الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون المدنيالقانون المصري

صيغة دعوى إبطال عقد صلح قضائي

صيغة دعوى إبطال عقد صلح قضائي

الدليل الشامل للخطوات القانونية والمستندات المطلوبة لإبطال الصلح

عقد الصلح القضائي هو اتفاق ينهي نزاعًا قائمًا أمام المحكمة، وبمجرد إثباته في محضر الجلسة يصبح له قوة السند التنفيذي. ورغم أن الأصل فيه أنه نهائي وحاسم للنزاع، إلا أن القانون المصري أتاح سبيلاً لإبطاله في حالات محددة تتعلق بوجود عيوب شابت إرادة أحد طرفيه وقت إبرامه. هذا المقال يقدم دليلاً عملياً مفصلاً حول كيفية رفع دعوى إبطال عقد صلح قضائي، موضحاً الأسباب والإجراءات والصيغة القانونية السليمة لصحيفة الدعوى.

فهم عقد الصلح القضائي وأسباب الطعن عليه بالإبطال

ما هو عقد الصلح القضائي وما هي قوته القانونية؟

صيغة دعوى إبطال عقد صلح قضائي
الصلح القضائي هو عقد يتفق بموجبه الطرفان المتنازعان على إنهاء الدعوى القائمة بينهما بشروط معينة، ويقوم القاضي بإثبات هذا الاتفاق في محضر الجلسة. هذا المحضر يكتسب قوة الحكم النهائي، ويعتبر حجة قاطعة على المسائل التي تناولها. فلا يجوز لأي من الطرفين الرجوع فيه أو رفع دعوى جديدة بنفس الموضوع. ويعتبر هذا العقد بمثابة قانون المتعاقدين، ويجب تنفيذه وفقاً لما تم الاتفاق عليه بينهما أمام هيئة المحكمة.

الأسباب القانونية الموجبة لطلب إبطال عقد الصلح

لا يمكن إبطال عقد الصلح القضائي إلا إذا شاب رضا أحد المتعاقدين عيب من عيوب الإرادة المنصوص عليها في القانون المدني. وأبرز هذه العيوب هي الغش والتدليس، كأن يقدم أحد الأطراف مستندات مزورة للطرف الآخر لدفعه إلى قبول الصلح. وكذلك الإكراه، كأن يتم تهديد أحد الأطراف لإجباره على التوقيع. وأيضًا الغلط الجوهري، كأن يتم الصلح على أساس واقعة يتبين لاحقًا أنها غير صحيحة. وجود أي من هذه العيوب يجعل العقد قابلاً للإبطال.

الإجراءات العملية لرفع دعوى إبطال عقد صلح

الخطوة الأولى: تجهيز المستندات والأدلة اللازمة

قبل الشروع في رفع الدعوى، يجب تجميع كافة المستندات الداعمة لموقفك. أهم هذه المستندات هي نسخة رسمية من محضر الجلسة الذي تم فيه إثبات عقد الصلح. بالإضافة إلى ذلك، يجب تجهيز كافة الأدلة التي تثبت وجود عيب الإرادة. على سبيل المثال، إذا كان سبب الإبطال هو التدليس بناءً على مستندات مزورة، فيجب تقديم حكم قضائي يثبت تزوير هذه المستندات. أو في حالة الإكراه، يمكن الاعتماد على شهادة الشهود أو أي دليل آخر يثبت وقوع التهديد.

الخطوة الثانية: توكيل محامٍ وصياغة صحيفة الدعوى

تعتبر دعاوى الإبطال من الدعاوى المعقدة التي تتطلب خبرة قانونية متخصصة. لذلك، من الضروري توكيل محامٍ متمكن في القضايا المدنية ليقوم بصياغة صحيفة الدعوى بشكل قانوني سليم. يجب أن تشتمل الصحيفة على كافة البيانات المطلوبة قانونًا، وعرض مفصل لوقائع الدعوى الأصلية، وظروف إبرام عقد الصلح، والدليل القاطع على وجود الغش أو الإكراه أو الغلط الذي أدى إلى قبول الصلح. ثم يتم تحديد الطلبات بوضوح في ختام الصحيفة.

الخطوة الثالثة: قيد الدعوى ومتابعة الإجراءات

بعد الانتهاء من صياغة صحيفة الدعوى وتوقيعها من المحامي، يتم تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة المختصة. المحكمة المختصة هي نفس المحكمة التي أصدرت الحكم بإلحاق محضر الصلح بالدعوى. يتم سداد الرسوم القضائية المقررة وقيد الدعوى في السجلات. بعد ذلك، يتم تحديد جلسة لنظر الدعوى ويتم إعلان الطرف الآخر (المدعى عليه) بصحيفة الدعوى وموعد الجلسة. تبدأ بعدها إجراءات التقاضي العادية من تقديم مذكرات ومستندات حتى حجز الدعوى للحكم.

نموذج عملي لصيغة دعوى إبطال عقد صلح قضائي

مكونات صحيفة الدعوى الأساسية

تتكون صحيفة الدعوى من عدة أجزاء رئيسية. تبدأ بالديباجة التي تتضمن اسم المحكمة وبيانات المدعي (رافع الدعوى) كاملة، وبيانات المدعى عليه (الطرف الآخر في عقد الصلح). يلي ذلك جزء “الموضوع” الذي يوضح أن المطلوب هو الحكم بإبطال عقد صلح قضائي. ثم يأتي قسم “الوقائع” الذي يتم فيه سرد الأحداث بالتفصيل، بدءًا من النزاع الأصلي مروراً بالتوصل إلى الصلح وكيفية اكتشاف عيب الإرادة. وأخيرًا قسم “الطلبات” الذي يمثل الهدف النهائي من الدعوى.

صيغة قانونية مقترحة لصحيفة الدعوى

إنه في يوم … الموافق … بناء على طلب السيد/ … ومحله المختار مكتب الأستاذ/ … المحامي. أنا … محضر محكمة … قد انتقلت وأعلنت: السيد/ … مخاطبًا مع …

الموضوع: دعوى بطلب الحكم بإبطال عقد الصلح الملحق بمحضر جلسة … في الدعوى رقم … لسنة …

الوقائع: نلخص وقائع النزاع الأصلي بإيجاز، ثم نوضح أنه بجلسة … تم إثبات صلح بين الطرفين. ونذكر تفصيلًا واقعة الغش أو الإكراه التي وقعت على المدعي وأجبرته على قبول الصلح، مع تقديم الدليل على ذلك.

بناء عليه: يلتمس المدعي الحكم بإبطال عقد الصلح المذكور واعتباره كأن لم يكن، مع إلزام المدعى عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة.

اعتبارات هامة لضمان نجاح الدعوى

عبء الإثبات في دعاوى الإبطال

القاعدة القانونية الراسخة هي أن “البيّنة على من ادعى”. وهذا يعني أن المدعي الذي يطلب إبطال عقد الصلح هو من يقع عليه عبء إثبات وجود عيب الإرادة. يجب أن يكون الدليل الذي يقدمه للمحكمة قاطعًا وحاسمًا ولا يدع مجالاً للشك في أن رضاه بالصلح لم يكن حراً أو صحيحاً. الاعتماد على ادعاءات مرسلة دون سند أو دليل قوي يؤدي في الغالب إلى رفض الدعوى، حيث إن الأصل هو صحة العقود ونفاذها ما لم يثبت العكس.

المواعيد القانونية لرفع الدعوى (التقادم)

الحق في طلب إبطال العقد يسقط بالتقادم. ففي حالة الإكراه، يسقط الحق في رفع الدعوى إذا لم يتم رفعها خلال ثلاث سنوات من يوم زوال هذا الإكراه. أما في حالة الغلط أو التدليس، فيسقط الحق إذا لم ترفع الدعوى خلال ثلاث سنوات من اليوم الذي ينكشف فيه الغلط أو التدليس. من المهم جداً الالتزام بهذه المواعيد، لأن تجاوزها يؤدي إلى عدم قبول الدعوى شكلاً حتى لو كان السبب الموضوعي للإبطال قائماً وقوياً.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock