صيغة طلب تصحيح حكم قضائي
محتوى المقال
صيغة طلب تصحيح حكم قضائي
دليلك الشامل لتصحيح الأخطاء المادية في الأحكام القضائية
يُعد الحكم القضائي تتويجًا للإجراءات القانونية المتخذة أمام المحاكم، وهو يمثل الحقيقة القضائية لما فصلت فيه الدعوى. ومع ذلك، قد يشوبه بعض الأخطاء المادية أو الحسابية التي لا تمس جوهر النزاع ولا تؤثر في منطوق الحكم نفسه، ولكنها تستدعي التصحيح لضمان دقة وسلامة الحكم. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل مفصل حول كيفية إعداد وتقديم طلب تصحيح حكم قضائي.
أنواع الأخطاء التي تستدعي تصحيح الحكم القضائي
الأخطاء المادية البحتة
تشمل الأخطاء المادية البحتة تلك التي لا تؤثر في مضمون الحكم أو في قناعة المحكمة، وإنما تتعلق بوقائع ظاهرة يمكن تصحيحها دون إعادة النظر في النزاع. من أمثلة هذه الأخطاء، الخطأ في اسم أحد الخصوم أو صفته، أو في تاريخ الواقعة، أو في رقم القضية، أو في وصف العقار المتنازع عليه.
هذه الأخطاء غالبًا ما تكون نتيجة سهو أو خطأ كتابي، ولا تعكس أي تغيير في تقدير المحكمة للأدلة أو في تطبيقها للقانون. إن تصحيحها يهدف إلى مطابقة النص المكتوب للحقيقة والواقع، والحفاظ على سلامة النص القضائي.
الأخطاء الحسابية
تتعلق الأخطاء الحسابية بوجود خلل في العمليات الحسابية التي قام بها الحكم القضائي، مثل الخطأ في حساب الفوائد المستحقة، أو مبالغ التعويضات، أو أي أرقام أخرى وردت في منطوق الحكم. هذه الأخطاء تؤثر في القيمة العددية للمطالب، ولكنها لا تغير من مبدأ استحقاقها.
تصحيح الأخطاء الحسابية ضروري لضمان دقة المبالغ المحكوم بها وتحقيق العدالة الكاملة للأطراف. يتم التحقق من هذه الأخطاء بمراجعة الأرقام والمعادلات الواردة في الحكم، ومقارنتها بالأسس الصحيحة للحساب.
الأخطاء الكتابية والسهو
هذه الأخطاء قد تشمل السهو عن ذكر جزء من طلبات الخصوم أو إغفال جزء من المنطوق الواضح الذي لم يكن محل نزاع. كما تشمل الأخطاء المطبعية أو النحوية التي قد تحدث في صياغة الحكم، وتجعل منه غير دقيق أو مبهمًا جزئيًا، دون أن يغير ذلك من جوهر الحكم أو أساسه القانوني.
تصحيح هذه الأخطاء يضمن وضوح الحكم وسهولة فهمه وتطبيقه، ويجنب أي تفسيرات خاطئة قد تنشأ عن عدم دقة الصياغة. يجب أن يكون التصحيح محصورًا في إزالة اللبس أو الخطأ الواضح دون مساس بقوة الحكم أو موضوعه.
إجراءات تقديم طلب تصحيح الحكم القضائي
الجهة المختصة بتقديم الطلب
يُقدم طلب تصحيح الحكم القضائي إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم المطلوب تصحيحه. هذا يعني أن المحكمة التي فصلت في الدعوى هي الوحيدة المخولة بتصحيح الأخطاء المادية أو الحسابية التي قد ترد في حكمها.
يشمل ذلك محكمة أول درجة، أو محكمة الاستئناف، أو محكمة النقض، كل حسب الحكم الصادر عنها. يضمن هذا الإجراء أن الجهة التي لديها المعرفة الكاملة بملابسات القضية هي التي تتولى مهمة التصحيح.
الميعاد القانوني لتقديم الطلب
القانون المصري لم يحدد ميعادًا معينًا لتقديم طلب تصحيح الأخطاء المادية أو الحسابية في الحكم. يمكن تقديم هذا الطلب في أي وقت طالما لم يتم تنفيذ الحكم بشكل كامل، أو حتى بعد التنفيذ إذا كان الخطأ جوهريًا يؤثر على التنفيذ نفسه.
عدم وجود ميعاد محدد يعكس طبيعة هذه الطلبات، فهي لا تعد طعنًا على الحكم وإنما مجرد تصحيح لخطأ مادي. ومع ذلك، يُفضل تقديم الطلب في أقرب وقت ممكن بعد اكتشاف الخطأ لضمان سرعة معالجته.
البيانات الأساسية في طلب التصحيح
يجب أن يتضمن طلب التصحيح مجموعة من البيانات الأساسية لضمان قبوله وفحصه من قبل المحكمة. تشمل هذه البيانات اسم المحكمة المرفوع إليها الطلب، وأسماء الخصوم وصفاتهم، ورقم وتاريخ الحكم المطلوب تصحيحه، بالإضافة إلى بيان واضح للخطأ المطلوب تصحيحه وتحديد موقعه في الحكم.
يجب أن يوضح الطلب الأثر المترتب على الخطأ، والحل المقترح للتصحيح، مع ضرورة إرفاق نسخة من الحكم المراد تصحيحه وتقديم كافة المستندات المؤيدة لوجود الخطأ، مثل العقود أو المستندات الحسابية.
المستندات المطلوبة
لتقديم طلب تصحيح الحكم، يجب إرفاق المستندات الضرورية التي تدعم الطلب وتوضح الخطأ المطلوب تصحيحه. أهم هذه المستندات هي نسخة رسمية من الحكم القضائي المراد تصحيحه، ويُفضل أن تكون نسخة طبق الأصل من السجل الرسمي للمحكمة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب تقديم أي مستندات أخرى تثبت الخطأ، مثل كشوف حسابات صحيحة في حالة الأخطاء الحسابية، أو وثائق الهوية الصحيحة في حالة الأخطاء المتعلقة بالأسماء، أو أي مستندات رسمية تدعم الدعوى.
صيغة نموذجية لطلب تصحيح حكم قضائي
هيكل الطلب
تبدأ صيغة طلب تصحيح الحكم ببيانات المحكمة التي أصدرت الحكم، ثم تاريخ تقديم الطلب. يلي ذلك اسم مقدم الطلب وصفته (مدعي، مدعى عليه)، واسم الخصم وصفته. يتم بعد ذلك ذكر رقم الدعوى وتاريخ الحكم الصادر فيها.
الصلب الرئيسي للطلب هو “الموضوع”، حيث يتم ذكر أن الطلب يتعلق بتصحيح خطأ مادي/حسابي في الحكم رقم كذا الصادر بتاريخ كذا. ثم يتم تفصيل الخطأ بوضوح وتحديد موضعه في الحكم مع الإشارة إلى التعديل المطلوب بدقة.
يجب أن يختتم الطلب بعبارة “لذلك يلتمس الطالب من عدالة المحكمة الموقرة” ثم يتم تحديد المطلوب من المحكمة، وهو إصدار قرار بتصحيح الخطأ المذكور. يتم توقيع الطلب من قبل مقدمه أو محاميه، مع ذكر الاسم والصفة.
مثال عملي للصيغة
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى معالي/ السيد رئيس محكمة [اسم المحكمة التي أصدرت الحكم] الموقر
الدائرة [رقم الدائرة]
مقدمه لعدالتكم: السيد/ [اسم مقدم الطلب]، المقيم [عنوانه]، بصفته [مدعي/مدعى عليه] في الدعوى رقم [رقم الدعوى] لسنة [السنة].
ضـد: السيد/ [اسم الخصم]، المقيم [عنوانه]، بصفته [مدعي/مدعى عليه].
الموضوع: طلب تصحيح خطأ مادي/حسابي في الحكم الصادر في الدعوى رقم [رقم الدعوى] لسنة [السنة] بجلسة [تاريخ صدور الحكم].
بالإشارة إلى الحكم الصادر من محكمتكم الموقرة بتاريخ [تاريخ صدور الحكم] في الدعوى رقم [رقم الدعوى] لسنة [السنة]، والذي قضى بـ [ذكر جزء من منطوق الحكم ذي الصلة].
وحيث قد تبين للطالب وجود خطأ مادي/حسابي في الحكم المشار إليه أعلاه، وذلك في [اذكر الموضع المحدد للخطأ في الحكم، مثل: ص 5، سطر 10 من حيثيات الحكم، أو في البند رقم 3 من منطوق الحكم].
ويتجلى هذا الخطأ في [وصف دقيق للخطأ، مثال: "ذكر اسم المدعى عليه كـ 'أحمد محمود' بدلاً من 'محمود أحمد'" أو "الخطأ في احتساب مبلغ الفوائد ليصبح [المبلغ الخاطئ] بدلاً من [المبلغ الصحيح]"].
وذلك على النحو الثابت بالمستندات المرفقة (أو بالرجوع إلى [اذكر المرجع داخل الحكم أو المستندات الرسمية]).
وحيث أن هذا الخطأ لا يمس جوهر النزاع ولا يؤثر في منطوق الحكم، ولكنه مجرد خطأ مادي/حسابي يستدعي التصحيح للحفاظ على دقة الحكم.
لذلك، يلتمس الطالب من عدالة المحكمة الموقرة:
إصدار قرار بتصحيح الخطأ المادي/الحسابي الوارد في الحكم الصادر في الدعوى رقم [رقم الدعوى] لسنة [السنة] بجلسة [تاريخ صدور الحكم]، وذلك بجعل [التصحيح المطلوب، مثال: "اسم المدعى عليه 'محمود أحمد' بدلاً من 'أحمد محمود'"] أو ["مبلغ الفوائد [المبلغ الصحيح] بدلاً من [المبلغ الخاطئ]"].
وتفضلوا بقبول وافر الاحترام،
مقدم الطلب/ [اسم مقدم الطلب]
التوقيع/
نصائح هامة عند طلب تصحيح الحكم
التمييز بين التصحيح والطعن
من الضروري جدًا التفريق بين طلب تصحيح الحكم والطعن عليه (مثل الاستئناف أو النقض). طلب التصحيح لا يهدف إلى إعادة النظر في موضوع الدعوى أو تغيير قناعة المحكمة أو منطوق الحكم الجوهري. إنه يقتصر فقط على إصلاح الأخطاء المادية أو الحسابية التي لا تؤثر على صحة الحكم من الناحية الموضوعية.
الطعن، على النقيض، يهدف إلى إلغاء الحكم أو تعديله من حيث موضوع النزاع أو تطبيقه للقانون، ويتبع إجراءات ومواعيد محددة. تقديم طلب تصحيح لا يوقف مواعيد الطعن، ولا يحل محله في حال كان الخطأ مؤثرًا في جوهر الحكم.
أهمية الدقة في صياغة الطلب
يجب أن يكون طلب التصحيح دقيقًا وواضحًا في تحديد الخطأ المطلوب تصحيحه ومكانه في الحكم. أي غموض أو عدم وضوح قد يؤدي إلى رفض الطلب أو تأخير النظر فيه. يجب تحديد الفقرة أو السطر الذي يحتوي على الخطأ بدقة، وبيان التعديل المطلوب صياغةً ورقمًا.
استخدام لغة قانونية واضحة ومباشرة أمر حيوي لضمان فهم المحكمة لمضمون الطلب بشكل صحيح. يجب أن تكون الصياغة خالية من أي تفسيرات أو تأويلات شخصية، وتقتصر على الوصف الموضوعي للخطأ.
متى يكون تصحيح الحكم غير ممكن؟
لا يمكن اللجوء إلى طلب تصحيح الحكم في الحالات التي يكون فيها الخطأ ليس ماديًا بحتًا أو حسابيًا، وإنما يتعلق بخطأ في تطبيق القانون أو في تقدير الوقائع. في هذه الحالات، يكون الطريق الصحيح هو الطعن على الحكم بالاستئناف أو النقض حسب الأحوال.
كما لا يجوز تصحيح الحكم إذا كان الهدف من الطلب هو إضافة قضاء جديد لم يسبق للمحكمة أن فصلت فيه، أو تعديل مبدأ قانوني قررته المحكمة. يجب أن ينحصر التصحيح في نطاق الأخطاء الواضحة والمحددة التي لا تغير من جوهر الحكم.