الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالقانون المصريالقضايا العماليةقانون العمل

أحكام فسخ عقد العمل بسبب الغياب المتكرر

أحكام فسخ عقد العمل بسبب الغياب المتكرر

دليلك القانوني والعملي لإنهاء علاقة العمل بسبب الانقطاع وفقًا للقانون المصري

يعتبر الغياب المتكرر للعامل عن عمله بدون سبب مشروع من أبرز المشكلات التي تواجه أصحاب الأعمال، وقد يمثل سببًا قانونيًا لإنهاء علاقة العمل. لكن هذا الإجراء محاط بسياج من الضوابط والشروط التي نص عليها قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003، لحماية حقوق كل من العامل وصاحب العمل. يهدف هذا المقال إلى تقديم خطوات عملية دقيقة ومنظمة لكيفية التعامل مع حالات الغياب المتكرر، وصولًا إلى قرار فسخ العقد بشكل قانوني سليم يجنبك المساءلة.

الشروط القانونية لفسخ عقد العمل بسبب الغياب

التفرقة بين الغياب المتصل والغياب المتقطع

أحكام فسخ عقد العمل بسبب الغياب المتكررحدد المشرع المصري في المادة 69 من قانون العمل حالتين واضحتين يمكن فيهما لصاحب العمل إنهاء العقد بسبب الغياب. الحالة الأولى هي إذا تغيب العامل بدون مبرر مشروع أكثر من عشرة أيام متتالية. أما الحالة الثانية، فهي إذا تغيب العامل أكثر من عشرين يومًا متقطعة خلال السنة الواحدة. من الضروري فهم هذا التمييز، حيث تختلف الإجراءات المتبعة في كل حالة، خاصة فيما يتعلق بتوقيت إرسال الإنذار القانوني للعامل المنقطع عن العمل، والذي يعد شرطًا أساسيًا لصحة قرار الفصل.

شرط الإنذار الكتابي المسبق

لا يجوز لصاحب العمل فصل العامل بمجرد تحقق مدة الغياب المنصوص عليها قانونًا. فقد أوجب القانون على صاحب العمل توجيه إنذار كتابي للعامل قبل اتخاذ قرار الفصل. يجب إرسال هذا الإنذار بخطاب موصى عليه بعلم الوصول على عنوان العامل المثبت في ملف خدمته. يتم إرسال الإنذار بعد غياب العامل خمسة أيام في حالة الغياب المتصل، وبعد غيابه عشرة أيام في حالة الغياب المتقطع. هذا الإجراء يمنح العامل فرصة لتبرير غيابه ويعتبر ركنًا جوهريًا لا يصح قرار الفصل بدونه.

عبء إثبات الغياب غير المشروع

يقع على عاتق صاحب العمل مسؤولية إثبات أن غياب العامل كان بدون عذر مقبول أو سبب مشروع. ولتحقيق ذلك، يجب على المنشأة الاحتفاظ بسجلات حضور وانصراف دقيقة ومنتظمة، سواء كانت إلكترونية أو ورقية. هذه السجلات هي الدليل الأساسي الذي يمكن تقديمه لإثبات واقعة الغياب. في حال قدم العامل ما يفيد بوجود عذر قهري لغيابه، مثل شهادة مرضية معتمدة، ينتفي السبب المشروع للفصل، ويجب على صاحب العمل دراسة العذر المقدم قبل اتخاذ أي إجراء.

الإجراءات العملية لإنهاء الخدمة بسبب الانقطاع

الخطوة الأولى: التوثيق الدقيق للغياب

تبدأ الإجراءات الصحيحة بالتوثيق المنظم والدقيق لأيام غياب العامل. يجب على قسم الموارد البشرية أو المسؤول المباشر تسجيل كل يوم غياب في سجل الحضور والانصراف الرسمي للمنشأة. هذا السجل هو حجر الزاوية في أي نزاع قانوني مستقبلي، حيث يمثل الدليل المادي على انقطاع العامل. يجب أن تكون السجلات واضحة، ومؤرخة، وخالية من أي تعديل أو شطب قد يثير الشك في صحتها. التوثيق السليم هو خط الدفاع الأول لصاحب العمل.

الخطوة الثانية: إرسال الإنذار القانوني

بمجرد اكتمال النصاب القانوني لأيام الغياب التي تستدعي الإنذار (5 أيام متصلة أو 10 متقطعة)، يجب على صاحب العمل فورًا صياغة إنذار بالفصل. يجب أن يتضمن الإنذار اسم العامل، ووظيفته، والإشارة إلى أيام الغياب تحديدًا، مع مطالبته بالعودة إلى العمل وتقديم مبرر للغياب. الأهم من ذلك هو طريقة إرسال الإنذار، حيث يشترط القانون أن يكون بخطاب مسجل بعلم الوصول على عنوان العامل المسجل بالشركة. الاحتفاظ بإيصال البريد وإشعار الاستلام أمر بالغ الأهمية.

الخطوة الثالثة: انتظار الرد واتخاذ القرار

بعد إرسال الإنذار، يجب على صاحب العمل انتظار انقضاء المدة القانونية الكاملة للغياب (10 أيام متصلة أو 20 يومًا متقطعة). خلال هذه الفترة، قد يعود العامل لعمله ويقدم مبرراته، وهنا يجب على الشركة دراسة هذه المبررات. إذا لم يعد العامل أو لم يقدم عذرًا مقبولًا بعد استيفاء مدة الغياب كاملة، يصبح لصاحب العمل الحق في إصدار قرار الفصل. يجب أن يكون قرار الفصل مسببًا، أي يذكر فيه أن سبب الإنهاء هو الغياب وفقًا لنص المادة 69 من قانون العمل.

الخطوة الرابعة: إخطار الجهات المعنية

بعد صدور قرار الفصل النهائي، يجب على صاحب العمل إخطار الجهات الحكومية المعنية. يتضمن ذلك إخطار مكتب التأمينات الاجتماعية التابع له العامل لوقف الاشتراك التأميني، وكذلك إخطار مكتب العمل المختص بقرار إنهاء خدمة العامل وسببه. هذه الخطوة تضمن إتمام الإجراءات بشكل رسمي وقانوني، وتبرئ ذمة المنشأة من أي التزامات مستقبلية تجاه العامل المفصول بسبب الانقطاع عن العمل.

حقوق والتزامات طرفي العقد

حقوق صاحب العمل

لصاحب العمل الحق الأصيل في الحفاظ على الانضباط واستمرارية العمل داخل منشأته. غياب العامل بدون مبرر يؤثر سلبًا على الإنتاجية ويعطل سير العمل. لذلك، منحه القانون الحق في إنهاء علاقة العمل كحل أخير عند استنفاد كافة السبل. يشمل حقه اتخاذ الإجراءات التأديبية المتدرجة، وتطبيق نصوص القانون المتعلقة بالفصل بسبب الغياب، شريطة الالتزام التام بالإجراءات الشكلية والموضوعية التي نص عليها القانون لضمان عدم التعسف في استخدام هذا الحق.

حقوق العامل المفصول

حتى في حالة الفصل بسبب الغياب، يحتفظ العامل ببعض الحقوق. أهم هذه الحقوق هو حقه في الطعن على قرار الفصل أمام المحكمة العمالية المختصة إذا رأى أن الفصل كان تعسفيًا أو أن صاحب العمل لم يتبع الإجراءات القانونية السليمة، كعدم إرسال الإنذار. إذا حكمت المحكمة ببطلان قرار الفصل، قد تقضي بعودة العامل لعمله أو بتعويضه. أما بالنسبة لمستحقات نهاية الخدمة، فغالبًا ما يسقط حق العامل فيها عند الفصل بسبب خطأ جسيم كالغياب غير المبرر.

دور اللائحة الداخلية للمنشأة

تلعب لائحة تنظيم العمل والجزاءات المعتمدة داخل المنشأة دورًا هامًا في تنظيم مسألة الغياب. يمكن للائحة أن تتضمن إجراءات أكثر تفصيلًا للتعامل مع حالات الغياب، مثل تحديد المسؤول عن متابعة الحضور، ووضع نظام للتواصل مع العامل المتغيب. بشرط ألا تتعارض نصوص اللائحة مع أحكام قانون العمل أو تنتقص من حقوق العامل التي كفلها القانون. اللائحة الواضحة تساعد في توحيد الإجراءات وتكون مرجعًا لكل من الإدارة والموظفين.

حلول بديلة ونصائح لتجنب الوصول لمرحلة الفصل

سياسة واضحة للغياب والإجازات

أفضل طريقة للتعامل مع مشكلة الغياب هي الوقاية منها. يجب على كل منشأة وضع سياسة واضحة ومعلنة للحضور والانصراف والإجازات، يتم تعريف جميع الموظفين بها عند التعيين. يجب أن توضح السياسة إجراءات الإبلاغ عن الغياب المرضي أو الطارئ، والجهة المسؤولة عن استقبال هذه البلاغات. الوضوح والشفافية في هذه السياسات يقللان من حالات سوء الفهم ويجعلان الموظفين أكثر التزامًا، مما يحد من الغياب غير المبرر.

التواصل الفعال مع الموظف

قبل الشروع في الإجراءات القانونية الرسمية، قد يكون من المفيد محاولة التواصل المباشر مع الموظف المتغيب لفهم أسباب انقطاعه. قد يمر الموظف بظروف شخصية أو صحية قاهرة تمنعه من الحضور أو حتى التواصل. مبادرة من قسم الموارد البشرية أو المدير المباشر بالسؤال عن الموظف قد تساهم في حل المشكلة وديًا، أو على الأقل توضح الصورة للإدارة قبل اتخاذ قرار قد يكون متسرعًا. هذا النهج يعزز من بيئة العمل الإيجابية.

النظر في خيارات مرنة

في بعض الحالات، قد يكون فصل الموظف خسارة للمنشأة، خاصة إذا كان من أصحاب الكفاءات. يمكن للإدارة النظر في حلول بديلة أكثر مرونة بدلًا من الفصل مباشرة. من هذه الحلول منح الموظف إجازة بدون أجر لفترة محددة إذا كان يمر بظرف استثنائي، أو الاتفاق على تعديل مؤقت في ظروف العمل. هذه الحلول قد تحافظ على الموظف وتظهر دعم المنشأة له، مما يعزز ولائه بعد تجاوز أزمته، وهو ما يصب في مصلحة العمل على المدى الطويل.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock