الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون الجنائيالقانون المصريالنيابة العامة

جناية حريق عمد في مسكن

جناية حريق عمد في مسكن: دليل شامل من الألف إلى الياء

فهم شامل للأركان والعقوبات والإجراءات القانونية في قضايا الحريق العمد في مصر

تُعد جريمة الحريق العمد في المسكن من أخطر الجرائم التي تهدد الأفراد والمجتمعات، فهي لا تقتصر آثارها على الممتلكات المادية فحسب، بل تمتد لتشمل الأرواح والسكينة العامة. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل متكامل حول هذه الجناية بموجب القانون المصري، موضحًا أركانها، العقوبات المقررة لها، الإجراءات القانونية المتبعة، وكيفية التعامل معها سواء كنت متهمًا أو متضررًا، مع تقديم حلول عملية وخطوات دقيقة للإلمام بكافة الجوانب.

الأركان القانونية لجناية الحريق العمد في المسكن

الركن المادي: فعل الإشعال المتعمد

جناية حريق عمد في مسكنيُقصد بالركن المادي في جريمة الحريق العمد، الفعل الإجرامي المتمثل في إشعال النار عمدًا في مسكن. يشترط أن يكون الإشعال بحد ذاته هو السبب المباشر للحريق الذي نشب في المسكن. لا يكفي مجرد محاولة الإشعال، بل يجب أن تتحقق النتيجة الإجرامية وهي نشوب الحريق فعلاً، وأن يكون هذا الفعل قد أُرتكب بقصد إحداث الحريق وتلف المسكن أو تعريض حياة الناس للخطر. تتطلب هذه الجناية أن يكون الفعل إيجابيًا وملموسًا، كاستخدام مواد قابلة للاشتعال أو أجهزة معينة لإضرام النار.

ينبغي أن يكون الحريق قد وقع في مكان يُصنف قانونًا على أنه “مسكن”. يشمل المسكن كل مكان مُعد لإقامة الأشخاص، سواء كان دائمًا أو مؤقتًا، ويستوي أن يكون ملكًا للجاني أو للغير. يشمل ذلك المنازل والشقق والمخازن المتصلة بها والمُعدَّة للسكن. يتأكد الركن المادي بتحقق الضرر الناتج عن الحريق، والذي قد يشمل تلف المسكن جزئيًا أو كليًا، أو ما قد يلحق بالأشخاص بداخله من أضرار.

الركن المعنوي: القصد الجنائي الخاص

يعتبر القصد الجنائي الخاص جوهر جريمة الحريق العمد. يجب أن يتوافر لدى الجاني نية إحداث الحريق وتلف المسكن أو تعريض حياة الأشخاص أو ممتلكاتهم للخطر. لا يكفي مجرد العلم بأن فعله سيؤدي إلى حريق، بل يجب أن تكون إرادته متجهة بشكل مباشر إلى إحداث هذه النتيجة الإجرامية. يختلف القصد الجنائي هنا عن مجرد الإهمال أو الخطأ غير العمدي الذي قد يؤدي إلى حريق، حيث لا يتطلب القانون وجود نية إلحاق الضرر بالمسكن فحسب، بل قد يكون القصد هو تعريض حياة الأفراد للخطر حتى لو لم يكن المسكن هو الهدف الأساسي من الإحراق.

يثبت القصد الجنائي من خلال الأدلة والقرائن المحيطة بالواقعة، مثل التخطيط المسبق، استخدام مواد حارقة، وجود خلافات سابقة، أو أي سلوك يدل على تعمد الجاني لإشعال النار. يتطلب إثبات القصد الجنائي تحليلًا دقيقًا لجميع ملابسات الحادثة وأقوال الشهود والتقارير الفنية. يعتبر إثبات هذا الركن حاسمًا للتفرقة بين الحريق العمدي والحريق الذي يحدث نتيجة إهمال أو خطأ.

العقوبات المقررة لجناية الحريق العمد في المسكن

العقوبة الأصلية لجناية الحريق العمد

تتفاوت العقوبات المقررة لجناية الحريق العمد في المسكن بحسب جسامة الفعل والظروف المحيطة به، ولكنها بشكل عام تندرج تحت العقوبات الجنائية المشددة. ينص القانون المصري على عقوبات صارمة للمتسببين في إشعال حريق عمدًا في مسكن. غالبًا ما تكون العقوبة هي السجن المشدد، وقد تصل مدة السجن إلى سنوات طويلة، وذلك بحسب النصوص القانونية المحددة في قانون العقوبات. تهدف هذه العقوبات إلى ردع كل من تسول له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم الخطيرة التي تهدد الأمن والسلامة العامة. يتم تحديد العقوبة النهائية بناءً على تقدير المحكمة لجميع ظروف الدعوى.

يجب الإشارة إلى أن القانون يُفرّق في العقوبة بين الحريق الذي يقع في مسكن خاص أو عام، أو في مبنى مأهول بالسكان أو غير مأهول، وإن كانت جريمة الحريق في المسكن تُعد من الجرائم التي تحمل دائمًا قدرًا كبيرًا من الخطورة نظرًا لاحتمالية وجود أشخاص بداخله. يمكن للمحكمة تطبيق مواد قانونية أخرى تزيد من العقوبة في حال توافر ظروف مشددة، مثل الشروع في القتل أو إصابة أحد الأشخاص، أو حتى مجرد تعريض حياة الأشخاص للخطر الجسيم. تعتبر هذه العقوبات الأساس الذي تبني عليه الأحكام في قضايا الحريق العمد.

الظروف المشددة للعقوبة

توجد عدة ظروف تؤدي إلى تشديد العقوبة في قضايا الحريق العمد في المسكن، وتجعل الجريمة أكثر خطورة في نظر القانون. من أبرز هذه الظروف، إذا نتج عن الحريق وفاة شخص أو أكثر، أو إصابة أحدهم بعاهة مستديمة أو إصابات بالغة. في هذه الحالات، قد تتحول الجناية إلى جناية قتل عمد أو شروع في قتل، وتتضاعف العقوبة لتصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام حسب الأحوال. كما يُشدد العقاب إذا كان الجاني قد أضرم النار بقصد ارتكاب جريمة أخرى، مثل السرقة أو الانتقام، أو إذا كان الحريق قد تسبب في خطر عام يهدد عددًا كبيرًا من الأشخاص أو الممتلكات.

تُعد صفة الجاني أو المجني عليه أحيانًا ظرفًا مشددًا، فمثلاً، إذا كان الجاني من المكلفين بحراسة المكان، أو إذا كان المسكن يخص جهة حكومية أو مرفقًا عامًا. يُنظر أيضًا إلى الدافع وراء الجريمة، فإذا كان الدافع هو الإرهاب أو الإضرار بالأمن القومي، فإن العقوبات تكون أشد بكثير. تُطبق هذه الظروف المشددة بصرامة لضمان تحقيق العدالة وتقديم العقاب المناسب لحجم الضرر والخطر الناتج عن هذه الجرائم. يتم إثبات هذه الظروف من خلال التحقيقات والشهادات والأدلة الجنائية المقدمة أمام المحكمة.

الإجراءات القانونية المتبعة في قضايا الحريق العمد

بلاغ الحادث وتحقيقات النيابة العامة

تبدأ الإجراءات القانونية في قضايا الحريق العمد بتقديم بلاغ فوري إلى الشرطة أو النيابة العامة فور وقوع الحادث. يجب أن يتضمن البلاغ تفاصيل دقيقة عن مكان الحريق، توقيته، والأضرار الأولية، وأي معلومات قد تساعد في تحديد سبب الحريق أو المشتبه بهم. تتولى الشرطة في البداية جمع المعلومات الأولية وتأمين مسرح الجريمة لمنع العبث بالأدلة. بعد ذلك، تباشر النيابة العامة التحقيقات، حيث تقوم بمعاينة مكان الحادث، والاستماع إلى أقوال الشهود، وجمع الأدلة المادية. يعتبر بلاغ الحادث الخطوة الأولى والأساسية نحو تحقيق العدالة في هذه القضايا.

تُجري النيابة العامة تحقيقات موسعة تتضمن استدعاء المشتبه بهم واستجوابهم، وقد تصدر أوامر بالقبض عليهم أو حبسهم احتياطيًا إذا توفرت أدلة كافية تدينهم. تقوم النيابة أيضًا بطلب تقارير من الجهات المختصة مثل خبراء الأدلة الجنائية وخبراء الحريق لتحديد سبب الحريق وما إذا كان عمديًا أم لا. تهدف هذه التحقيقات إلى جمع كافة الأدلة والقرائن التي تمكن من إثبات الجريمة ونسبها إلى الجاني، تمهيدًا لإحالة القضية إلى المحكمة المختصة. يجب أن تتم هذه الإجراءات بدقة وحيادية لضمان صحة سير العدالة.

دور الطب الشرعي والخبراء في قضايا الحريق

يلعب الطب الشرعي والخبراء دورًا محوريًا وحاسمًا في كشف ملابسات قضايا الحريق العمد. يقوم خبراء الأدلة الجنائية المتخصصون في الحرائق بفحص مسرح الجريمة بدقة شديدة لتحديد نقطة بداية الحريق، والمواد المستخدمة في إشعاله، وما إذا كان الحريق عمديًا أم عرضيًا. يستخدمون تقنيات متقدمة لتحليل بقايا الحريق والبحث عن آثار مواد بترولية أو أي مواد مسرعة للاشتعال. تُعد تقاريرهم الفنية أدلة قوية تُقدم إلى النيابة العامة والمحكمة، وتعتبر أساسًا لتقدير الركن المادي للجريمة وتحديد كيفية وقوعها. يساعدون في استبعاد أو تأكيد فرضية الحريق العمد.

في حال وجود وفيات أو إصابات ناتجة عن الحريق، يتدخل الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة أو الإصابات، وما إذا كانت نتيجة مباشرة للحريق أم لسبب آخر. يقوم الأطباء الشرعيون بفحص الجثث وتحليل العينات لتحديد أي آثار للتسمم بالدخان أو حروق معينة قد تساعد في تتبع الأحداث. تُقدم تقارير الطب الشرعي كأدلة قوية تساهم في إثبات الرابطة السببية بين فعل الجاني والنتائج المترتبة على الحريق. تعاون الخبراء مع النيابة العامة يضمن تحقيقًا شاملًا ومستفيضًا لجميع جوانب القضية، وتقديم أدلة علمية تدعم سير العدالة.

مراحل المحاكمة في قضايا الحريق العمد

بعد انتهاء تحقيقات النيابة العامة وجمع الأدلة الكافية، تُحال القضية إلى المحكمة الجنائية المختصة. تبدأ مراحل المحاكمة بعقد الجلسات العلنية، حيث يُعرض المتهم على المحكمة وتُقرأ له التهم الموجهة إليه. يتاح للمتهم حق الدفاع عن نفسه، سواء بنفسه أو عن طريق محاميه. يقوم المدعي العام (النيابة العامة) بتقديم أدلة الاتهام، والتي قد تشمل أقوال الشهود، تقارير الخبراء، الأدلة المادية، وأي مستندات أخرى ذات صلة. تُقدم هذه الأدلة لإثبات أركان الجريمة ونسبتها للمتهم. يتطلب الأمر حضور الشهود واستجوابهم أمام هيئة المحكمة لضمان الشفافية والعدالة.

خلال جلسات المحاكمة، تُتاح الفرصة لدفاع المتهم لتقديم دفوعهم وأدلتهم، والتي قد تهدف إلى نفي التهمة، إثبات عدم توافر الركن المادي أو المعنوي، أو طلب تخفيف العقوبة. تستمع المحكمة إلى جميع الأطراف، وتفحص الأدلة المقدمة، وتُدقق في حيثيات القضية. بعد اكتمال المرافعة من الطرفين، تُصدر المحكمة حكمها في القضية، والذي قد يكون بالبراءة، أو الإدانة وتحديد العقوبة المناسبة. يحق للمتهم والنيابة العامة استئناف الحكم أمام محكمة أعلى درجة في حال عدم الرضا عن الحكم الابتدائي، وذلك لضمان المراجعة القضائية الشاملة. هذه المراحل تضمن تحقيق العدالة وفقًا للقانون.

طرق الدفاع والحلول القانونية للمتهم

انتفاء الركن المادي أو المعنوي

يُعد إثبات انتفاء الركن المادي أو المعنوي من أقوى طرق الدفاع التي يمكن للمتهم في قضايا الحريق العمد الاعتماد عليها. للدفاع عن المتهم، يمكن لمحامي الدفاع أن يثبت أن فعل الإشعال لم يكن صادرًا عن المتهم، أو أنه لم يكن هو المتسبب المباشر في الحريق. يمكن تحقيق ذلك بتقديم شهود نفي، أو إثبات وجود المتهم في مكان آخر وقت وقوع الحادث (أليباي)، أو بتقديم تقارير فنية تدحض التقرير الجنائي الأصلي وتثبت أن الحريق لم يكن بفعل فاعل عمدي بل كان عرضيًا. يُمكن أيضًا إثبات أن الحريق نشأ نتيجة عيب في التوصيلات الكهربائية أو تسرب غاز، بعيدًا عن أي تدخل إجرامي.

أما بالنسبة للركن المعنوي (القصد الجنائي)، فيمكن الدفاع بإثبات عدم توافر نية المتهم إحداث الحريق أو إلحاق الضرر بالمسكن. قد يُجادل الدفاع بأن الحريق وقع نتيجة إهمال أو خطأ غير مقصود، وليس بقصد إجرامي. يمكن أن يتم ذلك بتقديم أدلة تثبت عدم وجود أي دافع للانتقام أو التخريب، أو إثبات أن المتهم كان يحاول إطفاء الحريق بدلًا من إشعاله. في بعض الحالات، قد يتم الدفع بأن المتهم كان تحت تأثير ظروف قهرية أو حالة نفسية أثرت على إدراكه وقصده. يجب أن يتم تقديم هذه الدفوع بأدلة قوية ومقنعة أمام المحكمة.

الدفوع الشكلية والموضوعية

تتنوع الدفوع التي يمكن للمحامي تقديمها في قضايا الحريق العمد بين دفوع شكلية وأخرى موضوعية. الدفوع الشكلية تتعلق بالإجراءات القانونية المتبعة في القضية، مثل بطلان إجراءات الضبط أو التحقيق بسبب مخالفة القانون، كعدم حصول النيابة العامة على إذن قضائي في حالات تتطلبه، أو وجود عيوب في محضر جمع الاستدلالات. قد تتضمن الدفوع الشكلية أيضًا الدفع بعدم اختصاص المحكمة، أو سقوط الدعوى الجنائية بالتقادم. هذه الدفوع، إن قُبلت، قد تؤدي إلى بطلان الإجراءات أو حتى إنهاء الدعوى دون النظر في موضوعها، وهي مهمة جدًا لضمان سلامة الإجراءات.

أما الدفوع الموضوعية، فهي تتعلق بجوهر القضية ومضمونها، وتهدف إلى نفي التهمة عن المتهم أو إثبات براءته. بالإضافة إلى انتفاء الركن المادي والمعنوي، يمكن تقديم دفوع موضوعية مثل عدم كفاية الأدلة لإدانة المتهم، أو تناقض أقوال الشهود، أو وجود أدلة جديدة تُغير من مسار القضية. يمكن أيضًا الدفع بالدفاع الشرعي إذا كان الحريق قد نشب في إطار رد فعل لحماية النفس أو الممتلكات. يتطلب تقديم الدفوع الموضوعية تحليلًا عميقًا لجميع الأدلة وتفاصيل الواقعة، وتقديم حجج قانونية قوية ومدعومة بالبراهين. يعتمد نجاح هذه الدفوع على قدرة المحامي على إقناع المحكمة بها.

التصالح أو طلب تخفيف العقوبة

في بعض حالات الحريق العمد، قد تكون هناك فرصة للتصالح بين الجاني والمجني عليه، وإن كانت طبيعة هذه الجريمة الجنائية لا تسمح دائمًا بالتصالح الكامل الذي يسقط الدعوى الجنائية. ومع ذلك، يمكن للتصالح أن يكون له تأثير إيجابي على سير القضية والحكم الصادر فيها، خاصة إذا كان قد تم تعويض المتضرر بالكامل. قد تنظر المحكمة إلى التصالح كظرف مخفف للعقوبة، خاصة إذا كان الحريق لم يسفر عن وفيات أو إصابات خطيرة، وكان الضرر ماديًا فقط وتم جبره. يجب أن يتم التصالح بشكل رسمي ويوثق قانونيًا لكي يتم الاعتداد به أمام المحكمة، ويُقدم كجزء من الدفاع.

بالإضافة إلى التصالح، يمكن للمحامي أن يطلب من المحكمة تخفيف العقوبة المقررة، وذلك بتقديم أسباب وظروف مخففة. قد تشمل هذه الأسباب حسن سيرة المتهم وسلوكه قبل الحادث، صغر سنه، عدم وجود سوابق جنائية، أو إبداء الندم والتعاون مع جهات التحقيق. كما يمكن طلب تخفيف العقوبة إذا كان هناك نوع من الاستفزاز الذي دفع المتهم لارتكاب الجريمة، أو إذا كان الحريق قد نشب بشكل غير مقصود بالكلية ولكنه اُعتبر عمدًا لسبب أو لآخر. تعتمد قرارات تخفيف العقوبة على السلطة التقديرية للمحكمة بعد دراسة شاملة لجميع جوانب القضية والظروف المحيطة بها. يُقدم هذا الطلب في نهاية المرافعة.

حقوق المتضرر وسبل التعويض

المطالبة بالتعويض المدني عن الأضرار

يحق للمتضرر من جناية الحريق العمد في المسكن أن يطالب بالتعويض المدني عن كافة الأضرار التي لحقت به، سواء كانت أضرارًا مادية أو معنوية. تشمل الأضرار المادية تلف المسكن ومحتوياته، وفقدان الممتلكات، وتكاليف الإصلاح أو إعادة البناء، وأي خسائر مالية مباشرة نتجت عن الحريق. أما الأضرار المعنوية، فقد تشمل الألم النفسي، والضرر بسمعة المتضرر، وفقدان الشعور بالأمان. يمكن للمتضرر أن يرفع دعوى مدنية مستقلة أمام المحكمة المدنية، أو أن يدخل كطرف مدعٍ بالحق المدني في الدعوى الجنائية المرفوعة ضد الجاني، وهو الإجراء الأكثر شيوعًا وفعالية.

عند رفع الدعوى المدنية، يجب على المتضرر تقديم كافة المستندات التي تثبت حجم الأضرار التي لحقت به، مثل فواتير الإصلاحات، تقارير الخبراء عن قيمة التلفيات، شهادات تقدير الخسائر، وأي وثائق أخرى تدعم مطالبته بالتعويض. تهدف المطالبة بالتعويض إلى جبر الضرر الذي لحق بالمتضرر وإعادته إلى الحالة التي كان عليها قبل وقوع الجريمة قدر الإمكان. يُقدر التعويض بناءً على حجم الضرر الفعلي وتقدير المحكمة، وقد يشمل التعويض عن الخسائر الفعلية والأرباح الفائتة. يضمن القانون للمتضررين الحق في الحصول على تعويض عادل عن الأضرار الناجمة عن هذه الجرائم.

الإجراءات المتبعة للحصول على التعويض

للحصول على التعويض المدني، يجب على المتضرر اتباع خطوات قانونية محددة. الخطوة الأولى هي توكيل محامٍ متخصص في قضايا التعويض لتقديم المساعدة القانونية. يقوم المحامي بجمع المستندات اللازمة لإثبات الضرر وقيمته، مثل تقارير المعاينة، فواتير الشراء، تقديرات الخبراء، والتقارير الطبية إذا كانت هناك إصابات. بعد ذلك، يقوم المحامي برفع الدعوى المدنية، سواء كانت مستقلة أو بالانضمام إلى الدعوى الجنائية. في حال الانضمام للدعوى الجنائية، يتم تقديم طلب التعويض أثناء سير التحقيقات أو أمام المحكمة الجنائية.

أثناء سير الدعوى، تُقدم المستندات والأدلة التي تثبت الأضرار. قد تستعين المحكمة بخبراء لتقدير قيمة التلفيات أو الأضرار النفسية. بعد صدور الحكم الجنائي بالإدانة، يتم غالبًا الحكم بالتعويض المدني لصالح المتضرر. في حال صدور حكم بالتعويض، يقوم المتضرر بالبدء في إجراءات التنفيذ على أموال وممتلكات الجاني لضمان الحصول على المبلغ المحكوم به. إذا كان الجاني معسرًا، قد تواجه عملية الحصول على التعويض بعض الصعوبات، ولكن القانون يتيح للمتضرر عدة آليات لضمان حقه قدر الإمكان. هذه الإجراءات تضمن للمتضرر سبلًا قانونية واضحة لجبر الأضرار التي لحقت به.

نصائح إضافية للوقاية والتعامل مع حالات الحريق

الوقاية من الحريق ورفع الوعي

تُعد الوقاية من الحريق خط الدفاع الأول ضد وقوع مثل هذه الجرائم والحوادث المدمرة. من المهم جدًا نشر الوعي بمخاطر الحريق وأسبابها وكيفية تفاديها. يجب على الأفراد والمجتمعات اتخاذ إجراءات وقائية لتقليل فرص نشوب الحرائق، سواء كانت عمدية أو عرضية. تشمل هذه الإجراءات التأكد من سلامة التوصيلات الكهربائية بانتظام، وعدم ترك الأجهزة الكهربائية في وضع التشغيل دون مراقبة، وتخزين المواد القابلة للاشتعال بعيدًا عن مصادر الحرارة، وتركيب أجهزة إنذار الحريق وكاشفات الدخان في المنازل. يجب أن تكون هذه الأجهزة في حالة عمل جيدة ويتم فحصها دوريًا لضمان فعاليتها.

كما يُنصح بتوفير طفايات حريق يدوية في المنازل والمنشآت، وتدريب أفراد الأسرة على كيفية استخدامها بشكل صحيح. يجب أيضًا التخطيط لمخارج طوارئ واضحة ومعروفة في حال وقوع حريق، والتدرب على إخلاء المباني بسرعة وأمان. تُساهم حملات التوعية التي تُطلقها الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني في رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية الوقاية من الحريق وتدابير السلامة. يُقلل تطبيق هذه النصائح الوقائية من احتمالية وقوع حريق عمدي، ويحمي الأرواح والممتلكات من مخاطر جسيمة.

التعامل الفوري مع الحادث والإبلاغ السريع

في حال وقوع حريق، يُعد التعامل الفوري والسريع مع الحادث أمرًا بالغ الأهمية لتقليل الأضرار وإنقاذ الأرواح. الخطوة الأولى هي تأمين سلامة الأشخاص الموجودين في المكان وإخلائهم فورًا إلى مكان آمن بعيدًا عن منطقة الخطر. يجب عدم محاولة إطفاء الحريق إذا كان كبيرًا أو يهدد السلامة الشخصية. بعد ذلك، يجب الاتصال الفوري بخدمات الطوارئ والدفاع المدني والإبلاغ عن الحريق بدقة، مع تحديد الموقع ووصف حجم الحريق وأي معلومات أخرى قد تساعد رجال الإطفاء. كل دقيقة في الإبلاغ المبكر تُسهم في السيطرة على الحريق وتقليل خسائره. يُمكن للمكالمة السريعة أن تُحدث فارقًا كبيرًا في سرعة الاستجابة.

يجب على الأفراد تجنب العودة إلى المبنى المحترق لإنقاذ الممتلكات، لأن ذلك قد يعرض حياتهم للخطر. يجب ترك مهمة مكافحة الحريق لرجال الإطفاء المدربين والمجهزين بالمعدات اللازمة. بعد السيطرة على الحريق، يجب تأمين المكان وعدم العبث بمسرح الحادث، خاصة إذا كان هناك شبهة جنائية بوجود حريق عمد. يجب ترك الأمور للجهات المختصة لإجراء التحقيقات اللازمة وجمع الأدلة. التعاون الكامل مع فرق الطوارئ والجهات الأمنية يُسهل عملهم ويُسهم في كشف ملابسات الحادث واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة. التزام بهذه النصائح يُعزز السلامة العامة ويُقلل من عواقب الحريق.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock