الإجراءات القانونيةالقانون الإداريالقانون المدنيالقانون المصري

الإجراءات القانونية لإنشاء الجمعيات الأهلية

الإجراءات القانونية لإنشاء الجمعيات الأهلية

دليلك الشامل لخطوات التأسيس والتشغيل في مصر

تعد الجمعيات الأهلية ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتنميتها، حيث تلعب دورًا حيويًا في تقديم الخدمات، الدفاع عن الحقوق، وتعبئة الجهود التطوعية نحو قضايا مجتمعية متنوعة. إلا أن تأسيس هذه الجمعيات في مصر يتطلب فهمًا دقيقًا للإطار القانوني المنظم لها، والذي يضمن شفافية عملها وفعالية تأثيرها. يواجه الكثيرون تحديات وصعوبات في إتمام الإجراءات الرسمية، مما يستلزم تقديم دليل عملي ومفصل يوضح كل خطوة بدءًا من الفكرة وحتى التشغيل الفعلي.

الإطار القانوني المنظم للجمعيات الأهلية في مصر

قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي رقم 149 لسنة 2019

الإجراءات القانونية لإنشاء الجمعيات الأهليةيمثل القانون رقم 149 لسنة 2019 بشأن تنظيم ممارسة العمل الأهلي حجر الزاوية في الإطار التشريعي للجمعيات الأهلية في مصر. يحدد هذا القانون الإجراءات والشروط الواجب توافرها لتأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وينظم عملها، ويحدد حقوقها وواجباتها. يهدف القانون إلى تنظيم العمل التطوعي وتفعيل دور المجتمع المدني مع ضمان الشفافية والمساءلة. الفهم العميق لمواده ضروري لتجنب أي معوقات قانونية محتملة وضمان سير الإجراءات بسلاسة. يشمل القانون تعريفات دقيقة لأنواع الكيانات الأهلية المختلفة.

الجهات الإدارية المختصة بالإشراف والمتابعة

تتولى وزارة التضامن الاجتماعي في مصر الدور الرئيسي كجهة إدارية مختصة بالإشراف والمتابعة على الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وتشمل مهامها تلقي إخطارات التأسيس، مراجعة المستندات، إصدار شهادات القيد، ومتابعة الأنشطة المالية والإدارية للجمعيات. كما قد تتشارك جهات إدارية أخرى، مثل وزارة الخارجية للمنظمات الدولية أو وزارة الشباب والرياضة للجمعيات ذات الطابع الرياضي، في بعض جوانب الإشراف. الوعي بهذه الجهات ودور كل منها يسهل عملية التواصل ويضمن الالتزام بالمتطلبات الإجرائية المحددة.

الشروط الأساسية لتأسيس الجمعية الأهلية

شروط المؤسسين

يتطلب تأسيس الجمعية الأهلية وجود عدد محدد من المؤسسين، عادة لا يقل عن عشرة أشخاص طبيعيين أو اعتباريين، طبقاً لأحكام القانون المصري. يجب أن يكون المؤسسون متمتعين بالجنسية المصرية وكامل الأهلية، ولم يصدر ضدهم حكم نهائي بعقوبة جناية أو جنحة ماسة بالشرف والأمانة، ما لم يكن قد رد إليهم اعتبارهم. كما يشترط أن يكون لهم هدف مشترك يتوافق مع أهداف الجمعية المزمع تأسيسها وغير مخالف للنظام العام والآداب. يجب التأكد من استيفاء جميع هؤلاء الأفراد للشروط القانونية لضمان صحة إجراءات التأسيس.

شروط المقر

يجب أن يكون للجمعية الأهلية مقر دائم ومعروف داخل جمهورية مصر العربية، وأن يكون هذا المقر لائقًا لمزاولة النشاطات المقررة للجمعية. يتطلب القانون تقديم سند حيازة للمقر، سواء كان عقد إيجار موثق أو عقد ملكية، ويفضل أن يكون ثابت التاريخ. لا يشترط أن يكون المقر مملوكًا للجمعية، بل يمكن أن يكون مؤجرًا. يجب أن يتمتع المقر ببيئة آمنة وملائمة للعمل، مع مراعاة شروط السلامة والصحة المهنية. التأكد من قانونية المقر وسلامته خطوة أساسية لضمان قبول الإخطار.

شروط النظام الأساسي

يعد النظام الأساسي (اللائحة الداخلية) هو الدستور الذي يحكم عمل الجمعية. يجب أن يتضمن النظام الأساسي اسم الجمعية ومقرها، أغراضها، أسماء أعضاء مجلس الإدارة، اختصاصات الجمعية العمومية ومجلس الإدارة، قواعد العضوية، كيفية إدارة أموال الجمعية، قواعد تعديل النظام الأساسي، وكيفية حل الجمعية وتصفية أموالها. يجب أن يكون النظام الأساسي متوافقًا تمامًا مع أحكام قانون العمل الأهلي ولائحته التنفيذية، وأن يخلو من أي نصوص تتعارض مع القانون أو النظام العام. صياغة نظام أساسي متكامل وواضح يقلل من النزاعات المستقبلية.

خطوات التسجيل والإشهار (الطريقة الأولى: الإخطار)

إعداد المستندات المطلوبة

تبدأ عملية التأسيس بإعداد مجموعة متكاملة من المستندات الضرورية. تشمل هذه المستندات صورة من بطاقات الرقم القومي للمؤسسين، شهادات الميلاد، صحيفة الحالة الجنائية (فيش وتشبيه) لكل مؤسس، سند حيازة المقر (عقد إيجار أو ملكية)، محضر اجتماع المؤسسين الأول، وأربع نسخ من النظام الأساسي للجمعية موقعة من المؤسسين. كما يجب توفير كشف بأسماء المؤسسين وبياناتهم الشخصية. التأكد من اكتمال ودقة هذه المستندات قبل التقديم يوفر الوقت ويمنع رفض الإخطار بسبب نقص في الأوراق. يجب مراجعة قائمة المستندات الدقيقة من اللائحة التنفيذية للقانون.

تقديم الإخطار للجهة الإدارية

بعد تجميع المستندات، يتم تقديم إخطار التأسيس مرفقًا بالمستندات المطلوبة إلى مديرية التضامن الاجتماعي المختصة بالمحافظة التي يقع في دائرتها مقر الجمعية. يتم التقديم بموجب طلب رسمي من المؤسسين أو من ينوب عنهم بتوكيل رسمي. تقوم الجهة الإدارية بمراجعة الأوراق للتأكد من استيفائها للشروط القانونية. يجب التأكد من الحصول على إيصال رسمي يفيد تاريخ ووقت تقديم الإخطار، حيث يعتبر هذا التاريخ هو تاريخ قيد الجمعية ما لم يصدر قرار مسبب برفض القيد خلال ستين يومًا من تاريخ الإخطار. تقديم الإخطار بشكل صحيح يضمن بدء العد التنازلي للموافقة.

المتابعة والحصول على شهادة القيد

بعد تقديم الإخطار، يجب على المؤسسين متابعة الطلب لدى مديرية التضامن الاجتماعي. في حالة عدم صدور قرار بالرفض خلال المدة القانونية (ستين يومًا)، تعتبر الجمعية قائمة بحكم القانون، ويحق للمؤسسين الحصول على شهادة القيد. في بعض الحالات، قد تطلب الجهة الإدارية استيفاء بعض المستندات أو الإيضاحات، ويجب الاستجابة لها في المواعيد المحددة. الحصول على شهادة القيد يعد الخطوة النهائية والأساسية لبدء الجمعية في ممارسة أنشطتها بشكل قانوني ورسمي. يجب الاحتفاظ بهذه الشهادة كوثيقة رسمية للجمعية.

الإجراءات المالية والإدارية بعد التأسيس

فتح حساب بنكي

بعد إشهار الجمعية والحصول على شهادة القيد، يصبح من الضروري فتح حساب بنكي باسم الجمعية. هذا الإجراء حيوي لضمان الشفافية المالية وتنظيم الإيرادات والمصروفات وفقًا للقانون. يجب أن يكون الحساب باسم الجمعية وليس باسم الأفراد، ويتم فتحه في أحد البنوك المرخصة في مصر. يتطلب فتح الحساب تقديم شهادة القيد، النظام الأساسي، ومحضر اجتماع مجلس الإدارة الذي يفوض أعضاء محددين بالتوقيع على الشيكات والمعاملات البنكية. الامتثال لهذه الخطوة يسهل عمليات التدقيق المالي ويحمي أموال الجمعية.

السجلات المحاسبية والإدارية

يتوجب على الجمعية الأهلية الاحتفاظ بسجلات محاسبية وإدارية منتظمة وواضحة تعكس جميع أنشطتها ومعاملاتها المالية والإدارية. تشمل هذه السجلات: سجل قيد الأعضاء، سجل محاضر جلسات مجلس الإدارة والجمعية العمومية، سجل الإيرادات والمصروفات، سجل الأصول الثابتة، وأي سجلات أخرى تتطلبها طبيعة عمل الجمعية أو تفرضها اللائحة التنفيذية للقانون. يجب أن تكون هذه السجلات مؤرخة ومختومة ومعتمدة، وجاهزة للاطلاع عليها من قبل الجهات الإشرافية في أي وقت. الحفاظ على هذه السجلات بدقة يعزز الشفافية ويسهل عملية المراجعة.

التزامات الشفافية والإفصاح

يلزم قانون تنظيم العمل الأهلي الجمعيات الأهلية بالعديد من التزامات الشفافية والإفصاح. يشمل ذلك تقديم تقارير دورية للجهة الإدارية عن أنشطتها ومشروعاتها، وعرض ميزانياتها السنوية المعتمدة من مراجع حسابات قانوني، ونشرها على موقعها الإلكتروني إن وجد. كما يجب الإفصاح عن مصادر التمويل وأوجه صرفها. هذه الالتزامات تهدف إلى ضمان أن أموال الجمعية تستخدم في الأغراض المخصصة لها، وتعزز ثقة الجمهور والجهات المانحة. عدم الالتزام بهذه المتطلبات قد يعرض الجمعية للمساءلة القانونية أو حتى حلها. الشفافية هي مفتاح النجاح والاستمرارية للجمعيات.

حلول لتحديات شائعة في التأسيس والتشغيل

التعامل مع رفض الإخطار أو طلب الاستكمال

قد تواجه الجمعية الناشئة رفضًا للإخطار أو طلب استكمال مستندات. في هذه الحالة، يجب أولاً فهم الأسباب المحددة للرفض أو النقص في المستندات. الحل يكمن في سرعة الاستجابة وتصحيح الأخطاء أو توفير المستندات الناقصة في المواعيد المحددة. إذا كان الرفض غير مسبب أو غير قانوني، يحق للجمعية الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية المختصة. يمكن طلب المساعدة من محامين متخصصين في قانون الجمعيات الأهلية لتقديم المشورة القانونية والدعم في هذه الحالات. الفهم الجيد للأسباب يساعد على تقديم الحلول الصحيحة والسريعة.

حلول لتمويل الجمعيات

يعد التمويل من أكبر التحديات التي تواجه الجمعيات الأهلية. لحل هذه المشكلة، يمكن للجمعيات تنويع مصادر دخلها. يشمل ذلك التقدم بطلبات للحصول على منح من المانحين المحليين والدوليين، تنظيم فعاليات لجمع التبرعات، إقامة مشاريع مدرة للدخل تتوافق مع أهداف الجمعية، وجمع الاشتراكات والتبرعات من الأعضاء والجمهور. يجب أن تتم جميع عمليات جمع التبرعات والتمويل وفقًا للقانون، مع الإفصاح الكامل عن المصادر والأوجه. بناء شبكة علاقات قوية مع الجهات المانحة والمجتمع يساهم في تأمين استدامة التمويل. الشفافية المالية تجذب المانحين وتزيد الثقة.

ضمان الامتثال القانوني المستمر

لا يقتصر دور الإجراءات القانونية على التأسيس فقط، بل يمتد ليشمل ضمان الامتثال المستمر للقوانين واللوائح طوال فترة عمل الجمعية. للقيام بذلك، يجب على الجمعية تعيين مستشار قانوني أو فريق متخصص في الشؤون القانونية للجمعيات لمتابعة التحديثات التشريعية، والتأكد من صحة العقود والاتفاقيات، وتقديم المشورة في القضايا القانونية المختلفة. كما يجب تدريب أعضاء مجلس الإدارة والعاملين على أهمية الالتزام القانوني واللوائح الداخلية للجمعية. المراجعة الدورية للوثائق والإجراءات تضمن استمرارية العمل القانوني وتجنب المخاطر المحتملة.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock