أحكام فسخ عقد البيع بسبب التلاعب في الثمن
محتوى المقال
أحكام فسخ عقد البيع بسبب التلاعب في الثمن
دليلك الكامل لفهم الإجراءات القانونية عند اكتشاف غش في سعر المبيع
يعد عقد البيع أساس الكثير من التعاملات المالية والتجارية، ولكن قد يتعرض أحد أطرافه للخداع أو التلاعب، خاصة فيما يتعلق بثمن المبيع. يهدف هذا المقال إلى تقديم حلول عملية وخطوات قانونية دقيقة للمشتري الذي يكتشف وجود تلاعب في الثمن، مع توضيح الفارق بين المفاهيم القانونية المختلفة وكيفية إثبات حقه أمام القضاء المصري للحصول على حكم بفسخ العقد واسترداد أمواله.
الأساس القانوني لطلب الفسخ
مفهوم الغبن وأثره على العقد
الغبن في القانون هو عدم التعادل بين ما يعطيه العاقد وما يأخذه. بمعنى آخر، هو وجود فارق كبير وغير مألوف بين قيمة الشيء المبيع الفعلية والثمن المتفق عليه في العقد. إذا كان هذا الغبن فاحشًا، أي يزيد عن الخُمس في العقارات على سبيل المثال، فإنه يعطي للمغبون الحق في طلب فسخ العقد. لا يكفي مجرد وجود الغبن لفسخ العقد، بل يجب أن يكون مصحوبًا باستغلال الطرف الآخر لحاجة أو طيش أو هوى أو عدم خبرة الطرف المغبون.
لذلك، عند الادعاء بالغبن، يجب على المدعي (المشتري) إثبات عنصرين أساسيين أمام المحكمة. العنصر الأول هو العنصر المادي، ويتمثل في عدم التكافؤ الجسيم بين الالتزامات. والعنصر الثاني هو العنصر المعنوي، وهو قيام البائع باستغلال ضعف معين في المشتري لتحقيق هذا الغبن. وبدون إثبات كلا العنصرين معًا، قد يكون من الصعب الحصول على حكم لصالحك.
الفرق الجوهري بين الغبن والتدليس
التدليس يختلف عن الغبن، فهو يعني استخدام طرق احتيالية أو وسائل خادعة من قبل أحد المتعاقدين لتضليل الطرف الآخر ودفعه إلى التعاقد. في حالة التلاعب بالثمن، يمكن أن يأخذ التدليس شكل تقديم مستندات مزورة لقيمة العقار أو الاستعانة بشهود زور لإيهام المشتري بأن السعر المعروض هو السعر العادل. التدليس عيب مستقل من عيوب الإرادة، ويجعل العقد قابلاً للإبطال لمصلحة من وقع عليه التدليس.
على عكس الغبن الذي يتطلب إثبات الاستغلال، يكفي في التدليس إثبات أن الطرق الاحتيالية التي استخدمها البائع كانت هي الدافع الرئيسي لإتمام عملية الشراء بذلك السعر المرتفع. إذا تمكن المشتري من إثبات وقوع التدليس، فإن له الحق في طلب إبطال العقد واسترداد كامل الثمن الذي دفعه مع التعويض إن كان له مقتضى، ويعتبر إثباته في بعض الأحيان أيسر من إثبات حالة الاستغلال المطلوبة في الغبن.
خطوات عملية لرفع دعوى فسخ العقد
الخطوة الأولى: جمع الأدلة وإثبات الواقعة
قبل الشروع في أي إجراء قانوني، يجب على المشتري جمع كافة الأدلة التي تثبت واقعة التلاعب في الثمن. تشمل هذه الأدلة مقارنة سعر العقار المبيع بأسعار العقارات المماثلة في نفس المنطقة وتاريخ البيع، ويمكن الاستعانة بتقارير من خبراء تقييم عقاري معتمدين. كما يمكن البحث عن إعلانات بيع سابقة للعقار نفسه بسعر أقل. إذا كان هناك شهود على المفاوضات أو على استخدام البائع لوسائل خادعة، فيجب تجهيز بياناتهم. كل هذه المستندات والأدلة ضرورية لتدعيم موقفك أمام المحكمة.
الخطوة الثانية: توجيه إنذار رسمي على يد محضر
تعتبر خطوة الإنذار الرسمي إجراءً جوهريًا قبل رفع الدعوى القضائية. يقوم المشتري من خلال محاميه بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر إلى البائع، يخطره فيه باكتشاف واقعة الغبن أو التدليس في الثمن، ويطالبه برد فارق السعر أو فسخ العقد ورد كامل المبلغ المدفوع وديًا خلال فترة زمنية محددة. هذا الإنذار يثبت نية المشتري في حل النزاع وديًا أولاً، كما أنه يعد إعذارًا قانونيًا للبائع، وفي حالة رفضه أو تجاهله للإنذار، يصبح حجة قوية للمشتري أمام المحكمة.
الخطوة الثالثة: رفع الدعوى أمام المحكمة المختصة
إذا لم يستجب البائع للإنذار، تكون الخطوة التالية هي رفع دعوى قضائية أمام المحكمة المدنية المختصة التي يقع في دائرتها العقار أو موطن المدعى عليه (البائع). يتم إعداد صحيفة الدعوى متضمنة كافة تفاصيل الواقعة والأسانيد القانونية والمستندات الدالة على التلاعب والغبن أو التدليس. تطلب في الصحيفة الحكم بفسخ عقد البيع وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد، مع إلزام البائع برد كامل الثمن المدفوع والمصروفات والتعويضات عن الأضرار التي لحقت بالمشتري.
حلول إضافية لحماية حقوقك
طلب ندب خبير من المحكمة
أثناء نظر الدعوى، يمكن للمشتري أن يطلب من المحكمة ندب خبير مثمن أو لجنة خبراء من وزارة العدل. مهمة الخبير هي معاينة العقار موضوع النزاع وتقدير قيمته السوقية العادلة في تاريخ إبرام العقد. يعد تقرير الخبير عنصرًا فنيًا هامًا تعتمد عليه المحكمة بشكل كبير في تكوين عقيدتها والتحقق من وجود غبن فاحش من عدمه. إذا جاء التقرير مؤيدًا لادعاءات المشتري، فإنه يعزز موقفه بشكل كبير ويزيد من فرص الحصول على حكم لصالحه.
إمكانية التسوية الودية أثناء سير الدعوى
رفع الدعوى القضائية لا يمنع من استمرار محاولات التسوية الودية. في كثير من الأحيان، عندما يدرك البائع جدية الموقف وقوة الأدلة المقدمة من المشتري، قد يبدي استعداده للتفاوض لإنهاء النزاع وتجنب صدور حكم قضائي ضده. يمكن أن تتم التسوية عن طريق رد جزء من الثمن للمشتري أو فسخ العقد بالتراضي. يجب أن يتم إثبات أي تسوية تتم في محضر رسمي أو عقد اتفاق يوقع عليه الطرفان ويقدم للمحكمة للتصديق عليه وإنهاء الدعوى صلحًا.