يمكن للمحامي طلب إعادة فحص العينات أو تقديم تقرير خبرة مضاد إذا كانت هناك شبهة في التقرير الأصلي. هذه التقارير تُقدم معلومات موضوعية وقائمة على أسس علمية قوية، مما يجعلها أدلة ذات قيمة كبيرة أمام المحكمة. التدقيق فيها قد يكشف عن تفاصيل مهمة.

التحريات الأولية

يجب على الدفاع مراجعة محاضر التحريات الأولية التي سبقت الضبط والتفتيش. فإذا كانت هذه التحريات لم تُشر إلى أن المتهم يمارس نشاط التوزيع، أو أنها اقتصرت على كونه متعاطيًا، فإن ذلك يُشكل دليلًا مهمًا على انتفاء قصد التوزيع. غالبًا ما تُبنى محاضر الضبط على معلومات تحريات سابقة، وإذا كانت هذه التحريات ضعيفة أو لم تؤكد نية التوزيع، فإن ذلك يُضعف من موقف النيابة العامة. يمكن للمحامي استغلال أي تناقضات أو قصور في التحريات لإثبات أن نية التوزيع لم تكن متوفرة لدى المتهم، أو أن هذه التحريات لم تثبت ذلك بشكل كافٍ. يجب تحليل التحريات بدقة لاكتشاف أي ثغرات.

حالة المتهم الاجتماعية والاقتصادية

قد تُقدم الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمتهم قرائن غير مباشرة تدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع. فإذا كان المتهم ذا وضع مالي مستقر ولا توجد لديه دوافع اقتصادية واضحة للاتجار في المخدرات، أو إذا كان طالبًا أو موظفًا ولديه دخل ثابت، فإن ذلك يُقلل من احتمالية تورطه في نشاط التوزيع. على النقيض، إذا كان المتهم عاطلًا عن العمل ويعاني من ضائقة مالية، فقد تُعتبر هذه ظروفًا تُرجح نية التوزيع. يجب على الدفاع تقديم ما يُثبت الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمتهم الذي لا يتوافق مع ممارسة نشاط تجاري غير مشروع. هذه القرائن، وإن لم تكن حاسمة بمفردها، إلا أنها تُضاف إلى مجمل الأدلة. تُسهم هذه العوامل في بناء صورة المتهم.

السوابق الجنائية (أو عدمها)

السوابق الجنائية للمتهم تُعد من العوامل المؤثرة في تقدير المحكمة. فإذا كان المتهم ليس لديه سوابق في قضايا الاتجار بالمخدرات، فإن ذلك يُشكل قرينة إيجابية تدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع، ويُمكن للمحكمة أن تميل إلى تفسير حيازته على أنها بقصد التعاطي. على العكس، إذا كان المتهم لديه سوابق متعددة في قضايا الترويج، فإن ذلك يُقوي من تهمة التوزيع. يجب على الدفاع إبراز صحيفة الحالة الجنائية النظيفة للمتهم، إن وُجدت، كدليل على عدم انخراطه في أنشطة إجرامية تُشير إلى نية التوزيع. عدم وجود سوابق يفتح الباب أمام تفسيرات أخرى لوجود المخدرات. السوابق الجنائية تُؤثر بشكل مباشر على حكم المحكمة.

الخطوات الإجرائية لتقديم الدفع

جمع الأدلة والوثائق

تُعد الخطوة الأولى والأكثر أهمية في تقديم الدفع بانتفاء قصد التوزيع هي جمع كافة الأدلة والوثائق التي تُدعم موقف المتهم. يشمل ذلك تقارير المعمل الجنائي، صور لمكان الضبط، سجلات الاتصالات (بعد فحصها)، شهادات الميلاد، وثائق التعليم أو العمل، وأي وثائق تُثبت الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمتهم. يجب على المحامي أيضًا الحصول على نسخ من محاضر الضبط والتحقيقات الأولية لمراجعتها بدقة والبحث عن أي ثغرات أو تناقضات تُمكن الدفاع من استغلالها. كل وثيقة أو دليل، مهما بدا بسيطًا، قد يُساهم في بناء قضية دفاع قوية. التنظيم الجيد للأدلة يُسهل عملية تقديم الدفع. ينبغي الاحتفاظ بنسخ احتياطية من كل الوثائق الهامة.

صياغة مذكرة الدفاع

بعد جمع الأدلة، تأتي مرحلة صياغة مذكرة الدفاع التي تُقدم إلى المحكمة. يجب أن تكون المذكرة واضحة، دقيقة، ومبنية على أسس قانونية متينة. يجب أن تتضمن المذكرة عرضًا للوقائع، ثم شرحًا قانونيًا لأركان جريمة حيازة المخدرات بقصد التوزيع، مع التركيز على الركن المعنوي (القصد). يلي ذلك تفصيل الدفوع التي يُقدمها الدفاع، مدعمة بالأدلة والوثائق التي تم جمعها. يجب على المحامي الإشارة إلى صغر الكمية، عدم وجود أدوات التوزيع، وجود أدوات التعاطي، وخلو سجلات الاتصالات من أي دليل على الترويج. يجب أن تُختتم المذكرة بطلب البراءة من تهمة التوزيع أو تعديل التكييف القانوني للجريمة. الصياغة الجيدة للمذكرة تُعزز موقف الدفاع.

تقديم الدفع أمام المحكمة

يتم تقديم الدفع بانتفاء قصد التوزيع شفويًا وكتابيًا أمام المحكمة المختصة أثناء جلسات المحاكمة. يجب على المحامي أن يكون مستعدًا لشرح الدفع بشكل وافٍ ومنطقي، وأن يُقدم الأدلة التي تُدعم دفوعه. يُمكن للمحامي أن يُقدم دفوعه في بداية المرافعة أو أثناءها، حسب استراتيجية الدفاع. يجب أن يكون المحامي على دراية كاملة بملف القضية وكافة تفاصيلها، وأن يُجيب على أي استفسارات قد تطرحها المحكمة أو النيابة العامة. الثقة بالنفس والاحترافية في تقديم الدفع تُترك انطباعًا إيجابيًا لدى هيئة المحكمة. التمكن من الإجراءات القانونية يُعتبر أمرًا جوهريًا. ينبغي للمحامي أن يكون مستعدًا لأي سيناريو ممكن في الجلسة.

مناقشة شهود الإثبات

تُعد مناقشة شهود الإثبات (غالبًا ضباط الشرطة أو المخبرين) فرصة ذهبية للدفاع لإضعاف موقف النيابة العامة. يجب على المحامي أن يُركز في أسئلته على نقاط تُدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع. على سبيل المثال، يُمكن للمحامي أن يسأل عن طبيعة التحريات التي سبقت الضبط، وهل أشارت إلى نية التوزيع أم التعاطي فقط؟ وهل وُجدت أدوات توزيع أثناء الضبط؟ وما هي الكمية المضبوطة بالتحديد؟ وأين وُجدت؟ أي تناقضات في أقوال الشهود أو عدم قدرتهم على الإجابة على أسئلة جوهرية يُمكن أن تُستخدم لدحض إثبات قصد التوزيع. مهارات الاستجواب تُعد أساسية في هذه المرحلة. يجب أن تكون الأسئلة محددة وموجهة بدقة لتحقيق الهدف المنشود.

طلب الاستماع لشهود النفي

في حال وجود شهود نفي، يجب على الدفاع طلب استدعائهم للاستماع لشهادتهم أمام المحكمة. شهود النفي يُمكنهم تقديم معلومات تُدعم الدفع بانتفاء قصد التوزيع، مثل إفاداتهم بأن المتهم معروف عنه التعاطي، أو أنهم لم يروه يمارس نشاط التوزيع، أو أنهم يُمكنهم تقديم شهادة عن طبيعة علاقته بالمادة المضبوطة. يجب على المحامي تحضير الشهود جيدًا قبل الإدلاء بشهادتهم، والتأكد من أن شهادتهم متماسكة ومتوافقة مع استراتيجية الدفاع. شهادة الشهود، خاصة إذا كانت غير منحازة، تُعزز من مصداقية الدفاع أمام المحكمة. ينبغي أن يكون المحامي واثقًا من مصداقية شهود النفي وقدرتهم على الإفادة. يمكن لشهادتهم أن تُحدث فرقًا حاسمًا.

نصائح إضافية لتعزيز الدفع

التوكيل لمحام متخصص

يُعد التوكيل لمحامٍ متخصص في قضايا المخدرات خطوة حاسمة لضمان تقديم دفاع قوي وفعال. المحامي المتخصص لديه الخبرة والمعرفة اللازمة بقانون مكافحة المخدرات وتفاصيله الدقيقة، وهو مُدرك لأحدث السوابق القضائية والدفوع التي يُمكن تقديمها. كما أنه يعرف كيفية التعامل مع الإجراءات القانونية المعقدة وكيفية استغلال الثغرات القانونية لصالح المتهم. اختيار المحامي المناسب يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في مصير القضية. يجب البحث عن محامٍ له سجل حافل بالنجاح في قضايا مماثلة، ولديه قدرة على التواصل الجيد مع المتهم وذويه. خبرة المحامي تُعتبر ركيزة أساسية للدفاع الناجح. هذا يضمن التعامل الاحترافي مع القضية.

التعاون التام مع الدفاع

يجب على المتهم أن يتعاون بشكل تام وشفاف مع محاميه، وأن يُقدم له كافة المعلومات والتفاصيل المتعلقة بالواقعة دون إخفاء أي شيء. حتى المعلومات التي قد تبدو للمتهم غير مهمة، قد تكون حاسمة للمحامي في بناء استراتيجية الدفاع. الصدق والصراحة مع المحامي تُمكنه من فهم الصورة كاملة وتوقع ردود النيابة العامة وتجهيز الدفوع المناسبة. عدم التعاون أو إخفاء الحقائق قد يُعرقل عمل المحامي ويُضعف من موقف الدفاع. يجب بناء علاقة ثقة بين المتهم والمحامي لتحقيق أفضل النتائج الممكنة. التواصل المستمر يُسهل على المحامي مهمته. يُعتبر هذا التعاون أساسيًا لإعداد دفاع فعال.

الحفاظ على الهدوء والاتزان في المحكمة

يُعد الحفاظ على الهدوء والاتزان أثناء جلسات المحاكمة أمرًا في غاية الأهمية. فالتوتر والقلق قد يُؤثران على قدرة المتهم على الإجابة على الأسئلة أو متابعة سير الجلسة. يجب على المتهم أن يستمع جيدًا للأسئلة وأن يُجيب عليها بوضوح وصراحة، وأن يتجنب الانفعال أو الدخول في جدال مع هيئة المحكمة أو النيابة العامة. المحامي هو من يتولى مهمة الدفاع والجدال القانوني. الهدوء يُعطي انطباعًا إيجابيًا عن المتهم ويُعزز من مصداقيته أمام المحكمة، بينما الانفعال قد يُفسر بشكل سلبي. الاستعداد النفسي للجلسات يُساعد على الظهور بمظهر لائق. هذا يُساعد في تقديم صورة إيجابية للمتهم.

فهم حقوق المتهم

يجب على المتهم أن يكون على دراية كاملة بحقوقه القانونية، وأن يُطالب بها في حال انتهاكها. يشمل ذلك حقه في الصمت، حقه في الاستعانة بمحامٍ، حقه في عدم التفتيش إلا بإذن قضائي، وحقه في معرفة التهم الموجهة إليه. فهم هذه الحقوق يُمكن المتهم من حماية نفسه من أي إجراءات غير قانونية قد تُتخذ ضده، ويُمكن محاميه من الطعن على أي مخالفات إجرائية. المحامي مسؤول عن توضيح هذه الحقوق للمتهم وتوجيهه بشأن كيفية التصرف أثناء مراحل التحقيق والمحاكمة. الوعي بالحقوق يُمكن أن يغير مسار القضية بشكل كبير. هذا يعزز من موقف الدفاع بشكل عام.

الطعن على إجراءات الضبط والتفتيش (إذا وجدت مخالفات)

يُعد الطعن على بطلان إجراءات الضبط والتفتيش أحد أقوى الدفوع الشكلية التي يُمكن أن تُؤدي إلى براءة المتهم بالكامل، وذلك إذا تبين وجود مخالفات قانونية جسيمة في هذه الإجراءات. على سبيل المثال، إذا تم الضبط بدون إذن من النيابة العامة في غير حالات التلبس، أو إذا تم التفتيش بشكل غير قانوني، أو إذا كانت هناك شبهة في صحة محضر الضبط. يجب على المحامي التدقيق في كافة تفاصيل عملية الضبط والتفتيش، والبحث عن أي مخالفات إجرائية يُمكن أن تُؤدي إلى بطلان الدليل المُتحصل منه، وبالتالي بطلان القضية برمتها. الطعن على البطلان يُعد إجراءً حاسمًا في العديد من قضايا المخدرات. هذا الدفع يُعتبر تقنيًا وفعالًا للغاية.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock