الإجراءات القانونيةالدعاوى المدنيةالقانون المدنيالقانون المصري

كيفية رفع دعوى تعويض عن الضرر الأدبي

كيفية رفع دعوى تعويض عن الضرر الأدبي

دليلك الشامل للخطوات القانونية والإجراءات اللازمة للحصول على حقك

يواجه الكثير من الأشخاص مواقف تتسبب في إلحاق أذى نفسي أو معنوي بهم، وهو ما يعرف قانونًا بالضرر الأدبي. هذا الضرر قد ينشأ عن أفعال مثل السب أو القذف أو التشهير أو أي فعل يمس الشرف والاعتبار. القانون المصري كفل للمتضرر الحق في المطالبة بتعويض مالي لجبر هذا الضرر. في هذا المقال، نقدم لك خطوات عملية ومفصلة لرفع دعوى تعويض عن الضرر الأدبي، بما يضمن حماية حقوقك والحصول على التعويض المستحق.

فهم الضرر الأدبي وأركانه الأساسية

كيفية رفع دعوى تعويض عن الضرر الأدبيقبل الشروع في أي إجراء قانوني، من الضروري فهم ماهية الضرر الأدبي والشروط التي يجب توافرها للمطالبة بالتعويض عنه. يمثل هذا الفهم حجر الزاوية في بناء قضية قوية ومتماسكة أمام المحكمة. فالضرر الأدبي ليس مجرد شعور بالضيق، بل هو مساس بحق من الحقوق اللصيقة بالشخصية والتي يحميها القانون.

ما هو الضرر الأدبي؟

الضرر الأدبي أو المعنوي هو كل أذى يصيب الشخص في شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه أو اعتباره. على عكس الضرر المادي الذي يصيب الذمة المالية للشخص، فإن الضرر الأدبي يصيب الجانب غير المالي من حقوقه. من أمثلته الألم النفسي الناتج عن فقدان شخص عزيز بحادث، أو الشعور بالإهانة نتيجة السب والقذف، أو المساس بالسمعة التجارية أو المهنية.

أركان المسؤولية عن الضرر الأدبي

لكي تكتمل أركان المسؤولية ويستحق المتضرر التعويض، يجب إثبات توافر ثلاثة عناصر أساسية لا يمكن قيام الدعوى بدونها. هذه الأركان هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما. يجب على المدعي أن يقدم الأدلة التي تثبت وقوع خطأ من جانب المدعى عليه، وأن هذا الخطأ قد تسبب له في ضرر أدبي مباشر، وأن هناك رابطًا واضحًا يربط بين الفعل الخاطئ والضرر الذي لحق به.

الإجراءات الأولية قبل رفع الدعوى

التحضير الجيد قبل اللجوء إلى القضاء يزيد من فرص نجاح الدعوى بشكل كبير. هناك مجموعة من الخطوات التمهيدية التي يجب اتخاذها لضمان أن ملف قضيتك كامل ومستوفي لكافة الشروط الشكلية والموضوعية، مما يسهل على المحكمة فهم وقائع الدعوى وإصدار حكم عادل لصالحك.

جمع الأدلة والمستندات

تعتبر مرحلة جمع الأدلة هي الأهم على الإطلاق. يجب عليك توثيق كل ما يثبت وقوع الفعل الضار والضرر الناتج عنه. يمكن أن تشمل الأدلة رسائل نصية، تسجيلات صوتية أو مرئية بعد الحصول على إذن قضائي، منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، شهادة الشهود الذين حضروا الواقعة، تقارير طبية نفسية تثبت الأثر النفسي للضرر، أو أي مستند آخر يدعم موقفك. كلما كانت الأدلة قوية ومتنوعة، زادت قوة موقفك القانوني.

توكيل محامٍ متخصص

على الرغم من أنه يمكنك رفع الدعوى بنفسك، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص في قضايا التعويضات المدنية أمر شبه ضروري. المحامي يمتلك الخبرة والدراية بالإجراءات القانونية المعقدة، وصياغة صحيفة الدعوى بشكل سليم، وتقديم الدفوع القانونية المناسبة أمام المحكمة. سيقوم المحامي بتقييم الموقف وتوجيهك نحو أفضل مسار قانوني ممكن ويزيد من فرص الحصول على حكم بالتعويض المناسب.

خطوات رفع دعوى التعويض أمام المحكمة

بعد اكتمال مرحلة التحضير وجمع الأدلة، تبدأ المرحلة الإجرائية الرسمية وهي رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة. تتطلب هذه المرحلة الدقة في اتباع الخطوات المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية لضمان قبول الدعوى شكلاً قبل النظر في موضوعها.

كتابة صحيفة الدعوى

يقوم المحامي بصياغة “صحيفة افتتاح الدعوى” وهي المستند الرسمي الذي تبدأ به الخصومة. يجب أن تتضمن الصحيفة بيانات المدعي والمدعى عليه بشكل دقيق، والمحكمة المختصة بنظر النزاع، وسردًا تفصيليًا لوقائع الدعوى، مع تحديد الأفعال الخاطئة التي ارتكبها المدعى عليه، ووصف الضرر الأدبي الذي لحق بالمدعي، وتحديد الطلبات بوضوح، والتي يكون على رأسها طلب إلزام المدعى عليه بأداء مبلغ معين على سبيل التعويض.

قيد الدعوى في قلم كتاب المحكمة

يتم تقديم أصل صحيفة الدعوى وعدد كافٍ من الصور إلى “قلم كتاب” المحكمة المدنية المختصة. يقوم الموظف المختص بمراجعة الصحيفة والتأكد من استيفاء البيانات، ثم يتم قيدها في سجل المحكمة وتحديد رقم لها وتحديد موعد لأولى الجلسات. في هذه المرحلة يتم سداد الرسوم القضائية المقررة للدعوى.

إعلان الخصم بالدعوى

بعد قيد الدعوى، يجب إعلان المدعى عليه (الخصم) بصورة من صحيفة الدعوى وتاريخ الجلسة المحددة. يتم هذا الإعلان رسميًا عن طريق المحضرين التابعين للمحكمة. يعتبر الإعلان إجراءً جوهريًا لضمان علم الخصم بالدعوى المقامة ضده ومنحه الفرصة لتجهيز دفاعه، وبدون إعلان صحيح لا تنعقد الخصومة قانونًا.

إثبات الضرر الأدبي وتقدير قيمة التعويض

تتمثل الصعوبة في دعاوى الضرر الأدبي في كيفية إثباته وتقدير قيمته المالية، لأنه ضرر غير ملموس. يعتمد الأمر بشكل كبير على قوة الأدلة المقدمة والسلطة التقديرية للقاضي في تقييم مدى الأذى الذي لحق بالمتضرر.

وسائل إثبات الضرر

يمكن إثبات الضرر الأدبي بكافة طرق الإثبات المتاحة قانونًا. أهم وسيلة هي شهادة الشهود، حيث يمكن لأشخاص شهدوا الواقعة أو لاحظوا التغيرات السلبية في حالة المتضرر النفسية أن يدلوا بشهادتهم. كذلك يمكن تقديم المستندات مثل التقارير الطبية النفسية، أو الأحكام الجنائية النهائية التي قد تكون صدرت ضد المدعى عليه في نفس الواقعة، حيث إن الحكم الجنائي بالإدانة له حجية أمام القضاء المدني.

معايير تقدير التعويض من قبل القاضي

يخضع تقدير قيمة التعويض عن الضرر الأدبي للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع. لا يوجد معيار حسابي ثابت، بل ينظر القاضي إلى عدة عوامل لتحديد المبلغ المناسب لجبر الضرر. من هذه العوامل: طبيعة الخطأ المرتكب ومدى جسامته، ومكانة المتضرر الاجتماعية والمهنية، ومدى تأثير الضرر على سمعته وشعوره، والظروف المحيطة بالواقعة. يهدف التعويض إلى تحقيق مواساة للمتضرر وردع للمخطئ.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock