الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالدعاوى المدنيةالقانون المدنيالقانون المصري

دعوى المطالبة بالتعويض لفسخ العقد

دعوى المطالبة بالتعويض لفسخ العقد

دليل شامل للخطوات والإجراءات القانونية

تُعد دعوى المطالبة بالتعويض عن فسخ العقد من الإجراءات القانونية الهامة التي يلجأ إليها المتضررون من جراء إخلال أحد أطراف العقد بالتزاماته. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل ومفصل حول كيفية رفع هذه الدعوى، والخطوات الإجرائية المطلوبة، والأسس القانونية التي تستند إليها، بالإضافة إلى الطرق المتعددة التي يمكن من خلالها المطالبة بالتعويضات المستحقة، لضمان استعادة الحقوق وفقًا لأحكام القانون المصري.

فهم مفهوم فسخ العقد وأساس التعويض

دعوى المطالبة بالتعويض لفسخ العقديشكل فسخ العقد إنهاءً للرابطة العقدية بين الأطراف، ويترتب عليه غالبًا ضرر لأحد الطرفين أو كليهما. تنشأ الحاجة للمطالبة بالتعويض عند حدوث هذا الفسخ بسبب إخلال أحد الأطراف بالتزاماته، وليس بموجب اتفاق متبادل أو قوة قاهرة. القانون المدني المصري يضع أسسًا واضحة لهذه المطالبات.

ما هو فسخ العقد؟

فسخ العقد هو إنهاء العلاقة التعاقدية قبل تنفيذ التزاماتها بالكامل، أو عند الإخلال بها. يمكن أن يكون الفسخ قضائياً بقرار من المحكمة، أو اتفاقياً بناءً على شرط مسبق في العقد، أو بحكم القانون في حالات معينة. يتطلب الفسخ أن يكون هناك إخلال جوهري بالالتزامات العقدية من قبل أحد الأطراف.

يختلف الفسخ عن الإبطال الذي يتعلق بعيب في تكوين العقد من الأساس، بينما الفسخ يتعلق بعقد صحيح ومنتج لآثاره ثم يُنهى بسبب عدم التنفيذ. الهدف من التعويض هو جبر الضرر الذي لحق بالطرف المتضرر نتيجة لهذا الفسخ والإخلال بالعقد.

الأساس القانوني للتعويض عن الفسخ

تستند دعوى التعويض عن فسخ العقد إلى مبدأ المسؤولية العقدية. ينص القانون المدني المصري على أن كل من يتسبب بخطئه في إلحاق ضرر بالغير يلتزم بالتعويض. في سياق العقود، يعتبر الإخلال بالالتزام العقدي خطأ يستوجب المسؤولية والتعويض ما لم يثبت المدين سبباً أجنبياً.

يشمل التعويض عن الفسخ الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمتضرر. يهدف التعويض إلى وضع المتضرر في الوضع الذي كان سيكون عليه لو أن العقد قد تم تنفيذه بشكل صحيح. يشمل ذلك ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون ذلك نتيجة مباشرة للإخلال.

الشروط الأساسية لرفع دعوى التعويض عن الفسخ

لضمان قبول دعوى المطالبة بالتعويض عن فسخ العقد، يتوجب استيفاء مجموعة من الشروط الأساسية التي أقرها القانون والفقه القضائي. هذه الشروط هي ركائز الدعوى التي يجب إثباتها أمام المحكمة لضمان الحصول على الحكم بالتعويض المناسب عن الضرر الذي وقع.

وجود عقد صحيح ونافذ

يُعد وجود عقد صحيح بين الأطراف شرطاً أساسياً لرفع دعوى التعويض عن فسخ العقد. يجب أن يكون العقد مستوفيًا لكافة أركانه وشروط صحته القانونية، مثل الرضا والمحل والسبب، وأن يكون نافذاً وغير باطل أو موقوف. أي عيب في صحة العقد قد يؤدي إلى رفض الدعوى من الأساس.

ينبغي التحقق من أن العقد المبرم لا يشوبه أي عوارض قانونية تجعله قابلاً للإبطال أو البطلان المطلق. فإذا كان العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، فلا يترتب عليه أي التزام، وبالتالي لا يمكن المطالبة بتعويض عن فسخه لأنه لا وجود له قانوناً من الأساس.

وقوع إخلال جوهري بالالتزامات العقدية

يجب أن يكون الفسخ ناجماً عن إخلال أحد الأطراف بالتزاماته الجوهرية المنصوص عليها في العقد. الإخلال الجوهري هو الذي يؤثر بشكل كبير على الغاية من العقد ويحرم الطرف الآخر من المنفعة المتوقعة. لا يكفي أي إخلال بسيط لطلب الفسخ والتعويض، بل يجب أن يكون الإخلال ذا طبيعة مؤثرة.

مثال على الإخلال الجوهري: عدم تسليم المبيع في عقد البيع، أو عدم أداء الثمن، أو عدم تنفيذ خدمة متفق عليها بشكل كامل أو في الموعد المحدد، مما يجعل الاستمرار في العقد غير ذي جدوى للطرف المتضرر. يجب أن يكون هذا الإخلال قد تم بغير حق أو مبرر قانوني.

ثبوت الضرر وتقديره

لا يمكن المطالبة بالتعويض إلا إذا ثبت وقوع ضرر فعلي ومباشر على الطرف المتضرر نتيجة للفسخ. يجب أن يكون الضرر محققاً وليس محتملاً، وأن يكون قابلاً للتقدير المالي. يشمل الضرر الخسارة التي لحقت بالمتضرر (الخسارة الفعلية) وما فاته من كسب (فوات الربح).

يمكن أن يكون الضرر مادياً (مثل الخسائر المالية المباشرة، تكاليف البحث عن بديل، فرق الأسعار) أو معنوياً (مثل الإضرار بالسمعة، الألم النفسي). يجب على المدعي تقديم الأدلة التي تثبت وقوع الضرر وحجمه، ويمكن للمحكمة الاستعانة بالخبراء لتقدير هذا الضرر.

العلاقة السببية بين الإخلال والضرر

يشترط أن يكون هناك علاقة سببية مباشرة ومحققة بين الإخلال بالالتزام العقدي والضرر الذي لحق بالطرف الآخر. بمعنى آخر، يجب أن يكون الضرر نتيجة مباشرة ومترتبة على فعل الإخلال بالعقد. إذا كان الضرر ناتجاً عن سبب آخر لا علاقة له بالإخلال، فلا يمكن المطالبة بالتعويض.

على سبيل المثال، إذا تسبب فسخ العقد في خسارة مالية، يجب إثبات أن هذه الخسارة حدثت بسبب الإخلال وليس بسبب تقلبات السوق أو أسباب أخرى مستقلة. عبء إثبات هذه العلاقة السببية يقع على عاتق الطرف المدعي الذي يطالب بالتعويض عن الأضرار.

الإعذار القضائي أو الاتفاقي

في معظم الحالات، يجب على الطرف المتضرر توجيه إعذار للطرف المخل قبل رفع دعوى الفسخ والتعويض. الإعذار هو إنذار رسمي يطالب فيه الطرف المتضرر الطرف الآخر بتنفيذ التزامه خلال مهلة محددة، مع التنبيه إلى أنه في حال عدم التنفيذ سيتم اللجوء للقضاء. يمكن أن يكون الإعذار قضائياً عن طريق محضر رسمي، أو اتفاقياً إذا نص العقد على ذلك.

يهدف الإعذار إلى منح الطرف المخل فرصة أخيرة لتصحيح الوضع وتفادي اللجوء إلى المحكمة. ومع ذلك، هناك حالات لا يتطلب فيها القانون الإعذار، مثل الحالات التي يصبح فيها التنفيذ مستحيلاً أو غير مجدٍ، أو إذا نص العقد صراحة على عدم الحاجة للإعذار في حالة الإخلال.

الخطوات العملية لرفع دعوى المطالبة بالتعويض

يتطلب رفع دعوى المطالبة بالتعويض عن فسخ العقد اتباع خطوات إجرائية محددة لضمان صحة الدعوى وقبولها أمام القضاء. الالتزام بهذه الخطوات يسهم بشكل كبير في سير الدعوى بسلاسة ويزيد من فرص الحصول على الحكم المرغوب فيه. تبدأ هذه العملية غالباً بالتحضير الجيد.

الاستعانة بمحام متخصص

يُنصح بشدة بالاستعانة بمحامٍ متخصص في القانون المدني والقضايا التعاقدية. يتمتع المحامي بالخبرة اللازمة في صياغة صحيفة الدعوى وتقديم الدفوع القانونية المناسبة وإجراءات التقاضي. يمكن للمحامي تقديم المشورة القانونية الدقيقة وتقدير الموقف القانوني للدعوى قبل رفعها، مما يوفر الوقت والجهد ويقلل من الأخطاء المحتملة.

المحامي يساعد في فهم حقوق المدعي وواجباته، ويُسهل عملية جمع الأدلة وتقديمها بالطريقة القانونية الصحيحة. كما أنه يمثل الموكل أمام المحكمة ويتابع سير الجلسات ويقدم المذكرات القانونية والدفوع اللازمة في كل مرحلة من مراحل الدعوى حتى صدور الحكم.

جمع المستندات والأدلة

تُعد عملية جمع المستندات والأدلة الداعمة للدعوى من أهم الخطوات التحضيرية. يجب جمع نسخة من العقد الأصلي أو الموثق، وأي مراسلات أو رسائل إلكترونية أو وثائق تثبت الإخلال بالالتزام، بالإضافة إلى أي إثباتات للضرر مثل فواتير الخسائر، تقديرات التكاليف، أو تقارير الخبراء. كل وثيقة تدعم موقف المدعي يجب تجميعها وتصنيفها.

يجب أن تكون المستندات واضحة وكاملة ومصدقة إذا تطلب الأمر ذلك. يمكن أن تشمل الأدلة أيضاً شهادات الشهود أو تقارير الفحص الفني. كلما كانت الأدلة قوية وواضحة، زادت فرص المدعي في إثبات حقه والحصول على التعويض المطلوب. ينصح بإعداد نسخ احتياطية من جميع المستندات.

إعداد صحيفة الدعوى

صحيفة الدعوى هي الوثيقة الرسمية التي تتضمن بيانات المدعي والمدعى عليه، وموضوع الدعوى، وأسبابها القانونية، والطلبات النهائية (التعويض المطلوب ومقداره). يجب أن تُصاغ صحيفة الدعوى بدقة ووضوح، مع ذكر كافة الوقائع المدعومة بالمستندات والأدلة، والإشارة إلى المواد القانونية التي تستند إليها الدعوى. تُقدم صحيفة الدعوى إلى قلم كتاب المحكمة المختصة.

يجب أن تتضمن الصحيفة وصفاً مفصلاً للإخلال بالعقد والضرر الناتج عنه والعلاقة السببية بينهما. كما يجب تحديد المبلغ المطالب به كتعويض بشكل واضح ومبرر. أي نقص في البيانات الأساسية أو الأخطاء في الصياغة قد يؤدي إلى رفض صحيفة الدعوى أو تأخير البت فيها، مما يسبب عبئًا إضافيًا على المدعي.

تقديم الدعوى وتسجيلها في المحكمة المختصة

بعد إعداد صحيفة الدعوى، يتم تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة المختصة نوعياً ومكانياً. يتم تحديد الاختصاص بناءً على قيمة النزاع وطبيعته ومحل إقامة المدعى عليه أو محل تنفيذ العقد. بعد تقديم الصحيفة، يتم دفع الرسوم القضائية المقررة ويتم قيد الدعوى في سجلات المحكمة وتحديد رقم لها وتاريخ أول جلسة للنظر فيها.

يُعد هذا الإجراء خطوة رسمية لبدء إجراءات التقاضي. يتم بعد ذلك إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى وتاريخ الجلسة عن طريق المحضرين القضائيين. يجب التأكد من صحة بيانات الإعلان لتجنب أي دفوع شكلية من جانب المدعى عليه قد تؤخر سير الدعوى في مسارها القانوني السليم.

متابعة إجراءات التقاضي والجلسات

تتضمن هذه المرحلة حضور الجلسات القضائية وتقديم المذكرات والردود على دفوع المدعى عليه وتقديم المستندات الإضافية، إن وجدت. قد تتطلب الدعوى إحالتها إلى مكتب الخبراء لتقدير الأضرار أو التحقق من وقائع معينة. يجب على المدعي أو محاميه متابعة كل مستجدات الدعوى والالتزام بالمواعيد المحددة لتقديم المستندات والردود.

في بعض الأحيان، قد تقترح المحكمة الصلح بين الطرفين كحل ودي للنزاع. إذا لم يتم التوصل إلى صلح، تستمر المحكمة في نظر الدعوى والاستماع إلى مرافعة الطرفين قبل إصدار حكمها. يجب الاستعداد لتقديم كافة البراهين التي تدعم أحقية المدعي في التعويض.

صدور الحكم وتنفيذه

بعد استكمال كافة الإجراءات وتقديم الدفوع والمستندات، تصدر المحكمة حكمها في الدعوى. إذا كان الحكم لصالح المدعي بالتعويض، فقد يحتاج إلى اتخاذ إجراءات تنفيذية لتحصيل مبلغ التعويض، خاصة إذا لم يقم المدعى عليه بسداد المبلغ طواعية. يتضمن التنفيذ القضائي اللجوء إلى محضر التنفيذ لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيل المبلغ المحكوم به.

تشمل إجراءات التنفيذ الحجز على أموال المدعى عليه أو ممتلكاته وبيعها بالمزاد العلني لسداد قيمة التعويض. قد تتطلب هذه المرحلة أيضاً خبرة قانونية لضمان فعالية عملية التنفيذ وسرعة استرداد الحقوق. يجب التأكد من أن الحكم نهائي وغير قابل للطعن بالاستئناف أو النقض قبل الشروع في إجراءات التنفيذ.

طرق تقدير التعويض ومصادر المطالبة

تتنوع طرق تقدير التعويض المستحق عن فسخ العقد بحسب طبيعة الاتفاق وحجم الضرر الذي لحق بالطرف المتضرر. يمكن أن يتم تقدير التعويض بناءً على اتفاق مسبق بين الأطراف، أو بتقدير من المحكمة، أو بناءً على نصوص قانونية محددة. لكل طريقة أسسها ومعاييرها الخاصة التي يجب مراعاتها.

التعويض الاتفاقي (الشرط الجزائي)

هو مبلغ من المال يتفق عليه الطرفان في العقد سلفاً، ويلتزم به الطرف المخل بالعقد كتعويض عن الأضرار التي قد تنجم عن إخلاله. يُعرف هذا بالشرط الجزائي. يهدف هذا الشرط إلى تحديد قيمة التعويض مسبقاً لتجنب النزاعات حول تقديره أمام المحكمة، ويسهل عملية المطالبة بالتعويض.

ومع ذلك، يحق للمحكمة تعديل الشرط الجزائي إذا رأت أنه مبالغ فيه أو ضئيل للغاية مقارنة بالضرر الفعلي. يُعد الشرط الجزائي وسيلة فعالة لتبسيط إجراءات التعويض، ولكنه لا يمنع المحكمة من التدخل لضمان العدالة وتوازن الالتزامات بين الأطراف. يجب أن يكون الشرط الجزائي واضحاً وغير غامض في نصوص العقد.

التعويض القضائي

هو التعويض الذي تقدره المحكمة في حالة عدم وجود اتفاق مسبق بين الطرفين على قيمة التعويض، أو في حال التدخل في تعديل الشرط الجزائي. تعتمد المحكمة في تقديرها على جسامة الإخلال، وحجم الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالمتضرر، بالإضافة إلى ظروف الواقعة وتقدير الخبراء إن وجدوا.

تلتزم المحكمة بمبدأ التعويض الكامل، أي أن التعويض يجب أن يجبر الضرر كاملاً دون زيادة أو نقصان. يشمل التعويض القضائي الخسارة التي لحقت بالمتضرر وما فاته من كسب، مع الأخذ في الاعتبار كافة العوامل المؤثرة. يعتمد هذا النوع من التعويض على سلطة القاضي التقديرية في تحديد القيمة المناسبة للضرر.

التعويض القانوني

في بعض الحالات، يحدد القانون نفسه قيمة التعويض المستحق عن أنواع معينة من الإخلالات أو الأضرار، خاصة في بعض العقود المنظمة بقوانين خاصة. قد يضع القانون حدوداً قصوى أو دنيا للتعويض، أو يحدد طريقة معينة لحسابه. هذا النوع من التعويض يقلل من سلطة القاضي التقديرية ويُلزم الجميع بالنص القانوني.

مثال على التعويض القانوني قد نجده في قوانين التأمين أو قوانين العمل أو بعض القوانين التجارية التي تحدد مبلغاً معيناً كتعويض عن حالات معينة. الهدف من هذا التحديد هو تحقيق نوع من اليقين القانوني وتوحيد الأحكام في حالات متشابهة، مما يسرع عملية تسوية النزاعات.

التعويض عن فوات الكسب والضرر الأدبي

يشمل التعويض المالي ليس فقط الخسائر المباشرة التي تكبدها المتضرر، بل يمتد ليشمل فوات الكسب، أي الأرباح التي كان من الممكن أن يحققها لو أن العقد قد تم تنفيذه بشكل صحيح. يجب أن يكون فوات الكسب محققاً أو محتملاً احتمالا قوياً وليس مجرد تكهنات، وأن يكون نتيجة مباشرة للإخلال.

أما الضرر الأدبي (المعنوي)، فيتعلق بالأذى النفسي أو الإضرار بالسمعة أو المكانة التي لحقت بالمتضرر نتيجة لفسخ العقد والإخلال به. يُقدر هذا النوع من التعويض بما يجبر هذا الضرر بطريقة تتناسب مع حجمه، وتراعى فيه ظروف كل حالة على حدة. يجوز للمحكمة تقدير التعويض عن الضرر الأدبي.

حلول بديلة لفض النزاع قبل اللجوء للمحكمة

قبل الشروع في رفع دعوى قضائية تستغرق وقتاً وجهداً وتكاليف، هناك عدة طرق بديلة لفض النزاعات يمكن أن يلجأ إليها الأطراف المتنازعة. هذه الحلول تهدف إلى الوصول إلى تسوية ودية أو شبه قضائية للنزاع، مما قد يوفر على الأطراف الكثير من المعاناة والمصاريف، ويحافظ أحياناً على العلاقات التجارية.

التفاوض المباشر

يُعد التفاوض المباشر بين الطرفين أو من خلال ممثليهما (مثل المحامين) أول وأبسط الطرق لحل النزاع. يتيح التفاوض للأطراف مناقشة الخلافات والوصول إلى حلول توافقية ترضي جميع الأطراف أو تقلل من خسائرهم. يمكن أن يؤدي التفاوض الناجح إلى إعادة صياغة العقد، أو الاتفاق على تعويض ودي، أو إنهاء العقد بالتراضي.

تكمن قوة التفاوض في مرونته وسرعته وقلة تكلفته مقارنة بالتقاضي. يتطلب التفاوض استعداداً من كلا الطرفين لتقديم تنازلات والبحث عن أرضية مشتركة. يُفضل توثيق أي اتفاق يتم التوصل إليه كتابياً لضمان قوته القانونية وتفادي النزاعات المستقبلية حول بنوده.

الوساطة والصلح

تتضمن الوساطة تدخل طرف ثالث محايد (الوسيط) لمساعدة الأطراف المتنازعة على الوصول إلى حل. الوسيط لا يفرض حلاً، بل يعمل على تسهيل التواصل والتفاوض بين الأطراف، وتحديد نقاط الاتفاق والخلاف، واقتراح حلول مبتكرة. تختلف الوساطة عن التحكيم حيث لا يمتلك الوسيط سلطة إصدار حكم ملزم.

يهدف الصلح إلى إنهاء النزاع بالتراضي بين الأطراف، وقد يتم ذلك إما مباشرة أو عن طريق وساطة. يمكن أن يتم الصلح أمام المحكمة أثناء سير الدعوى، وله في هذه الحالة قوة السند التنفيذي. الوساطة والصلح يحافظان على سرية المعلومات ويساعدان في الحفاظ على العلاقات التجارية بين الأطراف في المستقبل.

التحكيم التجاري

التحكيم هو وسيلة لفض النزاعات خارج إطار المحاكم، حيث يتفق الأطراف على إحالة النزاع إلى محكم أو هيئة تحكيم ليصدروا قراراً ملزماً (حكماً تحكيمياً). يكون هذا الاتفاق عادةً شرطاً في العقد الأصلي أو اتفاقاً لاحقاً منفصلاً. يُعد التحكيم أسرع وأكثر سرية من التقاضي أمام المحاكم، وغالباً ما يكون المحكمون متخصصين في مجال النزاع.

يُعتبر الحكم التحكيمي ملزماً للأطراف وقابلاً للتنفيذ القضائي بعد استيفاء الشروط القانونية. يلجأ الكثير من الشركات إلى التحكيم التجاري في العقود ذات الطبيعة المعقدة أو الدولية لضمان سرعة الفصل في النزاعات وتقليل التكاليف المرتبطة بالتقاضي الطويل. يمكن أن يكون التحكيم مؤسسياً (عبر مراكز تحكيم) أو حراً (باتفاق الطرفين).

نصائح وإرشادات لتعظيم فرص النجاح في الدعوى

إن تحقيق النجاح في دعوى المطالبة بالتعويض عن فسخ العقد يتطلب ليس فقط معرفة قانونية دقيقة، بل أيضاً اتباع استراتيجيات عملية وإرشادات محددة تعزز من موقف المدعي أمام المحكمة. هذه النصائح تساعد في بناء قضية قوية وتقليل المخاطر المحتملة التي قد تؤثر سلباً على نتيجة الدعوى.

توثيق جميع التعاملات والمراسلات

يُعد التوثيق الدقيق والشامل لجميع التعاملات المتعلقة بالعقد والمراسلات بين الأطراف أمراً حيوياً. يشمل ذلك نسخاً من العقد، إيصالات الدفع، رسائل البريد الإلكتروني، رسائل نصية، محاضر الاجتماعات، وأي وثيقة أخرى تثبت الاتفاقات أو الإخلالات. هذه المستندات بمثابة أدلة دامغة تدعم موقف المدعي أمام المحكمة وتوضح تسلسل الأحداث بشكل لا يقبل الشك.

يجب حفظ هذه المستندات بشكل منظم وسهل الوصول إليه، سواء كانت نسخاً ورقية أو إلكترونية. في حال عدم وجود توثيق كتابي، يمكن أن يكون هناك صعوبة بالغة في إثبات بعض الوقائع أمام القضاء، مما يضعف موقف المدعي ويقلل من فرص الحصول على التعويض المستحق. لذا، احرص دائماً على التوثيق الفوري والكامل.

السرعة في اتخاذ الإجراءات القانونية

يُنصح بالتحرك بسرعة فور وقوع الإخلال بالعقد والضرر الناتج عنه. التأخر في اتخاذ الإجراءات القانونية قد يؤثر سلباً على الدعوى، خاصة فيما يتعلق بالمدة القانونية لرفع الدعاوى (التقادم)، أو صعوبة جمع الأدلة بمرور الوقت، أو تغير الظروف التي قد تؤثر على القضية. التشاور مع محام فوراً يضمن اتخاذ الخطوات الصحيحة في الوقت المناسب.

السرعة في الإجراءات لا تعني التسرع غير المدروس، بل تعني البدء في عملية التقييم وجمع المعلومات والتشاور القانوني بأسرع وقت ممكن بعد اكتشاف الإخلال. هذا يضمن حماية الحقوق وتجنب فقدان أي فرصة قانونية قد تتاح في بداية النزاع.

الدقة في تحديد مقدار الضرر والمطالبة

يجب أن يكون تحديد مقدار التعويض المطلوب دقيقاً ومبنياً على أسس واقعية ومستندات موثقة. المطالبة بمبالغ مبالغ فيها قد تثير شكوك المحكمة وتؤدي إلى تأخير في البت أو حتى رفض جزء من المطالبة. ينبغي حساب الخسائر الفعلية وفوات الكسب بوضوح وتقديم ما يثبتها، والاستعانة بخبراء إذا تطلب الأمر ذلك.

على سبيل المثال، عند المطالبة بضرر مادي، يجب تقديم فواتير أو كشوف حسابات أو تقارير خبراء. وعند المطالبة بضرر معنوي، يجب تبرير حجمه وتأثيره. كلما كانت المطالبة مدعومة بأرقام ومستندات دقيقة، زادت قناعة المحكمة بها، وبالتالي زادت فرص الحكم بالتعويض المطلوب بشكل كامل أو قريب منه.

فهم طبيعة العقد والالتزامات

يُعد الفهم العميق لبنود العقد المبرم والالتزامات المترتبة على كل طرف أمراً بالغ الأهمية. يجب مراجعة العقد بعناية وتحديد الالتزامات الجوهرية التي تم الإخلال بها. هذا الفهم يساعد في بناء حجة قانونية قوية وتحديد الأساس القانوني للفسخ والتعويض.

معرفة تفاصيل العقد تسمح للمدعي ومحاميه بتقديم تفسير دقيق للإخلال وتأثيره على العقد ككل. كما أنها تساعد في توقع الدفوع التي قد يقدمها الطرف المدعى عليه وإعداد الردود المناسبة لها. الفهم الشامل للعقد يضمن تقديم قضية متماسكة ومنطقية أمام القضاء.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock