قانون العمل المصري: حقوق العامل وواجبات صاحب العمل
محتوى المقال
قانون العمل المصري: حقوق العامل وواجبات صاحب العمل
دليلك الشامل لفهم قانون العمل في مصر
يعد قانون العمل المصري الركيزة الأساسية التي تنظم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، ويضمن حقوق كل طرف وواجباته لضمان بيئة عمل عادلة ومنتجة. فهم هذا القانون ليس مجرد معرفة نظرية، بل هو ضرورة عملية لكل من العامل وصاحب العمل لتجنب النزاعات وحل المشكلات المحتملة بكفاءة. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل وعملي يستعرض أهم جوانب قانون العمل المصري، مع التركيز على الحلول المتاحة للمشكلات الشائعة التي قد تواجه الأطراف المعنية.
حقوق العامل في قانون العمل المصري
يكفل قانون العمل المصري مجموعة واسعة من الحقوق للعاملين، والتي تهدف إلى حمايتهم وضمان ظروف عمل كريمة. هذه الحقوق تشمل بنوداً أساسية تتعلق بالعقد، الأجر، ساعات العمل، والإجازات، إضافة إلى ضمانات اجتماعية وصحية. يجب على كل عامل الإلمام بهذه الحقوق لضمان حصوله عليها بالكامل، كما يتوجب على صاحب العمل الالتزام بها لتجنب المساءلة القانونية.
1. عقد العمل
يعد عقد العمل الوثيقة الأساسية التي تحدد طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل. يشترط القانون أن يكون العقد مكتوباً وواضحاً، وموضحاً فيه كافة تفاصيل العمل، مثل طبيعة الوظيفة، الأجر، مدة العقد، وشروط إنهائه. عدم وجود عقد مكتوب لا يلغي العلاقة العمالية، ولكنه قد يعقد إثبات الحقوق في حالة النزاع. يفضل دائماً إبرام عقد مكتوب يضمن حقوق الطرفين.
حلول عملية لضمان حقوق العقد:
-
التدقيق قبل التوقيع: تأكد من قراءة وفهم كل بنود العقد قبل التوقيع عليه. استشر مستشاراً قانونياً إذا كانت هناك بنود غير واضحة أو تبدو مجحفة. لا تتردد في طلب توضيح أو تعديل البنود.
-
الاحتفاظ بنسخة: يجب أن يحتفظ العامل بنسخة أصلية من عقد العمل الموقع. هذه النسخة تعد دليلاً قاطعاً على شروط عمله وحقوقه، وهي أساس أي إجراء قانوني قد يلجأ إليه لاحقاً.
-
إثبات العلاقة العمالية: في حال عدم وجود عقد مكتوب، يمكن إثبات العلاقة العمالية بكافة طرق الإثبات، مثل شهادات الرواتب، شهادات الشهود، المراسلات الإلكترونية، أو أي مستندات تدل على طبيعة العمل ومدة الاستمرارية. هذه الخطوة حيوية لاستعادة الحقوق.
2. الأجور والمستحقات
يجب أن يُدفع الأجر للعامل بانتظام وفي المواعيد المتفق عليها، ولا يجوز تأخيره لأكثر من سبعة أيام من تاريخ استحقاقه. يشمل الأجر كل ما يحصل عليه العامل مقابل عمله، بالإضافة إلى العلاوات والبدلات. يحدد القانون حداً أدنى للأجور، ولا يجوز لصاحب العمل دفع أجر يقل عن هذا الحد بأي حال من الأحوال. كما يحق للعامل الحصول على أجر عن ساعات العمل الإضافية، إن وجدت.
طرق التعامل مع تأخر أو عدم دفع الأجور:
-
التواصل المباشر: الخطوة الأولى هي محاولة التفاوض الودي مع صاحب العمل لمعرفة سبب التأخير وتحديد موعد للدفع. يفضل أن يكون هذا التواصل مكتوباً (بريد إلكتروني، رسالة) لتوثيق المحاولة.
-
الشكوى لمكتب العمل: إذا لم يتم التوصل لحل ودي، يحق للعامل تقديم شكوى لمكتب العمل التابع له محل عمله. يقوم المكتب بالتحقيق واستدعاء صاحب العمل لمحاولة التسوية، وفي كثير من الأحيان ينجح في استعادة الحقوق.
-
اللجوء إلى المحكمة: في حال فشل التسوية بمكتب العمل، يمكن للعامل رفع دعوى عمالية أمام المحكمة المختصة للمطالبة بالأجور المتأخرة والتعويضات المستحقة. هذه الدعاوى معفاة عادة من الرسوم القضائية.
3. ساعات العمل والإجازات
يحدد القانون ساعات العمل بحد أقصى 8 ساعات يومياً أو 48 ساعة أسبوعياً، مع وجود فترات راحة إلزامية. أي عمل يتجاوز هذه الساعات يعتبر عملاً إضافياً ويجب أن يُدفع مقابله بأجر إضافي. كما يحق للعامل الحصول على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، إجازات مرضية، وإجازات خاصة (مثل الزواج والوفاة) وفقاً للشروط المحددة.
حلول لمشكلات ساعات العمل والإجازات:
-
توثيق ساعات العمل: احتفظ بسجل دقيق لساعات عملك الفعلية، بما في ذلك أي ساعات عمل إضافية. هذا التوثيق سيكون دليلاً قوياً في حالة المطالبة بحقوقك.
-
طلب الإجازات كتابياً: قدم طلبات الإجازات السنوية أو المرضية كتابياً، واحتفظ بنسخة منها مع إثبات التسليم. هذا يضمن حقوقك في حالة رفض الإجازة دون مبرر قانوني.
-
الشكوى لمكتب العمل: إذا تم إجبارك على العمل لساعات إضافية دون أجر، أو تم رفض إجازاتك المستحقة بشكل غير قانوني، يمكنك تقديم شكوى لمكتب العمل للنظر في الأمر وتطبيق القانون.
4. التأمينات الاجتماعية والرعاية الصحية
يلزم قانون التأمينات الاجتماعية صاحب العمل بالتأمين على جميع العاملين لديه من اليوم الأول للعمل، وتغطية المخاطر المختلفة مثل الشيخوخة، العجز، الوفاة، إصابات العمل، والمرض. يشمل ذلك دفع الاشتراكات التأمينية المستحقة عن العامل. يضمن هذا الحق للعامل الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية، ويساهم في بناء مستقبل مستقر له ولأسرته بعد انتهاء فترة عمله.
خطوات لضمان حقوق التأمين الاجتماعي:
-
التحقق من التأمين: على العامل أن يتابع مع جهة عمله للتأكد من تسجيله في هيئة التأمينات الاجتماعية ودفع الاشتراكات بانتظام. يمكنه الاستعلام عن حالته التأمينية عبر موقع الهيئة أو بالتوجه إلى أقرب مكتب تأمينات.
-
الإبلاغ عن عدم التأمين: إذا اكتشف العامل أن صاحب العمل لم يؤمن عليه، يجب عليه أولاً محاولة حل المشكلة ودياً. إن لم ينجح، فعليه التوجه إلى مكتب التأمينات الاجتماعية لتقديم شكوى. الهيئة ستقوم بإجراء تحقيق وإلزام صاحب العمل بالتأمين ودفع المستحقات بأثر رجعي، مع توقيع الغرامات.
-
الاحتفاظ بالمستندات: احتفظ بأي مستندات تثبت تاريخ بدء عملك، مثل عقد العمل أو شهادات الرواتب، حيث ستكون ضرورية لإثبات مدة التأمين في حالة النزاع.
5. إنهاء علاقة العمل والفصل التعسفي
يجب أن يتم إنهاء علاقة العمل وفقاً لأحكام القانون، مع إخطار مسبق للعامل خلال مدة محددة، ودفع كافة مستحقاته عند نهاية الخدمة. يحظر القانون الفصل التعسفي، وهو الفصل دون مبرر مشروع أو دون اتباع الإجراءات القانونية. في حالة الفصل التعسفي، يحق للعامل المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به، بالإضافة إلى مستحقاته الأخرى.
حلول عملية لمواجهة الفصل التعسفي:
-
طلب سبب الفصل كتابياً: إذا تم فصلك، اطلب من صاحب العمل كتابة سبب الفصل. في حال رفض، قم بتوثيق واقعة الفصل كتابياً (بريد إلكتروني، رسالة نصية) مع شهود إن أمكن.
-
الشكوى لمكتب العمل: قدم شكوى فوراً لمكتب العمل المختص. سيحاول المكتب التوفيق بين الطرفين، وإذا فشلت التسوية، سيتم إحالة الأمر إلى المحكمة العمالية. غالبًا ما يتمكن مكتب العمل من إجبار صاحب العمل على دفع التعويضات أو إعادة العامل لعمله.
-
رفع دعوى قضائية: في المحكمة، يمكن للعامل المطالبة بإعادة تعيينه في العمل، أو الحصول على تعويض مالي عن الفصل التعسفي، بالإضافة إلى مستحقاته الأخرى مثل بدل الإجازات، مكافأة نهاية الخدمة، وأجور الإنذار. هذه العملية تتطلب إثبات التعسف في الفصل.
واجبات صاحب العمل وفق القانون
لا يقتصر قانون العمل على حماية حقوق العمال فحسب، بل يحدد أيضاً واجبات واضحة لأصحاب العمل لضمان بيئة عمل صحية ومنتجة. الالتزام بهذه الواجبات ليس فقط متطلباً قانونياً، بل هو استثمار في استقرار العمل وزيادة الإنتاجية. إهمال هذه الواجبات قد يعرض صاحب العمل للمساءلة القانونية والغرامات، وقد يؤثر سلباً على سمعة الشركة وعلاقاتها مع العاملين.
1. توفير بيئة عمل آمنة وصحية
يجب على صاحب العمل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية العمال من مخاطر العمل وتوفير بيئة عمل آمنة وصحية. يشمل ذلك توفير معدات الوقاية الشخصية، تدريب العمال على إجراءات السلامة، الصيانة الدورية للآلات، وتوفير الإسعافات الأولية والرعاية الطبية اللازمة في حالات الطوارئ. هذا الواجب يهدف إلى الحفاظ على سلامة العمال وصحتهم ورفاهيتهم.
خطوات عملية لضمان السلامة المهنية:
-
تقييم المخاطر: يجب على صاحب العمل إجراء تقييم دوري للمخاطر المحتملة في بيئة العمل وتحديد الإجراءات الوقائية اللازمة للحد منها أو إزالتها. يشمل ذلك مخاطر الآلات، المواد الكيميائية، أو حتى الإجهاد النفسي.
-
توفير معدات السلامة: التزام صاحب العمل بتوفير جميع معدات الوقاية الشخصية (PPE) مجاناً للعاملين، مثل الخوذات والنظارات والقفازات والأحذية الواقية، والتأكد من استخدامها وصلاحيتها.
-
التدريب والتوعية: توفير تدريب مستمر للعاملين على إجراءات السلامة والصحة المهنية، وكيفية التعامل مع الحوادث أو حالات الطوارئ. إقامة حملات توعية دورية بأهمية الالتزام بالتعليمات الوقائية.
2. دفع الأجور والالتزام بالعقود
من أهم واجبات صاحب العمل هو الالتزام بدفع الأجور المتفق عليها في عقد العمل، وفي المواعيد المحددة. يشمل ذلك الالتزام بدفع العلاوات والبدلات وساعات العمل الإضافية. كما يجب عليه الالتزام بكافة الشروط والبنود الواردة في عقد العمل الموقع مع العامل، وعدم مخالفتها دون اتفاق مسبق وموافق عليه من الطرفين.
إجراءات لضمان الالتزام بالأجور والعقود:
-
نظام دفع واضح: وضع نظام واضح ومنظم لدفع الرواتب والمستحقات، مع إصدار قسائم رواتب تفصيلية توضح جميع الاستقطاعات والإضافات. هذا يعزز الشفافية والثقة بين الطرفين.
-
مراجعة العقود بانتظام: مراجعة عقود العمل بشكل دوري للتأكد من مطابقتها لأحدث التعديلات في قانون العمل، وللتأكد من أن جميع البنود واضحة وعادلة لكلا الطرفين. التعديلات يجب أن تتم بموافقة العامل.
-
قنوات اتصال مفتوحة: توفير قنوات اتصال مفتوحة للعاملين للاستفسار عن مستحقاتهم أو بنود عقودهم، ومعالجة أي شكاوى تتعلق بالأجور أو العقود بشكل فوري وفعال.
3. احترام ساعات العمل والإجازات
يجب على صاحب العمل احترام الحدود القانونية لساعات العمل وعدم إجبار العمال على العمل لساعات تتجاوز الحد الأقصى المسموح به دون دفع الأجر الإضافي المستحق. كما يجب عليه منح العمال إجازاتهم المستحقة وفقاً للقانون واللوائح الداخلية للشركة، وعدم حرمانهم منها أو تأجيلها دون موافقتهم. الالتزام بهذه الواجبات يحمي العامل من الإرهاق ويضمن له حقه في الراحة.
آليات لضمان احترام ساعات العمل والإجازات:
-
أنظمة حضور وانصراف دقيقة: استخدام أنظمة دقيقة لتسجيل الحضور والانصراف وساعات العمل الفعلية، بما في ذلك ساعات العمل الإضافية، لضمان الشفافية وحساب الأجور بشكل صحيح.
-
سياسات واضحة للإجازات: وضع سياسة واضحة للإجازات (سنوية، مرضية، عارضة) يتم إبلاغها لجميع العاملين، مع تحديد إجراءات طلب الإجازة والموافقة عليها. يفضل أن يتم التخطيط للإجازات السنوية مسبقاً.
-
التدقيق والمتابعة: قيام إدارة الموارد البشرية أو الإدارة المعنية بالتدقيق والمتابعة المستمرة لساعات العمل والإجازات للتأكد من عدم وجود أي تجاوزات أو انتهاكات، ومعالجة أي مخالفات بشكل فوري.
4. عدم التمييز وتكافؤ الفرص
يلزم القانون صاحب العمل بعدم التمييز بين العمال على أساس الدين، الجنس، الأصل، اللون، اللغة، الإعاقة، أو أي عامل آخر غير متعلق بالكفاءة والخبرة. يجب أن يوفر صاحب العمل تكافؤ الفرص لجميع العاملين في التوظيف، التدريب، الترقيات، وظروف العمل. هذا الواجب يهدف إلى خلق بيئة عمل عادلة ومحترمة تعزز الإنصاف والمساواة للجميع.
طرق لتعزيز عدم التمييز وتكافؤ الفرص:
-
سياسات توظيف عادلة: تطبيق سياسات توظيف واضحة وموضوعية تركز على المؤهلات والخبرات فقط، مع تجنب أي أسئلة أو متطلبات قد تؤدي إلى التمييز غير المبرر. الإعلان عن الوظائف بطرق تصل إلى أوسع شريحة من المرشحين.
-
برامج تدريب وتطوير: توفير فرص تدريب وتطوير متساوية لجميع العاملين، بناءً على احتياجات العمل والأداء، وليس بناءً على أي معايير تمييزية. هذا يساعد على تنمية مهارات الجميع وفتح آفاق الترقي.
-
آلية للشكاوى: إنشاء آلية سرية وفعالة للعاملين لتقديم شكاوى التمييز أو التحرش، وضمان التحقيق فيها بجدية واتخاذ الإجراءات اللازمة لإنصاف المتضررين ومعاقبة المخالفين.
حلول لمشاكل شائعة في بيئة العمل
بالرغم من وضوح القوانين، قد تنشأ مشاكل في بيئة العمل تتطلب حلولاً عملية وخطوات دقيقة. يهدف هذا القسم إلى تقديم طرق متعددة لمعالجة بعض من أكثر المشاكل شيوعاً التي يواجهها العمال وأصحاب العمل في مصر، مع التركيز على الإجراءات القانونية والإدارية المتاحة لضمان تحقيق العدالة.
1. مشكلة الأجور المتأخرة أو غير المدفوعة
هذه المشكلة من أكثر الشكاوى شيوعاً، وتتطلب خطوات متسلسلة للتعامل معها بفعالية.
-
الطريقة الأولى: التواصل المباشر الموثق: قبل اتخاذ أي إجراء رسمي، حاول التواصل مع صاحب العمل أو الإدارة المالية كتابياً (عبر البريد الإلكتروني الرسمي أو رسالة موجهة) للاستفسار عن سبب التأخير وتحديد موعد للدفع. احتفظ بنسخة من هذه المراسلات كتفاصيل وإثبات لمحاولاتك الودية.
-
الطريقة الثانية: تقديم شكوى لمكتب العمل: إذا لم يفلح التواصل الودي، توجه إلى مكتب العمل التابع له المنشأة وقدم شكوى رسمية. سيتولى المكتب مهمة استدعاء صاحب العمل ومحاولة التسوية الودية، وفي حال فشلها، يتم إحالة الأمر إلى المحكمة العمالية. غالبًا ما يكون تدخل مكتب العمل كافياً لحل المشكلة بشكل سريع.
-
الطريقة الثالثة: رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العمالية: إذا فشلت جميع المحاولات السابقة، يحق للعامل رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العمالية للمطالبة بأجوره المتأخرة، بالإضافة إلى تعويض عن الأضرار. يمكن للعامل أن يطلب ضم الأجر المتبقي والعلاوات وبدل الفصل إن وجد. هذه الدعاوى معفاة من الرسوم القضائية لضمان حق العامل في التقاضي.
2. التعامل مع الفصل التعسفي
الفصل التعسفي هو إنهاء خدمة العامل دون مبرر مشروع أو دون اتباع الإجراءات القانونية، ويتطلب خطوات حاسمة لاستعادة الحقوق.
-
الطريقة الأولى: التسوية بمكتب العمل: فور تلقي قرار الفصل، توجه إلى مكتب العمل المختص وقدم شكوى ضد صاحب العمل. سيقوم المكتب باستدعاء الطرفين ومحاولة التوفيق بينهما. في كثير من الحالات، يمكن التوصل إلى تسوية تتضمن دفع تعويض مناسب للعامل دون اللجوء للمحكمة. هذه الطريقة أسرع وأقل تكلفة.
-
الطريقة الثانية: اللجوء إلى المحكمة العمالية: إذا فشلت التسوية الودية في مكتب العمل، أو إذا كان العامل يرغب في المطالبة بإعادة تعيينه، فيمكنه رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العمالية. ستنظر المحكمة في أدلة الفصل، وإذا ثبت تعسفه، ستحكم بتعويض العامل عن الأضرار التي لحقت به، والذي غالباً ما يكون بحد أدنى شهرين عن كل سنة خدمة بالإضافة إلى باقي مستحقات نهاية الخدمة.
3. قضايا بيئة العمل غير الآمنة
ضمان بيئة عمل آمنة وصحية هو واجب قانوني على صاحب العمل، ويمكن للعمال اتخاذ خطوات متعددة لضمان ذلك.
-
الطريقة الأولى: الإبلاغ للإدارة المسؤولة: قم بإبلاغ مشرفك المباشر أو إدارة السلامة والصحة المهنية أو إدارة الموارد البشرية عن أي مخاطر أو ظروف عمل غير آمنة كتابياً. احتفظ بنسخة من بلاغك. يجب على الإدارة اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشكلة.
-
الطريقة الثانية: الشكوى لوزارة القوى العاملة (إدارة السلامة والصحة المهنية): إذا لم تستجب الإدارة، أو إذا كانت المخاطر جسيمة، يمكنك تقديم شكوى مباشرة إلى إدارة السلامة والصحة المهنية بوزارة القوى العاملة. ستقوم الإدارة بإجراء تفتيش على المنشأة وتطبيق الجزاءات القانونية اللازمة على صاحب العمل في حال ثبوت المخالفات، وإلزامه بتصحيح الأوضاع.
آليات فض المنازعات العمالية
قد تنشأ نزاعات عمالية رغم وضوح القانون، وتتطلب هذه النزاعات آليات محددة لحلها بطرق عادلة وفعالة. يقدم قانون العمل المصري عدة مسارات لفض هذه المنازعات، بدءاً من الحلول الودية وصولاً إلى التقاضي، بهدف تحقيق العدالة واستعادة الحقوق.
1. التسوية الودية والتفاوض المباشر
تعتبر التسوية الودية هي الخيار الأول والأكثر تفضيلاً لحل النزاعات العمالية. يمكن للعمال وأصحاب العمل محاولة التفاوض المباشر للوصول إلى حل يرضي الطرفين. هذه الطريقة توفر الوقت والجهد وتجنب الدخول في إجراءات قضائية طويلة ومكلفة. تتطلب هذه العملية مرونة ورغبة في الحل من كلا الجانبين. يفضل أن يتم توثيق أي اتفاق يتم التوصل إليه كتابياً لضمان الالتزام به.
2. اللجوء إلى مكتب العمل
إذا فشلت المفاوضات المباشرة، يمكن لأي من الطرفين اللجوء إلى مكتب العمل التابع له محل النزاع. يقوم مفتش العمل بدور الوسيط والمحقق، حيث يستدعي الطرفين ويستمع إلى أقوالهما ويطلع على المستندات. يحاول مكتب العمل التوفيق بين الطرفين والوصول إلى حل ودي. إذا نجحت جهود التسوية، يتم تحرير محضر صلح بذلك يكون له قوة السند التنفيذي. إذا فشلت التسوية، يتم إحالة النزاع إلى المحكمة العمالية.
3. المحاكم العمالية
تمثل المحاكم العمالية الملاذ الأخير لفض النزاعات العمالية عندما تفشل جميع محاولات التسوية الأخرى. تختص هذه المحاكم بالنظر في جميع القضايا المتعلقة بقانون العمل، مثل المطالبة بالأجور، التعويض عن الفصل التعسفي، ومستحقات نهاية الخدمة. إجراءات التقاضي أمام المحاكم العمالية تتميز بالسرعة النسبيّة وغالباً ما تكون معفاة من الرسوم القضائية لتسهيل وصول العمال إلى حقوقهم.
نصائح إضافية لبيئة عمل مستقرة
لضمان استمرارية بيئة عمل صحية ومنتجة، يتوجب على جميع الأطراف تجاوز حدود الالتزام بالقانون والبحث عن سبل لتعزيز الثقة والتفاهم المتبادل. هذه النصائح الإضافية تقدم حلولاً منطقية وبسيطة تسهم في بناء علاقات عمل قوية ومستقرة، مما يقلل من فرص نشوب النزاعات.
1. أهمية التوعية القانونية
يجب على كل من العامل وصاحب العمل أن يكونا على دراية تامة بحقوقهما وواجباتهما القانونية. توفير جلسات توعية أو نشر كتيبات إرشادية حول قانون العمل يمكن أن يساعد في منع العديد من المشاكل قبل حدوثها. فالمعرفة القانونية تمكن الأطراف من اتخاذ قرارات مستنيرة وتجنب المخالفات القانونية، مما يخلق بيئة عمل أكثر وعياً والتزاماً.
2. دور النقابات العمالية
تلعب النقابات العمالية دوراً حيوياً في تمثيل العمال والدفاع عن حقوقهم. الانضمام إلى نقابة عمالية أو استشارتها يمكن أن يوفر للعامل دعماً قانونياً ومعنوياً في حالة وجود نزاع. كما يمكن للنقابات التفاوض مع أصحاب العمل نيابة عن مجموعة من العمال لتحسين ظروف العمل والمطالبة بحقوق جماعية، مما يعزز قوة العامل التفاوضية.
3. أهمية التوثيق والاحتفاظ بالمستندات
يجب على العامل وصاحب العمل الاحتفاظ بنسخ من جميع المستندات المتعلقة بعلاقة العمل، مثل عقد العمل، قسائم الرواتب، خطابات التعيين والفصل، طلبات الإجازات، وأي مراسلات رسمية. هذه المستندات تعد أدلة قوية وحاسمة في حالة نشوب أي نزاع، وتسهل على الجهات القضائية أو الإدارية الفصل في القضية بناءً على براهين مادية وموثوقة.
4. بناء ثقافة عمل إيجابية
تشجيع التواصل المفتوح، الاحترام المتبادل، والتقدير بين العمال والإدارة يساهم في بناء ثقافة عمل إيجابية. تقديم التغذية الراجعة البناءة، والاعتراف بالإنجازات، وتوفير فرص التطوير الوظيفي يمكن أن يعزز من ولاء العمال ورضاهم. عندما يشعر العامل بالتقدير والانتماء، تقل احتمالية نشوب النزاعات وتزيد الإنتاجية، مما يعود بالنفع على جميع الأطراف.