أثر الحيازة على القسمة القضائية
محتوى المقال
أثر الحيازة على القسمة القضائية
فهم دور الحيازة في تسوية المنازعات القضائية للعقارات المشتركة
تعد الحيازة من المفاهيم القانونية المحورية في القانون المدني المصري، والتي تكتسب أهمية خاصة عند النظر في دعاوى القسمة القضائية. فالحيازة ليست مجرد وضع مادي للسيطرة على شيء، بل هي حالة قانونية تنشئ حقائق ووقائع يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على حقوق الملكية وعلى مسار الدعاوى القضائية المتعلقة بتقسيم الأموال الشائعة. يهدف هذا المقال إلى استكشاف العلاقة المعقدة بين الحيازة والقسمة القضائية، وتقديم فهم شامل لكيفية تأثير الحيازة على حقوق الشركاء، بالإضافة إلى تقديم حلول عملية وخطوات إجرائية للتعامل مع التحديات التي قد تنشأ في هذا السياق. إن الإلمام بهذه الجوانب يعد ضروريًا لكل من الأفراد والمحامين لضمان تحقيق العدالة في قضايا القسمة.
مفهوم الحيازة وأنواعها في القانون المدني المصري
تعريف الحيازة وأركانها (مادي ومعنوي)
الحيازة في القانون المدني المصري هي السيطرة الفعلية للمستولي على شيء، سواء كان عقاراً أو منقولاً، بنية التملك أو الاستفادة منه بصفة خاصة. تتكون الحيازة من ركنين أساسيين: الركن المادي والركن المعنوي. الركن المادي يتمثل في الأعمال المادية التي يقوم بها الحائز على الشيء، كزراعته أو سكنه أو تأجيره أو جمع ثماره. يجب أن تكون هذه الأعمال ظاهرة ومستمرة وغير منقطعة. أما الركن المعنوي، فيتجلى في نية الحائز في تملك الشيء الذي يحوزه، أو ممارسة حق عيني عليه بصفة مالك أو صاحب حق انتفاع. هذا الركن هو ما يميز الحيازة عن مجرد الإمساك المادي أو الحراسة.
يعد توافر هذين الركنين معًا شرطًا أساسيًا لاعتبار الحيازة قانونية ومنتجة لآثارها. فغياب أحدهما يجعل الحيازة مجرد إمساك أو وضع يد عابر لا يرتب أثرًا قانونيًا هامًا. إن فهم هذين الركنين جوهري لتحديد طبيعة الحيازة وتأثيرها على الحقوق المتنازع عليها، وخاصة في سياق دعاوى القسمة القضائية التي تتطلب تدقيقًا في طبيعة العلاقة بين الشريك والمال الشائع. يترتب على استيفاء أركان الحيازة الأصلية عدة حقوق للحائز، منها حقه في حماية حيازته ودفع أي اعتداء عليها.
أنواع الحيازة (الأصلية والفرعية، الحسنة والسيئة)
تتعدد أنواع الحيازة في القانون المدني المصري بناءً على طبيعتها ونية الحائز. فالحيازة قد تكون أصلية، وهي التي يباشرها الحائز لحساب نفسه، كالمشتري أو الوارث. وقد تكون حيازة فرعية، وهي التي يباشرها الحائز لحساب غيره، مع علمه بأن ملكية الشيء تعود لشخص آخر، كالمستأجر أو الوديع أو الوكيل. الحيازة الفرعية لا ترتب بذاتها حقًا للمستأجر على الملكية، بل هي مجرد إذن بالاستعمال وفق عقد محدد. التمييز بينهما مهم جداً في قضايا الملكية والقسمة.
كما يمكن تقسيم الحيازة إلى حيازة حسنة وحيازة سيئة. الحيازة الحسنة هي التي يقترن فيها حيازة الحائز بنية التملك مع اعتقاده بامتلاكه الحق في الشيء، بناءً على سبب صحيح يجهل عيوبه. هذا يعني أنه يعتقد أنه مالك أو صاحب حق حقيقي. أما الحيازة السيئة، فهي التي يعلم فيها الحائز أو كان من المفترض أن يعلم بعدم حقه في الشيء الذي يحوزه. الحيازة الحسنة تحمي الحائز في بعض الجوانب، مثل حقه في جني الثمار أو عدم المطالبة بالتعويض عن تلف الشيء. أما الحيازة السيئة، فلا تمنح الحائز هذه الحماية بل قد تترتب عليها مسؤوليات قانونية إضافية. هذه التصنيفات تلعب دوراً حاسماً في تقدير المحكمة للوضع القانوني.
أهمية التمييز بين أنواع الحيازة في دعاوى القسمة
تتجلى أهمية التمييز بين أنواع الحيازة المختلفة بشكل كبير في دعاوى القسمة القضائية، خاصة عندما يتعلق الأمر بعقار شائع بين ورثة أو شركاء. فالحيازة الأصلية، خاصة إذا كانت مستمرة وهادئة وظاهرة ومقترنة بنية التملك لمدة طويلة، قد تتحول إلى ملكية بالتقادم المكسب، وهذا يؤثر بشكل مباشر على حصص الشركاء في العقار عند القسمة. إذا أثبت أحد الشركاء أنه حاز جزءًا مفرزًا من العقار الشائع حيازة أصلية بالنية السيئة لمدة خمسة عشر عامًا، فقد يدعي ملكيته لهذا الجزء، مما يغير من طبيعة القسمة.
على الجانب الآخر، الحيازة الفرعية أو الحيازة العرضية التي يمارسها الشريك على جزء من المال الشائع بإذن من باقي الشركاء أو بموجب اتفاق مؤقت، لا يمكن أن تتحول إلى ملكية بالتقادم ولا تؤثر على حق باقي الشركاء في القسمة. وبالتالي، فإن المحكمة عند نظر دعوى القسمة تقوم ببحث دقيق لطبيعة الحيازة لكل شريك على أجزاء العقار، لتحديد ما إذا كانت هذه الحيازة ترتب حقوقًا إضافية أو تغير من توزيع الأنصبة الأصلية. هذا التمييز يسمح للمحكمة بتطبيق القواعد القانونية الصحيحة وضمان قسمة عادلة ووفقًا للحقوق الفعلية والمستقرة للشركاء.
تأثير الحيازة على دعوى القسمة القضائية
دور الحيازة المستقرة والهادئة في إثبات الملكية الشائعة
تلعب الحيازة المستقرة والهادئة، حتى وإن كانت بنية سيئة، دوراً هاماً في إثبات الملكية الشائعة أو على الأقل دعم ادعاء الشريك بحقه في العقار المشاع، خاصة في غياب سندات ملكية واضحة أو تعارضها. فعندما يحوز أحد الشركاء جزءًا من العقار المشاع لسنوات طويلة، بشكل هادئ وعلني ومستمر دون منازعة من باقي الشركاء، فإن هذه الحيازة قد تكون قرينة قوية أمام المحكمة على أن هذا الشريك يمارس جزءاً من حقوق الملكية على هذا العقار. هذه القرينة تدعم موقفه وتزيد من احتمالية الاعتراف بحقه في القسمة أو في الجزء الذي يحوزه.
في بعض الحالات، قد يكون العقار مسجلاً باسم مورث واحد، لكن الأفراد يتوارثونه ويحوز كل منهم جزءاً منه منذ سنوات. هنا، الحيازة الهادئة والمستقرة لكل وارث على حصته الشائعة تدعم حقه في المطالبة بالقسمة، وتسهل على المحكمة تحديد الأنصبة وفقاً للواقع المعيش. لا تعني الحيازة بذاتها الملكية، لكنها تعزز موقف الحائز وتجعل من الصعب على الأطراف الأخرى نفي حقوقه دون أدلة قاطعة. لذلك، على كل شريك أن يدرك أهمية حماية حيازته وإثبات استمراريتها لضمان حقوقه في القسمة.
الحيازة كقرينة على حق الشريك في المطالبة بالقسمة
تُعد الحيازة المستقرة والظاهرة قرينة قوية على حق الشريك في المطالبة بالقسمة القضائية للمال الشائع. فوجود الشريك في حيازة لجزء من العقار، أو استفادته من كامل العقار بالاشتراك مع الآخرين، يؤكد صفته كشريك ويمنحه الحق في طلب إنهاء حالة الشيوع. في القانون المصري، لكل شريك في الشيوع الحق في طلب القسمة، ما لم يكن هناك اتفاق على خلاف ذلك أو نص قانوني يمنع القسمة. لكن الحيازة تعزز هذا الحق وتسهل على المحكمة التحقق من صفة المدعي كشريك.
لا تتطلب دعوى القسمة بالضرورة إثبات الحيازة المادية المفرزة لكل شريك، لكن وجودها يدعم الدعوى. فلو أن شريكاً يمتلك حصة شائعة ولم يسبق له أن حاز العقار، فإنه لا يفقد حقه في القسمة. ولكن إذا كان الشريك حائزًا، فإن ذلك يعطي دلالة إضافية على علاقته بالمال الشائع ويبرز حاجته لإنهاء حالة الشيوع وتحديد نصيبه بشكل مفرز. المحكمة تأخذ هذه القرينة بعين الاعتبار عند تقييم مدى استحقاق الشريك للقسمة، خاصة في الحالات التي لا توجد فيها مستندات واضحة للملكية.
تأثير الحيازة على تحديد نصيب الشركاء في حالة الخلط أو الإشاعة
في حالات الخلط أو الإشاعة، حيث لا توجد حدود واضحة لملكيات كل شريك، يمكن أن تلعب الحيازة دوراً محورياً في تحديد نصيب كل منهم عند القسمة القضائية. إذا كان هناك جزء من العقار يحوزه أحد الشركاء حيازة مفرزة ومستقرة ولفترة طويلة، ولو بنية سيئة، فقد تأخذ المحكمة ذلك في الاعتبار عند إجراء القسمة، بحيث يخصص هذا الجزء أو ما يعادله للحائز، مع مراعاة حقوق باقي الشركاء وقيم الحصص. هذا لا يعني أن الحيازة تنقل الملكية تلقائياً، بل هي عامل يؤخذ في الاعتبار لتحقيق قسمة عملية وواقعية.
يتم ذلك عادة من خلال أعمال الخبرة القضائية التي تقوم بمعاينة العقار على الطبيعة وتحديد الأجزاء المحازة من قبل كل شريك، ومدى اتساقها مع أنصبة الملكية الشائعة. إذا تجاوزت الحيازة نصيب الشريك، قد تطلب المحكمة تعويضه أو خصم الزيادة من نصيبه في أجزاء أخرى من العقار. وفي المقابل، إذا كانت حيازة الشريك أقل من نصيبه، فإنه يحصل على التعويض اللازم. هذا النهج يهدف إلى تجنب هدم الأوضاع المستقرة قدر الإمكان مع ضمان العدالة بين جميع الشركاء وفقاً لحصصهم القانونية في الشيوع. يتمثل التحدي في الموازنة بين واقع الحيازة وسندات الملكية القانونية.
متى يمكن أن تعيق الحيازة دعوى القسمة أو تؤثر على نتيجتها؟
على الرغم من أن الحيازة قد تدعم دعوى القسمة، إلا أنها في بعض الأحيان قد تشكل عائقاً أمامها أو تؤثر سلباً على نتيجتها، خاصة إذا كانت هناك حيازة بنية تملك لمدة التقادم المكسب (خمسة عشر عاماً) من قبل أحد الشركاء على جزء مفرز من العقار الشائع. في هذه الحالة، قد يدفع الحائز بأن الجزء الذي يحوزه قد آل إليه بالتقادم، مما يستدعي من المحكمة الفصل في دعوى ملكية فرعية قبل المضي في القسمة. هذا يؤدي إلى إطالة أمد النزاع وقد يغير من الخريطة الأصلية للملكية الشائعة.
كما أن الحيازة غير القانونية أو الحيازة التي تتم بطرق الغصب أو العنف، يمكن أن تعقد الأمور. فإذا ادعى أحد الشركاء أن شريكاً آخر يحوز جزءاً من العقار عنوة، فقد تتطلب المحكمة إثبات شرعية هذه الحيازة قبل الشروع في القسمة. قد تضطر المحكمة لإصدار أحكام تتعلق بالحيازة ذاتها، مثل دعاوى الطرد أو الاسترداد، مما يؤجل الفصل في دعوى القسمة الأصلية. لذا، فإن طبيعة الحيازة وشرعيتها تلعب دوراً حاسماً في سير إجراءات القسمة ونتائجها النهائية، ويتطلب الأمر إثبات كل طرف لحيازته وأساسها القانوني بشكل دقيق.
الحلول والإجراءات العملية للتعامل مع الحيازة في دعاوى القسمة
إثبات الحيازة: الوثائق والأدلة المطلوبة
لإثبات الحيازة في دعاوى القسمة، يتطلب الأمر تقديم مجموعة متنوعة من الأدلة والوثائق التي تدعم ادعاء الحائز. أولاً، يجب تقديم ما يثبت وضع اليد الفعلي على العقار، مثل فواتير استهلاك الكهرباء والمياه، أو إيصالات ضريبة العقارات التي سددها الحائز، أو عقود الإيجار التي أبرمها بصفته مؤجراً للجزء الذي يحوزه. هذه المستندات تثبت الركن المادي للحيازة. ثانياً، يمكن الاعتماد على شهادة الشهود، وهم الأشخاص الذين يشهدون على استمرار الحيازة وهدوئها وظهورها وعدم وجود منازعات حولها لفترة طويلة. شهادة الجيران أو من يرتاد المكان بانتظام تكون ذات قيمة كبيرة.
ثالثاً، تُعد التقارير الهندسية أو المعاينات القضائية التي يطلبها القاضي من الخبراء لإثبات الوضع الراهن للعقار وتحديد الأجزاء المحازة من قبل كل شريك ذات أهمية قصوى. هذه التقارير تقدم وصفاً دقيقاً وموضوعياً للحيازة الفعلية. رابعاً، يمكن استخدام الصور الفوتوغرافية أو مقاطع الفيديو التي توثق الأعمال التي قام بها الحائز على العقار، مثل بناء تحسينات أو إجراء صيانة دورية. خامساً، أي مستندات رسمية أو عرفية تثبت تصرف الحائز في العقار، مثل عقود بيع أو شراء سابقة أو قسمة عرفية لم تتم الإشهار عنها، قد تدعم موقفه. جمع هذه الأدلة بشكل منظم يقوي موقف الشريك في دعوى القسمة.
دور المعاينة والخبرة القضائية في تقدير الحيازة
تعتبر المعاينة والخبرة القضائية من الإجراءات الجوهرية التي تلجأ إليها المحكمة لتقدير طبيعة الحيازة وتأثيرها على القسمة. فغالباً ما يكون هناك تضارب في أقوال الخصوم حول من يحوز ماذا، وكيف، ومتى. هنا، يصدر القاضي قراراً بندب خبير هندسي أو مساحي لمعاينة العقار على الطبيعة. يقوم الخبير بزيارة الموقع، ويستمع إلى أقوال الأطراف والشهود، ويجمع المستندات، ثم يعد تقريراً فنياً مفصلاً يوضح فيه حالة العقار، ومساحته، وحدوده، والأجزاء التي يحوزها كل طرف، وطبيعة هذه الحيازة (مادية، فرعية، أصلية، حسنة، سيئة).
الخبير يقوم أيضاً بتحديد التحسينات أو التعديلات التي أجراها كل حائز، ويقدر قيمتها. هذا التقرير يقدم للمحكمة صورة واضحة وموثوقة عن الواقع المادي للحيازة، مما يساعد القاضي في اتخاذ قرار مستنير بشأن القسمة. يعتمد القاضي بشكل كبير على هذه التقارير لتحديد ما إذا كانت الحيازة ترتب حقوقاً إضافية، أو ما إذا كانت جزءاً من حصة الشريك، أو تتطلب تعويضات. بالتالي، فإن دقة وشمولية تقرير الخبير تلعب دوراً حاسماً في مسار دعوى القسمة وتحديد النتيجة النهائية بشكل عادل ومنصف لجميع الأطراف المعنية.
طرق دفع تأثير الحيازة المخالفة (دعاوى الطرد، الاسترداد)
في حال وجود حيازة مخالفة أو غير مشروعة على جزء من المال الشائع من قبل أحد الشركاء أو الغير، يمكن للشركاء الآخرين اللجوء إلى عدة طرق قانونية لدفع هذا التأثير وحماية حقوقهم في القسمة. أولاً، يمكن رفع دعوى طرد للغصب، وهي دعوى تهدف إلى إزالة يد الغاصب عن العقار وإعادته إلى حيازة المالك أو الشركاء. هذه الدعوى تتطلب إثبات أن الحيازة تمت دون وجه حق وبطريقة غير قانونية. ثانياً، يمكن رفع دعوى استرداد حيازة، وهي دعوى عينية تهدف إلى استعادة الحيازة من أي شخص قام بسلبها أو الاعتداء عليها، وتتميز بسرعة إجراءاتها.
ثالثاً، يمكن للشركاء المتضررين المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة للحيازة المخالفة، مثل فوات المنفعة عن استخدام الجزء المغصوب من العقار. رابعاً، إذا كانت الحيازة المخالفة تتعلق بجزء من عقار شائع، يمكن أن تطلب المحكمة قبل إجراء القسمة، إعادة المال إلى حالته الأصلية أو فض يد الحائز غير المشروع. هذه الإجراءات تهدف إلى تصحيح الوضع القانوني للعقار قبل البدء في عملية القسمة لضمان أن تتم على أساس حقوق الملكية الصحيحة والموثقة. التشاور مع محامٍ متخصص لتحديد الدعوى الأنسب يعد خطوة حاسمة لنجاح هذه الإجراءات.
أهمية التسجيل والتوثيق لإنهاء النزاع حول الحيازة
يعد التسجيل والتوثيق الرسمي للعقارات وحقوق الملكية عليها، بما في ذلك حقوق الحيازة والانتفاع، أمراً بالغ الأهمية لإنهاء النزاعات المحتملة حول الحيازة، سواء كانت دعاوى قسمة أو غيرها. فالسجل العيني في مصر، والذي يتضمن كافة البيانات المتعلقة بالعقارات وحقوق الملكية المقررة عليها، يوفر حماية قوية لحقوق الملاك والحائزين. عندما تكون الحقوق مسجلة بشكل صحيح، يقل احتمال وجود حيازة مخالفة أو نزاعات حولها، لأن السجل يكون حجة على الكافة.
في سياق القسمة القضائية، إذا تم تسجيل العقار بشكل كامل وتحديد حصص كل شريك بوضوح، فإن المحكمة تعتمد بشكل أساسي على هذه السجلات لإجراء القسمة. حتى لو كان هناك نزاع حول حيازة معينة، فإن التسجيل المسبق للحقوق يضع حداً لهذه النزاعات ويجعل إثبات الحيازة المخالفة بالتقادم أكثر صعوبة. لذا، ينصح دائماً الأفراد الذين يمتلكون حصصاً في عقارات شائعة بتوثيق وتسجيل حقوقهم بالكامل، والحرص على تسجيل أي تغييرات تطرأ على الملكية أو الحيازة. هذا يقلل من احتمالية اللجوء إلى القضاء ويضمن حقوقهم على المدى الطويل.
نصائح إضافية لتجنب نزاعات الحيازة في القسمة
اللجوء إلى القسمة الرضائية: مزاياها وكيفية تحقيقها
تعتبر القسمة الرضائية (الاتفاقية) الحل الأمثل لتجنب نزاعات الحيازة المعقدة في سياق قسمة المال الشائع. فبدلاً من اللجوء إلى المحاكم التي تستغرق وقتاً وجهداً وتكاليف، يمكن للشركاء الاتفاق فيما بينهم على كيفية تقسيم العقار. تتمثل مزايا القسمة الرضائية في سرعتها، ومرونتها، وتكلفتها المنخفضة، والأهم أنها تحافظ على العلاقات الطيبة بين الشركاء. يمكن أن تأخذ القسمة الرضائية شكل اتفاق مكتوب يحدد حصة كل شريك، سواء كانت مفرزة أو شائعة، وكيفية استخدام العقار.
لتحقيق القسمة الرضائية بنجاح، يجب أن يكون هناك تواصل مفتوح وصادق بين جميع الشركاء. يفضل الاستعانة بخبير تثمين لتقدير قيمة العقار بالكامل، ثم تحديد حصة كل شريك بناءً على نسب ملكيته. بعد ذلك، يتم توزيع الأجزاء بحيث تتناسب قيمتها مع حصة كل شريك، مع إمكانية دفع فروقات نقدية إذا لزم الأمر. ينصح بتوثيق هذا الاتفاق لدى الشهر العقاري لجعله سنداً رسمياً وملزماً للجميع، وضمان عدم نشوء نزاعات مستقبلية حول الحيازة أو الملكية. هذا يجنب الأطراف عناء التقاضي الطويل والمعقد ويحافظ على استقرار أوضاعهم القانونية.
أهمية التوثيق المسبق لحصص الشركاء
للحد من احتمالية نشوب نزاعات حول الحيازة والملكية عند الرغبة في قسمة مال شائع، تبرز أهمية التوثيق المسبق والدقيق لحصص كل شريك. فكلما كانت سندات الملكية واضحة ومحددة، وكلما كانت حصة كل شريك في الشيوع موثقة رسمياً، كلما قلت الفرصة أمام أي شريك لادعاء حيازة مخالفة أو محاولة الاستيلاء على جزء يزيد عن حصته. يتم ذلك من خلال تسجيل العقار في السجل العيني، وإثبات نسب الملكية لكل شريك بشكل رسمي، سواء كان ذلك عن طريق عقود بيع مسجلة أو إعلام وراثة وشهادات تصرفات قانونية.
حتى في حالة عدم تسجيل العقار بالكامل، يمكن للشركاء توثيق اتفاقيات فيما بينهم تحدد نطاق حيازة كل منهم أو كيفية الانتفاع بالعقار الشائع. هذه الاتفاقيات، وإن لم تكن في قوة السند الرسمي، إلا أنها توفر دليلاً على وجود تفاهم مسبق وتحد من فرص التنازع على الحيازة غير الموثقة. التوثيق المسبق يحمي حقوق الجميع ويوفر مرجعية قانونية واضحة يمكن الرجوع إليها في حال نشوء أي خلاف، مما يقلل الحاجة إلى تدخل المحكمة لتحديد الحقوق من جديد.
دور الوساطة والتوفيق قبل اللجوء للقضاء
قبل اللجوء إلى دعوى القسمة القضائية، وخاصة عندما تكون هناك نزاعات حول الحيازة، فإن اللجوء إلى الوساطة والتوفيق يعد حلاً فعالاً ومفضلاً. الوساطة هي عملية يلتقي فيها الأطراف المتنازعون بحضور وسيط محايد يساعدهم على التوصل إلى حل ودي يرضي جميع الأطراف. الوسيط لا يفرض حلاً، بل يسهل التواصل ويساعد على فهم وجهات نظر كل طرف، واقتراح حلول مبتكرة خارج نطاق التعقيدات القضائية. يمكن أن يكون الوسيط محامياً متخصصاً، أو خبيراً عقارياً، أو أي شخص يتمتع بالثقة والحيادية.
مزايا الوساطة تكمن في سرعة حل النزاع، وتكلفتها الأقل مقارنة بالتقاضي، وقدرتها على الحفاظ على العلاقات بين الشركاء، خاصة إذا كانوا أفراد عائلة. ففي قضايا القسمة، غالباً ما تكون هناك أبعاد شخصية وعائلية تتأثر بالنزاع القانوني. الوساطة تتيح لهم فرصة التوصل إلى اتفاق يراعي هذه الأبعاد، بدلاً من حكم قضائي قد لا يلبي كافة التطلعات. إن الاتفاق الناتج عن الوساطة يمكن توثيقه ليصبح ملزماً، مما يوفر حلاً نهائياً وفعالاً للمشكلة ويجنب الجميع عناء التقاضي الطويل والمرهق.
الاستعانة بمحامٍ متخصص في قضايا القسمة
عندما يصبح حل نزاعات الحيازة والملكية أمراً معقداً، خاصة في إطار دعاوى القسمة القضائية، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص في هذا النوع من القضايا يصبح أمراً لا غنى عنه. يمتلك المحامي المتخصص المعرفة القانونية العميقة بقواعد الحيازة والملكية والتقادم والقسمة في القانون المصري. يمكنه تقديم النصح القانوني السليم حول طبيعة الحيازة الخاصة بك، ومدى قوتها، وكيفية إثباتها، أو كيفية دفع ادعاءات الحيازة الأخرى. كما يمكنه تحديد أفضل مسار قانوني للحفاظ على حقوقك.
المحامي المتخصص سيقوم بصياغة المذكرات القانونية اللازمة، وتقديم الأدلة بشكل فعال، وتمثيلك أمام المحاكم والخبراء القضائيين. كما سيساعدك في فهم جميع الإجراءات القانونية والمواعيد المقررة، والتفاوض مع الأطراف الأخرى للوصول إلى تسوية ودية إذا أمكن. إن خبرته في التعامل مع حالات مشابهة تمنحه القدرة على توقع التحديات وتقديم حلول مبتكرة. استثمارك في محامٍ كفؤ يقلل من مخاطر فقدان حقوقك ويضمن لك الحصول على أفضل نتيجة ممكنة في دعوى القسمة، خاصة في ظل التعقيدات المتعلقة بدور الحيازة.