ما الفرق بين الاشتراك في الجريمة والتحريض؟
محتوى المقال
- 1 ما الفرق بين الاشتراك في الجريمة والتحريض؟
- 2 تعريف الاشتراك في الجريمة وأركانه
- 3 تعريف التحريض في الجريمة وأركانه
- 4 الفروقات الجوهرية بين الاشتراك والتحريض
- 5 الآثار القانونية المترتبة على الاشتراك والتحريض
- 6 كيفية التفريق عمليًا بين الاشتراك والتحريض في الدعاوى الجنائية
- 7 نصائح وإرشادات قانونية لفهم المساهمة الجنائية
ما الفرق بين الاشتراك في الجريمة والتحريض؟
فهم دقيق للمفاهيم الجنائية الأساسية وتأثيرها القانوني
في إطار القانون الجنائي، تبرز مفاهيم الاشتراك في الجريمة والتحريض كركيزتين أساسيتين في تحديد المسؤولية الجنائية. على الرغم من تشابههما الظاهري في المساهمة بارتكاب الفعل الإجرامي، إلا أن لكل منهما تعريفًا قانونيًا محددًا، وطبيعة مختلفة للدور الذي يقوم به الجاني، مما ينعكس بشكل مباشر على العقوبة المقررة. يعد التمييز بينهما أمرًا حيويًا لتطبيق صحيح لنصوص القانون وضمان تحقيق العدالة، حيث يلقي هذا المقال الضوء على الفروقات الجوهرية بين هذين المفهومين، موضحًا أركان كل منهما والآثار القانونية المترتبة على كل نوع من أنواع المساهمة الإجرامية.
تعريف الاشتراك في الجريمة وأركانه
الركن المادي للاشتراك
يشير الركن المادي للاشتراك إلى الأفعال الملموسة التي يقوم بها الشخص للمساهمة في ارتكاب الجريمة. قد تتضمن هذه الأفعال تقديم المساعدة المادية للجاني الأصلي مثل توفير أدوات الجريمة أو تسهيل هروبه، أو حتى المساهمة في التخطيط المسبق للجريمة. يجب أن تكون هذه الأفعال مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالنتيجة الإجرامية التي حدثت. لا يشترط أن يكون الفاعل حاضرًا وقت ارتكاب الجريمة بنفسه، بل يكفي أن يكون قد قدم يد العون أو الاتفاق مع الفاعل الأصلي. هذه المساهمة تجعل منه شريكًا يعاقب غالبًا بنفس عقوبة الفاعل الأصلي.
الركن المعنوي للاشتراك
يتجسد الركن المعنوي في القصد الجنائي لدى الشريك، أي أن يكون الشريك عالمًا بأن فعله يساهم في ارتكاب جريمة معينة ويريد تحقيق هذه النتيجة أو قبولها. يجب أن تتجه إرادته إلى المساهمة في الجريمة، فلا يكفي أن يقوم بالفعل المادي دون علمه بأن هذا الفعل سيؤدي إلى جريمة أو نيته في المساهمة بها. هذا القصد يجعله مسؤولًا جنائيًا عن دوره. إذا انتفى القصد الجنائي، فلا يمكن اعتباره شريكًا، بل قد يعتبر مجرد طرف بريء أو قد يسأل عن جريمة أقل جسامة إذا كان فعله مخالفًا للقانون في ذاته. وجود القصد هو ما يميز الاشتراك عن المساهمة العفوية غير المقصودة.
أشكال الاشتراك الشائعة
تتعدد أشكال الاشتراك في الجريمة وفقًا للقانون الجنائي. من أبرز هذه الأشكال هو الاشتراك بطريق المساعدة، حيث يقدم الشريك عونًا ماديًا أو معنويًا للفاعل الأصلي قبل أو أثناء ارتكاب الجريمة. يشمل ذلك توفير معلومات حساسة، أو أدوات الجريمة، أو حتى مراقبة المكان. شكل آخر هو الاشتراك بطريق الاتفاق الجنائي، وهو تآمر بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة معينة، حتى لو لم يقم الشريك بأي فعل مادي مباشر لحظة ارتكابها. كما يوجد الاشتراك عن طريق التحريض إذا لم يرتكب الجريمة المحرض عليها إلا من شخص واحد. هذه الأشكال تظهر مدى اتساع مفهوم الاشتراك. يلتزم القانون المصري بتحديد هذه الأشكال بدقة لضمان العدالة وتطبيق العقوبات الصحيحة.
تعريف التحريض في الجريمة وأركانه
ماهية فعل التحريض
التحريض هو دفع شخص آخر لارتكاب جريمة لم يكن ينوي ارتكابها من تلقاء نفسه. إنه فعل نفسي أو معنوي يهدف إلى غرس فكرة الجريمة في ذهن شخص آخر، أو تقوية عزيمته إذا كانت ضعيفة، ليدفعه إلى تنفيذها. يتم التحريض غالبًا بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو أي وسيلة أخرى يمكن أن تؤثر في إرادة المحرَّض. جوهر التحريض يكمن في إيجاد الدافع الإجرامي لدى شخص لم تكن لديه النية الأصلية لارتكاب الفعل. التحريض يعد من صور المساهمة الجنائية غير المباشرة، ويختلف عن الاشتراك الذي يتضمن غالبًا مشاركة فعلية في الفعل المادي للجريمة. المحرض يسعى إلى تحقيق نتيجة إجرامية عن طريق إقناع شخص آخر بالقيام بالفعل.
الركن المادي للتحريض
يتكون الركن المادي للتحريض من الفعل الذي يقوم به المحرض لدفع شخص آخر إلى ارتكاب الجريمة. قد يكون هذا الفعل عبارة عن كلمات منطوقة، أو رسائل مكتوبة، أو إشارات، أو أي وسيلة أخرى تؤدي إلى تحفيز المحرَّض على ارتكاب الفعل الإجرامي. الأهم في هذا الركن هو أن يكون الفعل قادرًا على التأثير في إرادة الشخص الآخر ودفعه نحو الجريمة. لا يشترط أن تكون هناك وسيلة معينة للتحريض، بل كل ما يؤدي إلى إثارة فكرة الجريمة في نفس المحرَّض يعد ركنًا ماديًا. يجب أن يكون فعل التحريض واضحًا ومحددًا ويهدف إلى جريمة معينة وليس مجرد تشجيع عام على مخالفة القانون.
الركن المعنوي للتحريض
يتمثل الركن المعنوي للتحريض في القصد الجنائي الخاص لدى المحرض. يجب أن يكون لدى المحرض نية واضحة ومحددة لدفع شخص آخر إلى ارتكاب جريمة معينة. هذا القصد يعني أن المحرض يريد فعلاً أن يرتكب المحرَّض الجريمة التي يحرض عليها، وأن تكون هذه الجريمة معروفة لديه. لا يكفي مجرد القول أو الفعل الذي قد يؤدي بالصدفة إلى ارتكاب جريمة، بل يجب أن يكون هناك توجه إرادي صريح نحو إحداث النتيجة الإجرامية من خلال المحرَّض. إذا انتفى هذا القصد، فلا يمكن إدانة الشخص بتهمة التحريض، حتى لو وقعت الجريمة كنتيجة غير مباشرة لأفعاله. القصد هو جوهر المسؤولية في التحريض.
شروط عقاب المحرض
يخضع عقاب المحرض لعدة شروط أساسية لضمان العدالة القانونية. أولًا، يجب أن يكون التحريض قد تم بشكل مباشر ومقصود نحو جريمة محددة. ثانيًا، يشترط أن يكون التحريض قد أحدث أثره بأن ارتكب المحرَّض الجريمة فعلاً نتيجة لذلك التحريض. إذا لم تقع الجريمة، قد يعتبر التحريض مجرد شروع في التحريض أو لا يعاقب عليه إلا إذا نص القانون على ذلك صراحة. ثالثًا، يجب أن يكون فعل التحريض غير مشروع وقادرًا على دفع الشخص العادي لارتكاب الجريمة. رابعًا، يتساوى المحرض في الغالب مع الفاعل الأصلي في العقوبة المقررة للجريمة إذا ما تمت. هذه الشروط تضمن أن يتم محاسبة المحرض بناءً على دوره الفعلي وتأثيره في وقوع الجريمة. القانون المصري ينظر إلى التحريض على أنه مساهمة فعلية في ارتكاب الجريمة ويفرض عقوبات صارمة على المحرضين.
الفروقات الجوهرية بين الاشتراك والتحريض
طبيعة الدور الذي يؤديه الجاني
يتمثل الفرق الأساسي بين الاشتراك والتحريض في طبيعة الدور الذي يؤديه كل طرف في ارتكاب الجريمة. فالمشترك يشارك عادة في الجانب المادي للجريمة، سواء كان بتقديم المساعدة المباشرة أو غير المباشرة للفاعل الأصلي، مثل توفير الأدوات، أو المراقبة، أو تسهيل الفعل الإجرامي نفسه. دوره ينصب على تنفيذ جزء من خطة الجريمة أو دعمها بشكل فعال. أما المحرض، فإن دوره يقتصر على الجانب المعنوي؛ فهو يدفع شخصًا آخر لارتكاب الجريمة دون أن يشارك هو نفسه في تنفيذها المادي. المحرض هو العقل المدبر أو الملهم الذي يغرس فكرة الجريمة في ذهن الفاعل، بينما المشترك هو الذراع المنفذة أو الداعمة. هذا التباين في الدور يؤثر على كيفية تطبيق النصوص القانونية وتحديد المسؤولية.
القصد الجنائي لكل منهما
يتجلى الاختلاف في القصد الجنائي بين المشترك والمحرض بوضوح. المشترك لديه قصد جنائي مباشر أو غير مباشر في المساهمة في ارتكاب الجريمة نفسها. بمعنى أنه يعلم بالهدف الإجرامي ويساهم فيه بقصد تحقيق النتيجة الإجرامية أو قبولها. قد يكون قصده المساهمة في جزء معين من الجريمة أو في الجريمة بأكملها. أما المحرض، فإن قصده الجنائي ينصب على دفع شخص آخر لارتكاب الجريمة. نيته تتجه نحو التأثير في إرادة المحرَّض لجعل الأخير يرتكب الفعل الإجرامي. المحرض لا يقصد ارتكاب الجريمة بنفسه، بل يقصد أن يجعل شخصًا آخر يرتكبها. هذا التمييز في القصد هو حجر الزاوية في التفريق بينهما قانونيًا، حيث يحدد طبيعة الجريمة المنسوبة لكل طرف والمسؤولية المترتبة عليها.
مدى الارتباط بالفعل الإجرامي
يختلف مدى الارتباط بالفعل الإجرامي بشكل جوهري بين الاشتراك والتحريض. المشترك يكون له ارتباط مباشر وقوي بالفعل الإجرامي، حيث يساهم في جزء من تنفيذه المادي أو يوفر الدعم الأساسي اللازم لتمامه. يمكن أن تكون مساهمته حاسمة في وقوع الجريمة، ودوره لا يمكن فصله بسهولة عن الفعل الرئيسي. أما المحرض، فارتباطه بالفعل الإجرامي يعتبر غير مباشر. هو يؤثر على إرادة الفاعل لارتكاب الجريمة، ولكنه لا يشارك في تنفيذها المادي بشكل مباشر. دوره ينتهي عند إقناع الفاعل أو غرس الفكرة في ذهنه. الارتباط بين المحرض والجريمة يتحقق فقط بوقوع الجريمة بناءً على تحريضه، بينما ارتباط المشترك يكون بالمساهمة الفعلية في عملية التنفيذ. هذا التباعد في مستوى الارتباط يحدد التكييف القانوني للدور.
استقلالية فعل التحريض عن وقوع الجريمة
تتمثل نقطة اختلاف مهمة في مدى استقلالية فعل التحريض عن وقوع الجريمة نفسها. في بعض الأنظمة القانونية، قد يعتبر التحريض جريمة بحد ذاتها، حتى لو لم يتم ارتكاب الجريمة المحرض عليها فعليًا، وهذا يكون نادرًا ويشترط نص قانوني خاص. في هذه الحالات، فإن مجرد القيام بفعل التحريض، بغض النظر عن النتيجة، قد يكفي لتجريم المحرض. أما في الاشتراك، فإن المسؤولية لا تقوم إلا إذا وقعت الجريمة التي ساهم فيها الشريك فعليًا. بمعنى أن الشريك لا يعاقب على مجرد نية المساهمة، بل يجب أن تتحقق النتيجة الإجرامية التي ساهم فيها. هذا يعني أن مسؤولية الشريك ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقق الجريمة، بينما قد توجد حالات استثنائية لمسؤولية المحرض دون وقوع الجريمة، إذا نص القانون على ذلك.
الآثار القانونية المترتبة على الاشتراك والتحريض
تحديد المسؤولية الجنائية
تحديد المسؤولية الجنائية لكل من المشترك والمحرض هو جوهر تطبيق القانون الجنائي. في القانون المصري، القاعدة العامة هي أن كل من اشترك في ارتكاب جريمة بأي صفة (فاعل أصلي، شريك بالمساعدة أو الاتفاق، أو محرض) يعتبر مسؤولًا جنائيًا عن تلك الجريمة. غالبًا ما يتم مساواة الشريك والمحرض بالفاعل الأصلي في العقوبة، وهذا يعكس مبدأ وحدة الجريمة وتعدد المساهمين. ومع ذلك، قد تختلف درجة المسؤولية أو تخفف العقوبة في بعض الحالات بناءً على طبيعة الدور وحجم المساهمة، لكن الأصل هو المسؤولية التضامنية. النيابة العامة والقضاء يقع على عاتقهما تكييف الفعل وتحديد وصفه القانوني بدقة لضمان أن كل طرف يتحمل المسؤولية عن دوره في ارتكاب الجريمة. هذا التحديد الدقيق للمسؤولية يضمن تحقيق العدالة ومحاسبة جميع المساهمين.
تأثير على العقوبة المقررة
على الرغم من أن القاعدة العامة في القانون المصري تساوي بين عقوبة الفاعل الأصلي والمشترك والمحرض، إلا أن هناك بعض الفروقات التي قد تؤثر على العقوبة المقررة. ففي بعض الحالات، قد يرى القاضي أن دور المشترك أو المحرض يستدعي تطبيق عقوبة أخف من الفاعل الأصلي، خاصة إذا كانت مساهمتهم هامشية أو لم تكن ذات أثر مباشر وكبير في وقوع الجريمة. في المقابل، قد يرى القاضي أن التحريض، لخطورته في بث الفكرة الإجرامية، يستدعي تطبيق أقصى العقوبات. القانون يمنح القاضي في بعض الأحيان سلطة تقديرية في تكييف العقوبة بما يتناسب مع درجة الخطورة الإرمية لكل مساهم. هذا التقدير يعتمد على ظروف كل قضية والأدلة المقدمة ومدى مساهمة كل طرف في تحقيق النتيجة الإجرامية. الهدف هو تحقيق التوازن بين العدالة الصارمة وظروف الجناة.
دور النيابة العامة والقضاء في التمييز
يقع على عاتق النيابة العامة والقضاء دور حيوي ومحوري في التمييز بين الاشتراك والتحريض، حيث يحدد هذا التمييز التكييف القانوني السليم للواقعة ومن ثم تطبيق العقوبة المناسبة. تقوم النيابة العامة في مرحلة التحقيق بجمع الأدلة والقرائن، وتحليل أقوال الشهود والمتهمين، لتحديد دور كل شخص في الجريمة بدقة. هل هو فاعل أصلي، شريك بالمساعدة، أو محرض؟ بعد ذلك، يقوم القاضي في مرحلة المحاكمة بالنظر في هذه الأدلة، والاستماع للمرافعات، وتفسير النصوص القانونية، للوصول إلى حكم عادل. يتطلب هذا الدور خبرة قانونية عميقة وفهمًا دقيقًا لكل من مفهوم الاشتراك والتحريض وأركانهما، لضمان تطبيق القانون بصورة صحيحة وتحقيق العدالة الجنائية. تحديد هذا الدور بدقة يحمي حقوق الأفراد ويضمن تطبيق العقوبة الصحيحة.
كيفية التفريق عمليًا بين الاشتراك والتحريض في الدعاوى الجنائية
تحليل الأدلة والقرائن
يتطلب التفريق العملي بين الاشتراك والتحريض في الدعاوى الجنائية تحليلًا دقيقًا وشاملًا للأدلة والقرائن المتاحة. يجب على المحقق والقاضي النظر في طبيعة كل فعل قام به المتهم. هل كان فعله مباشرًا ومساهمًا في التنفيذ المادي للجريمة؟ أم كان فعله يقتصر على التأثير النفسي والمعنوي على الفاعل الأصلي؟ يتم جمع أدلة مثل تسجيلات المكالمات، الرسائل النصية، شهادات الشهود، وتحليلات الطب الشرعي، لفهم طبيعة العلاقة بين المتهمين ودور كل منهم. القرائن الظرفية تلعب دورًا كبيرًا في هذا التمييز، فمثلًا، وجود المتهم في مسرح الجريمة أو توفيره لأدواتها يشير غالبًا إلى الاشتراك، بينما رسائل تشجيع أو أوامر تشير إلى التحريض. هذا التحليل المنهجي هو الأساس لتمييز الأدوار بدقة.
الاستدلال من أقوال الشهود والمتهمين
تعد أقوال الشهود والمتهمين مصدرًا أساسيًا لتمييز أدوار المساهمين في الجريمة. يجب على النيابة العامة والقضاء استخلاص المعلومات بدقة من هذه الأقوال. يتم طرح أسئلة محددة حول كيفية بدء فكرة الجريمة، ومن الذي اقترحها، وكيف تم التخطيط لها، ومن قدم المساعدة أو الدعم. أقوال الشهود الذين سمعوا أو رأوا المحرض وهو يدفع الفاعل، أو الشريك وهو يقدم المساعدة، تكون حاسمة. كما أن اعترافات المتهمين أنفسهم، إذا كانت متطابقة ومؤيدة بالأدلة الأخرى، يمكن أن توضح طبيعة مساهمة كل منهم. يجب تحليل هذه الأقوال بعناية فائقة للتأكد من مدى صحتها واتساقها مع باقي الأدلة، وتجنب أي تناقضات قد تؤثر على تحديد الدور الحقيقي لكل شخص في الجريمة. الدقة في جمع وتحليل الأقوال هي مفتاح الوصول للحقيقة.
دور التحقيقات الأولية والقضائية
تلعب التحقيقات الأولية التي تجريها الشرطة والنيابة العامة، ثم التحقيقات القضائية أمام المحكمة، دورًا محوريًا في التفريق بين الاشتراك والتحريض. في التحقيقات الأولية، يتم جمع المعلومات الأولية، تسجيل البلاغات، والاستماع للشهود الأوائل. يتبع ذلك دور النيابة العامة في جمع الأدلة المفصلة، استجواب المتهمين، ومراجعة المحاضر والتقارير الفنية. تهدف هذه الإجراءات إلى بناء صورة واضحة عن كيفية وقوع الجريمة ودور كل مساهم. أما التحقيقات القضائية أمام المحكمة، فتسمح بتقديم هذه الأدلة بشكل رسمي، ومناقشتها من قبل الدفاع والاتهام، وتفسير النصوص القانونية من قبل القضاة. هذه العملية المتكاملة تضمن فحصًا دقيقًا لكل جانب من جوانب القضية، وتساعد في تحديد ما إذا كان الدور المنسوب هو اشتراك أم تحريض، ومن ثم تطبيق القانون بدقة. النظام القانوني يحرص على هذه المراحل لتوفير العدالة.
أهمية الخبرة القانونية والمحامين
لا يمكن التقليل من أهمية الخبرة القانونية والمحامين المتخصصين في القضايا الجنائية لتمييز دقيق بين الاشتراك والتحريض. المحامي المتخصص لديه القدرة على تحليل الوقائع والأدلة من منظور قانوني عميق، وتطبيق النصوص القانونية ذات الصلة بدقة. يمكنه تقديم المشورة القانونية للمتهمين وتوجيههم خلال مراحل التحقيق والمحاكمة، والعمل على إبراز الفروقات الدقيقة بين الاشتراك والتحريض بما يخدم مصلحة موكله. كما أن خبرته في التعامل مع القضايا المماثلة وفهمه للسوابق القضائية يمكن أن يكون حاسمًا في تحديد كيفية تكييف القضية. المحامون يساهمون في ضمان أن يتم تطبيق القانون بشكل عادل ومنصف، وأن يتم أخذ جميع الجوانب القانونية والفنية في الاعتبار قبل إصدار الحكم النهائي. وجود محامٍ خبير هو أساس تحقيق الدفاع القانوني الفعال.
نصائح وإرشادات قانونية لفهم المساهمة الجنائية
استشارة محامٍ متخصص
لأي شخص يجد نفسه في موقف يتعلق بالمساهمة الجنائية، سواء كان متهمًا بالاشتراك أو التحريض، أو حتى شاهدًا على مثل هذه الأفعال، فإن أول وأهم خطوة هي استشارة محامٍ متخصص في القانون الجنائي. المحامي المتخصص لديه المعرفة والخبرة اللازمتين لفهم تعقيدات القضايا الجنائية، ويمكنه تقديم النصح القانوني الصحيح حول طبيعة الموقف، وحقوقك، والإجراءات القانونية الواجب اتباعها. سيساعدك المحامي على فهم الفرق الدقيق بين الاشتراك والتحريض في سياق قضيتك، وسيقدم لك أفضل دفاع ممكن. استشارته المبكرة يمكن أن تمنع ارتكاب أخطاء قد تؤثر سلبًا على موقفك القانوني في المستقبل. لا تحاول التعامل مع المسائل القانونية المعقدة بمفردك، فالمخاطر كبيرة والنتائج قد تكون وخيمة.
الاطلاع على السوابق القضائية
يعد الاطلاع على السوابق القضائية ذات الصلة بمفهومي الاشتراك والتحريض خطوة ضرورية لتعميق الفهم القانوني لهذه المفاهيم. السوابق القضائية هي الأحكام الصادرة عن المحاكم العليا التي تفسر وتطبق نصوص القانون في قضايا سابقة. من خلال دراسة هذه الأحكام، يمكن للمحامين والمهتمين بالشأن القانوني فهم كيفية تعامل القضاء مع الحالات المشابهة، وما هي المعايير التي يعتمدها في التمييز بين الاشتراك والتحريض. توفر هذه السوابق رؤى قيمة حول التحديات العملية في تطبيق القانون، وكيفية تفسير الأدلة، والعقوبات التي قد تفرض. هذا الاطلاع يعزز القدرة على توقع مسار القضية ووضع استراتيجيات دفاع أو اتهام فعالة بناءً على التجارب القضائية السابقة. المعرفة بالسوابق القضائية هي أداة قوية في يد المحامي الماهر والقاضي النزيه.
فهم النصوص القانونية ذات الصلة
يعد الفهم العميق للنصوص القانونية ذات الصلة بالاشتراك والتحريض أمرًا حيويًا. يجب على كل من يتعامل مع قضايا القانون الجنائي، سواء كانوا طلابًا، محامين، قضاة، أو حتى مواطنين مهتمين، أن يدرسوا المواد القانونية في قانون العقوبات التي تتناول المساهمة الجنائية بأنواعها المختلفة. يتضمن ذلك المواد التي تحدد أركان كل من الاشتراك والتحريض، والشروط اللازمة لقيام المسؤولية الجنائية لكل منهما، وكذلك العقوبات المقررة. فهم هذه النصوص يساعد في تكييف الأفعال الإجرامية بشكل صحيح، وتحديد مدى انطباقها على الوقائع المعروضة. بدون هذا الفهم الأساسي، يصعب تطبيق القانون بدقة أو الدفاع عن الحقوق بفعالية. القوانين هي الأساس الذي تبنى عليه جميع الإجراءات القضائية، ومعرفتها بشكل مفصل أمر لا غنى عنه.
تجنب المساهمة بأي شكل في الأفعال غير القانونية
الخطوة الأهم والأكثر فاعلية لتجنب الوقوع في مشاكل قانونية تتعلق بالاشتراك أو التحريض هي الامتناع التام عن المساهمة بأي شكل من الأشكال في الأفعال غير القانونية. يجب على الأفراد أن يكونوا حذرين للغاية في تعاملاتهم وتصرفاتهم، وأن يتجنبوا تقديم أي مساعدة، مهما كانت صغيرة أو تبدو غير ذات أهمية، لأشخاص ينوون ارتكاب جرائم. كذلك، يجب الامتناع عن أي فعل أو قول يمكن أن يفسر على أنه تحريض أو تشجيع على ارتكاب الجرائم. الوعي القانوني والمسؤولية الشخصية هما خير وقاية من التعرض للمساءلة الجنائية. تذكر دائمًا أن الجهل بالقانون لا يعفي من المسؤولية، وأن أي مساهمة، حتى لو كانت غير مباشرة، قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. الوقاية دائمًا خير من العلاج في المسائل القانونية.