جنحة البلاغ الكاذب في قضايا الطلاق والخلع
محتوى المقال
- 1 جنحة البلاغ الكاذب في قضايا الطلاق والخلع: سيف ذو حدين
- 2 مفهوم جنحة البلاغ الكاذب وأركانها القانونية
- 3 تداعيات البلاغ الكاذب في قضايا الطلاق والخلع
- 4 كيفية إثبات جنحة البلاغ الكاذب (الحلول العملية)
- 5 إجراءات رفع دعوى البلاغ الكاذب ودفاع المتهم
- 6 الوقاية من الوقوع في فخ البلاغ الكاذب
- 7 حلول إضافية وتوصيات
جنحة البلاغ الكاذب في قضايا الطلاق والخلع: سيف ذو حدين
فهم أبعاد الاتهام الكاذب وتداعياته القانونية والاجتماعية في دعاوى الأحوال الشخصية.
تُعد قضايا الطلاق والخلع من أكثر الدعاوى حساسية في محاكم الأسرة، فهي تمس نسيج العلاقات الأسرية وتترك آثارًا عميقة على جميع الأطراف. في خضم هذه النزاعات، قد يلجأ بعض الأطراف إلى استخدام اتهامات غير صحيحة أو بلاغات كاذبة، ظنًا منهم أنها وسيلة لتحقيق مكاسب أو الإضرار بالطرف الآخر. لكن هذا التصرف لا يخلو من عواقب قانونية جسيمة، قد ترتد بالسلب على فاعلها. هذا المقال سيتناول جنحة البلاغ الكاذب في سياق قضايا الطلاق والخلع، موضحًا مفهومها، أركانها، تداعياتها، وكيفية التعامل معها قانونيًا.
مفهوم جنحة البلاغ الكاذب وأركانها القانونية
تعريف البلاغ الكاذب في القانون المصري
البلاغ الكاذب هو قيام شخص بتقديم بلاغ أو إخبار كاذب إلى السلطات القضائية أو الإدارية عن جريمة لم تقع في حقيقة الأمر، أو عن جريمة وقعت لكنها أُسندت كذبًا إلى شخص بريء. تهدف هذه الجريمة إلى إلحاق الضرر بالضحية، سواء بتعريضها للمساءلة الجنائية أو الإدارية أو التشويه السمعة. يمثل هذا الفعل انتهاكًا صريحًا للعدالة ويعرقل سير الإجراءات القضائية بشكل صحيح.
يُصنف البلاغ الكاذب كجنحة في القانون المصري، وتُعاقب عليها المواد 303 و 305 من قانون العقوبات، حيث تُحدد العقوبة بناءً على طبيعة البلاغ والضرر الذي تسبب فيه. يجب أن يكون البلاغ كاذبًا مع علم المبلغ بكذبه وأن يكون محددًا في نسب جريمة معينة أو واقعة إجرامية محددة لشخص معين. ويجب أن تتولى السلطات التحقيق في هذا البلاغ قبل إثبات كذبه.
الأركان المادية والمعنوية للجريمة
تتطلب جنحة البلاغ الكاذب توافر ركنين أساسيين لإثباتها: الركن المادي والركن المعنوي. الركن المادي يتمثل في قيام المتهم بتقديم بلاغ أو إخبار إلى الجهات المختصة (كالنيابة العامة أو الشرطة) يتضمن إسناد واقعة معينة تشكل جريمة إلى شخص معين، مع علم المبلغ بأن هذه الواقعة غير صحيحة أو أن الشخص المسند إليه بريء منها. يجب أن يكون البلاغ مكتوبًا أو شفويًا وموجهًا بشكل رسمي.
أما الركن المعنوي، فهو يتمثل في القصد الجنائي لدى المبلغ، أي علمه التام بكذب البلاغ الذي قدمه، ورغبته في إلحاق الضرر بالمبلغ ضده. هذا يعني أن المبلغ يعلم علم اليقين بأن المعلومات التي يقدمها غير صحيحة وأنها ستؤدي إلى تحقيق أو محاكمة ضد شخص بريء. انتفاء هذا الركن، كأن يكون المبلغ حسن النية ويعتقد صحة معلوماته، ينفي قيام الجريمة.
تمييز البلاغ الكاذب عن الدعاوى الكيدية
يوجد فرق جوهري بين البلاغ الكاذب والدعاوى الكيدية. البلاغ الكاذب يُقصد به إسناد جريمة لشخص بريء عمدًا مع علم المبلغ بكذب ما ينسبه. أما الدعوى الكيدية، فهي دعوى تُرفع بقصد الإضرار بالخصم، حتى لو كانت مبنية على وقائع صحيحة لكنها تُستخدم لأغراض انتقامية أو غير مشروعة، وقد لا ترقى لدرجة التجريم الجنائي. الدعوى الكيدية غالبًا ما تكون في إطار الدعاوى المدنية أو التجارية أو الإدارية.
على سبيل المثال، الادعاء بحصول ضرب أو اعتداء لم يحدث لإثبات نشوز الزوجة هو بلاغ كاذب. بينما رفع دعوى نفقة مبالغ فيها قد يُعتبر دعوى كيدية، إذا كان القصد منها الضغط على الطرف الآخر رغم استحقاق النفقة في الأصل. القانون يفرق بينهما بناءً على طبيعة الفعل والقصد الجنائي. البلاغ الكاذب غالبًا ما يستهدف السلطات الجنائية، بينما الدعاوى الكيدية تستهدف الإضرار في إطار النزاعات القانونية الأوسع.
تداعيات البلاغ الكاذب في قضايا الطلاق والخلع
الآثار القانونية على المبلغ
عند ثبوت جنحة البلاغ الكاذب، يواجه المبلغ عقوبات قانونية صارمة. تشمل هذه العقوبات الحبس والغرامة، وقد تصل العقوبة إلى السجن في بعض الحالات الخطيرة التي يترتب عليها أضرار جسيمة. علاوة على ذلك، يمكن أن يُلزم المبلغ بدفع تعويضات مدنية للمبلغ ضده عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به جراء البلاغ الكاذب. هذا التعويض يهدف إلى جبر الضرر الذي تعرض له الشخص البريء.
تؤثر هذه الجريمة سلبًا على السجل الجنائي للمبلغ، وقد تُفقد الثقة في شهادته أو بلاغاته المستقبلية أمام الجهات القضائية. كما يمكن أن يُؤدي ذلك إلى رفض دعواه الأصلية في قضايا الطلاق أو الخلع، أو حتى التأثير على حقوقه في الحضانة أو النفقة. الوعي بهذه التداعيات مهم للغاية لتجنب الوقوع في هذا الخطأ القانوني الفادح والابتعاد عن استغلال الإجراءات القانونية للانتقام.
الآثار القانونية على المبلغ ضده
بالنسبة للمبلغ ضده، فإن البلاغ الكاذب يسبب له أضرارًا جسيمة في البداية. فهو يتعرض للتحقيق والاستدعاءات، وقد يتم القبض عليه أو حبسه احتياطيًا لفترة. كما قد يتكبد نفقات قانونية للدفاع عن نفسه، ويتعرض لضغوط نفسية واجتماعية كبيرة نتيجة الاتهام الباطل. يمكن أن يُؤثر ذلك سلبًا على سمعته وعمله وعلاقاته الاجتماعية والأسرية، ويخلق حالة من القلق والتوتر الدائم لحين ثبوت براءته.
بعد إثبات براءة المبلغ ضده من الاتهام الكاذب، يحق له رفع دعوى تعويض مدني ضد المبلغ عن كافة الأضرار التي لحقت به، بما في ذلك الأضرار المادية كأتعاب المحاماة والتعويض عن الأضرار المعنوية مثل الإساءة للسمعة والضغط النفسي. هذه الدعوى تُرفع أمام المحاكم المدنية بعد صدور حكم نهائي في جنحة البلاغ الكاذب، وهي حق أصيل للمتضرر لجبر الضرر الذي لحقه.
الآثار الاجتماعية والنفسية
تتجاوز آثار البلاغ الكاذب الجوانب القانونية لتشمل أبعادًا اجتماعية ونفسية عميقة. فالبلاغات الكاذبة في قضايا الطلاق والخلع تزيد من حدة الصراع بين الزوجين، وتُعيق أي محاولات للتسوية الودية. كما أنها تُؤثر سلبًا على الأبناء، الذين يجدون أنفسهم في بيئة مليئة بالاتهامات والنزاعات، مما قد يُسبب لهم اضطرابات نفسية وسلوكية على المدى الطويل. السمعة الاجتماعية لكلا الطرفين قد تتضرر بشكل كبير.
بالنسبة للمبلغ ضده، فإن تجربة اتهامه بجريمة لم يرتكبها تُسبب له صدمة نفسية قوية، وقد تُؤدي إلى شعور بالظلم والاكتئاب والقلق. الثقة في الآخرين وفي النظام القضائي قد تتزعزع لديه. أما المبلغ، فعلى الرغم من محاولته إلحاق الضرر بالآخر، فإنه قد يُعاني أيضًا من ضغوط نفسية وشعور بالذنيبة في حال انكشاف كذب بلاغه، بالإضافة إلى وصمة العار المجتمعية التي قد تلحق به عند إثبات الكذب. هذه الآثار تبرز خطورة البلاغات الكاذبة.
كيفية إثبات جنحة البلاغ الكاذب (الحلول العملية)
جمع الأدلة والقرائن
لإثبات جنحة البلاغ الكاذب، يجب على المبلغ ضده (الضحية) جمع كافة الأدلة والقرائن التي تُثبت عدم صحة البلاغ المقدم ضده. تشمل هذه الأدلة المستندات الرسمية، مثل عقود الزواج، شهادات الميلاد، محاضر رسمية سابقة، أو أي وثائق تُنفي الواقعة المنسوبة إليه. يمكن أيضًا الاستعانة بالرسائل النصية، رسائل البريد الإلكتروني، أو التسجيلات الصوتية (بشروط قانونية محددة) التي تُشير إلى كذب الادعاء.
كل دليل مهما كان صغيرًا يمكن أن يُساهم في بناء قضية قوية. يجب توثيق كل شيء بدقة، والتأكد من صحة مصدر الأدلة. على سبيل المثال، إذا كان البلاغ الكاذب يتعلق بوقوع ضرب، فإن تقديم تقارير طبية تُثبت عدم وجود إصابات، أو شهادات من أشخاص كانوا في مكان آخر وقت وقوع الحادث المزعوم، يُعد دليلًا قاطعًا. الهدف هو دحض ادعاءات المبلغ بشكل لا يدع مجالًا للشك.
دور التحريات والأدلة الرقمية
تُعد التحريات التي تُجريها الجهات الأمنية والقضائية عنصرًا حاسمًا في كشف حقيقة البلاغ الكاذب. فالمحققون يقومون بجمع المعلومات، واستدعاء الشهود، وفحص مسرح الواقعة المزعومة، وتقارير المعمل الجنائي إن وجدت. تُساهم هذه التحريات في التأكد من صحة أو كذب الادعاءات الواردة في البلاغ. يجب على المبلغ ضده التعاون الكامل مع جهات التحقيق وتقديم كل ما لديه من معلومات وأدلة.
الأدلة الرقمية أصبح لها دور متزايد الأهمية في إثبات أو نفي البلاغات الكاذبة. فبيانات الهواتف المحمولة، سجلات المكالمات، رسائل تطبيقات التواصل الاجتماعي، وسجلات تصفح الإنترنت، وحتى بيانات تحديد المواقع (GPS)، يمكن أن تُقدم أدلة قوية تُدعم موقف المبلغ ضده أو تُكشف كذب المبلغ. تتطلب هذه الأدلة أوامر قضائية لاستخراجها، ويُمكن للمحامي طلبها من النيابة العامة أو المحكمة.
شهادة الشهود وإفادات الأطراف
شهادة الشهود الموثوق بهم تُشكل دليلًا قويًا في إثبات البلاغ الكاذب. إذا كان هناك شهود حضروا الواقعة المزعومة، أو لديهم معلومات مباشرة تُنفيها، فيجب تقديم أسمائهم للجهات القضائية ليدلوا بشهادتهم. يجب أن يكون الشهود محايدين قدر الإمكان وتُقيد شهادتهم في محاضر رسمية. تُؤخذ شهاداتهم بعين الاعتبار من قبل المحكمة، وتُقارن بالادعاءات المقدمة.
إفادات الأطراف، سواء المبلغ أو المبلغ ضده، تُعد جزءًا أساسيًا من التحقيق. تُؤخذ أقوالهم تحت القسم، وتُسجل في المحاضر الرسمية. التناقضات في أقوال المبلغ، أو عدم قدرته على تقديم تفاصيل دقيقة أو أدلة تُثبت بلاغه، قد تُؤدي إلى الشك في صحة بلاغه وفتح تحقيق حول كذبه. بينما أقوال المبلغ ضده المتسقة مع الأدلة الأخرى تُعزز موقفه وتُثبت براءته من الاتهام المنسوب إليه.
إجراءات رفع دعوى البلاغ الكاذب ودفاع المتهم
خطوات تقديم بلاغ كاذب
بشكل مبدئي، لا يُنصح أبدًا بتقديم بلاغ كاذب لما له من تداعيات وخيمة. ولكن لفهم كيفية التعامل مع هذه الجريمة، فإن خطوات تقديم البلاغ تتضمن عادةً التوجه إلى قسم الشرطة أو النيابة العامة. يُقدم المبلغ بلاغًا كتابيًا أو شفويًا يُحدد فيه الجريمة المزعومة والشخص المتهم بها. يجب أن يتضمن البلاغ تفاصيل كافية حول الواقعة وتاريخها ومكانها وأي أدلة مزعومة تدعمها. تُسجل هذه المعلومات في محضر رسمي، وتُحال إلى النيابة العامة للتحقيق.
تُباشر النيابة العامة التحقيق في البلاغ بجدية، وتستدعي الأطراف وتجمع الأدلة. وفي حال تبين للنيابة العامة أن البلاغ غير صحيح أو أن المبلغ ضده بريء، يمكنها أن تُصدر قرارًا بالحفظ أو وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد المبلغ الأصلي بتهمة البلاغ الكاذب. هذا يُوضح أن النظام القضائي مصمم للكشف عن هذه الممارسات غير القانونية ومعاقبة من يقوم بها، فالبلاغ الكاذب ليس وسيلة للإفلات من العقاب.
خطوات رفع دعوى اتهام بالبلاغ الكاذب
بعد صدور قرار النيابة العامة بالحفظ أو وجه لإقامة الدعوى الجنائية، أو صدور حكم ببراءة المبلغ ضده، يحق للمتضرر رفع دعوى جنحة بلاغ كاذب ضد المبلغ الأصلي. تتمثل الخطوات في تقديم طلب إلى النيابة العامة أو المحكمة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد المبلغ. يجب أن يُرفق بالطلب كافة المستندات التي تُثبت براءة المبلغ ضده وكذب البلاغ الأصلي، مثل قرار النيابة أو حكم البراءة.
بعد قبول الدعوى، تُحدد جلسة لنظرها أمام محكمة الجنح. يحضر الطرفان، وتُقدم الدفاعات والأدلة. تُنظر المحكمة في كافة حيثيات القضية، وتُصدر حكمها بناءً على الأدلة المقدمة. في حال إدانة المبلغ بجنحة البلاغ الكاذب، تُصدر المحكمة حكمًا بالعقوبة المقررة قانونًا، والتي قد تشمل الحبس والغرامة. هذا الإجراء يُعد وسيلة لردع مثل هذه الممارسات وضمان تطبيق العدالة.
سبل دفاع المتهم بالبلاغ الكاذب
إذا وُجه اتهام لشخص بتقديم بلاغ كاذب، فإن له الحق في الدفاع عن نفسه. أهم سبل الدفاع تتمثل في إثبات حسن النية وقت تقديم البلاغ، أي أنه كان يعتقد صحة المعلومات التي قدمها بناءً على ما توفر لديه من معطيات. يمكنه تقديم ما يُثبت ذلك، مثل مستندات أو شهادات تُظهر أنه لم يكن على علم بكذب البلاغ. كما يمكنه إثبات أن البلاغ لم يُنسب إلى شخص معين، أو أنه لم يُقصد به الإساءة.
الدفاع عن المتهم بالبلاغ الكاذب قد يعتمد أيضًا على إثبات أن الوقائع المذكورة في البلاغ لم تكن كاذبة بالفعل، وإنما كانت صحيحة، أو أن هناك سوء فهم أو تفسير خاطئ للوقائع. يمكن أيضًا الطعن في الإجراءات القانونية التي اتبعها المبلغ ضده، أو في الأدلة التي قدمها لإثبات البلاغ الكاذب. الاستعانة بمحامٍ متخصص في القانون الجنائي أمر بالغ الأهمية في هذه الحالات، لتقديم الدفاع القانوني المناسب.
طلب التعويض عن الأضرار
بعد صدور حكم نهائي يُدين المبلغ بجنحة البلاغ الكاذب، يحق للمبلغ ضده أن يطلب تعويضًا عن كافة الأضرار التي لحقت به. يُقدم طلب التعويض هذا في شكل دعوى مدنية مستقلة تُرفع أمام المحكمة المدنية المختصة. يُطالب فيها بالتعويض عن الأضرار المادية، كأتعاب المحاماة التي دفعها، والمصروفات القضائية، وأي خسائر مادية مباشرة أخرى نتيجة البلاغ الكاذب.
يشمل التعويض أيضًا الأضرار المعنوية، مثل الإساءة للسمعة، والضرر النفسي، والقلق، والتوتر الذي سببه البلاغ الكاذب. تُقدر المحكمة قيمة التعويض بناءً على حجم الضرر ومدى تأثيره على حياة المتضرر. يجب على المتضرر تقديم كافة المستندات التي تُثبت هذه الأضرار، مثل تقارير طبية نفسية أو شهادات تُفيد بتأثر حياته. هذا التعويض يُعد حقًا للمتضرر لجبر الأضرار التي لحقت به، ووسيلة لردعه عن تكرار مثل هذه الأفعال.
الوقاية من الوقوع في فخ البلاغ الكاذب
أهمية الاستشارة القانونية المسبقة
لتجنب الوقوع في فخ البلاغ الكاذب، سواء كمبلغ أو مبلغ ضده، تُعد الاستشارة القانونية المسبقة أمرًا حيويًا. قبل اتخاذ أي خطوة قانونية أو تقديم أي بلاغ، يجب استشارة محامٍ متخصص في قضايا الأحوال الشخصية والقانون الجنائي. سيقوم المحامي بتقديم النصح القانوني السليم، وتقييم مدى صحة المعلومات أو الأدلة التي بحوزتك، وشرح العواقب المحتملة لأي إجراء خاطئ. هذا يُجنب الأفراد التورط في دعاوى لا أساس لها من الصحة أو بلاغات قد ترتد عليهم.
كما يُساعد المحامي في صياغة البلاغات بشكل قانوني صحيح، ويُضمن عدم تضمنها أي معلومات كاذبة أو مضللة. في حال كنت الطرف المبلغ ضده، يُمكن للمحامي أن يُقدم لك المشورة حول أفضل السبل للدفاع عن نفسك، وكيفية جمع الأدلة التي تُثبت براءتك. الاستثمار في الاستشارة القانونية يُعد حماية لك ولحقوقك، ويُوفر عليك الكثير من المتاعب والوقت والجهد والمال في المستقبل، ويُعزز موقفك القانوني.
توثيق كافة المعاملات والمستندات
في قضايا الطلاق والخلع، يُنصح بشدة بتوثيق كافة المعاملات والمستندات المتعلقة بالعلاقة الزوجية والمالية والأسرية. يشمل ذلك عقود الزواج، اتفاقيات النفقة، إيصالات الدفع، الرسائل المكتوبة أو الإلكترونية التي تُثبت الوقائع، وتقارير طبية، وأي مستندات أخرى تُثبت حقوقك أو تنفي ادعاءات الآخر. التوثيق الجيد يُعد درعًا واقيًا ضد أي بلاغات كاذبة محتملة أو ادعاءات غير صحيحة.
تُساهم هذه المستندات الموثقة في تقديم دليل قوي للمحكمة أو النيابة العامة، ويُمكن الاستناد إليها لدحض أي اتهامات كاذبة. على سبيل المثال، إذا ادعى الطرف الآخر عدم تسلم نفقة، فإن إيصالات التحويل البنكي الموثقة تُعد دليلًا قاطعًا. هذه الإجراءات الوقائية تُعزز موقفك القانوني، وتُسهل على القضاء مهمة إرساء العدل، وتُقلل من فرص استغلال ثغرات عدم التوثيق لتقديم بلاغات غير صحيحة.
التعامل بحذر مع الاتهامات في قضايا الأحوال الشخصية
نظرًا لحساسية قضايا الأحوال الشخصية، يجب التعامل مع الاتهامات بحذر شديد، سواء كنت مُقدمًا للاتهام أو متهمًا به. تجنب الانجراف وراء المشاعر السلبية أو الرغبة في الانتقام، والتي قد تدفع لتقديم بلاغات غير صحيحة. يجب أن تكون جميع الاتهامات مبنية على حقائق وأدلة دامغة، وليس على مجرد شكوك أو ظنون أو إشاعات. أي اتهام لا يستند إلى دليل قوي قد يُعرض صاحبه للمساءلة القانونية بتهمة البلاغ الكاذب.
في حال وُجهت إليك اتهامات في قضايا الطلاق أو الخلع، حافظ على هدوئك وتجنب الردود المتسرعة أو الانفعالية. استشر محاميًا على الفور، واجمع الأدلة التي تُثبت براءتك. تذكر أن النظام القضائي مصمم لحماية الحقوق وكشف الحقيقة. التعامل بحذر ومنطقية مع هذه الاتهامات يُساعد في تجاوز الأزمة بأقل قدر من الأضرار، ويُؤدي إلى تحقيق العدالة التي تُرضي جميع الأطراف، وتُوفر لهم حقوقهم بشكل كامل.
حلول إضافية وتوصيات
دور المحكمة في التمييز بين الحق والباطل
تلعب المحكمة دورًا محوريًا في التمييز بين البلاغ الصادق والبلاغ الكاذب، خاصة في قضايا الطلاق والخلع المعقدة. فالقاضي يستمع إلى أقوال الأطراف، ويفحص الأدلة المقدمة من كل طرف، ويُستدعي الشهود، ويُطلب تقارير الخبراء إن لزم الأمر. يُقدر القاضي قوة الأدلة وقرائنها، ويُطبق النصوص القانونية ذات الصلة. مهمة القاضي هي كشف الحقيقة بناءً على ما يُقدم إليه من بينات وقرائن، لتحقيق العدالة.
يُمكن للقاضي أن يُلاحظ التناقضات في أقوال المبلغ أو ضعف الأدلة المقدمة منه، مما يُثير الشكوك حول صدق بلاغه. وفي هذه الحالات، قد تُوجه المحكمة النيابة العامة للتحقيق في احتمال وجود بلاغ كاذب. هذا يُظهر أن المحكمة ليست مجرد جهة لتطبيق القانون، بل هي حامية للحقوق ومُحققة للعدالة، وتُسعى دائمًا إلى الكشف عن الحقائق بغض النظر عن الأطراف، وتُعطي الأولوية لسلامة الإجراءات القضائية.
التوعية القانونية للمجتمع
يُعد نشر الوعي القانوني بين أفراد المجتمع خطوة أساسية للحد من ظاهرة البلاغات الكاذبة، خاصة في قضايا الأحوال الشخصية. يجب توعية الأفراد بخطورة هذه الجريمة، والعقوبات المترتبة عليها، وكيفية التعامل معها قانونيًا. يُمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات التوعوية في وسائل الإعلام، وورش العمل القانونية، ودور المؤسسات التعليمية والمجتمعية، والمساجد والكنائس، في نشر الثقافة القانونية الصحيحة.
التوعية يجب أن تُركز على أن اللجوء إلى القضاء يجب أن يكون بناءً على حقائق وأدلة، وليس وسيلة للانتقام أو الكيد. كما يجب توعية الأفراد بحقوقهم القانونية، وكيفية الحصول على استشارة قانونية موثوقة قبل الإقدام على أي خطوة. هذا يُساعد على بناء مجتمع أكثر وعيًا بالمسؤولية القانونية، ويُقلل من نسبة الجرائم التي تُرتكب عن جهل بالقانون، أو بهدف الإضرار بالآخرين عمدًا.
سبل التسوية الودية وتقليل النزاعات
في سياق قضايا الطلاق والخلع، تُعد سبل التسوية الودية والوساطة حلولًا بديلة ومهمة لتقليل النزاعات وتجنب اللجوء إلى البلاغات الكاذبة. فالحوار البناء والتفاوض بين الطرفين، سواء بشكل مباشر أو من خلال وسطاء محايدين (مثل المستشارين الأسريين أو المحامين المتخصصين في الوساطة)، يُمكن أن يُساهم في التوصل إلى حلول توافقية تُرضي الطرفين، وتُقلل من حدة الصراع.
التركيز على مصلحة الأبناء العليا في حال وجودهم، هو دافع قوي للجوء إلى التسوية الودية. فالمساعي الرامية إلى فض النزاع خارج أروقة المحاكم تُوفر الوقت والجهد والمال، وتُحافظ على ما تبقى من علاقات إنسانية، وتُقلل من الآثار السلبية التي قد تنجم عن طول أمد التقاضي. إن تشجيع ثقافة التسوية الودية يُمثل حلاً استباقيًا للحد من البلاغات الكاذبة والنزاعات القضائية في المستقبل، ويُعزز من استقرار الأسر.