إجراءات الحجز على الحساب البنكي
محتوى المقال
إجراءات الحجز على الحساب البنكي
دليلك الكامل لفهم الحجز التحفظي والتنفيذي على الأموال في البنوك وفقًا للقانون المصري
يعتبر الحجز على الحساب البنكي أحد أهم الإجراءات القانونية التي تضمن للدائن استيفاء حقه من المدين. وهو إجراء دقيق يتطلب اتباع خطوات محددة لضمان صحته ونفاذه. قد يبدو الأمر معقدًا، ولكنه وسيلة فعالة لحماية الحقوق المالية ومنع المدين من تهريب أمواله. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل كافة الجوانب المتعلقة بإجراءات الحجز على الأرصدة البنكية، ونقدم حلولًا عملية وخطوات واضحة تمكنك من فهم كيفية سير هذه العملية بالكامل.
ما هو الحجز على الحساب البنكي؟
تعريف الحجز البنكي وأهدافه
الحجز على الحساب البنكي هو إجراء قانوني يتم بموجبه منع المدين من التصرف في أمواله المودعة لدى أحد البنوك، وذلك بناءً على أمر قضائي صادر لصالح الدائن. الهدف الأساسي من هذا الإجراء هو ضمان قدرة الدائن على تحصيل دينه، حيث يتم تجميد رصيد المدين أو جزء منه بقيمة الدين المستحق. يعمل هذا الإجراء كضمانة قوية للدائن، ويجبر المدين على الوفاء بالتزاماته المالية لتجنب استمرار تجميد أمواله أو تحويلها في النهاية لصالح الدائن لتسوية الدين.
الفرق بين الحجز التحفظي والحجز التنفيذي
ينقسم الحجز على الحسابات البنكية إلى نوعين رئيسيين. الأول هو الحجز التحفظي، وهو إجراء مؤقت ووقائي يتم اتخاذه غالبًا قبل صدور حكم نهائي في الدعوى. الهدف منه هو منع المدين من سحب أمواله أو إخفائها أثناء نظر القضية، مما يضمن وجود رصيد كافٍ للتنفيذ عليه عند صدور الحكم. أما النوع الثاني فهو الحجز التنفيذي، وهو الإجراء النهائي الذي يتم بعد الحصول على حكم قضائي نهائي أو سند تنفيذي. وبموجبه، لا يتم تجميد الأموال فقط، بل يتم تحويلها فعليًا من حساب المدين إلى الدائن لسداد الدين.
الخطوات العملية لتنفيذ الحجز على حساب بنكي
الخطوة الأولى: الحصول على سند تنفيذي
قبل البدء في أي إجراء للحجز، يجب أن يكون بيد الدائن مستند قانوني يثبت حقه بشكل قاطع. يُعرف هذا المستند باسم “السند التنفيذي”. أشهر صور السند التنفيذي هو الحكم القضائي النهائي والواجب النفاذ. يمكن أيضًا أن يكون السند التنفيذي عبارة عن أمر أداء، أو عقد رسمي موثق، أو شيك بنكي مرفوض. بدون هذا السند، لا يمكن للمحكمة أن تأمر بالحجز على أموال المدين، فهو الأساس القانوني الذي تبنى عليه كافة الإجراءات اللاحقة ويعطي للدائن الحق في مطالبة المدين بالدين بشكل رسمي.
الخطوة الثانية: استصدار أمر الحجز
بعد الحصول على السند التنفيذي، يتوجه الدائن أو وكيله القانوني إلى قاضي التنفيذ المختص لتقديم طلب بتوقيع الحجز على حسابات المدين البنكية. يتم تقديم الطلب مرفقًا به الصيغة التنفيذية للحكم أو السند التنفيذي وأية مستندات أخرى تدعم الطلب. يقوم القاضي بمراجعة الطلب والمستندات للتأكد من استيفاء الشروط القانونية، وفي حال الموافقة، يصدر أمرًا رسميًا موجهًا إلى البنك المركزي المصري أو إلى بنك محدد لتوقيع الحجز على حسابات المدين بما يعادل قيمة الدين والمصروفات.
الخطوة الثالثة: إعلان البنك بالحجز
بمجرد صدور أمر الحجز من القاضي، يتم تسليم أصل الأمر إلى قلم المحضرين لتنفيذه. يقوم المحضر بالانتقال إلى البنك المعني أو البنك المركزي المصري لتسليمهم صورة رسمية من أمر الحجز. يعتبر هذا الإعلان إجراءً جوهريًا، حيث يصبح البنك من لحظة استلامه للأمر ملزمًا قانونيًا بتجميد أي أموال في حساب المدين حتى حدود المبلغ المذكور في أمر الحجز. أي تصرف من البنك يسمح للمدين بسحب هذه الأموال بعد الإعلان يعرض البنك للمسؤولية القانونية.
الخطوة الرابعة: تقرير البنك بما في الذمة
بعد أن يتم إعلان البنك بأمر الحجز، يلتزم البنك قانونًا بتقديم تقرير مفصل إلى المحكمة خلال مدة محددة قانونًا. يوضح هذا التقرير، المعروف بـ”تقرير بما في الذمة”، ما إذا كان للمدين حسابات لديه أم لا، وقيمة الأرصدة الموجودة في هذه الحسابات وقت توقيع الحجز. إذا كان الرصيد كافيًا لتغطية الدين، يتم حجزه بالكامل. أما إذا كان الرصيد أقل من قيمة الدين، فيتم حجز المبلغ المتاح بالكامل. هذا التقرير أساسي لتحديد الخطوات التالية في عملية صرف المبلغ للدائن.
الخطوة الخامسة: صرف المبلغ للدائن
بعد تقديم البنك لتقريره، واستيفاء كافة الإجراءات القانونية الأخرى مثل إعلان المدين بالحجز، يمكن للدائن التقدم بطلب إلى قاضي التنفيذ لصرف المبلغ المحجوز. يقوم القاضي بمراجعة الملف والتأكد من صحة جميع الإجراءات، ثم يصدر أمرًا للبنك بصرف المبلغ المحجوز للدائن أو إيداعه في خزينة المحكمة تمهيدًا لتسليمه. بهذه الخطوة، تكتمل عملية الحجز التنفيذي ويحصل الدائن على حقوقه المالية التي أقرها له السند التنفيذي.
حلول وبدائل: ماذا لو كان الحساب لا يحتوي على رصيد كافٍ؟
الحجز على ممتلكات أخرى
في حال تبين من تقرير البنك أن حساب المدين لا يحتوي على رصيد أو أن الرصيد الموجود غير كافٍ لسداد كامل الدين، لا تنتهي حقوق الدائن عند هذا الحد. يتيح القانون للدائن مواصلة إجراءات التنفيذ على أصول أخرى يمتلكها المدين. يمكن للدائن أن يطلب من المحكمة توقيع الحجز على ممتلكات أخرى مثل العقارات، السيارات، الأسهم في الشركات، أو أي منقولات أخرى ذات قيمة. يتطلب كل نوع من هذه الحجوزات إجراءات خاصة به، ولكنه يمثل طريقًا بديلًا وفعالًا لاستيفاء الدين بالكامل.
الحجز على الأرصدة المستقبلية
أحد الحلول العملية في حالة عدم وجود رصيد كافٍ هو استمرارية أمر الحجز. يمكن أن يظل أمر الحجز ساريًا على الحساب البنكي، بحيث يتم حجز أي أموال مستقبلية يتم إيداعها في حساب المدين تلقائيًا فور دخولها. هذا الإجراء يضمن أنه بمجرد توفر سيولة مالية لدى المدين في هذا الحساب، سيتم اقتطاعها لصالح الدائن حتى يتم سداد كامل مبلغ الدين. تعتبر هذه الطريقة فعالة بشكل خاص عند التعامل مع مدين يتلقى دفعات أو رواتب بشكل دوري في نفس الحساب البنكي.
التفاوض والتسوية الودية
حتى بعد بدء الإجراءات القانونية وتوقيع الحجز، يظل باب التفاوض مفتوحًا كحل بديل. قد يدفع إجراء الحجز المدين إلى السعي للوصول إلى تسوية ودية مع الدائن لتجنب المزيد من التعقيدات القانونية ورفع الحجز عن حساباته. يمكن للطرفين الاتفاق على جدول زمني لسداد الدين على أقساط، أو التنازل عن جزء من المصاريف القضائية مقابل السداد الفوري. تعد التسوية الودية حلاً سريعًا وعمليًا يوفر الوقت والجهد لكلا الطرفين ويحقق الهدف النهائي وهو سداد الدين.
أمور هامة يجب الانتباه إليها
حدود الحجز على الراتب
وضع القانون المصري قيودًا على الحجز على الرواتب والمعاشات لضمان حماية الحد الأدنى اللازم للمعيشة للمدين وأسرته. لا يجوز الحجز على كامل الراتب أو المعاش المودع في البنك، بل يتم الحجز على نسبة محددة منه فقط. تختلف هذه النسبة وفقًا لطبيعة الدين، لكنها تضمن دائمًا ترك جزء من الراتب للمدين لتلبية احتياجاته الأساسية. من الضروري للدائن والمدين معرفة هذه الحدود القانونية لتجنب أي إجراءات باطلة وضمان سير عملية الحجز وفقًا لأحكام القانون.
الحسابات المشتركة
تثير الحسابات البنكية المشتركة بعض التعقيدات عند تنفيذ الحجز. من حيث المبدأ، لا يجوز الحجز إلا على حصة المدين فقط في الحساب المشترك. غالبًا ما يفترض القانون أن الملكية في الحساب المشترك مقسمة بالتساوي بين أصحابه ما لم يثبت عكس ذلك. إذا أراد الشريك الآخر في الحساب إثبات أن حصته أكبر، فعليه تقديم الأدلة للمحكمة. قد يتطلب الأمر رفع دعوى مستقلة تسمى “دعوى استرداد” من قبل الشريك غير المدين لإخراج أمواله من نطاق الحجز.
طرق رفع الحجز
يمكن للمدين الذي تم الحجز على حسابه أن يسعى لرفع هذا الحجز بعدة طرق. الطريقة الأكثر شيوعًا ومباشرة هي سداد الدين بالكامل للدائن، والذي بدوره يتنازل عن الحجز أمام المحكمة. يمكن أيضًا رفع الحجز من خلال التوصل إلى تسوية مع الدائن يوافق بموجبها على رفع الحجز مقابل ترتيبات سداد جديدة. أخيرًا، يمكن للمدين رفع الحجز عن طريق الطعن في الحكم أو السند التنفيذي الذي تم بموجبه الحجز، وإذا نجح في إلغائه، يتم رفع الحجز تلقائيًا.