الإستشارات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصريقانون الأحوال الشخصية

دعاوى إثبات الملكية بالميراث

دعاوى إثبات الملكية بالميراث

دليلك الشامل لضمان حقوقك الميراثية في القانون المصري

الميراث حق شرعي وقانوني، لكن إثبات الملكية الناشئة عنه قد يواجه تحديات معقدة تستدعي التدخل القضائي. تهدف هذه الدعاوى إلى تأكيد ملكية الورثة للأموال والعقارات التي آلت إليهم بحكم الميراث. يقدم هذا المقال شرحًا وافيًا وخطوات عملية لهذه الدعاوى، معتمدًا على نصوص القانون المصري لتوضيح كافة الجوانب المتعلقة بها.

مفهوم دعوى إثبات الملكية بالميراث وأهميتها

تعريف الدعوى ودورها القانوني

دعاوى إثبات الملكية بالميراثتُعرف دعوى إثبات الملكية بالميراث بأنها دعوى قضائية يرفعها الوارث أو الورثة الشرعيون أمام المحكمة المختصة. الغرض الأساسي من هذه الدعوى هو تأكيد ملكيتهم القانونية لحصة أو أنصبة معينة من تركة المتوفى، سواء كانت هذه التركة تتكون من عقارات، أراضٍ، منقولات، أو حقوق مالية. تبرز أهمية هذه الدعوى في وضع حد للنزاعات المحتملة وتثبيت الحقوق الشرعية للورثة، مما يمهد الطريق لإجراءات تقسيم التركة أو التصرف فيها.

تعتبر هذه الدعوى وسيلة قانونية فعالة لتجاوز العقبات التي قد تنشأ عند عدم وجود مستندات ملكية واضحة للمورث، أو في حالات رفض الغير الاعتراف بالملكية بناءً على إعلام الوراثة وحده. هي بذلك توفر حماية قانونية للورثة وتضمن انتقال التركة إليهم بشكل سليم وموثق قضائيًا، مما يعزز الاستقرار القانوني للملكية المتوارثة.

متى تحتاج إلى رفع هذه الدعوى؟

يصبح رفع دعوى إثبات الملكية بالميراث ضروريًا في عدة حالات محددة. أولاً، عند وجود نزاع حقيقي على ملكية التركة بين الورثة أنفسهم، أو بين الورثة وأطراف أخرى تدعي ملكية جزء من التركة. ثانيًا، في حال كانت سندات ملكية المورث غير مكتملة أو غامضة، مما يجعل عملية نقل الملكية إلى الورثة أمرًا صعبًا أو مستحيلاً بشكل مباشر عبر الجهات الإدارية المختصة. ثالثًا، عندما ترفض جهات التسجيل العقاري أو أية جهة رسمية أخرى الاعتراف بملكية الورثة بناءً على إعلام الوراثة فقط دون وجود حكم قضائي قاطع.

تُعد هذه الدعوى حلاً قضائيًا حاسمًا عندما يتعذر على الورثة التصرف في أملاك المورث، مثل بيعها أو تسجيلها بأسمائهم، بسبب عدم وجود إثبات ملكية قاطع وواضح يقبله القانون. كما قد تبرز الحاجة إليها عند وجود مغتصبين للتركة أو أفراد يحاولون الاستيلاء عليها دون وجه حق، مما يستدعي تدخلاً قضائيًا لرد الحقوق لأصحابها الشرعيين.

الشروط الأساسية لرفع دعوى إثبات الملكية بالميراث

توافر صفة الوارث

يُعد توافر صفة الوارث الشرعي شرطًا جوهريًا لقبول دعوى إثبات الملكية بالميراث. يجب أن يكون الشخص الذي يرفع الدعوى أو الأشخاص الذين يرفعونها من الورثة الشرعيين للمتوفى. لإثبات هذه الصفة، يُلزم بتقديم إعلام الوراثة الصادر من المحكمة المختصة، وهو المستند القانوني الرسمي الذي يحدد الورثة الشرعيين للمتوفى ويُبين أنصبتهم الشرعية في التركة. بدون إعلام الوراثة، لا يمكن إثبات الصفة القانونية لرافع الدعوى كوارث، وبالتالي لن يتمكن من المضي قدمًا في الإجراءات القضائية المتعلقة بإثبات الملكية الميراثية.

يجب أن يكون إعلام الوراثة صحيحًا وموثقًا قانونيًا، ومصادرته من الجهة القضائية ذات الاختصاص. في حال وجود أكثر من وارث، يمكن أن يرفع الدعوى أحد الورثة بالنيابة عن الباقين، أو يرفعها جميع الورثة معًا. الصفة هنا لا تقتصر على القرابة المباشرة فقط، بل تشمل كل من له حق في الميراث طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون المصري، مثل الزوج أو الزوجة والأولاد والأبوين وغيرهم من الأقارب. يجب على المحامي التأكد من صحة هذا المستند وتقديمه بشكل قانوني سليم.

وجود تركة قابلة للإثبات

شرط أساسي آخر لقبول الدعوى هو وجود تركة حقيقية تركها المتوفى، وأن تكون هذه التركة قابلة للتحديد والإثبات. يجب أن يقوم الورثة بتحديد الأموال أو العقارات أو الحقوق المالية التي يُطالبون بإثبات ملكيتها بدقة ووضوح في صحيفة الدعوى. لا يمكن رفع دعوى إثبات ملكية ميراثية دون وجود أصول ملموسة أو حقوق محددة يُراد إثبات ملكيتها. سواء كانت التركة عقارات مسجلة، أو أراضٍ زراعية، أو منقولات ذات قيمة، أو حتى حسابات بنكية وأسهم، يجب أن تكون هذه الأصول موجودة ومحددة بدقة.

يتطلب هذا الشرط من الورثة جمع كافة المعلومات والمستندات المتاحة حول التركة لتوضيح طبيعتها وموقعها وقيمتها إن أمكن. قد يشمل ذلك البحث في السجلات العقارية، والبنوك، وسجلات الشركات، وأي وثائق أخرى تثبت وجود الأصول التابعة للمتوفى. إذا كانت التركة غير محددة أو غير موجودة بالأساس، فإن الدعوى لن يكون لها سند قانوني. يجب أن يكون المحامي قادرًا على وصف هذه التركة في صحيفة الدعوى بشكل لا يدع مجالاً للشك حول هويتها.

وجود منازعة على الملكية

تُعد دعوى إثبات الملكية بالميراث دعوى خصومة، بمعنى أنها لا تُرفع إلا في حال وجود نزاع حقيقي وفعلي حول ملكية الورثة للتركة أو جزء منها. لا يمكن رفع هذه الدعوى كإجراء وقائي بحت أو لإثبات أمر متفق عليه ولا يوجد فيه نزاع. يجب أن يكون هناك طرف آخر ينازع الورثة في ملكيتهم، سواء كان هذا الطرف من الورثة الآخرين الذين يطالبون بحصة أكبر أو يرفضون الاعتراف بملكية وريث معين، أو كان من أطراف خارجية تدعي ملكيتها للتركة أو لجزء منها. هذا النزاع هو الذي يبرر اللجوء إلى القضاء لفضه.

يجب أن يتم توجيه الدعوى ضد الأطراف التي تنازع في الملكية. فإذا لم يكن هناك نزاع، فإن الحاجة إلى رفع الدعوى تنتفي، وقد تُرفض الدعوى لانتفاء المصلحة. قد تكون المنازعة حول الملكية الكلية للتركة، أو حول نصيب معين من هذه التركة، أو حتى حول حق انتفاع. يجب على صحيفة الدعوى أن توضح بوضوح طبيعة النزاع والأطراف التي تُقام الدعوى ضدها، وأن تُبين أن اللجوء إلى القضاء أصبح ضروريًا لحل هذا الخلاف وتثبيت الحقوق الميراثية بشكل لا يقبل الطعن.

الأوراق والمستندات المطلوبة

المستندات الأساسية

يتطلب رفع دعوى إثبات الملكية بالميراث مجموعة من المستندات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها لإقامة الدعوى وإثبات الحقوق. أولاً، شهادة وفاة المورث الأصلية، وهي وثيقة رسمية تثبت واقعة الوفاة وتاريخها. ثانيًا، إعلام الوراثة الشرعي، وهو المستند الأهم الذي يحدد جميع الورثة الشرعيين للمتوفى وأنصبتهم الميراثية وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية والقانون. ثالثًا، سندات ملكية العقارات أو المنقولات محل النزاع إن وجدت.

تشمل سندات الملكية ما قد يتوفر من عقود بيع، أو عقود مسجلة في الشهر العقاري، أو شهادات تسجيل لمركبات أو أسهم، أو أي وثائق رسمية أخرى تثبت ملكية المورث للأصول المطالب بها. حتى وإن كانت هذه السندات غير كافية أو غامضة، فإن وجودها يساعد المحكمة في بناء تصور أولي للتركة. يُنصح دائمًا بجمع النسخ الأصلية لهذه المستندات وتقديم صور ضوئية منها مع الدعوى مع الاحتفاظ بالأصول للمضاهاة عند الحاجة.

مستندات داعمة

بالإضافة إلى المستندات الأساسية، هناك مجموعة من المستندات الداعمة التي يمكن أن تعزز موقف الورثة في الدعوى وتساهم في إثبات الملكية. تشمل هذه المستندات صور بطاقات الرقم القومي سارية المفعول لجميع الورثة، وذلك للتأكد من هويتهم وصفتهم القانونية. يمكن أيضًا تقديم كشف رسمي حديث صادر من الشهر العقاري أو السجل العيني للعقارات، والذي يوضح حالة تسجيل العقار وبياناته المتاحة، وكذلك ما إذا كانت هناك أي حجوزات أو رهون عليه.

أيضًا، يمكن تقديم مستندات تثبت حيازة المورث أو الورثة للأعيان المتنازع عليها، مثل فواتير استهلاك كهرباء أو مياه أو غاز صادرة باسم المورث أو أحد الورثة، أو عقود إيجار سابقة للأعيان، أو إيصالات ضريبية تخص العقار. شهادات ميلاد الورثة والعقود الزوجية يمكن أن تكون مهمة لإثبات صلة القرابة. كل هذه الوثائق تساعد المحكمة في تكوين صورة متكاملة عن وضع التركة والورثة، وتُعزز من صحة الادعاء بملكية الأصول الميراثية.

خطوات رفع الدعوى وسيرها في المحاكم المصرية

إعداد صحيفة الدعوى

الخطوة الأولى والأكثر أهمية في رفع دعوى إثبات الملكية بالميراث هي إعداد صحيفة الدعوى. يجب أن تُعد هذه الصحيفة بواسطة محامٍ متخصص، حيث تتطلب دقة وصياغة قانونية سليمة. تتضمن الصحيفة بيانات المورث كاملة، وبيانات جميع الورثة المدعين والمدعى عليهم. كما يجب أن تحتوي على وصف تفصيلي للتركة محل النزاع، سواء كانت عقارات أو منقولات، مع تحديد موقعها وحدودها إن أمكن.

يجب أن تتضمن صحيفة الدعوى شرحًا وافيًا لأوجه أحقية رافع الدعوى في الملكية، مع الاستناد إلى نصوص القانون وأحكام الشريعة. يتم فيها أيضًا تحديد الطلبات النهائية التي يطلبها الورثة من المحكمة، مثل الحكم بإثبات ملكيتهم للتركة أو جزء منها. يجب أن تكون الصياغة واضحة وموجزة، مع ذكر الأسانيد القانونية والأدلة التي سيتم تقديمها لدعم الدعوى. أي نقص أو خطأ في صحيفة الدعوى قد يؤدي إلى رفضها شكليًا أو تأخير النظر فيها.

تقديم الدعوى وتسجيلها

بعد الانتهاء من إعداد صحيفة الدعوى وتوقيعها من المحامي، يتم تقديمها مرفقًا بها كافة المستندات المطلوبة (الأصول والصور) إلى قلم كتاب المحكمة الابتدائية المختصة. تُحدد اختصاص المحكمة بناءً على عدة عوامل، منها موقع العقار المتنازع عليه إذا كانت التركة عقارية، أو موطن المتوفى إذا كانت التركة منقولات أو كان النزاع شاملًا. عند التقديم، يتم سداد الرسوم القضائية المقررة وفقًا لقيمة التركة أو المطالبة.

بعد سداد الرسوم، يقوم قلم الكتاب بتسجيل الدعوى في السجلات المخصصة لذلك، وتُمنح رقمًا خاصًا بها يُعرف بـ “رقم القضية”. يُعد هذا الرقم هو المرجع الأساسي لتتبع سير الدعوى. يتم تحديد جلسة أولى للنظر في الدعوى، ويتم إخطار الأطراف بتاريخ هذه الجلسة. يجب على المحامي التأكد من استيفاء جميع الإجراءات الشكلية لضمان قبول الدعوى وتحديد موعد لنظرها.

إجراءات التقاضي والجلسات

بعد تسجيل الدعوى وتحديد الجلسة الأولى، تبدأ إجراءات التقاضي. في الجلسة الأولى، يتأكد القاضي من صحة إعلان المدعى عليهم بصحيفة الدعوى. في حال عدم إعلانهم بشكل صحيح، يتم تأجيل الدعوى لإعادة الإعلان. تتوالى الجلسات حيث تُقدم الدفوع والمستندات من كل طرف، وتستمع المحكمة إلى أقوال الخصوم ومحاميهم. قد تحتاج المحكمة إلى الاستماع لشهود لتوضيح بعض الحقائق المتعلقة بالملكية أو الحيازة.

في بعض الأحيان، قد تقرر المحكمة ندب خبير هندسي أو خبير حسابي لمعاينة التركة وتقييمها، خاصة إذا كانت التركة عقارية أو تضمنت أموالاً معقدة. يقوم الخبير بإعداد تقرير مفصل يُقدم للمحكمة، ويُعد هذا التقرير دليلاً هامًا في الدعوى. تستمر الجلسات حتى تستوفي المحكمة كافة الأدلة وتتأكد من إحاطتها بجميع جوانب النزاع، لتكون قادرة على إصدار حكم عادل ومستنير.

الحكم في الدعوى وتنفيذه

بعد استكمال كافة الإجراءات وتقديم الدفوع والأدلة، تصدر المحكمة حكمها النهائي في الدعوى. قد يكون الحكم بإثبات ملكية الورثة للتركة أو لجزء منها كما طالبوا، أو قد يكون برفض الدعوى في حال عدم كفاية الأدلة أو عدم توافر الشروط القانونية. في حال صدور حكم إيجابي لصالح الورثة، يصبح هذا الحكم سندًا قضائيًا قاطعًا للملكية. يمكن استخدامه بعد ذلك لتسجيل العقارات في الشهر العقاري بأسمائهم، أو لنقل ملكية المنقولات أو الحقوق المالية.

لضمان تنفيذ الحكم بشكل سليم، يجب على الورثة أو محاميهم متابعة إجراءات استخراج صورة رسمية من الحكم القضائي. بعد ذلك، يمكن استخدام هذا الحكم أمام الجهات الإدارية المختصة لتصحيح وضع الملكية. الحكم القضائي يوفر حماية قانونية قوية لحقوق الورثة ويمنع أي نزاعات مستقبلية على الملكية التي تم إثباتها، مما يمنح الورثة الحق في التصرف في أملاكهم بحرية تامة وفقًا للقانون.

طرق إثبات الملكية البديلة أو المكملة للميراث

التسجيل العيني والشهر العقاري

يُعد التسجيل في الشهر العقاري أو السجل العيني من أقوى طرق إثبات الملكية العقارية في القانون المصري، وله حجية مطلقة. فالعقود المسجلة هي وحدها التي تُنشئ وتنقل وتكسب الحقوق العينية العقارية. بعد حصول الورثة على إعلام الوراثة، وفي حال وجود حكم قضائي بإثبات الملكية، يصبح من الضروري تسجيل حصصهم الميراثية في الشهر العقاري. هذا التسجيل ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو إجراء قانوني جوهري يضمن حقوق الورثة ويحمي ملكيتهم من أي نزاعات مستقبلية أو تصرفات غير مشروعة من الغير.

تتم عملية التسجيل بتقديم المستندات المطلوبة، مثل إعلام الوراثة والحكم القضائي بتثبيت الملكية، إلى مأمورية الشهر العقاري المختصة. يقوم موظفو الشهر العقاري بمراجعة المستندات والتأكد من صحتها، ثم يتم إدراج أسماء الورثة كمالكين للعقارات وفقًا لأنصبتهم الميراثية. يُضفي هذا الإجراء صفة الرسمية على ملكية الورثة ويجعلها معترفًا بها قانونيًا تجاه الكافة، ويسهل عليهم التصرف في العقار بالبيع أو الرهن أو غيرها من التصرفات القانونية.

دعوى الفرز والتجنيب

بعد إثبات الملكية المشاعة للتركة بين الورثة، قد يرغب الورثة في إنهاء حالة الشيوع والوصول إلى تقسيم حقيقي للتركة. هنا تظهر أهمية دعوى الفرز والتجنيب، وهي دعوى مكملة لدعوى إثبات الملكية. تهدف هذه الدعوى إلى تقسيم التركة وتخصيص نصيب كل وارث بشكل مستقل ومحدد في أعيان معينة من التركة، بدلاً من بقاء الملكية مشتركة ومشاعة بينهم. يمكن أن تُرفع هذه الدعوى سواء كان التقسيم رضائيًا بين الورثة وتم الاتفاق عليه، أو جبريًا في حال عدم التوافق.

تُعد دعوى الفرز والتجنيب وسيلة قانونية فعالة لتمكين كل وريث من التصرف بحرية في نصيبه المخصص له بعد إتمام إجراءات القسمة. إذا كانت التركة تتكون من عقارات، فقد يتطلب الأمر ندب خبير لتقييم العقارات وتحديد كيفية تقسيمها بشكل عادل بين الورثة. الحكم الصادر في دعوى الفرز والتجنيب يصبح سندًا ملكية لكل وريث في الجزء الذي خصص له، ويمكن تسجيله في الشهر العقاري لإنهاء الشيوع بشكل كامل ونهائي.

الحيازة الهادئة والمستقرة

في بعض الحالات النادرة، وخاصة عندما تكون سندات الملكية غير متوفرة أو ضاعت، يمكن الاستناد إلى الحيازة الهادئة والمستقرة للعقار كقرينة على الملكية. تعني الحيازة الهادئة أن يكون الوارث أو المورث قد حاز العقار بصفته مالكًا لفترة طويلة، دون منازعة من أحد، وبشكل علني وواضح للجميع. ولكن، يجب أن تتحقق شروط محددة لهذه الحيازة لكي يُعتد بها قانونًا. فالحيازة يجب أن تكون ظاهرة وغير خفية، ومستمرة غير متقطعة، وهادئة غير عنيفة، وبنية التملك.

بالرغم من أن الحيازة تُعتبر قرينة على الملكية، إلا أنها قد لا تكون كافية وحدها في دعاوى إثبات الملكية بالميراث دون مستندات داعمة أخرى، خاصة إذا كان هناك نزاع جدي. قد تُستخدم الحيازة كدليل مساعد بجانب أدلة أخرى مثل شهادة الشهود أو فواتير المرافق التي تدل على تصرف المورث أو الورثة في العقار كمالكين. في النظام القانوني المصري، يُفضل دائمًا الاعتماد على المستندات الرسمية والتسجيل في الشهر العقاري لإثبات الملكية بشكل قاطع ونهائي، وتظل الحيازة وسيلة مكملة في حالات معينة.

نصائح قانونية هامة لضمان حقوقك

سرعة اتخاذ الإجراءات

تُعد السرعة في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بعد وفاة المورث أمرًا بالغ الأهمية لضمان حقوق الورثة وتجنب تعقيد الأمور. التأخير في استخراج إعلام الوراثة، أو في رفع دعاوى إثبات الملكية، قد يؤدي إلى تفاقم النزاعات، أو ضياع بعض المستندات، أو حتى مرور مدد التقادم التي قد تُسقط بعض الحقوق. يجب على الورثة والمحامي المختص التحرك بفاعلية فور حدوث الوفاة لجمع المستندات والبدء في الإجراءات القضائية أو الإدارية المطلوبة. التماطل يمكن أن يمنح فرصة للمنازعين لترسيخ وضعهم أو إخفاء أدلة.

كلما بادر الورثة بالقيام بالخطوات القانونية، كلما كانت فرصهم أكبر في حل النزاعات بفعالية وبتكلفة أقل. السرعة تساعد في حماية التركة من التلاعب أو الاستيلاء غير المشروع، وتضمن أن تبقى الأمور في إطارها القانوني السليم. يُنصح بتعيين محامٍ متخصص على الفور لتوجيه الورثة في كل خطوة، بدءًا من استخراج شهادة الوفاة وإعلام الوراثة، وصولاً إلى تسجيل الملكية أو رفع الدعاوى القضائية اللازمة.

توثيق كافة المستندات

يُعد توثيق وحفظ كافة المستندات المتعلقة بالتركة والمورث أمرًا حيويًا لا يمكن الاستغناء عنه. يجب الاحتفاظ بالنسخ الأصلية لجميع المستندات الهامة، مثل شهادة الوفاة، إعلام الوراثة، عقود الملكية المسجلة، الفواتير، الإيصالات، وأي مراسلات رسمية تخص التركة. كما يُنصح بعمل نسخ ضوئية موثقة من هذه المستندات وحفظها في أماكن آمنة ومختلفة. يمكن أن يساعد ذلك في حالة فقدان الأصول أو تعرضها للتلف.

توثيق المستندات يشمل أيضًا الحصول على صور رسمية من السجلات الحكومية مثل الشهر العقاري أو السجل العيني، وإعداد قوائم تفصيلية للتركة وموجوداتها. هذه المستندات هي الأساس الذي تعتمد عليه المحكمة في إصدار أحكامها، وأي نقص فيها قد يؤثر سلبًا على سير الدعوى أو يؤخرها. يجب على المحامي الموكل تنظيم هذه المستندات وتصنيفها بشكل يسهل الرجوع إليها وتقديمها للمحكمة عند الحاجة.

استشارة محامٍ متخصص

لا شك أن قضايا الميراث ودعاوى إثبات الملكية تُعد من القضايا المعقدة التي تتطلب دراية واسعة بالقوانين والإجراءات. لذا، يُنصح دائمًا وبالضرورة القصوى بالاستعانة بمحامٍ متخصص وذو خبرة في قضايا الميراث والقانون المدني والعقاري. يمكن للمحامي المتخصص تقديم المشورة القانونية الصحيحة، وتحديد أفضل مسار عمل للورثة، وإعداد صحيفة الدعوى بكفاءة ودقة، وتمثيل الورثة أمام المحاكم والجهات الرسمية.

المحامي سيكون قادرًا على تقييم الموقف القانوني للتركة والورثة، وتحديد المستندات المطلوبة، والتعامل مع الإجراءات القضائية المعقدة. كما يمكنه المساعدة في التفاوض مع الأطراف الأخرى لمحاولة التسوية الودية قبل اللجوء إلى القضاء. الاستعانة بمحامٍ متخصص تُقلل من الأخطاء المحتملة وتزيد من فرص نجاح الدعوى، وتضمن حماية حقوق الورثة بشكل فعال ووفقًا لأحكام القانون.

محاولة التسوية الودية

قبل اللجوء إلى رفع الدعاوى القضائية، والتي قد تكون طويلة ومكلفة وتزيد من حدة الخلافات العائلية، قد تكون محاولة التسوية الودية بين الورثة خيارًا أفضل. يمكن تحقيق التسوية الودية من خلال الجلوس والحوار بين الأطراف المتنازعة، ويفضل أن يكون ذلك بمساعدة محامٍ أو وسيط محايد. الهدف هو التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف بشأن تقسيم التركة وإثبات الملكية.

الاتفاق الودي يمكن أن يتخذ شكل عقد قسمة رضائية يتم توثيقه في الشهر العقاري، مما يوفر الوقت والجهد والتكاليف التي تترتب على إجراءات التقاضي. حتى في حالة وجود نزاع مع أطراف خارجية، يمكن لمساعي الوساطة والتفاوض أن تُساهم في التوصل إلى حلول مرضية. التسوية الودية لا تُقلل فقط من العبء المالي والنفسي، بل تُحافظ أيضًا على الروابط الأسرية والعلاقات بين الورثة، وتُسرع من عملية الحصول على الحقوق الميراثية.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock