الفرق بين القانون 175 وقانون حماية البيانات الشخصية
محتوى المقال
الفرق بين القانون 175 وقانون حماية البيانات الشخصية
فهم التشريعات المصرية لحماية البيانات والجرائم الإلكترونية
في عصر التحول الرقمي المتسارع، أصبحت حماية البيانات الشخصية ومكافحة الجرائم الإلكترونية من أهم التحديات التي تواجه الأفراد والشركات والحكومات على حد سواء. استجابة لذلك، أصدر المشرع المصري قانونين هامين يتعلقان بهذا الشأن، وهما القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، والقانون رقم 151 لسنة 2020 بشأن حماية البيانات الشخصية. وعلى الرغم من أن كلا القانونين يهدفان إلى تحقيق قدر من الأمان الرقمي، إلا أن لكل منهما نطاقه الخاص وأهدافه المحددة التي تميزه عن الآخر. يهدف هذا المقال إلى توضيح الفروقات الجوهرية بين هذين القانونين، وتقديم حلول عملية لفهمهما والامتثال لهما.
القانون رقم 175 لسنة 2018: قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات
أهدافه ونطاق تطبيقه
القانون رقم 175 لسنة 2018 هو تشريع يهدف بشكل أساسي إلى مكافحة الجرائم التي تُرتكب باستخدام تقنيات المعلومات أو ضدها. يشمل نطاق تطبيقه جميع أشكال الجرائم الإلكترونية التي تهدد الأمن القومي، الاقتصاد الوطني، حقوق الملكية الفكرية، أو حتى الأفراد. يركز القانون على الأفعال الإجرامية ذات الطابع التقني، مثل القرصنة، الاحتيال الإلكتروني، انتحال الشخصية عبر الإنترنت، وانتهاك حرمة الحياة الخاصة باستخدام التكنولوجيا. إنه يوفر إطارًا قانونيًا لمواجهة هذه التحديات المتزايدة في الفضاء السيبراني.
الجرائم التي يغطيها
يغطي هذا القانون مجموعة واسعة من الجرائم الإلكترونية، بدءًا من الدخول غير المصرح به إلى أنظمة معلومات أو شبكات حاسوبية وصولًا إلى إنشاء وإدارة المواقع الإلكترونية التي تروج لأفكار متطرفة. يتناول القانون أيضًا جرائم الاحتيال الإلكتروني، وسرقة البيانات، والتعدي على البرامج وقواعد البيانات، وكذلك الجرائم المتعلقة بإنشاء ونشر محتوى غير قانوني. يشمل ذلك أيضًا الجرائم التي تمس حرمة الحياة الخاصة للأفراد، مثل التصوير أو التسجيل ونشره دون موافقة. يقدم القانون تعريفات واضحة لهذه الجرائم ويحدد العقوبات المناسبة لكل منها.
العقوبات والإجراءات
يحدد القانون 175 عقوبات رادعة تتناسب مع خطورة الجرائم الإلكترونية التي يغطيها. تتراوح هذه العقوبات بين الغرامات المالية الكبيرة والسجن، وقد تصل إلى السجن المشدد في بعض الحالات الخطيرة. كما يمنح القانون سلطات واسعة لجهات إنفاذ القانون، مثل النيابة العامة وقطاع مكافحة جرائم تقنية المعلومات بوزارة الداخلية، لجمع الأدلة الرقمية، وتتبع المتهمين، والقيام بالتحقيقات اللازمة. يشمل ذلك صلاحيات ضبط الأجهزة والبرمجيات المستخدمة في ارتكاب الجريمة. تهدف هذه الإجراءات إلى ضمان سرعة وفعالية التعامل مع الجرائم ذات الطبيعة الرقمية.
القانون رقم 151 لسنة 2020: قانون حماية البيانات الشخصية
أهدافه ونطاق تطبيقه
على عكس القانون 175، يركز القانون رقم 151 لسنة 2020 بشكل أساسي على حماية البيانات الشخصية للأفراد وتنظيم عمليات جمعها، معالجتها، تخزينها، ومشاركتها. يهدف هذا القانون إلى ضمان حقوق الأفراد في خصوصية بياناتهم، ومنع إساءة استخدامها أو معالجتها دون موافقة أو لأغراض غير مشروعة. ينطبق القانون على أي كيان، سواء كان حكوميًا أو خاصًا، يقوم بمعالجة بيانات شخصية للأفراد داخل مصر. يعتبر هذا القانون نقلة نوعية في حماية الخصوصية الرقمية في البلاد.
الحقوق المكفولة للأفراد
يكفل قانون حماية البيانات الشخصية للأفراد مجموعة من الحقوق الأساسية المتعلقة ببياناتهم. تشمل هذه الحقوق الحق في معرفة البيانات التي يتم جمعها عنهم، والحق في الوصول إليها، وتصحيحها، أو محوها. كما يمنح الأفراد الحق في الاعتراض على معالجة بياناتهم لأغراض معينة، والحق في سحب الموافقة على معالجتها في أي وقت. يوفر القانون آليات للأفراد لتقديم الشكاوى في حال انتهاك حقوقهم، ويضمن أن تكون هناك جهة رقابية مستقلة للإشراف على تطبيق هذه الحقوق.
الالتزامات على الشركات والجهات
يفرض القانون 151 لسنة 2020 التزامات صارمة على الشركات والجهات التي تقوم بجمع أو معالجة البيانات الشخصية. تشمل هذه الالتزامات الحصول على موافقة صريحة من الأفراد قبل جمع بياناتهم، وتحديد الغرض من جمع البيانات بوضوح، واتخاذ التدابير الأمنية المناسبة لحماية هذه البيانات من الاختراق أو التسريب. كما يتطلب القانون تعيين مسؤول لحماية البيانات في بعض الحالات، وإبلاغ المركز بحدوث أي خرق للبيانات. هذه الالتزامات تهدف إلى تعزيز الشفافية والمسؤولية في معالجة البيانات الشخصية.
الفروقات الجوهرية بين القانونين
التركيز الأساسي
يكمن الفرق الجوهري بين القانونين في التركيز الأساسي لكل منهما. فالقانون 175 يركز على “مكافحة الجرائم” التي تستخدم التكنولوجيا أو تستهدفها، بمعنى أنه يتعامل مع الأفعال غير القانونية في الفضاء السيبراني. في المقابل، يركز القانون 151 على “حماية البيانات الشخصية” للأفراد وتنظيم كيفية تعامل الجهات مع هذه البيانات، حتى وإن لم يكن هناك فعل إجرامي مباشر. يمكن القول إن القانون 175 يتعامل مع الجانب الجنائي، بينما القانون 151 يتعامل مع الجانب المدني والتنظيمي للبيانات.
نطاق التطبيق والمستفيدون
يتسع نطاق تطبيق القانون 175 ليشمل أي شخص يرتكب جريمة إلكترونية، ويستفيد منه المجتمع ككل من خلال تحقيق الأمن السيبراني ومكافحة الجريمة. أما القانون 151 فينطبق على أي جهة تعالج بيانات شخصية، سواء كانت خاصة أو حكومية، ويستفيد منه بالدرجة الأولى الأفراد الذين تُعالج بياناتهم، حيث يضمن لهم حقوقًا واضحة في خصوصية معلوماتهم الشخصية والتحكم بها. إن القانون الأخير يهدف إلى تمكين الأفراد من حماية معلوماتهم الخاصة في العالم الرقمي المتزايد.
الجهات المنظمة والرقابية
تختلف الجهات المسؤولة عن إنفاذ كل قانون والإشراف عليه. فالقانون 175 تتولى مسؤولية تطبيقه جهات إنفاذ القانون التقليدية مثل النيابة العامة ووزارة الداخلية، إضافة إلى المحاكم المختصة بالجرائم الجنائية. أما القانون 151 فقد أنشأ “مركز حماية البيانات الشخصية” كجهة مستقلة تتولى مهمة الإشراف على تطبيق أحكامه، وتلقي الشكاوى، وتقديم الإرشادات، وفرض العقوبات الإدارية على الجهات المخالفة. هذا التمايز يعكس طبيعة كل قانون وأهدافه المختلفة.
حلول عملية وتوصيات
الامتثال للقانونين للأفراد والشركات
للامتثال للقانونين، يجب على الأفراد أن يكونوا واعين لحقوقهم بموجب قانون حماية البيانات الشخصية، وأن يبلغوا عن أي جرائم إلكترونية يقعون ضحية لها. أما الشركات، فيجب عليها أولاً مراجعة سياسات وإجراءات معالجة البيانات لديها لضمان توافقها مع قانون حماية البيانات الشخصية، بما في ذلك الحصول على الموافقة الصريحة وتطبيق تدابير أمنية قوية. كما يتوجب عليها تطبيق أفضل ممارسات الأمن السيبراني لحماية أنظمتها وشبكاتها من الاختراقات والجرائم التي يحددها القانون 175. الامتثال المزدوج يحمي الشركات والأفراد.
نصائح لحماية بياناتك وأمنك الرقمي
لحماية بياناتك الشخصية وتعزيز أمنك الرقمي، ينصح باتباع عدة خطوات عملية. أولاً، استخدم كلمات مرور قوية وفريدة لجميع حساباتك، وقم بتفعيل خاصية المصادقة الثنائية حيثما أمكن. ثانياً، كن حذرًا عند فتح الروابط أو الملفات المرفقة في رسائل البريد الإلكتروني المشبوهة. ثالثاً، قم بتحديث برامجك وأنظمتك التشغيلية بانتظام لضمان سد الثغرات الأمنية. رابعاً، راقب إعدادات الخصوصية في تطبيقاتك وخدماتك الرقمية. خامساً، تجنب مشاركة معلوماتك الشخصية الحساسة على المنصات غير الموثوقة. هذه الإجراءات تقلل من مخاطر الوقوع ضحية للجرائم الإلكترونية وانتهاك الخصوصية.
متى تستشير مختصًا قانونيًا
يجب عليك استشارة مختص قانوني في عدة حالات لضمان حقوقك وامتثالك للقوانين. إذا كنت تشتبه في تعرضك للاحتيال الإلكتروني أو أي من الجرائم المنصوص عليها في القانون 175، فإن الحصول على استشارة فورية أمر بالغ الأهمية. كذلك، إذا كنت شركة أو مؤسسة وتقوم بمعالجة كميات كبيرة من البيانات الشخصية، فمن الضروري استشارة محامٍ متخصص في حماية البيانات لمراجعة سياسات الخصوصية وضمان الامتثال للقانون 151 وتفادي المخاطر القانونية. الاستشارة القانونية تضمن فهمًا دقيقًا للمسؤوليات وتوفر الحماية اللازمة.