الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصريالمحكمة المدنية

دعوى استرداد الحيازة: الشروط والإجراءات

دعوى استرداد الحيازة: الشروط والإجراءات

فهم أركان وشروط استرداد الحيازة في القانون المدني المصري

تعد دعوى استرداد الحيازة من أهم الدعاوى القضائية في القانون المدني، وتهدف إلى حماية الحائز من أي اعتداء على حيازته، سواء كان هذا الاعتداء غصبًا أو قوة. هذه الدعوى توفر حلاً قانونيًا فعالاً للأفراد الذين فقدوا السيطرة الفعلية على ممتلكاتهم. سنتناول في هذا المقال كافة الجوانب المتعلقة بهذه الدعوى، بدءًا من تعريفها مروراً بشروط قبولها وإجراءات رفعها، وصولاً إلى كيفية إثباتها والطرق المتعددة التي يمكن اتباعها لاسترداد الحيازة، مع تقديم نصائح عملية تضمن سير الإجراءات القانونية بسلاسة وفاعلية.

مفهوم دعوى استرداد الحيازة وأهميتها

دعوى استرداد الحيازة: الشروط والإجراءاتدعوى استرداد الحيازة هي دعوى قضائية يرفعها الحائز للعقار الذي فقد حيازته بفعل الغصب أو الاعتداء، بهدف استعادة سيطرته الفعلية على العقار. هذه الدعوى لا تتعلق بإثبات الملكية، بل بحماية الوضع الظاهر المتمثل في الحيازة، ما يجعلها سريعة الإجراءات ومختلفة عن دعاوى الملكية.

أهميتها تكمن في كونها توفر حماية عاجلة للحائز، وتمنع الأفراد من أخذ الحقوق بقوتهم بدلاً من اللجوء إلى القضاء. إنها دعوى تهدف إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل الاعتداء على الحيازة، دون البحث في أساس الحق.

تعريف الحيازة وأنواعها

الحيازة هي السيطرة المادية أو الفعلية لشخص على شيء أو حق، مع نية الظهور بمظهر المالك أو صاحب الحق. هي حالة واقعية تمثل مظهر الحق وليست الحق ذاته. تنقسم الحيازة إلى حيازة مادية (السيطرة الفعلية على الشيء) وحيازة قانونية (النية في تملك الشيء أو الظهور كصاحب حق).

قد تكون الحيازة أصلية، أي للشخص الذي يحوز لحساب نفسه، أو عرضية، أي للشخص الذي يحوز لحساب الغير كالمستأجر أو الوديع. القانون يحمي كلا النوعين من الحيازة ضد الاعتداءات، وإن كانت شروط الحماية قد تختلف جزئياً بينهما.

الفرق بين دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض

دعوى استرداد الحيازة ودعوى منع التعرض هما من دعاوى الحيازة، لكن لكل منهما غرض وشروط مختلفة. دعوى استرداد الحيازة ترفع عندما يفقد الحائز حيازته بالكامل بسبب الغصب أو الاعتداء. الهدف منها هو استعادة الحيازة المفقودة فعلياً.

أما دعوى منع التعرض فترفع عندما يتعرض الحائز لعمل يهدد حيازته دون أن يفقدها بالكامل. الهدف منها هو وقف هذا التعرض ومنع تكراره، والحفاظ على الحيازة القائمة. كلا الدعويين لا تبحثان في أصل الحق.

الشروط الأساسية لقبول دعوى استرداد الحيازة

لقبول دعوى استرداد الحيازة، يجب توافر مجموعة من الشروط الأساسية التي حددها القانون، والتي تضمن أن الدعوى تستهدف حماية الحيازة الفعلية وليس النزاع حول الملكية. الالتزام بهذه الشروط ضروري لضمان سير الدعوى بشكل صحيح وقانوني.

شرط فقدان الحيازة فعلياً

الشرط الأول والأهم هو أن يكون المدعي قد فقد حيازته للعقار فعلياً. هذا يعني أن سيطرته المادية على العقار قد انتهت بالكامل. لا يكفي أن يكون هناك مجرد تهديد للحيازة أو إزعاج، بل يجب أن يكون الحائز قد أصبح خارج العقار وأن شخصاً آخر قد سيطر عليه.

يجب أن يثبت المدعي أن هذا الفقدان للحيازة حدث نتيجة لعمل مادي من قبل المدعى عليه، أدى إلى إخراجه من العقار بالكامل، سواء كان ذلك بالقوة أو بالتسلل أو بأي وسيلة أخرى أدت إلى انتهاء سيطرته.

شرط أن يكون فقدان الحيازة بقوة أو غصب

يجب أن يكون فقدان الحيازة قد تم بطريق الغصب أو الإكراه أو التسلل خفية دون علم الحائز. الغصب يعني الاستيلاء على الحيازة دون وجه حق، سواء كان ذلك بالقوة المادية أو بالتهديد أو بالخداع. لا يشترط أن تكون القوة ظاهرة، فقد يكون هناك استيلاء خفي.

لا تقبل الدعوى إذا كان فقدان الحيازة قد تم بإرادة الحائز نفسه، أو بناءً على حكم قضائي، أو إذا كان المدعى عليه قد حصل على الحيازة بناءً على سند قانوني صحيح ومعترف به في هذه المرحلة من الدعوى.

شرط مرور المدة القانونية لرفع الدعوى

يجب أن ترفع دعوى استرداد الحيازة خلال سنة واحدة من تاريخ فقدان الحيازة أو العلم بالغصب. هذه المدة هي مدة سقوط وليست مدة تقادم. إذا مرت هذه المدة دون رفع الدعوى، يسقط الحق في رفعها، ولا يمكن للمحكمة أن تنظر فيها حتى لو كانت الشروط الأخرى متوفرة.

تعتبر هذه المدة قصيرة مقارنة بالمدد القانونية الأخرى، مما يؤكد طبيعة دعوى الحيازة كدعوى مستعجلة تهدف إلى حماية الوضع الظاهر ومنع الفوضى. تبدأ مدة السنة من تاريخ وقوع الغصب أو علم المدعي به علماً يقيناً.

صفة رافع الدعوى والمدعى عليه

رافع الدعوى (المدعي) يجب أن يكون هو الحائز الأصلي للعقار الذي فقد حيازته. يشمل ذلك الحائز لنفسه أو الحائز لحساب الغير (كالمستأجر). أما المدعى عليه، فهو الشخص الذي قام بغصب الحيازة أو الذي أصبح حائزاً للعقار بعد الغصب، حتى لو كان يعتقد أن له حقاً في الحيازة.

يشترط أن يكون المدعى عليه هو المتسبب في فقدان الحيازة أو من في حوزته العقار المغتصب. يمكن أن يكون المدعى عليه شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً. يجب التأكد من صحة الصفة لكل من المدعي والمدعى عليه عند رفع الدعوى.

الإجراءات العملية لرفع دعوى استرداد الحيازة

يتطلب رفع دعوى استرداد الحيازة اتباع سلسلة من الإجراءات القانونية الدقيقة لضمان صحة الدعوى وقبولها أمام المحكمة. هذه الخطوات تبدأ بإعداد المستندات وتنتهي بتنفيذ الحكم القضائي، ويجب مراعاتها بعناية لتجنب أي عقبات إجرائية.

المستندات والأوراق المطلوبة

لرفع الدعوى، يجب تجميع كافة المستندات التي تثبت حيازة المدعي للعقار قبل الغصب، مثل عقود الإيجار، فواتير المرافق (كهرباء، مياه، غاز) باسم المدعي وعلى العقار محل النزاع، إيصالات دفع إيجار أو ضرائب عقارية، شهادات الشهود التي تؤكد حيازته الهادئة والمستقرة، صور من محضر الشرطة إن وجد.

كما يجب إرفاق بطاقة الرقم القومي للمدعي وتوكيل المحامي إن وجدت. كل هذه الأوراق تساعد في إثبات عنصر الحيازة الفعلي قبل الاعتداء عليها، وتدعم موقف المدعي أمام القضاء لإثبات أحقيته في استعادة الحيازة.

خطوات تقديم صحيفة الدعوى

بعد تجميع المستندات، يقوم المحامي بصياغة صحيفة الدعوى. يجب أن تتضمن الصحيفة بيانات المدعي والمدعى عليه، وصفاً دقيقاً للعقار محل النزاع، تاريخ وكيفية فقدان الحيازة (تاريخ الغصب)، والطلبات التي يتقدم بها المدعي، وهي أساساً استرداد الحيازة.

تقدم صحيفة الدعوى إلى قلم كتاب المحكمة المختصة (محكمة المدنية الجزئية أو الابتدائية حسب قيمة العقار أو طبيعة النزاع). يتم قيد الدعوى ودفع الرسوم القضائية المقررة، ثم يتم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى لبدء إجراءات التقاضي الرسمية.

دور المحكمة في تحقيق الحيازة

المحكمة في دعاوى الحيازة لا تبحث في أصل الملكية أو الحق، بل تقتصر مهمتها على تحقيق واقع الحيازة. تتحقق المحكمة من أن المدعي كان حائزاً للعقار قبل تاريخ الغصب، وأن هذا الغصب قد حدث بالفعل، وأن الدعوى قد رفعت خلال المدة القانونية.

قد تلجأ المحكمة إلى إجراء معاينة للعقار أو سماع شهود لإثبات واقعة الحيازة وفقدانها. الهدف هو التأكد من أن هناك حيازة سابقة للمدعي وأنها قد فقدت بفعل الغصب أو الاعتداء من قبل المدعى عليه، دون الخوض في نزاعات الملكية.

طرق إثبات الحيازة وفقدانها

إثبات الحيازة وفقدانها هو جوهر دعوى استرداد الحيازة. يجب على المدعي تقديم أدلة قوية ومقنعة للمحكمة تؤكد سيطرته السابقة على العقار وكيفية فقدانه لهذه السيطرة. هناك عدة طرق يمكن استخدامها لهذا الغرض.

الإثبات بالشهود والمعاينة

يعتبر شهادة الشهود من أقوى وسائل إثبات الحيازة. يمكن للمدعي أن يقدم شهوداً من الجيران أو أي أشخاص مطلعين يشهدون على استقراره وحيازته الهادئة للعقار قبل تاريخ الغصب. يجب أن تكون شهاداتهم واضحة ومحددة وتدعم ادعاء المدعي.

المعاينة القضائية هي وسيلة أخرى فعالة. يمكن للمحكمة أن تنتقل إلى موقع العقار لمعاينته على الطبيعة والوقوف على الوضع الراهن، وقد يساعد ذلك في الكشف عن دلائل مادية تدعم ادعاءات الطرفين. يطلب الخبير الذي تكلفه المحكمة بالمعاينة لإعداد تقرير مفصل.

الإثبات بالمستندات الرسمية

المستندات الرسمية تلعب دوراً حاسماً في إثبات الحيازة. تشمل هذه المستندات عقود الإيجار، فواتير المرافق العامة التي تصدر باسم الحائز وعلى عنوان العقار، إيصالات دفع الإيجار، أو أي مستندات أخرى تثبت قيام الحائز بأعمال إدارية أو استغلالية للعقار.

كذلك، يمكن أن تكون محاضر الشرطة التي حررت وقت الغصب أو المحاولات السابقة لاسترداد الحيازة أدلة دامغة. يجب أن تكون هذه المستندات حديثة ومرتبطة بالفترة الزمنية التي يدعي فيها المدعي حيازته للعقار قبل الاعتداء.

القرائن القضائية

القرائن القضائية هي استنتاجات يستخلصها القاضي من وقائع ثابتة في الدعوى، للدلالة على واقعة أخرى غير ثابتة بشكل مباشر. في دعاوى الحيازة، قد يستخلص القاضي قرائن على الحيازة من وجود أثاث أو ممتلكات شخصية للمدعي داخل العقار، أو من شهادة الجيران بوجود المدعي بشكل منتظم.

كما يمكن للقاضي أن يستخلص قرائن على الغصب من وجود آثار دخول قسري، أو من تغيير الأقفال، أو من عدم قدرة المدعى عليه على تقديم سند قانوني يبرر حيازته للعقار. هذه القرائن تعزز الأدلة المباشرة وتساعد في تكوين قناعة المحكمة.

نصائح وإرشادات قانونية إضافية

لضمان نجاح دعوى استرداد الحيازة وتحقيق الهدف منها، هناك بعض النصائح والإرشادات القانونية التي يجب أخذها في الاعتبار. هذه الإرشادات تساعد في فهم أبعاد القضية وتفادي الأخطاء الشائعة.

أهمية الاستشارة القانونية المتخصصة

بالنظر إلى دقة الإجراءات والشروط القانونية لدعوى استرداد الحيازة، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص في القانون المدني ودعاوى الحيازة أمر بالغ الأهمية. المحامي يمكنه تقييم موقفك القانوني، وتحديد الوثائق المطلوبة، وصياغة صحيفة الدعوى بشكل صحيح، وتمثيلك أمام المحكمة.

كما أن المحامي سيقدم لك المشورة بشأن أفضل السبل لإثبات حيازتك وفقدانها، وسيتابع الإجراءات القانونية، مما يزيد من فرص نجاح الدعوى وتقليل الوقت والجهد المبذولين من جانبك. لا تتردد في طلب المشورة القانونية قبل اتخاذ أي خطوات.

التمييز بين دعاوى الحيازة ودعاوى الملكية

من الضروري فهم أن دعوى استرداد الحيازة هي دعوى حيازة بحتة، لا تتعلق بإثبات الملكية. المحكمة في هذه الدعوى لا تبحث في سند ملكية أي من الطرفين. حتى لو كان المدعى عليه يدعي أنه المالك الحقيقي للعقار، فإن ذلك لا يمنع المحكمة من الحكم باسترداد الحيازة للمدعي إذا توافرت شروط الدعوى.

إذا كان هناك نزاع حول الملكية، فيجب رفع دعوى ملكية مستقلة لذلك الغرض، والتي تخضع لشروط وإجراءات مختلفة. الخلط بين الدعويين قد يؤدي إلى رفض دعوى استرداد الحيازة أو تأخير الفصل فيها.

تنفيذ الحكم القضائي في دعوى استرداد الحيازة

بعد صدور حكم قضائي باسترداد الحيازة لصالح المدعي، يصبح هذا الحكم واجباً النفاذ. يتم تنفيذ الحكم بواسطة إدارة التنفيذ بالمحكمة. يقوم المحضر القضائي بالتوجه إلى العقار محل النزاع، ومعه قوة التنفيذ إذا لزم الأمر، ويعيد الحيازة إلى المدعي فعلياً.

يجب على المدعي متابعة إجراءات التنفيذ لضمان استعادة حيازته بالكامل ودون عوائق. في بعض الحالات، قد يحتاج الأمر إلى اتخاذ تدابير إضافية لضمان عدم تعرض الحيازة للغصب مرة أخرى، مثل طلب أمر بحراسة العقار مؤقتاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock