الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالدعاوى المدنيةالقانون المدنيالقانون المصري

أحكام فسخ عقد الإيجار بسبب التخلف عن السداد

أحكام فسخ عقد الإيجار بسبب التخلف عن السداد

دليلك القانوني الشامل لحالات و إجراءات إنهاء عقد الإيجار لعدم دفع الأجرة

تعتبر العلاقة الإيجارية من أكثر العلاقات القانونية شيوعاً في المجتمع، ويعد الالتزام بسداد الأجرة هو حجر الزاوية في هذه العلاقة. إن التخلف عن سداد القيمة الإيجارية يمنح المؤجر الحق في اتخاذ إجراءات قانونية تصل إلى فسخ العقد وإخلاء العين المؤجرة. يستعرض هذا المقال بشكل عملي ومفصل الخطوات والإجراءات التي رسمها القانون المصري لفسخ عقد الإيجار في حالة عدم التزام المستأجر بدفع الأجرة المستحقة، موضحًا حقوق وواجبات كل طرف.

الأساس القانوني لفسخ عقد الإيجار لعدم السداد

نصوص القانون المنظمة للعلاقة الإيجارية

أحكام فسخ عقد الإيجار بسبب التخلف عن السدادينظم القانون المدني المصري العلاقة بين المؤجر والمستأجر، حيث تنص المادة 586 منه على أنه إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة الأداء، كان للمؤجر أن يطلب فسخ العقد وإخلاء العين المؤجرة. هذا النص هو القاعدة العامة التي تمنح المؤجر الحق في اللجوء للقضاء عند إخلال المستأجر بالتزامه الأساسي. ويُعد الفسخ في هذه الحالة تطبيقاً للقواعد العامة في فسخ العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد المتعاقدين بالتزامه.

الفارق بين عقود الإيجار القديمة والجديدة

يجب التمييز بين عقود الإيجار الخاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 (القانون القديم) والعقود المحررة بعد عام 1996 والخاضعة لأحكام القانون المدني. في ظل القانون القديم، وضع المشرع قيودًا وضمانات للمستأجر، حيث لا يتم الإخلاء إلا بتكرار الامتناع عن السداد. أما في العقود الجديدة، فإن الأمر أكثر بساطة، حيث يكفي تخلف المستأجر عن سداد الأجرة بعد إنذاره رسميًا لمرة واحدة ليتمكن المؤجر من طلب الفسخ والطرد.

الخطوات العملية لفسخ العقد والتنبيه بالإخلاء

الخطوة الأولى: التكليف بالوفاء (الإنذار الرسمي)

قبل اللجوء إلى القضاء، أوجب القانون على المؤجر اتخاذ خطوة تمهيدية ضرورية وهي “التكليف بالوفاء”. يتم ذلك من خلال إنذار رسمي يتم إعلانه للمستأجر على يد محضر، يتم من خلاله مطالبته بسداد الأجرة المتأخرة خلال مدة محددة. يعتبر هذا الإنذار شرطًا أساسيًا لقبول دعوى الإخلاء أمام المحكمة، وإذا تم رفع الدعوى بدونه فإنها تكون غير مقبولة شكلاً. الهدف من هذا الإجراء هو إعطاء فرصة أخيرة للمستأجر للوفاء بالتزامه قبل البدء في الإجراءات القضائية.

محتويات وبيانات الإنذار الرسمي

لضمان صحة الإنذار من الناحية القانونية، يجب أن يشتمل على بيانات محددة وواضحة. من أهم هذه البيانات اسم المؤجر والمستأجر وعناوينهما، وعنوان العين المؤجرة، وبيان تفصيلي بالقيمة الإيجارية المتأخرة والفترة المستحقة عنها. كما يجب أن يتضمن تكليفًا صريحًا للمستأجر بسداد هذه المبالغ خلال مدة قانونية معينة، مع التنبيه بأنه في حالة عدم السداد خلال هذه المدة سيتم رفع دعوى قضائية بفسخ العقد وطرده من العين المؤجرة مع إلزامه بالمصروفات.

المدة القانونية للوفاء بعد استلام الإنذار

حدد القانون مدة زمنية يجب أن يمنحها المؤجر للمستأجر لسداد الأجرة بعد استلام الإنذار الرسمي. هذه المدة هي خمسة عشر يومًا تبدأ من تاريخ إعلان المستأجر بالإنذار. خلال هذه الفترة، إذا قام المستأجر بسداد كامل الأجرة المتأخرة والمصاريف الرسمية للإنذار، فإنه يتوقى إجراءات الفسخ. أما إذا انقضت هذه المدة دون سداد، فيحق للمؤجر المضي قدمًا في رفع الدعوى القضائية للمطالبة بفسخ العقد والإخلاء.

رفع دعوى الفسخ والطرد أمام المحكمة المختصة

إجراءات قيد الدعوى ومتطلباتها

بعد انتهاء مدة الإنذار دون استجابة من المستأجر، يقوم المؤجر برفع دعوى “فسخ عقد إيجار وطرد للتخلف عن سداد الأجرة” أمام المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار. يجب إرفاق أصل عقد الإيجار وأصل الإنذار الرسمي المعلن للمستأجر بصحيفة الدعوى. يتم قيد الدعوى في قلم كتاب المحكمة وتحديد جلسة لنظرها، ثم يتم إعلان المستأجر بصحيفة الدعوى وموعد الجلسة المحددة للحضور وتقديم دفاعه.

دور المحكمة في التحقق من شروط الفسخ

عند نظر الدعوى، تتحقق المحكمة من توافر الشروط الشكلية والموضوعية للحكم بالفسخ. تتأكد المحكمة من صحة إعلان المستأجر بالإنذار، ومن انقضاء المدة المحددة به دون قيام المستأجر بالسداد. كما تتأكد من قيمة الأجرة المتأخرة ومن صحة المطالبة بها. إذا ثبت للمحكمة إخلال المستأجر بالتزامه بسداد الأجرة بعد تكليفه بالوفاء تكليفًا صحيحًا، فإنها تحكم بفسخ عقد الإيجار وإلزام المستأجر بإخلاء العين وتسليمها للمؤجر.

حالة السداد أثناء تداول الدعوى (توقي الإخلاء)

أعطى القانون للمستأجر فرصة أخيرة لتجنب حكم الإخلاء حتى بعد رفع الدعوى. يمكن للمستأجر أن يقوم بسداد الأجرة المستحقة وكافة المصروفات والنفقات الفعلية التي تكبدها المؤجر (مثل أتعاب المحاماة ومصاريف الدعوى) أمام المحكمة وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى. في هذه الحالة، إذا كان تخلفه عن السداد هو الأول، فإن المحكمة تعتبر أن المستأجر قد توقى الحكم بالإخلاء، وتقضي برفض الدعوى مع إلزامه بالمصاريف.

حلول وبدائل لتجنب الإجراءات القضائية

التفاوض المباشر والتوصل إلى تسوية

قبل البدء في المسار القضائي الطويل والمكلف، يمكن أن يكون التفاوض المباشر بين المؤجر والمستأجر حلاً فعالاً. قد يكون لدى المستأجر أسباب مؤقتة للتأخير، ويمكن من خلال الحوار التوصل إلى اتفاق لجدولة الدين أو منح مهلة إضافية للسداد. إن التوصل إلى تسوية ودية يوفر على الطرفين الوقت والجهد والنفقات، ويحافظ على علاقة إيجارية مستقرة. يمكن توثيق أي اتفاق يتم التوصل إليه في ملحق للعقد لضمان الالتزام به.

صياغة شرط فاسخ صريح في العقد

لتسهيل إجراءات الفسخ، يمكن للمؤجر تضمين “شرط فاسخ صريح” في عقد الإيجار. ينص هذا الشرط على اعتبار العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون الحاجة إلى حكم قضائي بمجرد تخلف المستأجر عن سداد قسط واحد من الأجرة في موعده. ورغم أن هذا الشرط لا يغني عن الإنذار ورفع الدعوى للحصول على حكم بالطرد، إلا أنه يعفي القاضي من سلطته التقديرية في منح مهلة للمستأجر، ويجعل الحكم بالفسخ أكثر حتمية بمجرد التحقق من وقوع المخالفة.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock