الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالدعاوى المدنيةالقانون المصريالمحكمة المدنية

كيفية الاعتراض على حكم مدني غيابي

كيفية الاعتراض على حكم مدني غيابي

دليلك الشامل لخطوات وإجراءات الاعتراض على الأحكام الغيابية

يواجه الكثير من الأفراد في النظام القضائي المصري إشكالية صدور الأحكام القضائية ضدهم وهم غائبون عن حضور الجلسات، ما يُعرف بالحكم الغيابي. يُعد هذا النوع من الأحكام تحديًا يواجهه الأفراد الذين لم يتمكنوا من تقديم دفاعهم أو حتى العلم بوجود الدعوى القضائية ضدهم. يمثل الاعتراض على الحكم الغيابي حقًا أساسيًا تضمنه القوانين لتمكين المتضرر من إعادة النظر في القضية والدفاع عن حقوقه.

فهم الحكم المدني الغيابي وأسباب صدوره

ما هو الحكم الغيابي في القانون المدني؟

كيفية الاعتراض على حكم مدني غيابيالحكم الغيابي في القانون المدني هو القرار القضائي الذي يصدر من المحكمة في غياب أحد أطراف الدعوى، غالبًا المدعى عليه، وذلك لعدم حضوره الجلسات المحددة لنظر القضية. ينشأ هذا الوضع عادة عندما لا يتم إعلان الطرف الغائب بشكل صحيح أو عندما يتخلف عن الحضور بعد إعلانه، مما يحرمه من فرصة الدفاع عن نفسه أو تقديم مستنداته.

التمييز بين الحكم الغيابي والحكم الحضوري الاعتباري

من الضروري التفريق بين الحكم الغيابي والحكم الحضوري الاعتباري. الحكم الغيابي يصدر لعدم حضور المدعى عليه أصلاً أو عدم إعلانه بصورة صحيحة. أما الحكم الحضوري الاعتباري، فيصدر عندما يتم إعلان المدعى عليه بطريقة صحيحة لكنه يتخلف عن حضور الجلسات بعد ذلك. يترتب على هذا التمييز اختلاف في الإجراءات القانونية المتاحة للطعن في الحكم، حيث أن للحكم الحضوري الاعتباري قوة الحكم الحضوري ولا يجوز الاعتراض عليه بالطريق المعتاد للاعتراض على الحكم الغيابي.

الشروط القانونية لقبول الاعتراض على الحكم الغيابي

المواعيد القانونية للاعتراض

يجب الالتزام بالمواعيد القانونية لتقديم الاعتراض على الحكم الغيابي، وهي غالبًا خمسة عشر يومًا تبدأ من تاريخ الإعلان الصحيح للحكم. يمثل هذا الموعد أهمية قصوى، حيث أن تجاوز هذه المدة يؤدي إلى سقوط الحق في الاعتراض، ويصبح الحكم نهائيًا وباتًا ما لم تكن هناك ظروف استثنائية تستدعي الطعن عليه بطرق أخرى مثل الاستئناف، أو إذا ثبت أن الإعلان لم يكن صحيحًا من الأساس.

صفة ومصلحة المعترض

يشترط لقبول الاعتراض أن يتقدم به الخصم الذي صدر الحكم غيابياً ضده، وأن تكون له مصلحة مشروعة وقائمة في هذا الاعتراض. بمعنى أن يكون الاعتراض سيحقق له فائدة قانونية أو يرفع عنه ضررًا. لا يجوز لأي شخص آخر غير الطرف الذي صدر ضده الحكم الغيابي أن يتقدم بالاعتراض، حتى وإن كان له صلة بالطرف المحكوم عليه غيابيًا.

الإعلان الصحيح للحكم

يعد الإعلان الصحيح للحكم هو مفتاح احتساب الميعاد القانوني للاعتراض. يجب أن يتم الإعلان وفقًا للإجراءات التي حددها قانون المرافعات، سواء كان ذلك بالإعلان لشخص المدعى عليه، أو لمن يمثله، أو عن طريق اللصق في بعض الحالات. أي خلل في إجراءات الإعلان قد يجعل الإعلان باطلاً، وبالتالي لا يسري الميعاد القانوني للاعتراض، مما يمنح الطرف الغائب حق الاعتراض في أي وقت يكتشف فيه الحكم.

الخطوات العملية لتقديم طلب الاعتراض على الحكم المدني الغيابي

إعداد صحيفة الاعتراض

تتمثل الخطوة الأولى في إعداد صحيفة اعتراض مكتوبة تتضمن عدة بيانات أساسية. يجب أن تشمل هذه الصحيفة اسم المحكمة المختصة، بيانات المعترض والمعترض ضده، ورقم وتاريخ الحكم الغيابي الصادر، بالإضافة إلى الأسباب التي يستند إليها المعترض لطلب إلغاء أو تعديل الحكم. يجب صياغة هذه الأسباب بوضوح ودقة لتعرض موقف المعترض أمام المحكمة بشكل فعال.

إجراءات رفع الاعتراض أمام المحكمة

بعد إعداد صحيفة الاعتراض، يتم تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي. يقوم الموظف المختص بقيد الصحيفة في السجلات المخصصة لذلك، مع سداد الرسوم القضائية المقررة. بعد القيد، يتم تحديد جلسة لنظر الاعتراض، ويجب على المعترض متابعة تحديد هذه الجلسة لضمان استمرار الإجراءات وعدم إغفال أي مواعيد قضائية هامة.

إعلان صحيفة الاعتراض للخصوم

من الإجراءات الجوهرية بعد رفع صحيفة الاعتراض هو إعلانها للخصوم (المدعي الأصلي في الدعوى) بواسطة المحضرين. يضمن الإعلان الصحيح للخصم حقه في العلم بالاعتراض والرد عليه وتقديم دفاعه. يعتبر الإعلان ركنًا أساسيًا لصحة إجراءات الاعتراض، وعدم إتمامه بشكل صحيح قد يؤدي إلى بطلان الإجراءات أو تأخيرها، ويجب التأكد من وصول الإعلان للخصم في المواعيد المقررة.

الآثار المترتبة على تقديم الاعتراض والخيارات المتاحة

وقف تنفيذ الحكم المعترض عليه

بمجرد تقديم الاعتراض على الحكم الغيابي في المواعيد القانونية، يترتب عليه قانونًا وقف تنفيذ هذا الحكم، ما لم يكن الحكم مشمولًا بالنفاذ المعجل. يعني ذلك أن الإجراءات التنفيذية التي بدأت بناءً على الحكم الغيابي تتوقف مؤقتًا لحين الفصل في الاعتراض. في بعض الحالات، قد يتطلب الأمر تقديم طلب صريح لوقف التنفيذ أمام المحكمة لضمان عدم استمرار أي إجراءات تنفيذية قد تضر بالمعترض.

نظر المحكمة للاعتراض

عند نظر المحكمة للاعتراض، تعود الدعوى الأصلية إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم الغيابي. تفتح الفرصة للمعترض لتقديم دفاعه، ومستنداته، وشهوده، وكل ما لديه من أدلة لدحض الادعاءات الموجهة ضده أو لتوضيح موقفه. تقوم المحكمة بمراجعة كافة تفاصيل الدعوى من جديد، وتستمع إلى أقوال الطرفين، وتدرس الأدلة المقدمة لإصدار حكمها في الاعتراض.

الحكم في الاعتراض

بعد استكمال كافة الإجراءات وتقديم الدفاع، تصدر المحكمة حكمها في الاعتراض. قد يكون الحكم بتأييد الحكم الغيابي، أو بتعديله جزئيًا، أو بإلغائه كليًا إذا اقتنعت المحكمة بصحة أسباب الاعتراض. في حال إلغاء الحكم الغيابي، تستمر المحكمة في نظر الموضوع الأصلي. بعد صدور الحكم في الاعتراض، يصبح هذا الحكم هو الأساس الجديد الذي يمكن الطعن عليه بالاستئناف إذا لم يكن مقبولًا لأي من الطرفين.

حلول بديلة واعتبارات إضافية للتعامل مع الأحكام الغيابية

الاستئناف المباشر على الحكم الغيابي

في بعض الحالات، خاصة إذا ثبت أن الإعلان الخاص بالحكم الغيابي كان باطلًا أو لم يتم إطلاقًا، يمكن اللجوء إلى الاستئناف المباشر على الحكم الغيابي بدلًا من الاعتراض. يتيح الاستئناف المباشر عرض القضية على درجة أعلى من التقاضي، وقد يكون الخيار الأمثل عندما يكون هناك شك كبير في صحة الإجراءات التي أدت إلى صدور الحكم الغيابي، أو عندما يكون ميعاد الاعتراض قد فات بسبب عدم العلم بالحكم.

طلب إعادة الإعلان للمدعى عليه في الأصل

إذا كان هناك شك حول صحة الإعلان الأول الذي أدى إلى صدور الحكم الغيابي، يحق للطرف المتضرر أن يطلب من المحكمة إعادة إعلان المدعي عليه في الدعوى الأصلية بشكل صحيح. هذه الخطوة تضمن استيفاء الإجراءات القانونية اللازمة وتفتح الباب أمام تقديم الدفاع بشكل سليم. كما أنها تساعد في إثبات أن عدم الحضور لم يكن متعمدًا، بل نتيجة لخلل إجرائي في إبلاغ الطرف المعني.

أهمية الاستعانة بمحامٍ متخصص

نظرًا لتعقيد الإجراءات القانونية ودقة المواعيد والشروط، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص في القانون المدني وقانون المرافعات المصري يعد أمرًا حيويًا. يمكن للمحامي تقديم المشورة القانونية السليمة، وإعداد صحيفة الاعتراض بشكل احترافي، ومتابعة الإجراءات في المحكمة، وتقديم الدفوع اللازمة. هذا يجنب الأخطاء الإجرائية التي قد تؤدي إلى رفض الاعتراض ويضمن أفضل النتائج الممكنة.

متابعة الجلسات والإعلانات القضائية

لتجنب الوقوع في فخ الأحكام الغيابية، يُنصح دائمًا بالمتابعة الدورية للجلسات القضائية والإعلانات التي قد تخص الفرد. يمكن ذلك من خلال الاستعلام عن القضايا في المحاكم المختصة أو عبر المواقع الإلكترونية المتاحة إن وجدت. هذه المتابعة الوقائية تساعد في الحضور المبكر للجلسات وتقديم الدفاع في وقته، مما يحول دون صدور أحكام غيابية من الأساس ويوفر الكثير من الجهد والوقت.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock