الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالدعاوى المدنيةالقانون المصريقانون الأحوال الشخصية

إجراءات رفع دعوى قسمة التركة

إجراءات رفع دعوى قسمة التركة

الدليل الكامل لرفع دعوى قسمة إجبار للتركة أمام المحاكم المصرية

يمثل تقسيم التركة بين الورثة خطوة حساسة ومهمة بعد وفاة المورث. وفي كثير من الأحيان، قد ينشأ خلاف بين الورثة حول كيفية التقسيم، مما يجعل القسمة الرضائية أمرًا مستحيلًا. في هذه الحالة، يصبح اللجوء إلى القضاء من خلال رفع دعوى قسمة التركة، أو ما يعرف بدعوى الفرز والتجنيب أو قسمة الإجبار، هو الحل القانوني لضمان حصول كل وارث على نصيبه الشرعي. هذا المقال يقدم دليلاً عمليًا ومفصلاً لجميع الإجراءات.

أولاً: الخطوات التمهيدية قبل رفع الدعوى

إجراءات رفع دعوى قسمة التركةقبل التوجه إلى المحكمة، هناك مجموعة من الإجراءات التحضيرية التي يجب القيام بها لضمان تأسيس الدعوى على أساس سليم. هذه الخطوات تمهد الطريق لعملية قضائية أكثر سلاسة ووضوحًا، وتساعد في تجنب أي عوائق إجرائية قد تؤخر الفصل في النزاع. إهمال هذه المرحلة قد يؤدي إلى رفض الدعوى من الناحية الشكلية أو صعوبة إثبات الحقوق أمام القاضي.

حصر جميع الورثة الشرعيين

الخطوة الأولى والأساسية هي استخراج إعلام وراثة رسمي من محكمة الأسرة التابع لها آخر موطن للمتوفى. هذا المستند الرسمي يحدد بشكل قاطع من هم الورثة الشرعيون للمتوفى ونصيب كل منهم وفقًا للشريعة الإسلامية والقانون. لا يمكن قبول دعوى القسمة دون تقديم إعلام الوراثة، حيث إنه السند القانوني الذي يثبت صفة المدعين كـورثة وحقهم في المطالبة بالتقسيم.

حصر وتقييم جميع أموال التركة

يجب على الورثة إعداد قائمة دقيقة وشاملة بجميع ممتلكات المتوفى، سواء كانت عقارات مثل الأراضي والشقق، أو أموال منقولة مثل السيارات والأرصدة البنكية والأسهم والمشغولات الذهبية. من الضروري جمع كافة المستندات التي تثبت ملكية المتوفى لهذه الأصول. في حالة العقارات، يتم استخراج كشف رسمي من الضرائب العقارية (كشف مشتملات) لتحديدها بدقة. هذا الحصر الدقيق هو أساس عملية التقسيم.

محاولة القسمة الرضائية (الودية)

قبل اللجوء إلى القضاء، ينصح القانون والأعراف بمحاولة حل النزاع وديًا بين الورثة. يمكن عقد جلسات تفاوض بحضور جميع الأطراف أو من ينوب عنهم قانونًا لمحاولة التوصل إلى اتفاق حول كيفية تقسيم الممتلكات. إذا نجحت هذه المحاولة، يتم تحرير عقد قسمة رضائية وتوثيقه، مما يغني عن الحاجة إلى رفع دعوى قضائية طويلة ومكلفة. هذه الخطوة توفر الوقت والجهد وتحافظ على الروابط الأسرية.

ثانياً: المستندات المطلوبة لرفع دعوى قسمة التركة

لتكون الدعوى مقبولة أمام المحكمة، يجب إرفاق مجموعة من المستندات الرسمية التي تدعم الطلب وتثبت الحقوق المدعى بها. تجهيز هذه الأوراق بشكل كامل ودقيق يعد من أهم عوامل نجاح الدعوى، حيث يعتمد عليها القاضي في فهم مكونات التركة وأصحاب الحق فيها. نقص أي مستند جوهري قد يؤدي إلى تأجيل القضية أو رفضها.

إعلام الوراثة

يعتبر إعلام الوراثة هو المستند الأهم في دعوى قسمة التركة. فهو الوثيقة الرسمية الصادرة من المحكمة التي تثبت وفاة المورث وتعين ورثته الشرعيين وتحدد أنصبتهم الشرعية في الميراث. يجب تقديم نسخة رسمية من إعلام الوراثة ضمن حافظة مستندات الدعوى.

سندات ملكية أعيان التركة

يجب تقديم كافة المستندات التي تثبت ملكية المورث للممتلكات المراد تقسيمها. بالنسبة للعقارات، يتم تقديم عقود الملكية المسجلة أو كشوف رسمية من مصلحة الضرائب العقارية. أما بالنسبة للمنقولات، فيتم تقديم ما يثبت ملكيتها مثل رخص السيارات، شهادات الأسهم، أو كشوف الحسابات البنكية التي توضح الأرصدة بتاريخ الوفاة.

إنذار رسمي للورثة الممتنعين

على الرغم من أنه ليس شرطًا إلزاميًا في كل الحالات، إلا أنه من الإجراءات المستحبة قانونيًا. يقوم المدعي بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى باقي الورثة الذين يرفضون التقسيم الودي، يدعوهم فيه إلى الحضور لإنهاء إجراءات القسمة الرضائية. هذا الإنذار يثبت للمحكمة أن المدعي قد استنفد الطرق الودية قبل اللجوء للقضاء، مما يعزز موقفه.

ثالثاً: إجراءات رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة

بعد استكمال الخطوات التمهيدية وتجهيز كافة المستندات، تبدأ المرحلة الفعلية لرفع الدعوى أمام القضاء. هذه المرحلة تتطلب دقة في الإجراءات القانونية لضمان قيد الدعوى بشكل صحيح وتحديد جلسة لنظرها. يتم رفع الدعوى أمام محكمة الأسرة التي يقع في دائرتها أحد أعيان التركة العقارية.

توكيل محامٍ متخصص

قضايا قسمة التركة تتسم بالتعقيد من الناحيتين القانونية والإجرائية، لذا فإن الخطوة الأولى هي توكيل محامٍ متخصص في قضايا الأحوال الشخصية والميراث. المحامي هو من سيقوم بصياغة صحيفة الدعوى ومتابعة كافة الإجراءات أمام المحكمة والدفاع عن حقوق موكله خلال الجلسات، مما يزيد من فرص الحصول على حكم عادل وسريع.

إعداد صحيفة الدعوى

يقوم المحامي بإعداد صحيفة الدعوى، وهي الوثيقة التي يتم من خلالها رفع القضية. يجب أن تشتمل الصحيفة على بيانات المدعين والمدعى عليهم (باقي الورثة)، وموضوع الدعوى وهو طلب فرز وتجنيب حصص الورثة الشرعية. كما تتضمن الصحيفة سردًا لوقائع النزاع وحصرًا دقيقًا لمكونات التركة، مع إرفاق كافة المستندات الداعمة.

إيداع صحيفة الدعوى بقلم كتاب المحكمة

بعد إعداد صحيفة الدعوى ومراجعتها، يتم تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة المختصة لسداد الرسوم القضائية المقررة وقيدها في سجلات المحكمة. بعد القيد، يتم تحديد رقم للدعوى وتاريخ لأول جلسة لنظرها. يقوم قلم المحضرين بعد ذلك بإعلان باقي الورثة (المدعى عليهم) بصحيفة الدعوى وموعد الجلسة لضمان علمهم بالقضية وحضورهم.

سير الدعوى وتداول الجلسات

تبدأ المحكمة في نظر الدعوى، وفي أولى الجلسات تتحقق من اكتمال الشكل القانوني وإعلان جميع الأطراف. بعد ذلك، غالبًا ما تقرر المحكمة ندب خبير مثمن من وزارة العدل أو أحد الخبراء المعتمدين. مهمة الخبير هي معاينة أعيان التركة، تقييمها ماليًا، واقتراح كيفية قسمتها قسمة عينية إن أمكن، أو التوصية ببيعها في المزاد العلني إذا استحال تقسيمها.

رابعاً: ما بعد صدور الحكم وكيفية تنفيذه

بعد مداولات وتقديم تقرير الخبير، تصدر المحكمة حكمها في الدعوى. لكن صدور الحكم لا يعني انتهاء الإجراءات، بل تبدأ مرحلة جديدة وهي مرحلة تنفيذ هذا الحكم على أرض الواقع لكي يحصل كل وارث على نصيبه الفعلي.

الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم

بعد أن يصبح الحكم نهائيًا (أي بعد فوات مواعيد الاستئناف أو تأييده استئنافيًا)، يقوم المحامي باستخراج صورة رسمية من الحكم مزيلة بالصيغة التنفيذية. هذه الصيغة هي أمر من الدولة موجه إلى الجهات المعنية بتنفيذ مضمون الحكم بالقوة الجبرية إذا لزم الأمر.

تنفيذ الحكم بالبيع في المزاد العلني

إذا قضى الحكم ببيع الممتلكات لتعذر قسمتها عينيًا، يتم اتخاذ إجراءات البيع بالمزاد العلني. تقوم إدارة التنفيذ بالمحكمة بتحديد موعد للمزاد وشروط البيع والإعلان عنه. يتم بيع العقارات أو المنقولات لمن يرسو عليه المزاد بأعلى سعر، ثم يتم إيداع حصيلة البيع في خزينة المحكمة.

توزيع حصيلة البيع على الورثة

بعد إتمام عملية البيع وتحصيل الثمن، يتم توزيع حصيلة البيع النقدية على الورثة. يقوم كل وارث بتقديم طلب إلى قاضي التنفيذ لصرف نصيبه الشرعي المحدد في إعلام الوراثة، وذلك بعد خصم كافة المصروفات القضائية وأتعاب الخبير ورسوم المزاد.

خامساً: حلول بديلة لتقسيم التركة دون اللجوء للقضاء

اللجوء إلى المحاكم ليس هو الطريق الوحيد لتقسيم التركة. هناك حلول بديلة يمكن أن تكون أسرع وأقل تكلفة وتحافظ على العلاقات الأسرية. هذه الحلول تعتمد بشكل أساسي على وجود رغبة حقيقية لدى جميع الورثة في التوصل إلى حل مرضي.

القسمة الاتفاقية (الرضائية)

هذا هو أفضل الحلول وأبسطها، حيث يتفق جميع الورثة بالتراضي على كيفية تقسيم الممتلكات فيما بينهم. يمكن أن يأخذ أحد الورثة عقارًا مقابل تنازله عن حصته في عقار آخر، أو يتم تعويض صاحب النصيب الأقل بمبلغ مالي. يتم توثيق هذا الاتفاق في عقد قسمة رضائية رسمي لدى الشهر العقاري ليصبح سندًا للملكية لكل وارث فيما آل إليه.

الوساطة والتسوية الودية

في حال وجود خلافات تمنع التوصل لاتفاق مباشر، يمكن للورثة الاستعانة بوسيط محايد. قد يكون هذا الوسيط أحد كبار العائلة، أو محاميًا، أو خبيرًا يثق به جميع الأطراف. يقوم الوسيط بالاستماع لكل طرف وتقريب وجهات النظر واقتراح حلول عملية ومنصفة، بهدف الوصول إلى اتفاق مكتوب ينهي النزاع دون الحاجة لرفع دعوى قضائية.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock