صيغة دعوى تزوير توقيع
محتوى المقال
صيغة دعوى تزوير توقيع
دليلك الشامل لرفع دعوى إثبات التزوير وإجراءات التقاضي
يُعد تزوير التوقيع من الجرائم الخطيرة التي تمس الثقة في المعاملات القانونية والمالية. يواجه العديد من الأفراد والمؤسسات تحديات كبيرة عند اكتشاف تزوير توقيعاتهم على مستندات رسمية أو عرفية. تهدف هذه المقالة إلى توفير دليل شامل ومفصل حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة، بدءًا من فهم الجريمة وأركانها، مرورًا بإجراءات رفع الدعوى القضائية، وصولاً إلى طرق الإثبات المتاحة وكيفية الدفاع عنها، مع تقديم نصائح عملية لتجنب الوقوع في فخ التزوير مستقبلاً.
مفهوم تزوير التوقيع وأركانه القانونية
تعريف تزوير التوقيع في القانون المصري
يعرف القانون المصري تزوير التوقيع بأنه تغيير الحقيقة في محرر بقصد الغش، وبطريقة من الطرق التي نص عليها القانون، ويترتب عليه ضرر. يشمل ذلك إنشاء توقيع مزور بالكامل أو تقليد توقيع حقيقي لشخص آخر على مستندات ذات قيمة قانونية أو مالية، مما يؤدي إلى تغيير الحقائق أو الالتزامات المترتبة على هذه المستندات.
لا يقتصر التزوير على المحررات الرسمية فقط، بل يمتد ليشمل المحررات العرفية أيضًا. الأهم هو أن يكون للتوقيع المزور أثر قانوني أو مالي يمكن أن يضر بالغير. الهدف من هذه الجريمة هو إيهام الغير بصحة التوقيع وما يترتب عليه من حقوق أو التزامات، ويعد هذا الفعل جريمة تستدعي العقاب وفق أحكام القانون الجنائي.
الأركان المادية والمعنوية لجريمة التزوير
تتكون جريمة تزوير التوقيع من ركنين أساسيين: الركن المادي والركن المعنوي. يشمل الركن المادي الأفعال التي يقوم بها الجاني لتغيير الحقيقة، مثل الاصطناع الكلي للتوقيع، أو التقليد، أو المحو، أو الإضافة، أو التحشير على المحرر. يجب أن يكون التغيير جوهريًا ومؤثرًا في قيمة المحرر القانونية أو المالية. أما الركن المعنوي فيتمثل في القصد الجنائي، وهو نية الجاني إحداث الضرر بالغير واستعمال المحرر المزور مع علمه بتزويره، وهو ما يعرف بالقصد الخاص.
يجب أن يثبت القاضي وجود هذين الركنين لإدانة المتهم بجريمة التزوير. يتطلب إثبات القصد الجنائي تقديم أدلة قوية على علم المتهم بتزوير التوقيع ونيته استخدام المستند لتحقيق غرض غير مشروع. غياب أي من هذين الركنين قد يؤدي إلى براءة المتهم من تهمة التزوير، ولهذا فإن الإثبات الدقيق يشكل حجر الزاوية في الدعوى.
التمييز بين تزوير التوقيع واستعمال المحرر المزور
يفرق القانون بين جريمة تزوير التوقيع نفسها وجريمة استعمال المحرر المزور. جريمة التزوير هي فعل إنشاء التوقيع المزور أو تعديل المحرر، بينما جريمة الاستعمال هي تقديم أو استخدام المحرر المزور مع علم الفاعل بتزويره، حتى لو لم يكن هو من قام بالتزوير بنفسه. غالبًا ما تكون هاتان الجريمتان متلازمتين في الواقع العملي، ولكن لكل منهما أركانه وعقوباته الخاصة.
قد يتم اتهام شخص بارتكاب الجريمتين معاً، أو بواحدة منهما فقط. فمثلاً، قد يقوم شخص بتزوير التوقيع وآخر يستعمل المحرر المزور دون علمه بالتزوير، وفي هذه الحالة يكون الجاني هو المزور فقط. أما إذا علم المستعمل بأن المحرر مزور واستعمله، فإنه يُعد مرتكبًا لجريمة الاستعمال. تحديد هذه الفروقات أمر حاسم في توجيه الاتهام وتحديد العقوبة المناسبة لكل حالة.
أنواع دعاوى تزوير التوقيع
دعوى الطعن بالتزوير الأصلي (مدني وجنائي)
تُرفع دعوى الطعن بالتزوير الأصلي كدعوى مستقلة عندما يكون الهدف الرئيسي هو إثبات تزوير محرر أو توقيع لم يتم الاستناد إليه بعد في دعوى قائمة. يمكن أن تكون هذه الدعوى ذات طبيعة مدنية أو جنائية. في الدعوى الجنائية، تسعى النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني لإثبات التزوير ومعاقبة الجاني. أما في الدعوى المدنية، فيكون الهدف هو إبطال المحرر المزور وإزالة آثاره القانونية.
تبدأ هذه الدعوى بتقديم صحيفة دعوى للمحكمة المختصة توضح تفاصيل المحرر المطعون فيه وأسانيد الطعن. يقوم المدعي بتقديم كافة المستندات والأدلة التي تدعم ادعائه بالتزوير. تُعد هذه الدعوى حلاً فعالاً للأشخاص الذين يكتشفون تزوير توقيعاتهم على مستندات لم تُعرض بعد في أية نزاعات، ويسعون لتحصين أنفسهم قانونيًا قبل أن يُستغل هذا التزوير ضدهم.
دعوى الطعن بالتزوير الفرعي (مدني وجنائي)
تُرفع دعوى الطعن بالتزوير الفرعي كطلب عارض (فرعي) أثناء نظر دعوى قضائية قائمة، عندما يُقدم أحد الخصوم محررًا يتضمن توقيعًا يُشك في صحته. في هذه الحالة، يتوقف الفصل في الدعوى الأصلية لحين البت في دعوى التزوير الفرعية. يمكن أن يكون هذا الطعن أيضًا ذا طبيعة مدنية أو جنائية، حسب طبيعة الدعوى الأصلية وما إذا كانت النيابة العامة طرفًا فيها.
يتم تقديم الطعن بالتزوير الفرعي بمذكرة أو بطلب شفوي يُثبت في محضر الجلسة، ويجب أن يحدد الطاعن مواضع التزوير وأدلة الطعن. يقوم القاضي المختص بالنظر في هذا الطعن بشكل مستقل قبل استكمال النظر في الدعوى الأصلية. هذه الطريقة تضمن أن العدالة تتحقق وأن أي مستند مزور لا يتم الاعتماد عليه في إصدار الأحكام، مما يحمي حقوق الأطراف.
دعوى صحة التوقيع
تُرفع دعوى صحة التوقيع ليس لإثبات تزوير التوقيع، بل على العكس، لإثبات صحة توقيع شخص على محرر عرفي. الهدف منها هو الحصول على حكم قضائي يقر بصحة توقيع المدعى عليه على المحرر، مما يعطيه قوة إثباتية أكبر في مواجهة الغير أو في المستقبل. هذه الدعوى تمنع المدعى عليه من إنكار توقيعه في المستقبل بعد أن أقرته المحكمة.
تُعد هذه الدعوى إجراءً وقائيًا شائعًا في المعاملات العقارية والتجارية لضمان عدم تعرض المستندات للطعن بالتزوير لاحقًا. يقوم المدعي بتقديم المحرر للمحكمة ويطلب الحكم بصحة توقيع المدعى عليه عليه. يمكن للمدعى عليه في هذه الدعوى أن يدعي تزوير توقيعه، وفي هذه الحالة تتحول الدعوى إلى طعن بالتزوير ويندب خبير لتحقيق الخطوط والمضاهاة.
إجراءات رفع دعوى تزوير التوقيع
الخطوة الأولى: جمع الأدلة والمستندات
تعتبر مرحلة جمع الأدلة والمستندات هي الأساس لأي دعوى تزوير توقيع. يجب على المدعي جمع كافة المستندات الأصلية التي تحمل التوقيع المزعوم تزويره، بالإضافة إلى أي مستندات أخرى تحمل توقيعًا صحيحًا للشخص الذي يُدعى تزوير توقيعه (تسمى نماذج المضاهاة). هذه المستندات قد تشمل عقودًا سابقة، توكيلات، بطاقات هوية، شيكات، أو أي أوراق رسمية موثوقة.
بالإضافة إلى المستندات الخطية، قد تشمل الأدلة شهادات الشهود الذين لديهم علم بالواقعة أو ظروف التزوير، أو أي مراسلات أو رسائل نصية أو إلكترونية تدعم ادعاء التزوير. كلما كانت الأدلة المجمعة أكثر قوة وتنوعًا، زادت فرص نجاح الدعوى. يجب التأكد من صحة وسلامة هذه المستندات قبل تقديمها للمحكمة.
الخطوة الثانية: تحرير صحيفة الدعوى
بعد جمع الأدلة، تأتي خطوة تحرير صحيفة الدعوى. يجب أن تتضمن صحيفة الدعوى البيانات الأساسية للمدعي والمدعى عليه، وعنوان كل منهما. كما يجب أن تتضمن شرحًا وافيًا لواقعة التزوير، وكيف تم اكتشافها، وتحديد المحرر أو المستند الذي تم تزوير التوقيع عليه بدقة. يجب ذكر الأساس القانوني للدعوى، والمطالب التي يسعى المدعي لتحقيقها، سواء كانت إبطال المحرر أو تعويض عن الأضرار أو عقوبة جنائية.
يجب صياغة صحيفة الدعوى بلغة قانونية واضحة ومحددة، وتجنب أي غموض أو تعميمات. يُنصح دائمًا بالاستعانة بمحام متخصص في قضايا التزوير لضمان صياغة صحيحة وشاملة لصحيفة الدعوى، حيث أن أي نقص أو خطأ فيها قد يؤثر سلبًا على سير القضية أو يؤدي إلى رفضها شكلاً.
الخطوة الثالثة: قيد الدعوى وإعلان الخصوم
بعد تحرير صحيفة الدعوى، يتم تقديمها إلى قلم كتاب المحكمة المختصة لقيدها في سجلات المحكمة. يتم دفع الرسوم القضائية المقررة، ومن ثم يتم تحديد جلسة أولى للنظر في الدعوى. بعد قيد الدعوى، يتم إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى وتاريخ الجلسة المحددة عن طريق المحضرين القضائيين. يعتبر الإعلان الصحيح شرطًا أساسيًا لصحة إجراءات التقاضي.
يجب التأكد من أن الإعلان قد تم بشكل صحيح ووفقًا للإجراءات القانونية، لضمان علم المدعى عليه بالدعوى المرفوعة ضده ومنحه الفرصة للدفاع عن نفسه. في حال عدم إعلان المدعى عليه بشكل صحيح، قد تؤجل الجلسة أو تبطل الإجراءات. متابعة هذه الخطوة بدقة تضمن سير الدعوى في مسارها الصحيح وتجنب أي عقبات إجرائية.
الخطوة الرابعة: دور النيابة العامة في قضايا التزوير
في قضايا تزوير التوقيع ذات الطابع الجنائي، تلعب النيابة العامة دورًا محوريًا. فبمجرد تقديم البلاغ أو إحالة الدعوى إليها، تبدأ النيابة في إجراء تحقيقاتها. تقوم بجمع الاستدلالات، وسماع أقوال الأطراف والشهود، وطلب المستندات، وقد تصدر قرارًا بندب خبير من مصلحة الطب الشرعي (قسم أبحاث التزييف والتزوير) لفحص التوقيع محل النزاع وتقديم تقرير فني.
إذا ثبت للنيابة العامة وجود أدلة كافية على وقوع جريمة التزوير، فإنها تحيل القضية إلى المحكمة الجنائية المختصة لمحاكمة المتهم. حتى في الدعاوى المدنية، قد تتدخل النيابة العامة بصفة “طرف أصيل” أو “منضم” إذا كان هناك شبهة تزوير تمس النظام العام، أو إذا كان هناك قصر أو ناقصو أهلية طرفًا في الدعوى، لضمان سير العدالة وحماية الحقوق.
الخطوة الخامسة: ندب خبير الخطوط والتوقيعات
تُعد خطوة ندب خبير الخطوط والتوقيعات (الخطاطين) هي الأهم في دعاوى تزوير التوقيع. تقوم المحكمة، سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم، بإصدار قرار بندب خبير متخصص في مجال أبحاث التزييف والتزوير من الجهات الرسمية. يقوم الخبير بفحص التوقيع المطعون فيه ومقارنته بنماذج توقيعات صحيحة وثابتة للشخص المنسوب إليه التوقيع، وذلك لتحديد ما إذا كان التوقيع مزورًا أم لا.
يُطلب من الخبير في العادة إجراء استكتاب للشخص المنسوب إليه التوقيع إذا كان حيًا، وهو ما يعني طلب كتابته وتوقيعه أمامه عدة مرات في ظروف محددة للمضاهاة. يقدم الخبير بعد ذلك تقريرًا فنيًا مفصلاً للمحكمة يتضمن نتائج فحصه ورأيه الفني في صحة التوقيع من عدمه. يُعد تقرير الخبير دليلاً فنيًا قويًا تعتمد عليه المحكمة في إصدار حكمها، ويجب أن يكون التقرير مستندًا إلى أسس علمية ومنهجية دقيقة.
طرق إثبات تزوير التوقيع
الاستكتاب: الإجراء العملي لدليل المقارنة
الاستكتاب هو إجراء حيوي في إثبات التزوير، حيث يطلب الخبير من الشخص الذي يُدعى تزوير توقيعه أن يقوم بكتابة وتوقيع نصوص معينة أمامه، وتحت إشرافه المباشر. يتم ذلك عدة مرات لضمان وجود عينات كافية ومتنوعة من خط الشخص وتوقيعه الحقيقي. الهدف من الاستكتاب هو الحصول على عينات خط وتوقيع حديثة ومؤكدة الصدق لتكون أساسًا للمضاهاة مع التوقيع المطعون فيه.
يتم هذا الإجراء في بيئة محكمة لضمان عدم تأثير أي عوامل خارجية على الكتابة. يقارن الخبير بين خصائص الخط في المستند المزور (إن وجدت) والتوقيع المطعون فيه وبين عينات الاستكتاب التي جمعها، ويبحث عن أوجه التشابه والاختلاف في الميل، الضغط، السمك، طبيعة الحروف، واتجاهات الكتابة. هذا الإجراء يوفر دليلاً مقارنًا لا يمكن دحضه بسهولة.
المضاهاة: تحليل الخبراء للمستندات
المضاهاة هي العملية الفنية التي يقوم بها خبراء التزييف والتزوير لمقارنة التوقيع المطعون فيه بنماذج توقيعات صحيحة ومؤكدة الصدق، سواء كانت مستندات سابقة أو عينات استكتاب حديثة. يعتمد الخبراء على أدوات متخصصة وتقنيات علمية متقدمة، مثل الميكروسكوب المكبر، ومقارنة الأحبار، وتحليل الضغط، وزاوية الكتابة، والتفاصيل الدقيقة التي لا ترى بالعين المجردة.
يقوم الخبير بتحليل العناصر الخطية والشكلية للتوقيع، ويبحث عن علامات التردد، الوقفات غير الطبيعية، التصحيحات، أو أي دلائل على التقليد أو المحاكاة. يهدف هذا التحليل إلى تحديد ما إذا كان التوقيع قد تم بخط اليد الأصلي للشخص أو أنه تم تزويره. تقرير الخبير هو خلاصة هذه المضاهاة، ويكون مفصلاً بالصور والشرح الفني الذي يدعم الاستنتاج النهائي، وهو حجة قوية أمام المحكمة.
الشهادة: دور الشهود في إثبات الواقعة
قد يلعب شهود العيان دورًا مهمًا في إثبات أو نفي تزوير التوقيع، خاصة إذا كانوا حاضرين لحظة التوقيع على المستند، أو لديهم علم بشخصية المزور، أو الظروف المحيطة بالواقعة. يمكن أن تكون شهادة الشهود دليلاً مكملاً لتقرير الخبير الفني، أو قد تكون حاسمة في حالات معينة لا تتوفر فيها مستندات للمضاهاة بشكل كافٍ.
يجب أن تكون شهادة الشاهد مباشرة ومقنعة، وأن تتوافق مع باقي الأدلة المقدمة في الدعوى. على سبيل المثال، قد يشهد شخص على أن المدعى عليه لم يكن موجودًا في المكان والزمان المذكورين في المستند، أو أنه رأى شخصًا آخر يوقع بدلًا منه. تستمع المحكمة إلى أقوال الشهود وتحقق في مصداقيتهم، وتُعطى لشهادتهم وزنها القانوني ضمن مجمل الأدلة المعروضة.
القرائن: الاستدلال من الظروف المحيطة
تُعد القرائن القضائية أدلة غير مباشرة يمكن للمحكمة أن تستنتج منها صحة أو تزوير التوقيع، وذلك بالنظر إلى الظروف المحيطة بالواقعة. تشمل القرائن أي دليل ظرفي يشير إلى احتمال وقوع التزوير أو عدمه، حتى لو لم يكن دليلاً مباشرًا على الفعل. على سبيل المثال، وجود نزاع سابق بين الأطراف، أو استفادة أحد الأطراف بشكل غير مبرر من المستند المزور، أو فقدان المحرر الأصلي بشكل مريب.
كذلك، يمكن أن تكون القرائن مستمدة من طبيعة المستند نفسه، مثل الأخطاء الإملائية غير المتوقعة من شخص متعلم، أو استخدام نوع حبر غير مناسب للعصر الذي يُدعى فيه كتابة المستند، أو أي تناقضات في التواريخ أو المعلومات. تُستخدم القرائن لتعزيز الأدلة المباشرة، أو لسد الفجوات في الإثبات، وتترك للمحكمة حرية تقدير وزنها ودلالتها في سياق الدعوى.
كيفية الدفاع في دعوى تزوير توقيع
نفي الواقعة والتأكيد على صحة التوقيع
عندما يواجه شخص دعوى تزوير توقيع، فإن أول وأقوى خط دفاع هو نفي واقعة التزوير والتأكيد على أن التوقيع المنسوب إليه هو توقيعه الصحيح. يتطلب ذلك تقديم أدلة قوية تثبت صحة التوقيع، مثل مستندات أخرى سابقة تحمل توقيعه الأصلي وهي مؤرخة بتاريخ سابق للتوقيع المطعون فيه، ويمكن أن تكون هذه المستندات مصدقة أو رسمية. كما يمكن للمدعى عليه أن يطلب من المحكمة إجراء استكتاب له أمام الخبير لإثبات تطابق خطه وتوقيعه مع التوقيع محل النزاع.
قد يتم تقديم شهادات شهود كانوا حاضرين وقت التوقيع، أو شهادات من أشخاص مطلعين على طبيعة معاملات المدعى عليه وتوقيعاته. الهدف هو دحض ادعاء التزوير بأدلة دامغة تفند المزاعم المقدمة من الطرف الآخر. يجب أن يكون الدفاع متماسكًا ومنطقيًا، ويقدم رؤية واضحة للمحكمة حول صحة المستند والتوقيع.
تقديم الأدلة المضادة وطلب ندب خبير آخر
في حال تقديم المدعي لتقرير خبير يفيد بتزوير التوقيع، يحق للمدعى عليه (أو أي طرف معني) أن يقدم أدلة مضادة تفند هذا التقرير. يمكن أن تشمل هذه الأدلة تقارير خبرة خاصة من خبراء آخرين يتم الاستعانة بهم بشكل مستقل، أو مستندات إضافية لم يتم تقديمها للخبير الأول. من حق الخصوم دائمًا طلب ندب خبير ثانٍ أو لجنة ثلاثية من الخبراء إذا رأوا أن تقرير الخبير الأول غير دقيق أو لم يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب.
يهدف طلب ندب خبير آخر إلى إعادة تقييم الأدلة الخطية والتوقيعات من منظور مختلف، أو لاكتشاف أي أخطاء أو قصور في التقرير الأول. يجب أن يبرر الطلب بوضوح الأسباب التي تدعو لإعادة الخبرة، ويقدم نقاطًا محددة للتشكيك في التقرير الأول. المحكمة هي التي تقرر قبول هذا الطلب من عدمه بناءً على مبرراته وجديته.
الدفوع الشكلية والموضوعية في الدعوى
يمكن للمدعى عليه أن يدفع بعدة دفوع، سواء كانت شكلية أو موضوعية، للدفاع عن نفسه في دعوى تزوير توقيع. الدفوع الشكلية تتعلق بالإجراءات القانونية للدعوى، مثل الدفع بعدم الاختصاص المحكمي، أو الدفع ببطلان صحيفة الدعوى لعدم استيفائها شروطًا معينة، أو الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، أو مرور المدة القانونية لرفع الدعوى (التقادم).
أما الدفوع الموضوعية فتتعلق بموضوع الدعوى نفسه، مثل الدفع بانتفاء الركن المادي أو المعنوي لجريمة التزوير، أو الدفع بكيدية الدعوى، أو الدفع بصحة التوقيع وأنه صادر من المدعى عليه. يجب أن تُقدم هذه الدفوع في الوقت المناسب ووفقًا للإجراءات القانونية المحددة، ويُفضل دائمًا أن يكون ذلك بمساعدة محام متخصص لتجنب أي أخطاء إجرائية أو قانونية تؤثر على سير الدفاع.
نصائح إضافية لتجنب تزوير التوقيع
أهمية حفظ المستندات الأصلية
يُعد الاحتفاظ بالمستندات الأصلية التي تحمل توقيعك أو توقيعات الآخرين أمرًا بالغ الأهمية لتجنب تزوير التوقيع أو إثباته. المستندات الأصلية توفر أفضل دليل للمضاهاة في حال الشك في التزوير، حيث يمكن لخبراء الخطوط والتوقيعات تحليلها بدقة أكبر من النسخ المصورة أو الإلكترونية. يجب تخزين هذه المستندات في مكان آمن ومحمي من التلف أو الضياع، مع الاحتفاظ بنسخ احتياطية مصدقة إن أمكن.
في حالة المعاملات المهمة، يُنصح بالاحتفاظ بنسخ متعددة من المستندات الأصلية الموقعة وتوزيعها على أطراف موثوقة، مثل المحامي أو محاسب موثوق به. هذا الإجراء يضمن وجود أدلة موثوقة دائمًا، ويقلل من فرص استغلال المزورين لغياب الأصول لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية. كلما زادت سهولة الوصول إلى الأصول، زادت قدرتك على تفنيد أي ادعاءات تزوير.
استخدام التوقيعات الإلكترونية الموثوقة
مع التطور التكنولوجي، أصبحت التوقيعات الإلكترونية والتقنيات الرقمية جزءًا لا يتجزأ من المعاملات الحديثة. يُنصح بالاعتماد على التوقيعات الإلكترونية الموثوقة التي تقدمها الجهات الرسمية أو الشركات المتخصصة والمعتمدة. هذه التوقيعات تكون مشفرة ومرتبطة بهوية الموقع بطريقة يصعب تزويرها أو التلاعب بها، مما يوفر طبقة إضافية من الأمان والحماية للمستندات.
تعتمد التوقيعات الإلكترونية المعتمدة على تقنيات التشفير والمفاتيح العامة والخاصة، وتوفر مسار تدقيق يوضح من وقع ومتى وكيف، مما يجعلها أدلة قوية في الإثبات. استخدام هذه التوقيعات يقلل بشكل كبير من مخاطر التزوير التقليدي ويعزز من مصداقية المعاملات الرقمية، كما أنها تُقبل كدليل قانوني في العديد من النظم القضائية الحديثة، بما في ذلك القانون المصري.
الاستعانة بمحام متخصص عند الشك
عند أدنى شك بوجود تزوير في توقيعك أو على أي مستند يخصك، أو إذا كنت طرفًا في نزاع يتعلق بصحة توقيع، فمن الضروري جدًا الاستعانة بمحام متخصص في قضايا التزوير. يمتلك المحامي الخبرة والمعرفة القانونية اللازمة لتقييم الموقف، وتقديم النصح القانوني السليم، واتخاذ الإجراءات الصحيحة في الوقت المناسب.
سيقوم المحامي بجمع الأدلة اللازمة، وصياغة صحيفة الدعوى أو مذكرة الدفاع، ومتابعة القضية أمام المحكمة، والتعامل مع خبراء الخطوط، وتقديم الدفوع القانونية المناسبة. الاستشارة المبكرة مع محام متخصص يمكن أن توفر الكثير من الوقت والجهد والمال، وتزيد بشكل كبير من فرص حماية حقوقك وتحقيق العدالة في مواجهة جريمة تزوير التوقيع.