الإستشارات القانونيةالجرائم الالكترونيةالقانون الجنائيالقانون المصريجرائم الانترنت

عقوبة السب والقذف عبر الإنترنت

عقوبة السب والقذف عبر الإنترنت

الإطار القانوني والإجراءات المتبعة لمواجهة الجرائم الرقمية

في عصر يتزايد فيه الاعتماد على الفضاء الرقمي، أصبحت جرائم السب والقذف عبر الإنترنت ظاهرة منتشرة
تتطلب وعيًا قانونيًا واسعًا. يتناول هذا المقال عقوبة السب والقذف الإلكتروني وفقًا للقانون المصري،
مقدمًا حلولًا وإجراءات عملية للتعامل مع هذه المشكلة القانونية المعقدة. سنستعرض الإطار التشريعي،
خطوات تقديم الشكوى، والعقوبات المقررة، بالإضافة إلى نصائح وقائية لضمان بيئة رقمية آمنة ومسؤولة.

فهم جريمة السب والقذف عبر الإنترنت في القانون المصري

تعريف السب والقذف في السياق القانوني

عقوبة السب والقذف عبر الإنترنت
السب هو كل لفظ أو إشارة تخدش الشرف أو الاعتبار دون أن تتضمن إسناد واقعة معينة. بينما القذف هو إسناد واقعة معينة
إلى شخص لو صحت لأوجبت عقابه أو احتقاره بين أهله ووطنه. في الفضاء الرقمي، تتخذ هذه الأفعال أشكالًا متنوعة
مثل التعليقات المسيئة، الرسائل الخاصة، أو المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. التمييز بينهما مهم لتحديد
المادة القانونية التي سيتم تطبيقها والعقوبة المقررة. يعتبر القانون المصري كلاهما انتهاكًا يعاقب عليه.

القوانين المنظمة لجرائم السب والقذف الإلكتروني

تخضع جرائم السب والقذف عبر الإنترنت في مصر بشكل رئيسي لأحكام قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018،
بالإضافة إلى بعض مواد قانون العقوبات المصري. يهدف قانون تقنية المعلومات إلى تنظيم استخدام الإنترنت ووسائل الاتصال
الحديثة، وتجريم الأفعال التي تشكل اعتداءً على القيم والأخلاق وحقوق الأفراد. هذا القانون يوفر أدوات قانونية حديثة
للتعامل مع التحديات التي يفرضها العالم الرقمي.

الأركان القانونية لجريمة السب والقذف الإلكتروني

تتحقق جريمة السب والقذف الإلكتروني بتوافر ركنين أساسيين: الركن المادي والركن المعنوي. الركن المادي يتمثل في الفعل
الإيجابي الذي ارتكبه الجاني، سواء كان قولًا أو كتابة أو إشارة، ونشره عبر وسيلة إلكترونية تحقق العلانية.
الركن المعنوي يتجلى في قصد الجاني الإساءة إلى المجني عليه وتشويه سمعته أو خدش شرفه. يجب إثبات هذه الأركان
للتأكيد على وقوع الجريمة.

الإجراءات العملية لتقديم شكوى بشأن السب والقذف الإلكتروني

جمع الأدلة الرقمية الدقيقة

الخطوة الأولى والأكثر أهمية هي جمع وتوثيق الأدلة الرقمية. يجب التقاط لقطات شاشة (Screenshots) للصفحات أو المنشورات
التي تتضمن السب أو القذف، مع التأكد من ظهور التاريخ والوقت واسم المستخدم بوضوح. يفضل تصوير مقطع فيديو للشاشة
يوضح مسار الوصول إلى المنشور المعني. كما يجب حفظ روابط الصفحات (URLs) التي تحتوي على المحتوى المسيء. هذه الأدلة
ضرورية لإثبات الواقعة أمام الجهات المختصة.

التوجه إلى الجهات المختصة لتقديم البلاغ

بعد جمع الأدلة، يتوجه المجني عليه إلى الإدارة العامة لمباحث مكافحة جرائم تقنية المعلومات (إدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكات المعلومات)
التابعة لوزارة الداخلية، أو أقرب قسم شرطة أو النيابة العامة. يجب تقديم الأدلة التي تم جمعها والمستندات الثبوتية للشخص
المتضرر. ستتولى هذه الجهات التحقيق في البلاغ واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

خطوات تحرير المحضر وتقديم الأدلة

عند تقديم البلاغ، سيتم تحرير محضر رسمي يوثق تفاصيل الواقعة. يجب على المجني عليه تدوين كل ما يعرفه عن الواقعة بدقة،
بما في ذلك أسماء الحسابات، التواريخ، الأوقات، وطبيعة الألفاظ أو العبارات المسيئة. سيتم فحص الأدلة الرقمية التي
قدمتها السلطات المختصة. قد يُطلب منك تقديم شهود إذا وجدوا. يتبع المحضر إجراءات التحقيق الرسمية التي قد تستغرق بعض الوقت.

العقوبات المقررة لجرائم السب والقذف الإلكتروني في مصر

العقوبات الجنائية للسب والقذف عبر الإنترنت

ينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 على عقوبات محددة لجرائم السب والقذف عبر الإنترنت.
فعلى سبيل المثال، المادة 26 من القانون تعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه
ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعمد استعمال برنامج معلوماتي أو تقنية معلوماتية
في معالجة بيانات شخصية للغير لربطها بمحتوى مناف للآداب العامة أو لإظهارها بطريقة من شأنها المساس بشرفه أو اعتباره.

الحق في التعويض المدني عن الأضرار

بالإضافة إلى العقوبة الجنائية، يحق للمجني عليه المطالبة بتعويض مدني عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت به نتيجة
جريمة السب والقذف. يتم رفع دعوى التعويض المدني أمام المحكمة المدنية المختصة بعد صدور حكم نهائي في القضية الجنائية،
أو قد ترفع مباشرة في بعض الحالات. يهدف التعويض إلى جبر الضرر الذي تعرض له الضحية.

العوامل المؤثرة على تحديد العقوبة والتعويض

تتأثر العقوبة المقررة والتعويض المحكوم به بعدة عوامل، منها جسامة الألفاظ المستخدمة، ومدى انتشار المحتوى المسيء،
والأضرار النفسية والمادية التي لحقت بالمجني عليه. كما يؤخذ في الاعتبار تكرار الجريمة، وقصد الجاني، والظروف المحيطة
بالواقعة. يلعب دور النيابة العامة والمحكمة دورًا حاسمًا في تقدير هذه العوامل وتطبيق القانون.

نصائح وإجراءات وقائية لتجنب التعرض لجرائم السب والقذف

تعزيز الوعي القانوني بخصوص الاستخدام الآمن للإنترنت

توعية الأفراد بالقوانين المنظمة للإنترنت وحقوقهم وواجباتهم الرقمية أمر بالغ الأهمية. فهم طبيعة الجرائم الإلكترونية
وعقوباتها يساعد على تجنب الوقوع فيها، سواء كضحية أو كمرتكب. يجب على الجميع الاطلاع على القوانين المتعلقة بالسب والقذف
وحماية البيانات الشخصية. البرامج التوعوية في المدارس والجامعات والمؤسسات يمكن أن تلعب دورًا فعالًا.

أهمية الحفاظ على خصوصية البيانات الشخصية

تجنب مشاركة المعلومات الشخصية الحساسة أو الصور الخاصة على الإنترنت، وكن حذرًا عند قبول طلبات الصداقة من الغرباء
أو التفاعل مع محتوى مشبوه. ضبط إعدادات الخصوصية في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي لمنع وصول غير المصرح لهم إلى
معلوماتك. الحفاظ على سرية البيانات يقلل بشكل كبير من فرص التعرض للاستهداف.

السلوك الرقمي المسؤول والتعامل مع المحتوى المسيء

مارس السلوك الرقمي المسؤول وتجنب الانخراط في النقاشات التي قد تؤدي إلى تبادل الألفاظ المسيئة. في حال تعرضك لمحتوى
مسيء، لا ترد بنفس الأسلوب. قم بالإبلاغ عن المحتوى المسيء فورًا إلى إدارة المنصة التي تم النشر عليها، ووثق الأدلة.
تذكر أن الإجراءات الوقائية هي خط الدفاع الأول ضد جرائم السب والقذف الإلكتروني.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock