الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالقانون الجنائيالقانون المصريمحكمة الجنايات

مدى جدية التحريات في قضايا المخدرات

مدى جدية التحريات في قضايا المخدرات: حلول وتوجيهات عملية

الإطار القانوني والتحديات في إثبات جدية التحريات

تعتبر التحريات الأولية في قضايا المخدرات حجر الزاوية الذي تبنى عليه الاتهامات، وتتوقف عليها في كثير من الأحيان مصائر المتهمين. إلا أن جدية هذه التحريات ومدى صحتها تظل محل تساؤل ونقاش في الأوساط القانونية، مما يستدعي فهمًا عميقًا لكيفية تقييمها والتعامل معها. يهدف هذا المقال إلى تقديم حلول عملية وخطوات دقيقة للمحامين والمتهمين على حد سواء، لكيفية فحص جدية التحريات والطعن عليها أو تدعيمها، مع التركيز على الجوانب القانونية والإجرائية الهامة. سنتناول كافة الجوانب المتعلقة بهذا الموضوع الحيوي، لضمان فهم شامل وتطبيق فعال.

مفهوم جدية التحريات وأهميتها القانونية

تشكل التحريات أساس العديد من الإجراءات القانونية في قضايا المخدرات، بدءًا من استصدار أذون النيابة العامة بالضبط والتفتيش، وصولاً إلى توجيه الاتهامات. تتطلب التحريات الجدية بذل العناية الواجبة في جمع المعلومات والتأكد من مصداقيتها، فهي ليست مجرد سرد لملاحظات سطحية بل عملاً استقصائياً دقيقاً. يجب أن تكون التحريات مدعومة بقرائن قوية وأن تشير بوضوح إلى تورط المتهم في الجريمة محل التحقيق.

يعد مفهوم جدية التحريات مفتاحًا رئيسيًا في الدفاع الجنائي، حيث يمكن أن يؤدي إثبات عدم جديتها إلى بطلان الإجراءات المترتبة عليها، مثل إذن النيابة أو الضبط. هذا يبين الأهمية القصوى لفحص كل تفاصيل التحريات المقدمة من ضباط الشرطة أو الجهات الأمنية، والبحث عن أي ثغرات أو تناقضات قد تشير إلى ضعفها أو عدم صحتها. المحكمة تعول كثيرًا على هذه الجدية في بناء حكمها.

الأساس القانوني للتحريات في قضايا المخدرات

تستمد التحريات مشروعيتها من القوانين الإجرائية التي تمنح سلطات الضبط القضائي صلاحية جمع المعلومات والتحقق منها. في قضايا المخدرات، تكتسب التحريات أهمية خاصة نظراً لطبيعة هذه الجرائم التي غالباً ما تتم في الخفاء وتتطلب جهوداً استثنائية للكشف عنها. ينص القانون على ضرورة أن تكون التحريات كافية وجادة لترجح ارتكاب جريمة معينة من شخص معين.

لا يعتبر القانون التحريات دليلاً بذاتها، بل هي مجرد قرينة أو سند لطلب الإجراءات القضائية، مثل إذن التفتيش أو القبض. يجب أن تكون التحريات سابقة على الإذن القضائي وليست لاحقة له، وأن تكون متفقة مع صحيح القانون. أي مخالفة لهذه المبادئ قد تؤدي إلى إهدار قيمتها القانونية بالكامل، مما يجعلها غير صالحة للاستناد عليها في إثبات الجرم.

معايير المحكمة لتقييم جدية التحريات

تضع المحاكم معايير دقيقة لتقييم جدية التحريات، وتنظر إلى عدة عوامل عند فحصها. من هذه العوامل مدى تفصيل المعلومات المقدمة، ومدة إجراء التحريات، والمصادر التي اعتمد عليها المتحري، ومدى تلاؤمها مع ظروف الواقعة. كما أن المحكمة تبحث في مدى كفاية هذه التحريات لترجيح ارتكاب الجريمة من المتهم وليس مجرد الشك أو الظن.

من المهم أن تكون التحريات شاملة وتغطي كافة الجوانب المتعلقة بالجريمة، بما في ذلك زمان ومكان ارتكابها وطبيعة النشاط الإجرامي. ترفض المحاكم التحريات العامة أو التي تفتقر إلى التحديد الكافي للمتهم أو الجريمة، معتبرة إياها تحريات مكتبية لا ترقى إلى مستوى الجدية المطلوبة. يقع على عاتق المحكمة التأكد من أن الإجراءات تمت طبقًا للقانون.

التمييز بين التحريات الجدية والتحريات المكتبية

يعد التمييز بين التحريات الجدية والمكتبية نقطة حاسمة في قضايا المخدرات. التحريات الجدية هي التي يقوم بها ضابط التحريات بشكل فعلي في الميدان، ويجمع المعلومات من مصادر موثوقة، ويراقب ويتابع المتهمين، ويستدل على وجود نشاط إجرامي ملموس. بينما التحريات المكتبية هي مجرد أقوال مرسلة أو نسخ لمعلومات سابقة دون بذل أي جهد حقيقي للتأكد من صحتها في الواقع.

التحريات المكتبية غالبًا ما تكون عامة ومبهمة، وتفتقر إلى التفاصيل الدقيقة التي يمكن التحقق منها. يمكن للمحكمة أن تستشف طبيعة التحريات المكتبية من خلال تناقض أقوال المتحري أو عدم قدرته على الإجابة عن أسئلة تفصيلية حول عملية التحري. يُعد هذا النوع من التحريات باطلاً ولا يمكن الاستناد عليه في أي إجراء قانوني، بل ويؤدي إلى بطلان الإجراءات المترتبة عليها.

طرق الكشف عن عدم جدية التحريات والطعن عليها

للمحامي دور محوري في الكشف عن عدم جدية التحريات والطعن عليها أمام المحكمة. يتطلب ذلك قراءة متأنية لمحضر التحريات ومقارنته بالوقائع الفعلية وظروف الضبط. هناك عدة استراتيجيات وأساليب يمكن للمحامي اتباعها لإثبات أن التحريات المقدمة ليست على القدر الكافي من الجدية والمصداقية، مما يؤثر على صحة الإجراءات التالية لها.

تتمثل هذه الطرق في تحليل أقوال ضابط التحريات، والبحث عن التناقضات، والاستدلال بقرائن عدم المعقولية التي قد تظهر في الرواية الرسمية. كما يمكن للمحامي طلب إجراءات إضافية من المحكمة لتدعيم موقفه، مثل معاينة مكان الضبط أو الاستعانة بالخبرة الفنية. هذه الخطوات تعد حاسمة في بناء دفاع قوي يستطيع إبطال الاتهامات المبنية على تحريات واهية.

تحليل تناقضات أقوال المتحري

واحدة من أكثر الطرق فعالية للطعن على جدية التحريات هي تحليل أقوال المتحري والبحث عن التناقضات. قد تتناقض أقوال المتحري في مراحل مختلفة من التحقيق، أو قد تتناقض أقواله مع أقوال متهمين آخرين أو شهود. يمكن أيضاً أن تتناقض أقواله مع الظروف المادية للواقعة، مثل وصف مكان الضبط أو توقيتات محددة.

يجب على المحامي التركيز على هذه التناقضات وتسليط الضوء عليها أمام المحكمة، لأنها تدل على عدم دقة التحريات أو عدم صحة الرواية المقدمة. أي تناقض، مهما بدا بسيطاً، يمكن أن يثير الشك في ذهن المحكمة حول مصداقية ضابط التحريات وقوة ما قدمه من معلومات، مما يؤدي إلى عدم الاطمئنان إلى التحريات واعتبارها غير جدية.

الاستدلال بقرائن عدم المعقولية

قرائن عدم المعقولية هي أي عناصر في محضر التحريات أو رواية الضبط التي لا تتفق مع المنطق أو التجربة الإنسانية العادية. على سبيل المثال، قد يدعي المتحري أنه شاهد المتهم يقوم ببيع المخدرات من مسافة بعيدة جدًا، أو في مكان مظلم تمامًا، أو تحت ظروف تجعل الرؤية مستحيلة. هذه التفاصيل يمكن أن تكون دليلاً على عدم جدية التحريات وأنها تمت بشكل صوري أو مكتبي.

يتعين على المحامي تسليط الضوء على هذه القرائن وتقديم الأدلة التي تثبت عدم معقوليتها، سواء كانت صورًا للمكان أو شهادات شهود أو تقارير فنية. هذه القرائن يمكن أن تقوض أساس التحريات وتدفع المحكمة إلى التشكك في صحة الرواية الأمنية، وبالتالي عدم الأخذ بها كدليل ضد المتهم، وهو ما يخدم مصلحة الدفاع بشكل كبير.

طلب معاينة مكان الضبط والتحقيق

يعد طلب معاينة مكان الضبط من الإجراءات المهمة التي يمكن أن تكشف عن عدم جدية التحريات. ففي كثير من الأحيان، قد يدعي ضابط التحريات أن الضبط تم في مكان معين بظروف معينة، لكن معاينة المكان قد تكشف عن حقائق مناقضة تمامًا لهذه الادعاءات. يمكن أن يتبين أن المكان غير مناسب للرؤية أو للمراقبة أو أن وصفه لا يتطابق مع الواقع.

يجب على المحامي أن يطلب هذه المعاينة في وقت مبكر من سير الدعوى، ويفضل أن يكون ذلك بوجود خبراء لتحديد دقة الأوصاف المقدمة في محضر الضبط. فإذا أظهرت المعاينة تناقضًا جوهريًا مع أقوال المتحري، فإن ذلك يعد دليلاً قوياً على عدم جدية التحريات وبطلان الإجراءات المترتبة عليها، مما يعزز موقف الدفاع بشكل كبير.

الاستعانة بالخبرة الفنية في تحليل البيانات

في العصر الحديث، أصبحت الخبرة الفنية أداة قوية في الكشف عن عدم جدية التحريات، خاصة في قضايا المخدرات التي قد تتضمن أدلة إلكترونية أو بيانات اتصالات. يمكن للمحامي طلب الاستعانة بخبراء فنيين لتحليل سجلات المكالمات، رسائل الهاتف، بيانات تحديد المواقع (GPS)، أو لقطات كاميرات المراقبة، للتأكد من صحة أقوال المتحري.

على سبيل المثال، إذا ادعى المتحري أنه راقب المتهم في مكان معين، يمكن لبيانات الهاتف أن تثبت أن المتهم لم يكن في ذلك المكان وقت المراقبة المزعومة. هذه الأدلة الفنية غالبًا ما تكون قاطعة وتدحض بشكل فعال ادعاءات المتحري غير المدعومة بأدلة حقيقية، مما يؤدي إلى عدم الاطمئنان إلى التحريات وبطلانها.

دفع انتفاء حالة التلبس وبطلان الإجراءات

إذا كانت التحريات غير جدية وغير كافية لترجيح ارتكاب جريمة، فإن أي إجراءات ضبط أو تفتيش تتم بناءً عليها قد تكون باطلة لانتفاء حالة التلبس. يشترط القانون لوجود حالة التلبس أن يرى مأمور الضبط القضائي الجريمة بنفسه أو يسمع عنها بطريقة مؤكدة لا تدع مجالاً للشك، وذلك قبل القبض أو التفتيش.

عندما تكون التحريات صورية أو مكتبية، فإنها لا تخلق حالة تلبس حقيقية. في هذه الحالة، يمكن للمحامي الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس الحقيقية. هذا الدفع، إذا تم قبوله من المحكمة، يؤدي إلى استبعاد كافة الأدلة المستمدة من هذه الإجراءات الباطلة، مما يضعف موقف الاتهام بشكل كبير وقد يؤدي إلى تبرئة المتهم.

طلب ضم محاضر أخرى أو شهادات شهود

في بعض الحالات، قد تتضمن التحريات إشارات إلى محاضر أخرى ذات صلة أو شهود عيان لم يتم استدعاؤهم. يمكن للمحامي طلب ضم هذه المحاضر الأخرى إلى ملف الدعوى، أو استدعاء هؤلاء الشهود للإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة. هذا الإجراء قد يكشف عن تناقضات جديدة في رواية التحريات أو يقدم معلومات تدحضها.

فمثلاً، إذا ادعى المتحري أن مصدر معلوماته موثوق، قد يكون هذا المصدر قد أبلغ عن معلومات كاذبة في قضايا سابقة يمكن الكشف عنها بضم محاضر أخرى. كما أن شهادة شهود النفي يمكن أن تدعم دفع عدم جدية التحريات. هذه الإجراءات تفتح آفاقًا جديدة للدفاع لجمع المزيد من الأدلة التي تعزز موقفه وتشكك في جدية التحريات.

تقديم حلول لتدعيم موقف الدفاع بناءً على جدية التحريات

بمجرد تحديد نقاط الضعف في جدية التحريات، يجب على المحامي صياغة دفاع متكامل يستفيد من هذه الثغرات. لا يقتصر الأمر على مجرد الطعن على التحريات، بل يجب بناء استراتيجية دفاعية شاملة توضح كيف أن عدم جدية التحريات يقوض الاتهام برمته. يتطلب ذلك فهماً عميقاً للقانون والسوابق القضائية.

تشمل هذه الحلول التركيز على عدم كفاية التحريات كسبب لبطلان الإجراءات، وإثبات الشبهة في مصدر المعلومة، واستغلال أي ثغرات إجرائية. كما يجب تقديم أدلة مضادة قوية لدحض وقائع التحريات المزعومة، بالإضافة إلى الاستفادة من المرافعة الشفوية لإبراز هذه النقاط بوضوح أمام المحكمة، بهدف الوصول إلى حكم بالبراءة أو تخفيف العقوبة.

بناء الدفاع على عدم كفاية أو قصور التحريات

يمكن للمحامي بناء دفاعه على أساس أن التحريات المقدمة كانت قاصرة وغير كافية لترجيح ارتكاب جريمة. يشمل ذلك إظهار أن التحريات لم تستغرق وقتاً كافياً، أو أنها لم تشمل جميع الجوانب الضرورية، أو أنها لم تقدم تفاصيل كافية حول المتهم أو طبيعة نشاطه الإجرامي. فالتحريات التي لا تتعدى كونها مجرد شكوك وظنون لا يمكن أن تكون أساساً لاتهام جاد.

على المحامي أن يوضح للمحكمة أن القانون يتطلب من التحريات أن تكون ذات طبيعة جدية وواضحة، وأن هذا الشرط لم يتحقق في الدعوى المطروحة. يمكن أن يقدم المحامي أمثلة من السوابق القضائية التي أبطلت فيها المحاكم إجراءات بناءً على قصور التحريات. هذا الدفع قوي جداً لأنه يهاجم الأساس الذي بني عليه الإذن القضائي بالقبض أو التفتيش.

إثبات وجود الشبهة في مصدر المعلومة

غالباً ما تعتمد التحريات على “مصدر سري” أو “معلومات وردت”. يمكن للمحامي أن يطعن في مصداقية هذا المصدر أو المعلومات التي قدمها. إذا أمكن إثبات أن المصدر غير موثوق به، أو أنه قدم معلومات كاذبة في مناسبات سابقة، أو أن لديه دوافع للانتقام أو الكيد للمتهم، فإن ذلك يضعف بشدة قيمة التحريات.

يمكن للمحامي طلب الكشف عن هوية المصدر السري إذا كانت هناك شبهات قوية حول نزاهته، على الرغم من أن المحاكم غالبًا ما تحمي هوية المصادر. ولكن حتى بدون الكشف عن هويته، يمكن للمحامي إثبات الشبهة في المعلومات المقدمة من خلال تناقضها مع أدلة أخرى أو عدم معقوليتها. هذا التشكيك في المصدر يؤثر مباشرة على جدية التحريات برمتها.

الاستفادة من الثغرات الإجرائية في التحقيق

بالإضافة إلى الطعن في جدية التحريات، يجب على المحامي البحث عن أي ثغرات إجرائية أخرى في مراحل التحقيق أو الضبط. قد تشمل هذه الثغرات عدم صحة الإجراءات المتخذة بعد الضبط، مثل عدم عرض المتهم على النيابة العامة في المواعيد القانونية، أو عدم تمكينه من الاتصال بمحاميه، أو وجود أخطاء في تدوين محضر الضبط والتفتيش.

كل ثغرة إجرائية، مهما بدت بسيطة، يمكن أن تؤدي إلى بطلان الإجراءات المستمدة منها. يجب على المحامي أن يكون على دراية كاملة بالإجراءات القانونية وأن يراجع كل خطوة اتخذت من قبل سلطات التحقيق. الجمع بين دفع عدم جدية التحريات ودفع الثغرات الإجرائية يعزز موقف الدفاع ويزيد من فرص براءة المتهم.

تقديم أدلة مضادة تنفي وقائع التحريات

لا يكتفي الدفاع بالتشكيك في جدية التحريات، بل يجب أن يسعى لتقديم أدلة مضادة قوية تنفي الوقائع التي زعمتها التحريات. هذه الأدلة يمكن أن تكون شهادات شهود نفي، أو مستندات رسمية، أو تقارير طبية، أو تسجيلات صوتية أو مرئية، أو أي دليل آخر يدحض بشكل مباشر ما جاء في التحريات.

على سبيل المثال، إذا ادعت التحريات أن المتهم كان في مكان معين يبيع المخدرات، يمكن للمحامي تقديم دليل على أن المتهم كان في مكان آخر تماماً في نفس التوقيت، مثل شهادة عمل أو فاتورة شراء. هذه الأدلة المضادة تضع المحكمة أمام خيار بين روايتين، وتميل إلى الرواية المدعومة بأدلة قوية وملموسة، مما يصب في صالح المتهم.

دور المرافعة الشفوية في إبراز عدم الجدية

تعد المرافعة الشفوية فرصة ذهبية للمحامي لتلخيص دفوعاته وإبراز نقاط الضعف في التحريات بطريقة مؤثرة ومنظمة أمام المحكمة. يجب على المحامي أن يستخدم أسلوباً بلاغياً مقنعاً، وأن يربط بين جميع الأدلة التي قدمها لإثبات عدم جدية التحريات، وأن يوضح كيف أن هذا يؤدي إلى بطلان الاتهام برمته.

يجب أن تكون المرافعة واضحة ومباشرة، وأن تركز على النقاط الجوهرية، وأن تتجنب الإطالة غير المبررة. يمكن للمحامي أن يستخدم أمثلة واقعية أو سوابق قضائية لتدعيم حججه. المرافعة الجيدة لا تكتفي بسرد الوقائع، بل تقوم بتحليلها وتقديم استنتاجات منطقية تقود المحكمة إلى القناعة بعدم جدية التحريات، مما قد يؤدي إلى حكم بالبراءة.

نصائح وإرشادات إضافية لتعزيز الفهم والنجاح

بالإضافة إلى الخطوات العملية السابقة، هناك مجموعة من النصائح والإرشادات التي يمكن أن تساعد المحامين والمتهمين في التعامل بفعالية أكبر مع قضايا المخدرات، خاصة فيما يتعلق بمدى جدية التحريات. هذه النصائح تهدف إلى تعزيز الفهم القانوني وتوفير حلول منطقية وبسيطة للإلمام بكافة الجوانب المتعلقة بالموضوع، مما يؤدي إلى نتائج أفضل في قاعة المحكمة.

تشمل هذه الإرشادات أهمية التوثيق الدقيق، وضرورة الاستشارة القانونية المبكرة، والمتابعة المستمرة لأحدث السوابق القضائية، بالإضافة إلى أهمية التدريب على مهارات التحليل القانوني. هذه الممارسات لا تعزز فقط فرصة النجاح في قضية معينة، بل تساهم أيضاً في تطوير القدرات القانونية وتوفير دفاع أكثر قوة وفعالية.

التوثيق الدقيق لجميع الملاحظات والإجراءات

أحد أهم العناصر لنجاح أي دفاع قانوني هو التوثيق الدقيق والشامل لجميع الملاحظات والإجراءات. يجب على المحامي والمتهم تسجيل كل تفصيلة تتعلق بالقبض والتفتيش والتحقيق، بما في ذلك التوقيتات الدقيقة، أسماء الضباط، الأماكن، وأي ملاحظات شاذة. هذا التوثيق يشكل قاعدة بيانات يمكن الرجوع إليها لاحقًا لكشف التناقضات أو لدعم دفوع الدفاع.

يجب الاحتفاظ بنسخ من جميع الوثائق القانونية، مثل محاضر التحقيق، أذون النيابة، وأي تقارير فنية. فكلما كان التوثيق أكثر دقة وتفصيلاً، كلما زادت القدرة على بناء دفاع قوي ومقنع يعتمد على الحقائق الملموسة. التوثيق هو أساس أي طعن ناجح على جدية التحريات أو بطلان الإجراءات.

الاستشارة القانونية المتخصصة المبكرة

في قضايا المخدرات، الوقت عامل حاسم. يجب على المتهم أو ذويه طلب الاستشارة القانونية المتخصصة في أقرب وقت ممكن بعد وقوع الضبط. فالمحامي المتخصص في قضايا المخدرات يكون لديه خبرة واسعة في التعامل مع التحريات والإجراءات المتبعة، ويمكنه تقديم النصح والإرشاد اللازمين منذ البداية.

الاستشارة المبكرة تسمح للمحامي بالتدخل في مراحل التحقيق الأولى، والتأكد من صحة الإجراءات، وتوجيه المتهم بشأن حقوقه وواجباته. كما تمكنه من جمع الأدلة اللازمة لدفع عدم جدية التحريات قبل فوات الأوان. فكلما كان التدخل القانوني أسرع، كلما زادت فرص بناء دفاع قوي وفعال وحماية حقوق المتهم.

متابعة أحدث السوابق القضائية في قضايا المخدرات

تتطور السوابق القضائية والاجتهادات القانونية بشكل مستمر، خاصة في مجال قضايا المخدرات. لذا، يجب على المحامين المتخصصين متابعة أحدث الأحكام الصادرة من محكمة النقض والمحاكم العليا، والتي تتناول جدية التحريات ومعايير تقييمها. هذه السوابق توفر إطارًا مرجعيًا قيمًا يمكن الاستناد عليه في صياغة الدفوع القانونية.

فهم الاتجاهات القضائية الحديثة يساعد المحامي على توقع رد فعل المحكمة وعلى تقديم دفوع تتوافق مع المعايير الحالية. يمكن استخدام هذه السوابق لتدعيم حجج الدفاع أو لتقديم أمثلة على حالات مشابهة تم فيها إبطال التحريات لعدم جديتها. المتابعة المستمرة تضمن أن الدفاع يعتمد على أحدث التطورات القانونية.

التدريب المستمر على مهارات التحليل القانوني

تتطلب قضايا المخدرات، خاصة فيما يتعلق بجدية التحريات، مهارات تحليل قانوني عالية. يجب على المحامين المتخصصين السعي للتدريب المستمر على هذه المهارات، بما في ذلك تحليل النصوص القانونية، وتقييم الأدلة، وكشف التناقضات، وصياغة الدفوع القانونية بشكل فعال. هذه المهارات حاسمة في بناء دفاع قوي ومقنع.

يمكن للمحامي الانضمام إلى الدورات التدريبية المتخصصة، والمشاركة في ورش العمل، وقراءة الكتب والمقالات القانونية. تطوير هذه المهارات يمكن المحامي من رؤية الجوانب الخفية في التحريات، واكتشاف الثغرات التي قد تغفل عن غيره. فكلما كان المحامي أكثر تدريباً وتحليلاً، زادت قدرته على تحقيق أفضل النتائج لموكليه.

خاتمة: تأكيد على أهمية التحريات الجادة

في الختام، يبرز مدى جدية التحريات كعنصر أساسي وحاسم في قضايا المخدرات. إنها ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي الركيزة التي تحدد مصير المتهم وتؤثر على مدى عدالة المحاكمة. لقد قدم هذا المقال حلولاً عملية وخطوات دقيقة يمكن للمحامين والمتهمين اتباعها لفحص هذه التحريات بدقة، والكشف عن أي أوجه قصور أو عدم جدية فيها.

التمسك بالحق في دفاع فعال يتطلب فهماً عميقاً للإطار القانوني، ومعايير المحكمة، والأساليب المتاحة للطعن على التحريات الواهية. من خلال تطبيق النصائح والإرشادات المقدمة، يمكن تعزيز موقف الدفاع بشكل كبير، والمساهمة في تحقيق العدالة، وضمان عدم إدانة الأفراد بناءً على تحريات غير مكتملة أو غير دقيقة. الجدية في التحريات هي حجر الزاوية في بناء نظام عدالة قوي وشفاف.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock