الإجراءات القانونيةالدعاوى المدنيةالقانون المدنيالقانون المصريالمحكمة المدنية

إجراءات دعوى تعديل اتفاق قسمة

إجراءات دعوى تعديل اتفاق قسمة

دليلك الشامل لخطوات تعديل عقود القسمة الرضائية والقضائية وفقًا للقانون المصري

قد تنشأ بعد إبرام اتفاق قسمة بين الشركاء ظروف جديدة أو يظهر خطأ أو غبن يجعل من الضروري تعديل هذا الاتفاق. القانون المصري أتاح للأطراف المتضررة آلية قانونية واضحة لتصحيح هذا الوضع عبر دعوى تعديل اتفاق القسمة. هذا المقال يقدم لك خطوات عملية ومفصلة لكيفية مباشرة هذه الدعوى، من مرحلة الإعداد وحتى صدور الحكم، مع توضيح الحلول البديلة التي قد تغنيك عن اللجوء إلى القضاء، مما يمنحك رؤية كاملة لحماية حقوقك.

فهم اتفاق القسمة وأسباب تعديله

إجراءات دعوى تعديل اتفاق قسمةقبل الخوض في الإجراءات القانونية، من الضروري فهم طبيعة اتفاق القسمة والأسباب التي تجعل تعديله أمرًا ممكنًا بل وضروريًا في بعض الحالات. إن اتفاق القسمة هو عقد ينهي حالة الشيوع بين الشركاء، حيث يختص كل منهم بجزء مفرز من المال الشائع. لكن هذا الاتفاق قد تعتريه بعض العيوب أو تستجد ظروف تستدعي إعادة النظر فيه لضمان تحقيق العدالة بين جميع الأطراف.

ما هو اتفاق القسمة؟

اتفاق القسمة هو عقد يتفق بموجبه الشركاء في مال شائع على إنهاء حالة الشيوع القائمة بينهم. يتم ذلك عن طريق تخصيص جزء مفرز لكل شريك يعادل حصته الشائعة. يمكن أن تكون هذه القسمة رضائية، وتتم بتوافق جميع الشركاء، أو قضائية، وتتم عن طريق حكم من المحكمة المختصة في حالة عدم اتفاق الشركاء. يهدف هذا الاتفاق إلى تمكين كل شريك من التصرف في نصيبه بشكل مستقل ومنفرد دون قيود.

الأسباب الشائعة لطلب تعديل القسمة

تتعدد الأسباب التي يمكن الاستناد إليها لرفع دعوى تعديل اتفاق القسمة. من أبرز هذه الأسباب هو “الغبن”، ويعني وجود عدم تعادل فادح بين قيمة الحصة التي حصل عليها أحد الشركاء وقيمة نصيبه الحقيقي في المال الشائع. كذلك، يمكن طلب التعديل في حالة اكتشاف خطأ جوهري في تقدير قيمة الأموال المقسمة، أو إغفال بعض الأموال المشتركة عن غير قصد أثناء إبرام الاتفاق. ظهور مستندات جديدة لم تكن معلومة وقت القسمة قد يكون سببًا وجيهًا أيضًا لطلب التعديل.

الخطوات العملية لرفع دعوى تعديل اتفاق القسمة

يتطلب اللجوء إلى القضاء لتعديل اتفاق القسمة اتباع مجموعة من الخطوات الإجرائية الدقيقة والمنظمة. تبدأ هذه الإجراءات من مرحلة التحضير وجمع المستندات، مرورًا بصياغة صحيفة الدعوى وتقديمها للمحكمة المختصة، وانتهاءً بمتابعة سير الدعوى والدفاع عن حقوقك أمام القاضي. الالتزام بهذه الخطوات يضمن عرض قضيتك بشكل قانوني سليم ويزيد من فرص الحصول على حكم لصالحك.

مرحلة ما قبل رفع الدعوى

قبل التوجه للمحكمة، يجب اتخاذ عدة خطوات تحضيرية. أولًا، قم بجمع كافة المستندات المتعلقة بالموضوع، وعلى رأسها عقد القسمة الأصلي، وسندات ملكية المال الشائع، وأي تقارير تقييم أو مستندات تثبت وقوع الغبن أو الخطأ. ثانيًا، يُنصح بشدة باستشارة محامٍ متخصص في القضايا المدنية لتقييم الموقف القانوني، وتحديد مدى قوة قضيتك، وتوجيهك نحو أفضل مسار قانوني. قد يقترح المحامي محاولة التسوية الودية مع باقي الشركاء كخطوة أولى لتجنب إجراءات التقاضي الطويلة.

إعداد صحيفة الدعوى ومستنداتها

تعتبر صحيفة الدعوى هي الوثيقة الأساسية التي تبدأ بها الخصومة القضائية. يجب أن تتم صياغتها بواسطة محامٍ وتتضمن بيانات المدعي والمدعى عليهم بشكل دقيق، والمحكمة المختصة بنظر الدعوى. الأهم هو “موضوع الدعوى” الذي يجب أن يشرح فيه المدعي وقائع النزاع بالتفصيل، موضحًا أسباب طلب تعديل اتفاق القسمة، مثل وجود غبن يزيد عن الخمس، مع تدعيم الادعاءات بالأدلة والمستندات. يتم إرفاق حافظة مستندات مع الصحيفة تحتوي على صور من جميع الأوراق الداعمة لموقفك.

إجراءات قيد الدعوى في المحكمة

بعد إعداد صحيفة الدعوى ومرفقاتها، يتم التوجه إلى قلم كتاب المحكمة المدنية المختصة التي يقع في دائرتها العقار أو المال محل القسمة. يتم تقديم أصل الصحيفة وعدد كافٍ من الصور بعدد المدعى عليهم. يقوم الموظف المختص بتقدير الرسوم القضائية المستحقة، وبعد سدادها يتم قيد الدعوى في سجلات المحكمة وتحديد رقم لها وتاريخ لأول جلسة لنظرها. بعد ذلك، يتولى قلم المحضرين إعلان المدعى عليهم بصحيفة الدعوى وموعد الجلسة لضمان علمهم بالنزاع القائم.

سير الدعوى أمام المحكمة

بمجرد بدء الجلسات، تبدأ مرحلة نظر الدعوى. يقوم كل طرف بتقديم مذكرات دفاعه ومستنداته. في دعاوى تعديل القسمة، غالبًا ما تقرر المحكمة ندب خبير من وزارة العدل، تكون مهمته فحص عقد القسمة، وإعادة تقييم الأموال محل النزاع، وبيان ما إذا كان هناك غبن أو خطأ. يقدم الخبير تقريرًا مفصلًا للمحكمة بناءً على فحصه. يُعد هذا التقرير عنصرًا هامًا تستند إليه المحكمة في تكوين عقيدتها وإصدار حكمها إما بقبول طلب التعديل أو رفضه.

الحلول البديلة لتعديل اتفاق القسمة

اللجوء إلى المحاكم ليس هو الطريق الوحيد لتصحيح الأوضاع غير العادلة في اتفاقات القسمة. هناك حلول بديلة قد تكون أسرع وأقل تكلفة وتحافظ على العلاقات الودية بين الشركاء. هذه الحلول تعتمد بشكل أساسي على الحوار والتفاهم المتبادل، وتوفر مرونة أكبر للأطراف للوصول إلى اتفاق يرضي الجميع دون الحاجة إلى خوض نزاع قضائي قد يستمر لسنوات.

التعديل الرضائي للاتفاق

الحل الأبسط والأكثر فعالية هو التواصل المباشر مع باقي الشركاء وشرح وجهة نظرك بشأن الحاجة إلى تعديل الاتفاق. إذا أبدى الأطراف تفهمًا ورغبة في الحل، يمكنكم إبرام “عقد تعديلي” لاتفاق القسمة الأصلي. يتم في هذا العقد الجديد تدوين التعديلات المتفق عليها، سواء بتغيير الأنصبة أو إعادة توزيع الأصول. يجب أن يتم توقيع هذا العقد التعديلي من جميع الشركاء، ومن الأفضل توثيقه في الشهر العقاري لمنحه القوة التنفيذية وحماية حقوق الجميع بشكل كامل.

اللجوء إلى الوساطة والتسوية الودية

في حال صعوبة التوصل إلى اتفاق مباشر، يمكن الاستعانة بطرف ثالث محايد، وهو “الوسيط”. يمكن أن يكون الوسيط محاميًا موثوقًا به من جميع الأطراف أو خبيرًا في التقييم. يقوم الوسيط بتسهيل الحوار بين الشركاء، وتقريب وجهات النظر، واقتراح حلول عملية ومنصفة للنزاع. تهدف الوساطة إلى الوصول لتسوية ودية يتم توثيقها في اتفاق ملزم للجميع. هذا الخيار يوفر الوقت والجهد ويحافظ على العلاقات الشخصية بين الشركاء، وهو ما قد يتأثر سلبًا في حالة التقاضي.

نقاط هامة واعتبارات قانونية إضافية

عند التفكير في تعديل اتفاق قسمة، هناك بعض الجوانب القانونية الدقيقة التي يجب الإلمام بها لأنها تؤثر بشكل مباشر على قبول الدعوى وحقوق الأطراف. فهم هذه النقاط يساعد في بناء استراتيجية قانونية سليمة وتجنب المفاجآت التي قد تعرقل مسار القضية. تشمل هذه الاعتبارات شروط إثبات الغبن والمدة الزمنية المحددة قانونًا لرفع الدعوى.

إثبات الغبن في القسمة

يعتبر الغبن من أهم أسباب طلب تعديل القسمة. لكن القانون وضع شرطًا محددًا لقبول الدعوى المبنية على الغبن، حيث نص على أن الغبن يجب أن يزيد على الخمس. بمعنى أن قيمة ما حصل عليه الشريك فعليًا يجب أن تقل عن حصته الحقيقية بأكثر من 20%. يتم تقدير قيمة الأشياء المقسمة بوقت القسمة وليس وقت رفع الدعوى. عبء إثبات وجود هذا الغبن الفاحش يقع على عاتق المدعي، وغالبًا ما يتم ذلك من خلال تقرير الخبير المنتدب من قبل المحكمة.

تقادم دعوى تعديل القسمة

من المهم جدًا الانتباه إلى المدة القانونية المسموح خلالها برفع دعوى تعديل أو بطلان القسمة. القانون المصري حدد مدة تقادم لهذه الدعوى وهي سنة واحدة. تبدأ هذه المدة من تاريخ إبرام عقد القسمة. إذا انقضت هذه المدة دون رفع الدعوى، يسقط الحق في المطالبة بالتعديل للسبب نفسه، وتصبح القسمة نهائية ومحصنة ضد الطعن عليها. لذلك، يجب التحرك بسرعة فور اكتشاف أي سبب يستدعي التعديل لتجنب ضياع الحق بسبب التقادم.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock