إجراءات غلق المواقع المحرضة على العنف
محتوى المقال
إجراءات غلق المواقع المحرضة على العنف
الإطار القانوني والخطوات العملية
تشكل المواقع الإلكترونية المحرضة على العنف تهديدًا خطيرًا للأمن المجتمعي والسلم الأهلي. يتطلب التصدي لهذه الظاهرة فهمًا دقيقًا للإطار القانوني والخطوات العملية التي يمكن اتخاذها لغلق هذه المواقع. يقدم هذا المقال دليلًا شاملًا للإجراءات المتبعة في مصر لمكافحة المحتوى العنيف عبر الإنترنت، موضحًا الدور الحيوي للقانون والجهات المختصة.
الأساس القانوني لغلق المواقع
القوانين المنظمة لجرائم الإنترنت
يستند غلق المواقع المحرضة على العنف في مصر إلى عدة تشريعات وقوانين. أبرز هذه القوانين هو قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018. يهدف هذا القانون إلى تنظيم استخدام الإنترنت والتصدي للجرائم الإلكترونية بمختلف أشكالها، بما في ذلك التحريض على العنف أو الكراهية.
يحدد القانون المواد والعقوبات الخاصة بالجرائم التي يتم ارتكابها عبر شبكة المعلومات أو المواقع الإلكترونية. كما يمنح الجهات القضائية والتنفيذية الصلاحيات اللازمة لاتخاذ الإجراءات الوقائية والقمعية ضد هذه المواقع.
الجهات المختصة بالتنفيذ
تتعدد الجهات المختصة بتطبيق القانون وملاحقة المواقع المحرضة على العنف. تشمل هذه الجهات النيابة العامة، وهي الجهة المسؤولة عن التحقيق في الجرائم وإحالتها إلى المحاكم. كما تلعب مباحث الاتصالات والمعلومات دورًا محوريًا في جمع الاستدلالات الفنية والتقنية.
تساهم أيضًا وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات في الإطار العام للرقابة على المحتوى الرقمي. يتم التنسيق بين هذه الجهات لضمان فعالية الإجراءات المتخذة ضد المخالفين.
خطوات الإبلاغ عن المواقع المحرضة
كيفية تقديم الشكوى
يمكن لأي مواطن أو جهة الإبلاغ عن المواقع الإلكترونية التي تحرض على العنف. تبدأ العملية بتقديم شكوى رسمية إلى الجهات المختصة. يفضل أن تكون الشكوى مدعومة بالبراهين والأدلة التي تثبت محتوى التحريض، مثل لقطات شاشة (Screenshots) أو روابط مباشرة للمحتوى المخالف.
يمكن تقديم الشكوى إما بشكل مباشر في مقرات النيابة العامة أو الأجهزة الأمنية المتخصصة مثل مباحث الاتصالات. توفر بعض الجهات حاليًا آليات للإبلاغ الإلكتروني لتسهيل العملية وتوسيع نطاق الاستجابة.
دور النيابة العامة ومباحث الاتصالات
فور تلقي الشكوى، تبدأ النيابة العامة ومباحث الاتصالات في إجراء التحريات اللازمة. تقوم مباحث الاتصالات بتحليل المحتوى المبلغ عنه وتحديد مصدره ومسؤوليه. يتم جمع الأدلة الفنية والرقمية التي تدعم الشكوى وتثبت وقوع الجريمة.
تتولى النيابة العامة بعد ذلك التحقيق في الواقعة، واستدعاء الأطراف المعنية، وإصدار الأوامر القضائية اللازمة للتحفظ على البيانات أو الأدلة. قد يصدر وكيل النيابة أوامر بحجب الموقع مؤقتًا إذا توافرت الأدلة الكافية على وجود خطر وشيك.
الإجراءات القضائية لغلق المواقع
سلطة المحكمة في إصدار قرارات الغلق
بعد انتهاء مرحلة التحقيق في النيابة العامة، يتم إحالة القضية إلى المحكمة المختصة. تنظر المحكمة في الأدلة المقدمة وتستمع إلى مرافعات الأطراف. إذا ثبت للمحكمة أن الموقع الإلكتروني يقوم بالتحريض على العنف، فإنها تصدر حكمًا قضائيًا بإدانة المتهمين، وقد يشمل الحكم أمرًا بغلق الموقع بشكل دائم.
تستند المحكمة في قرارها إلى نصوص القانون رقم 175 لسنة 2018 والقوانين الأخرى ذات الصلة. يمكن للمحكمة أن تأمر بحجب الموقع بشكل كلي أو جزئي، أو إزالة المحتوى المخالف فقط، حسب طبيعة الجريمة وخطورتها.
تنفيذ القرار القضائي
بمجرد صدور الحكم القضائي النهائي بغلق الموقع، تقوم الجهات التنفيذية بتطبيق هذا القرار. يتم إبلاغ الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ومقدمي خدمات الإنترنت بقرار الحجب أو الغلق. يتولى مقدمو الخدمات الفنية حجب الوصول إلى الموقع من داخل مصر.
قد يتطلب تنفيذ القرار التنسيق مع جهات دولية إذا كان الموقع مستضافًا خارج البلاد. تسعى السلطات المصرية إلى التعاون مع المنظمات الدولية ومقدمي الخدمات العالميين لضمان فعالية قرارات الغلق والتصدي للمحتوى العنيف عبر الحدود.
التحديات والحلول الإضافية
التحديات التقنية والقانونية
تواجه عمليات غلق المواقع المحرضة على العنف عدة تحديات. من أبرز هذه التحديات هو سهولة إنشاء مواقع جديدة أو استخدام طرق بديلة للوصول إلى المحتوى المحجوب، مثل الشبكات الافتراضية الخاصة (VPN). كما أن التحديد الدقيق لمفهوم “التحريض على العنف” قد يثير نقاشات قانونية.
تتطلب التحديات التقنية تحديثًا مستمرًا لأدوات المراقبة والحجب. أما التحديات القانونية فتتطلب تفسيرًا واضحًا للنصوص القانونية لضمان عدم المساس بالحريات الأساسية مع تحقيق الأمن المجتمعي.
دور التعاون الدولي
يعتبر التعاون الدولي حجر الزاوية في مكافحة الجرائم الإلكترونية العابرة للحدود. تساهم الاتفاقيات الدولية وتبادل المعلومات بين الدول في ملاحقة المسؤولين عن المواقع المحرضة على العنف التي تعمل من خارج مصر. تعزز هذه الجهود المشتركة القدرة على تحديد المواقع المارقة وإغلاقها.
يشمل التعاون الدولي أيضًا تبادل الخبرات التقنية والقانونية لتطوير آليات أفضل للكشف عن المحتوى العنيف والتصدي له. إن العمل المشترك على المستويين الوطني والدولي ضروري لضمان بيئة رقمية آمنة وخالية من التحريض.