الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصري

دعاوى إزالة الشيوع: كيفية قسمة العقارات المشتركة

دعاوى إزالة الشيوع: كيفية قسمة العقارات المشتركة

دليل شامل لإنهاء الملكية الشائعة للعقارات

تعتبر دعاوى إزالة الشيوع من الإجراءات القانونية الهامة التي يلجأ إليها الشركاء في ملكية عقار واحد لإنهاء حالة الشيوع والحصول على حصة مستقلة لكل منهم. تتناول هذه المقالة بالتفصيل كافة الجوانب المتعلقة بهذه الدعاوى، بدءًا من مفهومها وأنواعها وصولًا إلى الخطوات العملية لإتمام القسمة بنجاح، مع تقديم حلول متعددة للمشكلات التي قد تواجه الأطراف المعنية.

مفهوم الشيوع ودعوى إزالته

ما هو الشيوع في الملكية العقارية؟

دعاوى إزالة الشيوع: كيفية قسمة العقارات المشتركةيشير الشيوع في الملكية العقارية إلى حالة قانونية يمتلك فيها شخصان أو أكثر عقارًا واحدًا دون أن تكون حصة كل منهم مفرزة ومعينة بذاتها. يعني هذا أن جميع الشركاء يتشاركون في ملكية العقار بالكامل، ولكن بنسب محددة تسمى “الحصص الشائعة”. غالبًا ما تنشأ هذه الحالة من خلال الإرث أو الشراء المشترك، أو الهبة، وتتطلب تنظيمًا قانونيًا دقيقًا لضمان حقوق الجميع. الهدف الأساسي هو تحديد ملكية كل شريك بوضوح.

الهدف من دعوى إزالة الشيوع

تهدف دعوى إزالة الشيوع إلى إنهاء حالة الملكية الشائعة للعقار، سواء كانت أرضًا أو مبنى، وتحويلها إلى ملكية مفرزة حيث يحصل كل شريك على جزء محدد ومستقل من العقار، أو على قيمته النقدية. تهدف هذه الدعوى إلى حل النزاعات المحتملة بين الشركاء حول إدارة العقار أو الانتفاع به أو التصرف فيه، وتوفير حلول عملية لتقسيم الأصول المشتركة بطرق عادلة وشفافة تضمن حصول كل شريك على حقه الشرعي والقانوني دون عوائق. الهدف هو الوصول إلى تقسيم نهائي وواضح.

أنواع القسمة وطرقها القانونية

القسمة الرضائية (الاتفاقية)

تُعد القسمة الرضائية هي الطريقة المفضلة لإنهاء الشيوع، حيث يتفق جميع الشركاء بالتراضي على تقسيم العقار فيما بينهم. يتم توثيق هذا الاتفاق بموجب عقد رسمي، إما بتوثيق عقد القسمة لدى الشهر العقاري، أو بتوثيق الاتفاق بين الشركاء كتابياً. تتيح هذه الطريقة مرونة أكبر في التوصل إلى حلول تناسب جميع الأطراف، وتوفر الوقت والجهد والتكاليف مقارنة باللجوء إلى القضاء. تتطلب هذه الطريقة توافق جميع الشركاء البالغين والعقلاء. يمكن أن تشمل قسمة عينيه أو قسمة تصفية.

لإتمام القسمة الرضائية، يجب على الشركاء أولاً الاتفاق على كيفية تقسيم العقار، سواء بتقسيمه إلى أجزاء مستقلة أو بيعه وتوزيع ثمنه. ثم يقومون بإعداد عقد القسمة وتوثيقه لدى الجهات الرسمية المختصة، مثل مصلحة الشهر العقاري. ينبغي أن يشتمل العقد على وصف دقيق للعقار، وتحديد حصة كل شريك، وكيفية تسوية أي فروقات في القيمة، وأي شروط أخرى متفق عليها. هذه الخطوات تضمن صحة العقد وفعاليته قانونياً.

القسمة القضائية (عن طريق المحكمة)

يلجأ الشركاء إلى القسمة القضائية عندما يتعذر عليهم التوصل إلى اتفاق رضائي بشأن تقسيم العقار. ترفع هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة، والتي تقوم بدورها بتعيين خبير مثمن لمعاينة العقار وتقدير قيمته واقتراح طريقة لتقسيمه. تصدر المحكمة حكمها بناءً على تقرير الخبير، وقد يكون الحكم بالقسمة العينية إذا كان العقار يقبل القسمة دون ضرر، أو بالبيع بالمزاد العلني وتوزيع ثمنه إذا تعذرت القسمة العينية أو لحقت بالعقار ضررًا كبيرًا. المحكمة تضمن العدالة.

تعتبر القسمة القضائية خيارًا ضروريًا في حالات النزاع أو عندما يكون أحد الشركاء قاصرًا أو غائبًا، حيث لا يمكن إبرام اتفاق رضائي إلا بوجود ممثل قانوني. تضمن المحكمة تطبيق القانون وحماية حقوق جميع الأطراف، حتى لو لم يتمكنوا من التوصل إلى اتفاق بأنفسهم. هذا الإجراء يحمي الأطراف الضعيفة ويضمن حصولهم على حقوقهم كاملة دون أي انتقاص، ويفرض حلاً عادلاً ومنصفًا على الجميع. الحكم القضائي يكون ملزمًا للأطراف.

خطوات رفع دعوى إزالة الشيوع القضائية

إعداد المستندات المطلوبة

تتطلب دعوى إزالة الشيوع القضائية مجموعة من المستندات الأساسية لضمان سير الدعوى بشكل صحيح. تشمل هذه المستندات صورة رسمية من سند الملكية للعقار (عقد مسجل أو حكم تثبيت ملكية)، شهادة تصرفات عقارية، خرائط مساحية للعقار إن وجدت، كشوف رسمية بأسماء الشركاء وحصصهم، وإيصالات سداد رسوم الدعوى. يجب التأكد من أن جميع هذه المستندات حديثة وصحيحة، وأنها تقدم للمحكمة بشكل منظم وكامل لعدم تأخير الإجراءات. النقص في المستندات يؤخر الفصل في الدعوى.

مرحلة رفع الدعوى وإجراءاتها

تبدأ هذه المرحلة بتقديم صحيفة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية المختصة التي يقع في دائرتها العقار. يجب أن تتضمن الصحيفة أسماء جميع الشركاء، وصفًا كاملاً للعقار، وطلب إزالة الشيوع. بعد قيد الدعوى، يتم إعلان باقي الشركاء بصحيفة الدعوى لتمكينهم من تقديم دفاعهم. تقوم المحكمة بتحديد جلسة لنظر الدعوى، وفيها يتم الاستماع إلى أقوال الشركاء وفحص المستندات المقدمة. هذه الخطوات تأسيسية لعملية التقاضي.

قد تمر الدعوى بعدة جلسات، يتم خلالها تبادل المذكرات وتقديم الدفوع. قد تستدعي المحكمة شهودًا إذا لزم الأمر، أو تطلب مستندات إضافية. تهدف هذه الإجراءات إلى إحاطة المحكمة بكافة جوانب النزاع قبل اتخاذ قرار بشأن تعيين خبير أو إصدار حكمها النهائي. يجب على المدعي ومحاميه متابعة الإجراءات بدقة لضمان عدم وجود أي تقصير. الدقة في الإجراءات تختصر وقت التقاضي.

دور الخبير المثمن في تقدير العقار

بعد أن تستوفي الدعوى إجراءاتها الأولية، تصدر المحكمة قرارًا بتعيين خبير مثمن (أو لجنة خبراء) لمهمة معاينة العقار على الطبيعة وتقدير قيمته السوقية. يقدم الخبير تقريرًا مفصلًا للمحكمة يشتمل على وصف دقيق للعقار، وبيان لحالته، والقيمة التقديرية لكل حصة، واقتراحًا لطريقة القسمة العينية إن كانت ممكنة، أو التوصية بالبيع بالمزاد العلني. تقرير الخبير هو جوهر الحكم النهائي للمحكمة، ويعتمد عليه القاضي بشكل كبير في اتخاذ قراره. الخبرة الفنية ضرورية هنا.

حكم القسمة وتنفيذه

بعد استلام تقرير الخبير ومناقشته من قبل الأطراف، تصدر المحكمة حكمها النهائي في الدعوى. إذا كان الحكم بالقسمة العينية، يتم تسجيل حصة كل شريك في السجل العقاري. أما إذا قضت المحكمة بالبيع بالمزاد العلني، يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لبيع العقار بالمزاد وتوزيع حصيلة البيع على الشركاء كل حسب نصيبه. يجب على الأطراف تنفيذ الحكم الصادر عن المحكمة بشكل كامل. تنفيذ الحكم ينهي حالة الشيوع. يمكن أن يتطلب التنفيذ إجراءات إضافية.

يجب على الشركاء المتضررين من حكم القسمة أن يتخذوا الإجراءات القانونية اللازمة للطعن عليه في المواعيد المحددة قانوناً، إذا رأوا أن الحكم لم يراعِ حقوقهم. بعد استنفاذ طرق الطعن أو انتهاء مواعيدها، يصبح الحكم نهائيًا وباتًا ويجب تنفيذه. عملية التنفيذ قد تتضمن خطوات إدارية وتسجيلية لدى الجهات الحكومية لضمان تثبيت الملكيات الجديدة أو تحويل الأموال الناتجة عن البيع بشكل سليم. الالتزام بالآجال القانونية أمر حيوي.

الحلول البديلة عند تعذر القسمة العينية

البيع بالمزاد العلني

في كثير من الحالات، لا يكون العقار قابلاً للقسمة العينية دون إلحاق ضرر كبير به أو بإنقاص قيمته. في هذه الحالة، تلجأ المحكمة إلى حل البيع بالمزاد العلني للعقار كله. بعد بيع العقار، يتم توزيع ثمنه على الشركاء كل حسب نصيبه من الشيوع. هذا الحل يضمن حصول كل شريك على قيمته النقدية العادلة من العقار، خاصة في حالات الشقق السكنية أو الأراضي الصغيرة التي يصعب تقسيمها بشكل عملي ومجدي اقتصاديًا. البيع بالمزاد يحقق العدالة المالية. المحكمة تشرف على إجراءات المزاد.

يتم الإعلان عن البيع بالمزاد العلني في الصحف الرسمية ووسائل الإعلام الأخرى لضمان أقصى قدر من الشفافية والمنافسة، مما يؤدي إلى الحصول على أفضل سعر ممكن للعقار. يتم تحديد تاريخ ووقت للمزاد، ويحق لأي شخص التقدم للمزايدة. بعد انتهاء المزاد، يرسو البيع على صاحب أعلى سعر، ويتم تحصيل الثمن وتوزيعه على الشركاء بعد خصم المصروفات والرسوم القضائية. هذه العملية تتم تحت إشراف قضائي كامل لضمان الحقوق. ضمان الشفافية يعود بالنفع على الجميع.

الحلول الودية والتصالح

حتى في حال تعثر القسمة الرضائية في البداية، يمكن للشركاء اللجوء إلى جهود التصالح والوساطة في أي مرحلة من مراحل الدعوى القضائية. يمكن للمحكمة أن تحيل الأطراف إلى مكاتب التسوية الأسرية أو لجان فض المنازعات لإيجاد حل ودي. هذا الخيار يوفر للشركاء فرصة أخيرة لتسوية خلافاتهم بعيدًا عن تعقيدات وإجراءات التقاضي الطويلة، ويحافظ على العلاقات الأسرية أو الاجتماعية بين الشركاء. التصالح قد يؤدي إلى حلول مبتكرة. تسوية النزاعات بالتراضي مفضلة.

نصائح وإرشادات هامة

أهمية الاستعانة بمحام متخصص

نظرًا لتعقيد إجراءات دعاوى إزالة الشيوع والمتطلبات القانونية الدقيقة، ينصح بشدة بالاستعانة بمحام متخصص في قضايا العقارات والقانون المدني. يمتلك المحامي الخبرة اللازمة لتقديم المشورة القانونية الصحيحة، وإعداد المستندات المطلوبة، ومتابعة الدعوى أمام المحكمة، وتمثيل موكله بأفضل شكل ممكن. وجود محام يضمن أن جميع الإجراءات تتم وفقًا للقانون، ويحمي حقوق الشريك من أي انتهاكات أو أخطاء. هذا الاستثمار يضمن سير الأمور بسلاسة.

تجنب النزاعات المستقبلية

لتقليل فرص نشوء نزاعات مستقبلية حول العقارات المشتركة، يُنصح بتوثيق أي اتفاقيات تتعلق بالملكية أو الإدارة أو الانتفاع بالعقار بشكل رسمي. كما يمكن للشركاء، فور نشوء حالة الشيوع، أن يتفقوا على نظام لإدارة العقار وتحديد حصص كل منهم كتابيًا. إذا كان العقار ناتجًا عن إرث، يمكن للورثة الاتفاق على قسمة التركة وتوثيقها فورًا لتجنب تراكم المشكلات. التوثيق المسبق يحمي حقوق الجميع ويوضح الالتزامات. التخطيط المسبق يقي من المشاكل.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock