الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون الجنائيالقانون المصريالنيابة العامة

الإجراءات القانونية في قضايا الصيد غير المشروع

الإجراءات القانونية في قضايا الصيد غير المشروع

دليلك الشامل لمواجهة التحديات القانونية وحماية الثروة السمكية

يمثل الصيد غير المشروع تحديًا خطيرًا يهدد استدامة الثروة السمكية والبيئة البحرية، كما يؤثر سلبًا على الاقتصاد والمجتمعات الساحلية. تلتزم الدول، ومنها مصر، بمكافحة هذه الظاهرة عبر منظومة قانونية متكاملة تتضمن إجراءات صارمة للحد من انتشارها. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل عملي ومفصل حول الإجراءات القانونية المتبعة في قضايا الصيد غير المشروع، بدءًا من لحظة اكتشاف المخالفة وحتى تطبيق العقوبات، مع استعراض الحلول المتاحة لمواجهة هذه الجرائم بفعالية.

أولًا: مفهوم الصيد غير المشروع وأشكاله

تعريف الصيد غير المشروع

الإجراءات القانونية في قضايا الصيد غير المشروع
يعرف الصيد غير المشروع على أنه أي نشاط صيد يتم في انتهاك للقوانين واللوائح الوطنية أو الدولية المعمول بها. يشمل هذا التعريف الصيد الذي يتم دون ترخيص، أو في مناطق محظورة، أو باستخدام معدات صيد غير قانونية، أو صيد أنواع محددة أو أحجام معينة من الأسماك المحظور صيدها. هذا التعدي يؤثر بشكل مباشر على التوازن البيئي البحري ويعيق جهود الحفاظ على الموارد الطبيعية.

تتجاوز آثاره السلبية مجرد استنزاف الموارد لتطال جودة المياه والتنوع البيولوجي، ما يستدعي فهمًا عميقًا لطبيعته وتحدياته. يمثل تعريف دقيق لهذه الأنشطة القاعدة الأساسية لتطبيق الإجراءات القانونية المناسبة بحق المخالفين. يساعد هذا الفهم في التمييز بين الأنشطة المشروعة وغير المشروعة، ويسهل عمل الجهات الرقابية في الكشف عن المخالفات وتوثيقها.

أبرز أشكال الصيد غير المشروع

تتخذ أنشطة الصيد غير المشروع أشكالًا متعددة، مما يجعل رصدها والتعامل معها أمرًا معقدًا. من أبرز هذه الأشكال الصيد دون الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة. يعتبر هذا النوع من المخالفات أساسًا للكثير من المشكلات اللاحقة، حيث يفتقر الصيادون غير المرخصين إلى أي إشراف أو التزام بالمعايير البيئية.

كما يشمل استخدام معدات صيد محظورة، مثل شباك الجر القاعية في مناطق محددة أو الشباك ذات الفتحات الضيقة جدًا التي تصطاد الأسماك الصغيرة. الصيد في المناطق المحمية أو المحظورة موسميًا أو جغرافيًا يعد أيضًا شكلًا شائعًا. الصيد غير المبلغ عنه أو غير المنظم يسهم في حجب البيانات الحقيقية عن حالة المخزون السمكي، ما يعيق وضع سياسات فعالة لإدارة المصايد.

من الأشكال الأخرى الصيد الجائر للأنواع المهددة بالانقراض أو تلك التي لم تصل إلى الحجم القانوني المسموح به للصيد. يضاف إلى ذلك استخدام المواد المتفجرة أو السامة في الصيد، وهي ممارسات مدمرة تدمر البيئة البحرية بأكملها. فهم هذه الأشكال ضروري لتطوير استراتيجيات فعالة للمكافحة وتطبيق القانون بصرامة.

ثانيًا: الإطار القانوني لمكافحة الصيد غير المشروع في مصر

القوانين والتشريعات ذات الصلة

تعتمد مصر على إطار قانوني شامل لمكافحة الصيد غير المشروع، يهدف إلى حماية الثروة السمكية وتنظيم أنشطة الصيد. من أهم هذه التشريعات القانون رقم 124 لسنة 1983 بشأن صيد الأسماك والأحياء المائية وتنظيم المزارع السمكية، وهو القانون الأساسي الذي يحدد القواعد والضوابط المنظمة لقطاع الصيد. يتناول هذا القانون شروط التراخيص، والمناطق المحظورة، والمعدات المسموح بها والمحظورة، وأنواع المخالفات والعقوبات المترتبة عليها.

تكمل هذا القانون تشريعات أخرى مثل قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 وتعديلاته، والذي يضع إطارًا عامًا لحماية البيئة بما في ذلك البيئة البحرية. كما تلعب بعض مواد قانون العقوبات دورًا في تجريم الأفعال التي تتسبب في أضرار جسيمة للبيئة أو تعرض حياة الإنسان للخطر نتيجة استخدام مواد محظورة في الصيد.

تلتزم مصر أيضًا بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية والإقليمية المتعلقة بحماية البيئة البحرية وإدارة مصايد الأسماك. هذه الاتفاقيات توفر إطارًا إضافيًا للتعاون وتبادل الخبرات في مكافحة الصيد غير المشروع على المستويين الإقليمي والدولي. تسهم هذه التشريعات المتكاملة في توفير غطاء قانوني قوي لإنفاذ القانون وملاحقة المخالفين.

الجهات المختصة بالإنفاذ

يتطلب تطبيق الإطار القانوني لمكافحة الصيد غير المشروع تضافر جهود عدة جهات حكومية. الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هي الجهة الرئيسية المسؤولة عن تنظيم قطاع الصيد وإصدار التراخيص والإشراف على المصايد. تتولى الهيئة مسؤولية وضع الخطط والبرامج اللازمة لتنمية الثروة السمكية وتنفيذها، ومراقبة الالتزام باللوائح.

يعتبر جهاز حماية الشواطئ وحرس الحدود من الجهات الفاعلة في الرصد البحري وضبط المخالفات. يقوم أفراده بدوريات منتظمة في المياه الإقليمية لكشف عمليات الصيد غير المشروع وتوقيف السفن المخالفة. كما تتدخل شرطة البيئة والمسطحات المائية لضبط المخالفات المتعلقة بالتلوث البيئي والصيد غير القانوني في المياه الداخلية أو القريبة من الشواطئ.

بالإضافة إلى ذلك، تلعب النيابة العامة دورًا محوريًا في التحقيق في هذه الجرائم وإحالتها إلى المحاكم المختصة، بينما تتولى المحاكم الفصل في الدعاوى وتطبيق العقوبات. يتطلب التنسيق الفعال بين هذه الجهات نجاح جهود مكافحة الصيد غير المشروع وضمان إنفاذ القانون بشكل فعال.

ثالثًا: خطوات الإبلاغ عن جريمة صيد غير مشروع

اكتشاف المخالفة وتوثيقها

تعد الخطوة الأولى والأكثر أهمية في مكافحة الصيد غير المشروع هي اكتشاف المخالفة وتوثيقها بشكل دقيق. يمكن للمواطنين، الصيادين المرخصين، أو أي شخص لديه ملاحظة على نشاط صيد مشتبه به أن يلعب دورًا في هذه العملية. عند اكتشاف مخالفة، يجب جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حولها.

يشمل ذلك تسجيل التاريخ والوقت والموقع الجغرافي الدقيق للحادثة. من الضروري أيضًا توثيق نوع المخالفة، مثل استخدام معدات صيد محظورة، أو الصيد في منطقة محظورة، أو صيد أنواع معينة من الأسماك. يفضل التقاط صور فوتوغرافية أو تسجيل مقاطع فيديو للمخالفة والسفينة المتورطة إن أمكن، مع التركيز على أي علامات مميزة للسفينة أو طاقمها.

تساعد هذه التفاصيل الدقيقة في تعزيز مصداقية البلاغ وتوفر أدلة قوية للجهات المختصة. يجب أن يتم التوثيق بطريقة لا تعرض المبلغ للخطر، مع الحرص على جمع المعلومات بطريقة قانونية. تساهم هذه الإجراءات الأولية في بناء قضية قوية ضد المخالفين، وتسهل على سلطات إنفاذ القانون اتخاذ الإجراءات اللازمة.

جهة الإبلاغ المبدئي

بعد توثيق المخالفة، تأتي خطوة الإبلاغ الفوري للجهة المختصة. هناك عدة قنوات يمكن من خلالها تقديم البلاغات عن قضايا الصيد غير المشروع لضمان سرعة الاستجابة. يمكن الاتصال بالهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية مباشرة، حيث توجد لديها أقسام متخصصة في متابعة هذه الشكاوى والتعامل معها.

كما يمكن الإبلاغ لدى أقرب وحدة لحرس الحدود أو شرطة المسطحات المائية والبيئة، خاصة إذا كانت المخالفة تحدث في البحر أو على امتداد الشواطئ. هذه الجهات لديها القدرة على التحرك السريع لضبط المخالفين في مسرح الجريمة. في بعض الحالات، قد يكون من المناسب الإبلاغ عن طريق أقسام الشرطة المحلية إذا كانت المخالفة تتعلق بأنشطة صيد على اليابسة أو في المياه الداخلية كالبحيرات.

بعض المحافظات قد توفر خطوطًا ساخنة أو آليات إلكترونية للإبلاغ عن المخالفات البيئية والصيد غير المشروع. من المهم اختيار القناة الأنسب لضمان وصول البلاغ للجهة القادرة على اتخاذ الإجراء الفوري. تقديم البلاغ في أقرب وقت ممكن بعد اكتشاف المخالفة يزيد من فرص ضبط المخالفين ومصادرة المعدات غير القانونية.

معلومات يجب توفيرها عند الإبلاغ

لضمان فعالية البلاغ وسرعة التعامل معه، يجب توفير مجموعة من المعلومات الأساسية للجهة المبلغ إليها. أولاً، يجب ذكر اسم المبلغ ورقم هاتفه، مع التأكيد على سرية هذه المعلومات وحمايتها. ثم تحديد الزمان والمكان الدقيقين للمخالفة، بما في ذلك إحداثيات الموقع إن أمكن، أو وصف تفصيلي للمنطقة.

ثانياً، وصف تفصيلي للمخالفة، مثل نوع معدات الصيد المستخدمة (شباك جر، شباك فتحاتها صغيرة، ديناميت)، أنواع الأسماك المستهدفة، سواء كانت محظورة الصيد أو بأحجام أقل من القانوني. ثالثًا، معلومات عن القارب أو السفينة المتورطة، مثل الاسم، رقم التسجيل، اللون، وأي علامات مميزة يمكن أن تساعد في التعرف عليها.

رابعًا، أي صور أو مقاطع فيديو تم التقاطها كأدلة مساعدة. كلما كانت المعلومات المقدمة أكثر دقة وتفصيلاً، زادت سرعة وكفاءة استجابة الجهات المختصة في التحقيق في الأمر واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين. عدم كفاية المعلومات قد يؤخر عملية الضبط أو يجعلها أكثر صعوبة.

رابعًا: الإجراءات القانونية المتبعة بعد الإبلاغ

دور الضبطية القضائية

بعد استلام البلاغ، يبدأ دور الضبطية القضائية، والتي تشمل أفراد الشرطة، حرس الحدود، وضباط الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، كل في نطاق اختصاصه. تتمثل مهمة الضبطية القضائية في التأكد من صحة البلاغ وجمع المزيد من الأدلة. يقوم أفراد الضبطية القضائية بالتوجه إلى موقع المخالفة للتحقق من الأمر وتفتيش القوارب المشتبه بها.

إذا ثبتت المخالفة، يتم ضبط المتورطين ومعدات الصيد غير القانونية والمحصول السمكي المصطاد بشكل غير مشروع. يتم تحرير محضر ضبط تفصيلي يسجل فيه جميع وقائع الجريمة، من زمان ومكان ونوع المخالفة، وأسماء المتهمين، والبيانات الخاصة بالمركب والمعدات المصادرة.

يتم التحفظ على المضبوطات، مثل الشباك والأسماك والمراكب، وفقًا للقانون، تمهيدًا لعرضها على النيابة العامة. قد يتم التحفظ على المتهمين لاستكمال التحقيقات الأولية. تعد إجراءات الضبطية القضائية حجر الزاوية في بناء الدعوى الجنائية، حيث توفر الأدلة المادية والشهادات الأولية التي تستند إليها النيابة العامة في متابعة القضية.

تحقيقات النيابة العامة

بعد تحرير محضر الضبط، يتم إحالة القضية إلى النيابة العامة، وهي الجهة المخولة بالتحقيق في الجرائم الجنائية. تقوم النيابة العامة بمراجعة محضر الضبط والأدلة المقدمة من الضبطية القضائية. تبدأ النيابة في إجراء تحقيقاتها الخاصة، والتي تشمل استجواب المتهمين للاستماع إلى أقوالهم ودفاعهم.

كما تستمع النيابة إلى أقوال الشهود، بمن فيهم أفراد الضبطية القضائية الذين حرروا المحضر، وربما المبلغين إذا اقتضت الضرورة. قد تطلب النيابة العامة إجراء معاينات إضافية أو تحاليل للمضبوطات للتأكد من طبيعتها غير القانونية. يتم تكليف خبراء من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية لتقديم تقارير فنية حول أنواع الأسماك، أحجامها، والمعدات المستخدمة.

بناءً على نتائج التحقيقات والأدلة المجمعة، تقرر النيابة العامة ما إذا كانت هناك أدلة كافية لإحالة المتهمين إلى المحكمة المختصة لمحاكمتهم. في بعض الحالات، قد تقرر النيابة حفظ التحقيق لعدم كفاية الأدلة أو لعدم صحة الواقعة. تحقيقات النيابة العامة هي مرحلة حاسمة تحدد مسار القضية القانوني.

دور الخبرة الفنية

تلعب الخبرة الفنية دورًا حيويًا في قضايا الصيد غير المشروع، حيث تعتمد المحاكم والنيابة العامة بشكل كبير على تقارير الخبراء لتحديد طبيعة المخالفة ومدى الضرر. يتم تكليف خبراء من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية أو الجهات البيئية المتخصصة بتقديم تقارير فنية مفصلة.

تشمل هذه التقارير تحليل أنواع الأسماك المصطادة، لتحديد ما إذا كانت من الأنواع المحمية أو المهددة بالانقراض، أو إذا كانت أحجامها أقل من الحد القانوني. كما يتم فحص معدات الصيد المضبوطة لتحديد ما إذا كانت من المعدات المحظورة أو غير المرخصة، مثل الشباك ذات الفتحات غير القانونية أو أدوات الصيد المتفجرة.

قد تتضمن الخبرة الفنية أيضًا تقييمًا للأضرار البيئية الناتجة عن ممارسات الصيد غير المشروع، مثل تدمير الشعاب المرجانية أو بيئات التكاثر. تسهم هذه التقارير في تقديم أدلة علمية قوية تدعم اتهامات النيابة العامة وتساعد القضاة في فهم الجوانب الفنية للقضية، مما يمكنهم من إصدار أحكام عادلة ومناسبة للعقوبة.

خامسًا: المحاكمة والعقوبات المقررة

أنواع المحاكم المختصة

بعد انتهاء تحقيقات النيابة العامة وإحالة القضية، يتم عرضها على المحاكم المختصة للنظر فيها. في معظم قضايا الصيد غير المشروع، تختص محاكم الجنح بنظر هذه القضايا، حيث غالبًا ما تكون العقوبات المقررة هي الغرامات أو الحبس لمدة قصيرة. تنظر هذه المحاكم في الوقائع والأدلة المقدمة وتستمع إلى مرافعات النيابة العامة ودفاع المتهمين.

في بعض الحالات التي تتضمن مخالفات جسيمة أو جرائم مرتبطة بالصيد غير المشروع، مثل استخدام متفجرات أو سموم تؤدي إلى أضرار بيئية بالغة أو تعريض حياة الناس للخطر، قد تنظر المحكمة الجنائية في بعض جوانب القضية إذا كان هناك تكييف جنائي للأفعال.

في حال كانت المخالفة تتعلق بجرائم ذات طبيعة اقتصادية أو منظمة تشمل حجمًا كبيرًا من المخالفات التجارية غير المشروعة، قد تختص المحاكم الاقتصادية بالنظر في بعض الجوانب المتعلقة بالغرامات التجارية أو التعويضات. تحديد المحكمة المختصة يعتمد على نوع المخالفة، جسامتها، والعقوبات المنصوص عليها في القوانين المنظمة.

العقوبات المنصوص عليها

ينص القانون رقم 124 لسنة 1983 وتعديلاته، بالإضافة إلى قوانين أخرى ذات صلة، على مجموعة من العقوبات الصارمة لمكافحة الصيد غير المشروع. تشمل هذه العقوبات في المقام الأول الغرامات المالية، التي تتفاوت قيمتها بناءً على نوع المخالفة وحجم الضرر الناتج عنها.

قد يتم فرض عقوبة الحبس لمدة معينة في حال تكرار المخالفة أو في الجرائم الأكثر جسامة، خاصة تلك التي تنطوي على استخدام وسائل صيد مدمرة مثل المواد المتفجرة أو السموم. من العقوبات المهمة أيضًا مصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة في الصيد غير المشروع، مثل الشباك غير القانونية والقوارب، والتي قد يتم بيعها بالمزاد العلني أو إتلافها.

كما يتم مصادرة المحصول السمكي المصطاد بطريقة غير مشروعة. يمكن أن تشمل العقوبات التبعية سحب ترخيص الصيد بشكل دائم أو مؤقت، وحرمان المخالف من ممارسة المهنة لفترة زمنية محددة. تهدف هذه العقوبات إلى تحقيق الردع العام والخاص، والحد من انتشار هذه الظاهرة المدمرة للبيئة والاقتصاد.

تطبيق العقوبات التبعية

بالإضافة إلى العقوبات الأصلية مثل الغرامة والحبس، تولي القوانين أهمية كبرى لتطبيق العقوبات التبعية، التي تهدف إلى تعزيز الردع ومنع تكرار المخالفات. من أبرز هذه العقوبات مصادرة المركب المستخدم في عملية الصيد غير المشروع، وكذلك معدات الصيد المضبوطة، مثل الشباك أو الأدوات الكهربائية أو المتفجرات.

يتم التعامل مع المصادرات وفقًا لإجراءات قانونية محددة، حيث يمكن بيعها في مزاد علني وتوريد حصيلتها للخزانة العامة، أو يتم إتلافها إذا كانت تشكل خطرًا بيئيًا أو كانت غير صالحة للاستخدام المشروع. كما يتم مصادرة جميع الأسماك والأحياء المائية المصطادة بطريقة غير قانونية.

من العقوبات التبعية الهامة أيضًا سحب ترخيص مزاولة مهنة الصيد من المخالف، سواء كان ذلك بشكل مؤقت أو دائم، وقد يمتد الأمر إلى شطب اسم الصياد من سجلات الصيادين. هذه الإجراءات تضمن حرمان المخالفين من الاستفادة من أنشطتهم غير القانونية وتساهم في حماية الثروات الطبيعية على المدى الطويل.

سادسًا: طرق إضافية لمكافحة الصيد غير المشروع وتعزيز الحلول

التوعية المجتمعية

تعتبر التوعية المجتمعية حجر الزاوية في استراتيجية مكافحة الصيد غير المشروع، حيث أن زيادة الوعي بأهمية الثروة السمكية والبيئة البحرية ودورها في تحقيق التنمية المستدامة يمكن أن يقلل بشكل كبير من هذه الممارسات. يمكن تنظيم حملات توعية موجهة للصيادين، والمجتمعات الساحلية، والجمهور العام حول الآثار السلبية للصيد غير المشروع على البيئة والاقتصاد.

تشمل هذه الحملات نشر المعلومات حول القوانين واللوائح المنظمة للصيد، والتعريف بأنواع الأسماك المحمية، والمواسم المحددة للصيد. يمكن استخدام وسائل الإعلام المختلفة، مثل التلفزيون والإذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي، للوصول إلى أكبر شريحة من الجمهور.

كما يمكن تنظيم ورش عمل وندوات في المدارس والجامعات لتثقيف الأجيال الجديدة بأهمية الحفاظ على الموارد البحرية. تشجيع الصيادين على تبني ممارسات صيد مستدامة وتوفير الدعم لهم في التحول نحو هذه الممارسات يعزز من فاعلية جهود التوعية ويخلق بيئة بحرية أكثر صحة واستدامة.

دور التكنولوجيا في الرصد

توفر التكنولوجيا الحديثة حلولًا مبتكرة وفعالة لرصد ومكافحة الصيد غير المشروع. يمكن استخدام الأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار (الدرونز) لمراقبة المناطق البحرية الشاسعة وكشف الأنشطة المشبوهة. تتميز هذه التقنيات بقدرتها على تغطية مساحات واسعة وتوفير بيانات في الوقت الفعلي عن حركة السفن ومواقعها.

كما يمكن تطوير أنظمة مراقبة السفن (VMS) ونظام التعرف الآلي (AIS) لتتبع جميع سفن الصيد المرخصة، مما يسهل تحديد السفن التي لا تلتزم بالقواعد أو التي تغلق أنظمتها لتجنب الرصد. تساهم هذه الأنظمة في توفير أدلة قوية للجهات الرقابية وتساعد في تحديد هوية المخالفين.

يمكن أيضًا استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة لمعالجة المعلومات الواردة من مصادر المراقبة المختلفة، وتحديد الأنماط المشبوهة، والتنبؤ بالمواقع التي يحتمل أن تشهد أنشطة صيد غير مشروع. تساهم هذه الأدوات التكنولوجية في تعزيز قدرة سلطات الإنفاذ على الكشف عن الجرائم واتخاذ إجراءات وقائية واستباقية.

التعاون الدولي والإقليمي

بما أن المحيطات لا تعرف الحدود، فإن مكافحة الصيد غير المشروع تتطلب تعاونًا دوليًا وإقليميًا فعالًا. يمكن أن تسهم الاتفاقيات الدولية والمعاهدات في توحيد الجهود بين الدول الساحلية لتبادل المعلومات والخبرات والموارد لمكافحة هذه الظاهرة العابرة للحدود.

يشمل التعاون تبادل البيانات الاستخباراتية حول السفن المشبوهة وشبكات الصيد غير المشروع، وتنسيق الدوريات البحرية المشتركة. كما يمكن للدول أن تعمل معًا لتطوير وتطبيق لوائح ومعايير موحدة للصيد، مما يقلل من الثغرات التي يستغلها المخالفون.

المنظمات الإقليمية والدولية المتخصصة في مصايد الأسماك وحماية البيئة تلعب دورًا محوريًا في تسهيل هذا التعاون. من خلال العمل المشترك، يمكن للدول تعزيز قدرتها على تتبع وملاحقة المتورطين في الصيد غير المشروع، وتطبيق العقوبات بفاعلية أكبر، مما يسهم في حماية الموارد السمكية على نطاق أوسع.

تطوير التشريعات

تبقى عملية تطوير التشريعات وتحديثها ضرورية لمواكبة التحديات المتغيرة التي يفرضها الصيد غير المشروع. يجب مراجعة القوانين واللوائح القائمة بانتظام لضمان فعاليتها في مواجهة الأساليب الجديدة التي يبتكرها المخالفون. يمكن أن يشمل هذا التحديث زيادة العقوبات المفروضة لضمان تحقيق الردع الكافي.

كما يجب أن تضمن التشريعات توفير الأدوات القانونية اللازمة للجهات المختصة لتنفيذ مهامها بفعالية، بما في ذلك صلاحيات الضبط والتفتيش والمصادرة. تطوير آليات لمشاركة المعلومات بين الجهات المختلفة، وتوحيد الإجراءات القضائية، يمكن أن يعزز من سرعة وكفاءة التعامل مع قضايا الصيد غير المشروع.

تتضمن عملية التطوير أيضًا دمج أفضل الممارسات الدولية في القوانين المحلية، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مكافحة هذه الظاهرة. التشريعات الحديثة والمرنة التي تتكيف مع المستجدات توفر إطارًا قويًا لدعم جهود الإنفاذ والحفاظ على الثروة السمكية للأجيال القادمة.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock