الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالقانون الجنائيالقانون المصريالنيابة العامة

الحدود القانونية لاستخدام القوة من قبل الشرطة

الحدود القانونية لاستخدام القوة من قبل الشرطة

فهم الصلاحيات والمسؤوليات لحماية الحقوق

يُعد دور الشرطة محورياً في حفظ الأمن والنظام العام، لكن ممارسة هذا الدور يجب أن تتم ضمن أطر قانونية صارمة تضمن حماية حقوق وحريات الأفراد. يهدف هذا المقال إلى استكشاف الحدود القانونية لاستخدام القوة من قبل الشرطة في القانون المصري، وتقديم فهم شامل لصلاحياتها ومسؤولياتها، مع التركيز على الحلول والإجراءات العملية لضمان الامتثال القانوني. نسلط الضوء على آليات المساءلة ونقدم نصائح للمواطنين وأفراد الشرطة على حد سواء، لتعزيز الشفافية وحماية المجتمع.

الإطار القانوني لاستخدام القوة

مبادئ استخدام القوة وفقاً للقانون المصري

الحدود القانونية لاستخدام القوة من قبل الشرطةيستند استخدام الشرطة للقوة في القانون المصري إلى عدة مبادئ أساسية تهدف إلى تحقيق التوازن بين متطلبات حفظ الأمن وحماية حقوق الأفراد. أول هذه المبادئ هو “الضرورة”، ويعني أنه لا يجوز استخدام القوة إلا عندما تكون هناك حاجة ماسة وضرورية لذلك، ولا توجد بدائل أخرى أقل شدة لتحقيق الهدف المشروع. يجب أن يكون الخطر وشيكاً أو الموقف يستدعي التدخل الفوري.

المبدأ الثاني هو “التناسب”، والذي يقضي بأن تكون القوة المستخدمة متناسبة مع طبيعة التهديد أو المقاومة التي تواجهها الشرطة. فمثلاً، لا يمكن استخدام قوة مميتة لمواجهة تهديد غير مميت. يتطلب هذا المبدأ تقييماً دقيقاً للموقف، لضمان أن الاستجابة تتلاءم مع مستوى الخطورة. التناسب يعني أن كل خطوة تصاعدية في استخدام القوة يجب أن تبررها الزيادة في مستوى التحدي أو الخطر.

أما المبدأ الثالث فهو “التدرج”، والذي يفرض على أفراد الشرطة البدء بالوسائل الأقل حدة والانتقال تدريجياً إلى استخدام مستويات أعلى من القوة فقط إذا فشلت الوسائل الأقل، أو كان الموقف يتطلب ذلك فوراً. يبدأ التدرج عادة بالإنذار الشفهي، ثم القوة الجسدية غير المميتة، وصولاً إلى الأسلحة إذا لزم الأمر. هذا التدرج يهدف إلى تقليل الضرر قدر الإمكان مع تحقيق الهدف المطلوب.

وأخيراً، مبدأ “التمييز” يتطلب أن تكون القوة موجهة نحو الشخص أو الأشخاص المعنيين بالموقف، وتجنب إلحاق الضرر بالأبرياء أو غير المشاركين في الواقعة. يجب على أفراد الشرطة التأكد من أن إجراءاتهم لا تؤثر سلباً على العامة، بل تركز على مصدر التهديد أو المقاومة. الالتزام بهذه المبادئ يضمن شرعية استخدام القوة ويحد من تجاوزاتها المحتملة.

القوانين المنظمة لاستخدام القوة

ينظم استخدام القوة من قبل الشرطة في مصر مجموعة من القوانين والتشريعات التي تحدد الصلاحيات وتضع القيود. يعتبر “قانون الشرطة” هو التشريع الأساسي الذي يحدد مهام وصلاحيات أفراد الشرطة، بما في ذلك الحالات التي يسمح فيها باستخدام القوة ومستوياتها. يوفر هذا القانون الإطار العام الذي تعمل ضمنه الشرطة ويحدد ضوابط عملها، لضمان عدم تجاوزها الصلاحيات الممنوحة لها.

بالإضافة إلى قانون الشرطة، يلعب “قانون الإجراءات الجنائية” دوراً مهماً في تحديد الإطار القانوني لاستخدام القوة، خاصة فيما يتعلق بالقبض على المتهمين وتفتيشهم والتعامل مع المقاومين. يوضح هذا القانون الشروط والإجراءات التي يجب اتباعها عند تنفيذ أوامر الضبط والإحضار، ويضع قيوداً على استخدام القوة خلال هذه العمليات. الالتزام بهذه الإجراءات يحمي حقوق المتهمين ويضمن شرعية الإجراءات.

لا يمكن إغفال دور “الدستور المصري” الذي يمثل المرجعية العليا لكافة القوانين. يحتوي الدستور على مواد تضمن حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مثل الحق في الحياة والسلامة الجسدية، والحماية من التعذيب أو المعاملة القاسية. هذه المبادئ الدستورية تضع قيوداً غير مباشرة ولكنها قوية على استخدام القوة، وتلزم جميع مؤسسات الدولة، بما فيها الشرطة، باحترامها. أي استخدام للقوة يتعارض مع هذه المبادئ يعد غير دستوري.

تستفيد المنظومة القانونية المصرية أيضاً من “المعايير الدولية” المتعلقة باستخدام القوة من قبل أجهزة إنفاذ القانون، مثل مدونة سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين. ورغم أن هذه المعايير ليست قوانين محلية مباشرة، إلا أنها تشكل مرجعاً مهماً للمشرع والقضاء وتؤثر في تفسير وتطبيق القوانين المحلية. تسهم هذه المعايير في توجيه ممارسات الشرطة نحو أفضل الممارسات الدولية لحماية حقوق الإنسان.

حالات استخدام القوة المشروعة

عند القبض على المتهمين

يعتبر القبض على المتهمين من أبرز المهام التي تتطلب من الشرطة استخدام القوة في بعض الأحيان، لكن ذلك يجب أن يتم وفق خطوات محددة لضمان قانونية الإجراء. أولاً، يجب على الشرطي التأكد من وجود سند قانوني للقبض، سواء كان أمراً قضائياً صادراً من النيابة العامة أو المحكمة، أو في حالات التلبس بالجريمة التي يسمح فيها القانون بالقبض الفوري. غياب السند القانوني يجعل القبض غير شرعي ويترتب عليه بطلان الإجراءات.

ثانياً، في حال مقاومة الشخص المراد القبض عليه، يسمح للشرطي باستخدام القوة اللازمة لكسر هذه المقاومة. يجب أن تكون هذه القوة متناسبة مع درجة المقاومة، وتهدف فقط إلى السيطرة على الشخص وتأمين القبض عليه، دون إلحاق إصابات بالغة أو غير ضرورية. يُفضل البدء بالتعليمات اللفظية، ثم الانتقال إلى القوة الجسدية المقيدة إذا استمرت المقاومة، مع تجنب أي أعمال عدوانية لا مبرر لها.

لضمان تجنب القوة المفرطة، يجب على أفراد الشرطة تقييم الموقف بسرعة وفعالية. يُنصح بالتدريب المستمر على تقنيات السيطرة الجسدية التي تقلل من احتمالية الإصابة، وعلى فن التفاوض والتواصل مع الأفراد في حالات التوتر. كما أن توثيق تفاصيل عملية القبض واستخدام القوة، إن وجد، يمكن أن يكون دليلاً مهماً في حال وجود أي تساؤلات قانونية لاحقاً. هذه الخطوات تعزز الشفافية والمساءلة.

أثناء فض الشغب والتجمعات غير المشروعة

تعد مهمة فض الشغب والتجمعات غير المشروعة من الحالات التي قد تتطلب من الشرطة استخدام القوة، لكن ضمن ضوابط صارمة للحفاظ على الأرواح والممتلكات. تتمثل الخطوة الأولى في توجيه إنذارات مسبقة وواضحة للحشود، تطلب منهم التفرق والامتثال للأوامر، مع توضيح العواقب القانونية لعدم الامتثال. هذه الإنذارات يجب أن تكون مسموعة وواضحة لغالبية المتجمهرين وتتيح لهم فرصة المغادرة بسلام. استخدام مكبرات الصوت وتحديد طرق للخروج الآمن يعد أمراً حاسماً في هذه المرحلة.

في حال عدم استجابة الحشود للإنذارات وتصاعد الوضع، تنتقل الشرطة إلى استخدام القوة المتدرجة لفض التجمعات. يبدأ هذا عادة باستخدام وسائل تفريق غير مميتة، مثل خراطيم المياه أو الغاز المسيل للدموع، بهدف تفريق الحشود دون إلحاق إصابات بالغة. يجب أن يكون استخدام هذه الوسائل مدروساً وموجهاً، مع مراعاة اتجاه الرياح وكثافة الحشد لتقليل الآثار الجانبية على غير المستهدفين. الهدف يبقى هو فض التجمع بأقل قدر من الضرر.

تتمثل إحدى أهم الأولويات في حماية الأبرياء والمتفرجين الذين قد يكونون عالقين في منطقة الشغب. يجب على الشرطة أن تتخذ كافة الاحتياطات اللازمة لتمييز هؤلاء عن المشاركين في أعمال العنف، وتوفير ممرات آمنة لهم للخروج من المنطقة. كما يجب تجنب استخدام القوة المفرطة أو العشوائية التي قد تؤدي إلى إصابة أو قتل أشخاص غير مشاركين. التدريب المتقدم على إدارة الحشود وفض الشغب يعد أمراً ضرورياً لأفراد الشرطة لضمان تطبيق هذه المبادئ بفاعلية وسلامة.

في حالات الدفاع عن النفس أو الغير

يُسمح لأفراد الشرطة، كأي مواطن، باستخدام القوة في حالات الدفاع عن النفس أو الدفاع عن حياة أو سلامة الآخرين، لكن هذا الحق يخضع لتقدير دقيق للظروف. يجب أولاً “تقدير الخطر المباشر” الذي يواجهه الشرطي أو الغير. هل التهديد وشيك وحقيقي؟ هل يمكن أن يؤدي إلى إصابة خطيرة أو الوفاة؟ هذا التقييم السريع يحدد مدى الضرورة القصوى للتدخل باستخدام القوة. لا يجوز استخدام القوة إلا إذا كان هناك خطر حقيقي وحالي لا يمكن تفاديه بوسائل أخرى أقل حدة.

ثانياً، يجب أن تتناسب القوة المستخدمة مع طبيعة هذا الخطر. إذا كان التهديد مميتاً، قد يكون استخدام القوة المميتة مبرراً للدفاع عن النفس أو عن الغير. أما إذا كان الخطر أقل حدة، فيجب استخدام قوة تتناسب مع ذلك. على سبيل المثال، إذا كان المعتدي يحمل سكيناً، فقد يكون استخدام سلاح ناري مبرراً في ظروف معينة، بينما لا يكون مبرراً إذا كان التهديد مجرد دفع أو شجار بسيط لا يشكل خطراً على الحياة. يظل مبدأ التدرج في استخدام القوة سارياً قدر الإمكان، حتى في حالات الدفاع.

يجب على الشرطي، بعد انتهاء التهديد، التوقف فوراً عن استخدام القوة. أي استمرار في استخدامها بعد زوال الخطر يعتبر تجاوزاً وقد يؤدي إلى المساءلة القانونية. كما أن توثيق تفاصيل الواقعة، بما في ذلك تقدير الشرطي للخطر والأسس التي بنى عليها قراره باستخدام القوة، يعد أمراً بالغ الأهمية. هذه الإجراءات تضمن أن استخدام القوة في الدفاع يلتزم بالحدود القانونية والأخلاقية، ويحمى حياة الأبرياء ويحاسب على أي تجاوز.

آليات المساءلة والتعويض

الإبلاغ عن تجاوزات استخدام القوة

في حال وقوع تجاوزات في استخدام القوة من قبل الشرطة، توجد عدة قنوات للإبلاغ تهدف إلى تحقيق المساءلة. الخطوة الأولى والأكثر فعالية هي “تقديم الشكوى للنيابة العامة”. النيابة العامة هي الجهة القضائية المنوط بها التحقيق في الجرائم، بما في ذلك تلك التي يرتكبها أفراد الشرطة. يجب أن تتضمن الشكوى تفاصيل دقيقة عن الواقعة، الزمان والمكان، وأسماء الأفراد المتورطين إن أمكن، وأي أدلة متاحة مثل شهود عيان أو تقارير طبية.

بالإضافة إلى النيابة العامة، يمكن للمواطنين اللجوء إلى “الإدارة العامة للتفتيش بوزارة الداخلية”. هذه الإدارة تختص بمراقبة أداء أفراد الشرطة والتحقيق في الشكاوى الإدارية المقدمة ضدهم. على الرغم من أن دورها إداري وليس قضائياً، إلا أن تحقيقاتها يمكن أن تؤدي إلى إجراءات تأديبية داخلية أو إحالة الأمر إلى النيابة العامة إذا ثبت وجود مخالفات جسيمة. تمثل هذه الإدارة آلية رقابية داخلية مهمة.

كما يمكن “للمنظمات الحقوقية” غير الحكومية أن تلعب دوراً هاماً في دعم الضحايا ومساعدتهم في تقديم الشكاوى ومتابعة القضايا. تقدم هذه المنظمات الدعم القانوني والمشورة، وتعمل على توثيق الانتهاكات ورفع الوعي العام بها. يمكنها أيضاً التدخل كطرف ثالث لضمان أن التحقيقات تتم بشفافية ونزاهة. التفاعل مع هذه المنظمات يعزز فرص تحقيق العدالة ويسلط الضوء على القضايا الهامة المتعلقة بحقوق الإنسان.

الإجراءات القانونية ضد أفراد الشرطة المتجاوزين

عندما تتبين تجاوزات في استخدام القوة، تتخذ النيابة العامة إجراءات قانونية صارمة لضمان المساءلة. يتمثل “دور النيابة العامة في التحقيق” في جمع الأدلة والاستماع إلى الشهود، وفحص التقارير الطبية، وتقدير مدى مطابقة استخدام القوة للقانون. تقوم النيابة بفحص جميع جوانب الواقعة بدقة، وتقارن الأفعال المرتكبة بالحدود القانونية المسموح بها، وتصدر قراراتها بناءً على الأدلة المتوفرة. هذا التحقيق يمهد الطريق للمحاكمة.

في حال ثبوت التجاوز، يتم إحالة أفراد الشرطة المتهمين إلى “المحاكمة الجنائية”. وفقاً للقانون المصري، يمكن أن يواجهوا اتهامات بالضرب، أو التعذيب، أو القتل الخطأ أو العمد، أو أي جريمة أخرى تتناسب مع الفعل المرتكب. تتم المحاكمة أمام المحاكم المختصة، حيث يتم عرض الأدلة والاستماع إلى الدفاع، وفي حال الإدانة، تُفرض عليهم العقوبات المنصوص عليها في القانون، والتي قد تشمل السجن أو الفصل من الخدمة. هذه المحاكمات تهدف إلى ردع المخالفين وحماية المجتمع.

بالإضافة إلى العقوبات الجنائية، يحق للمتضررين من تجاوزات استخدام القوة المطالبة بـ”التعويضات المدنية”. يمكن رفع دعوى مدنية أمام المحاكم المدنية للمطالبة بتعويض مادي ومعنوي عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة استخدام القوة المفرطة. يشمل التعويض المدفوع تكاليف العلاج، وخسارة الدخل، والأضرار النفسية، وغيرها. هذه التعويضات تهدف إلى جبر الضرر الذي تعرض له الضحايا، وتوفر لهم بعض الإنصاف في مواجهة ما حدث. تشكل هذه الآليات مجتمعة نظاماً متكاملاً للمساءلة القانونية.

دور التدريب والتوعية

يعد التدريب والتوعية من الحلول الوقائية الأساسية لضمان احترام الحدود القانونية لاستخدام القوة وتقليل التجاوزات. “التدريب المستمر لأفراد الشرطة” على هذه الحدود هو حجر الزاوية. يجب أن يشمل التدريب ليس فقط الجوانب القانونية النظرية، بل أيضاً التدريب العملي على تقنيات السيطرة الجسدية غير المميتة، واستخدام الأسلحة النارية وفقاً للقواعد الصارمة، وإدارة المواقف الصعبة بحرفية. كما يجب أن يركز التدريب على الجوانب الأخلاقية وحقوق الإنسان، لغرس قيم الاحترام والمساءلة.

على الجانب الآخر، تقع على عاتق الدولة والمؤسسات المعنية مسؤولية “توعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم” عند التعامل مع الشرطة. معرفة المواطن لحقوقه، مثل الحق في عدم التعرض للتعذيب، والحق في الصمت، والحق في استشارة محامٍ، تمكنه من الدفاع عن نفسه وحماية حرياته. كما أن معرفته لواجباته، مثل الامتثال للأوامر القانونية، يمكن أن تقلل من الاحتكاك وتجنب تصعيد المواقف التي قد تؤدي إلى استخدام القوة. برامج التوعية العامة، سواء عبر وسائل الإعلام أو الندوات، تساهم في بناء جسور الثقة.

عندما يكون أفراد الشرطة مدربين جيداً ومطلعين على القانون، ويكون المواطنون واعين بحقوقهم، فإن ذلك يخلق بيئة يسودها الاحترام المتبادل والامتثال للقانون. هذا التعاون يقلل من احتمالات حدوث التجاوزات ويعزز من فرص تحقيق العدالة في حال وقوعها. التدريب والتوعية ليسا مجرد إجراءات شكلية، بل هما استثمار في بناء مجتمع أكثر أماناً وعدالة للجميع. هذا النهج الشامل يعزز من فاعلية تطبيق القانون.

نصائح إضافية لتعزيز الامتثال وحماية الحقوق

للمواطنين

لتعزيز حماية حقوقهم عند التعامل مع الشرطة، ينبغي على المواطنين اتباع بعض النصائح العملية. أولاً، “معرفة الحقوق الأساسية” هي الدرع الأول. يجب أن يكون المواطن على دراية بحقه في عدم التعرض للتفتيش دون إذن قضائي أو حالة تلبس، وحقه في عدم التوقيف أو الاحتجاز دون سند قانوني. معرفة هذه الحقوق تمكن المواطن من التصرف بثقة وهدوء في المواقف الحرجة وتجنب المواقف التي قد تستفز الشرطة لاستخدام القوة.

ثانياً، “توثيق التفاعلات” إن أمكن وبشكل قانوني. في بعض الحالات، يمكن أن يساعد تسجيل الفيديو أو الصوت (مع مراعاة القوانين المحلية المتعلقة بالخصوصية والتصوير في الأماكن العامة) في توثيق ما يحدث. هذا التوثيق يمكن أن يكون دليلاً حاسماً في حال حدوث أي تجاوزات. يجب أن يتم التوثيق بطريقة لا تعيق عمل الشرطة ولا تعرض المواطن للخطر، مع التركيز على سلوك الشرطة وتفاعلاتها.

ثالثاً، “اللجوء للمشورة القانونية” فوراً في حال الشعور بأن حقوقك قد انتهكت. لا تتردد في الاتصال بمحامٍ أو منظمة حقوقية للحصول على الدعم والمشورة. المحامي يمكنه توجيهك بشأن كيفية تقديم الشكاوى، متابعة الإجراءات القانونية، وتمثيلك في المحكمة إذا لزم الأمر. طلب المشورة القانونية يضمن أن حقوقك يتم الدفاع عنها بفاعلية، ويساعد في ضمان المساءلة عن أي تجاوزات تحدث.

لأفراد الشرطة

لضمان الامتثال للحدود القانونية وحماية حقوق الأفراد، يجب على أفراد الشرطة أيضاً الالتزام بمجموعة من الممارسات. أولاً، “التزام القوانين واللوائح الداخلية” الصادرة عن وزارة الداخلية هو واجب أساسي. هذه اللوائح توفر إرشادات واضحة بشأن استخدام القوة، وإدارة المواقف الصعبة، والتعامل مع الجمهور. الالتزام بها يحمي الشرطي من المساءلة القانونية والإدارية، ويضمن أداء عمله بكفاءة ومهنية.

ثانياً، “التواصل الفعال وتصعيد القوة كخيار أخير” يجب أن يكون منهجاً ثابتاً. قبل اللجوء إلى القوة، يجب على الشرطي محاولة التواصل لفظياً بوضوح وهدوء، وشرح الموقف، ومحاولة نزع فتيل التوتر. يجب أن يكون استخدام القوة هو الملاذ الأخير بعد استنفاد جميع الخيارات الأخرى الأقل شدة. هذا النهج يقلل من الاحتكاك ويزيد من فرص حل المشكلات سلمياً، مع الحفاظ على سلامة الجميع.

ثالثاً، “طلب الدعم القانوني عند الحاجة” هو حق وواجب للشرطي. في المواقف المعقدة أو التي تنطوي على استخدام القوة، يجب على أفراد الشرطة طلب المشورة من المستشارين القانونيين التابعين لوزارة الداخلية أو النيابة العامة. هذا الدعم يمكن أن يساعدهم على فهم الحدود القانونية الدقيقة، وضمان أن تصرفاتهم تتماشى مع القانون. كما أن توثيق تفاصيل أي حادثة تتطلب استخدام القوة بدقة يساعد في الدفاع عن الشرطي في حال وجود أي تحقيق لاحق. هذه الإجراءات تعزز الاحترافية والمساءلة.

إن إقامة توازن دقيق بين حفظ الأمن وحماية الحقوق والحريات الفردية يمثل التحدي الأكبر لأي دولة، وخاصة لأجهزة إنفاذ القانون. إن الالتزام الصارم بالحدود القانونية لاستخدام القوة ليس مجرد مطلب قانوني، بل هو ركيزة أساسية لبناء الثقة بين الشرطة والمجتمع. من خلال الفهم الواضح للقوانين، والتدريب المستمر، وآليات المساءلة الفعالة، والتوعية الشاملة، يمكننا جميعاً المساهمة في تحقيق بيئة يسودها العدل والأمان للجميع. إن تطبيق القانون بعدالة وشفافية هو الضمان الحقيقي لازدهار أي مجتمع.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock