الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالدعاوى المدنيةالقانون المدنيالقانون المصري

الاستعجال في القضايا المدنية: شروطه وأهميته

الاستعجال في القضايا المدنية: شروطه وأهميته

دليلك الشامل لتقديم دعوى مستعجلة وحماية حقوقك

في عالم القانون، تعد السرعة عنصرًا حاسمًا في العديد من المواقف، خاصة عندما تكون الحقوق مهددة بالضياع أو التلف الذي لا يمكن تداركه. تبرز هنا أهمية الاستعجال القضائي في القضايا المدنية كآلية قانونية فعالة تهدف إلى توفير حماية عاجلة ومؤقتة للحقوق، دون المساس بجوهر النزاع الأصلي. هذه الآلية تضمن التدخل القضائي السريع لمنع وقوع أضرار جسيمة أو للحفاظ على الوضع الراهن لحين الفصل النهائي في القضية. يعد فهم شروطها وإجراءاتها ضروريًا لكل من يسعى لحماية مصالحه في مواجهة الأخطار الداهمة.

مفهوم الاستعجال القضائي وأسسه

الاستعجال في القضايا المدنية: شروطه وأهميته
الاستعجال القضائي هو مجموعة من الإجراءات والتدابير القانونية التي يتخذها القضاء على وجه السرعة، بهدف اتخاذ قرار مؤقت لحماية حق أو مصلحة مهددة بخطر وشيك أو وشك الضياع. هذه الإجراءات لا تمس أصل الحق المتنازع عليه، بل تقتصر مهمتها على الحفاظ على الوضع الراهن أو منع تفاقم الضرر. هي حلول وقائية مؤقتة تهدف إلى منع وقوع نتائج سلبية لا يمكن إصلاحها في المستقبل إذا تأخر البت في القضية.

يعتمد الاستعجال القضائي على فكرة أن العدالة يجب أن تكون سريعة عندما تتطلب الظروف ذلك. ففي بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي التأخير في البت في دعوى ما إلى إحداث ضرر لا يمكن تداركه، أو إلى إحداث تغيير في الوضع القائم يجعل الحكم في الدعوى الأصلية عديم الفائدة. لذلك، يمنح القانون للقاضي المستعجل صلاحية اتخاذ قرارات سريعة ومؤقتة للحفاظ على الحقوق.

ما هو الاستعجال القضائي؟

يمثل الاستعجال القضائي نظامًا إجرائيًا خاصًا يتيح للفرد اللجوء إلى القضاء لطلب حماية عاجلة ومؤقتة لحق مهدد. يتسم هذا النظام بالسرعة والبساطة في الإجراءات، حيث يبت القاضي في الطلب دون الخوض في أصل النزاع. يركز القاضي المستعجل على وجود الخطر وعدم إمكانية الانتظار، وعلى أن يكون القرار المطلوب لا يتعرض للحقوق الأصلية لأطراف النزاع.

تهدف هذه الدعاوى إلى اتخاذ تدابير احترازية أو وقتية ضرورية، مثل وقف عمل معين، أو وضع شيء تحت الحراسة، أو إثبات حالة معينة. القرارات الصادرة في دعاوى الاستعجال تكون قابلة للتنفيذ الفوري، وتظل سارية المفعول حتى يتم الفصل في النزاع الأصلي أمام محكمة الموضوع. هذا يضمن عدم ضياع الحقوق أو تضررها بسبب طول مدة التقاضي الاعتيادية.

الهدف من دعاوى الاستعجال

الهدف الأساسي من دعاوى الاستعجال هو منع وقوع ضرر وشيك لا يمكن تداركه أو تلافيه لاحقًا، أو الحفاظ على الوضع القائم وتجميده حتى يتم الفصل في النزاع الأساسي من قبل محكمة الموضوع. على سبيل المثال، إذا كان هناك بناء يتم بشكل غير قانوني ويهدد بتدمير ملكية مجاورة، فإن الدعوى المستعجلة يمكن أن توقف هذا البناء فورًا.

كما تهدف هذه الدعاوى إلى تأمين الأدلة التي قد تختفي بمرور الوقت، مثل إثبات حالة معينة قبل أن تتغير معالمها. هي ليست بديلًا عن الدعاوى الموضوعية التي تبت في أصل الحق، بل هي وسيلة مساعدة ومكملة تضمن فعالية القرارات النهائية لمحاكم الموضوع من خلال حماية الحقوق خلال الفترة الإجرائية. هذا يحقق العدالة الوقائية ويحافظ على مصالح الأطراف.

الشروط الأساسية لقبول دعوى الاستعجال

لضمان قبول دعوى الاستعجال، يجب أن تتوافر فيها شروط أساسية ومحددة بدقة، حددها القانون والفقه القضائي. هذه الشروط هي التي تميز دعوى الاستعجال عن الدعاوى العادية وتبرر السرعة في البت فيها. أي إخلال بأي من هذه الشروط قد يؤدي إلى رفض الدعوى المستعجلة، حتى لو كان هناك حق أصيل يدعمه.

فهم هذه الشروط وتطبيقها بشكل صحيح هو مفتاح نجاح أي دعوى استعجالية. يجب على المدعي ومحاميه التأكد من أن جميع الجوانب المتعلقة بهذه الشروط قد تم استيفاؤها وتقديم ما يثبتها للمحكمة، حتى يتسنى للقاضي المستعجل النظر في الدعوى واتخاذ القرار المناسب الذي يحمي المصالح المعرضة للخطر.

شرط الخطر الداهم (Urgency)

يعتبر شرط الخطر الداهم، أو الاستعجال، الركن الأساسي لقبول أي دعوى مستعجلة. يقصد به أن يكون الحق مهددًا بخطر وشيك لا يمكن تداركه أو تلافيه باللجوء إلى الإجراءات القضائية العادية. يجب أن يكون هناك ضرر محقق أو محتمل الوقوع بشكل مؤكد وفوري، وأن التأخير في اتخاذ القرار القضائي سيؤدي إلى تفاقم هذا الضرر أو جعله غير قابل للإصلاح.

يجب على المدعي إثبات وجود هذا الخطر بشكل واضح ومقنع لقاضي الأمور المستعجلة، من خلال تقديم الأدلة والوثائق التي تدعم ادعاءه بضرورة التدخل الفوري. فمثلاً، إذا كان هناك عقار ينهار، فإن الخطر الداهم هو انهيار العقار وما يترتب عليه من خسائر، مما يستدعي تدخلاً سريعًا لوقف الانهيار أو إزالته.

شرط عدم المساس بأصل الحق (Non-prejudice to merits)

هذا الشرط يحدد نطاق سلطة قاضي الأمور المستعجلة. فمهمة القاضي المستعجل تقتصر على اتخاذ قرارات مؤقتة لا تمس جوهر النزاع الأصلي أو تفصل فيه بشكل نهائي. بمعنى آخر، لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يبحث في صحة أو بطلان الحق المدعى به، بل يقتصر دوره على اتخاذ التدابير الضرورية لحماية هذا الحق مؤقتًا.

فإذا طلب المدعي من قاضي الأمور المستعجلة أن يقرر له الحق في ملكية عقار، فإن هذا الطلب يمس أصل الحق ويتجاوز صلاحيات قاضي الأمور المستعجلة. يجب أن تكون القرارات التي يصدرها القاضي المستعجل ذات طابع مؤقت ولا تحسم النزاع حول أصل الحق، الذي يبقى من اختصاص محكمة الموضوع.

شرط عدم وجود طريق آخر لحماية الحق

يجب أن تكون الدعوى المستعجلة هي الملاذ الأخير لحماية الحق، بمعنى أنه لا يوجد طريق آخر يمكن اللجوء إليه لتوفير الحماية المطلوبة بنفس الكفاءة والسرعة. إذا كان هناك إجراء قانوني آخر يمكن أن يوفر نفس الحماية المطلوبة دون الحاجة إلى اللجوء لدعوى الاستعجال، فقد يرى القاضي أن شرط الاستعجال غير متحقق.

هذا الشرط يؤكد على أن دعاوى الاستعجال هي إجراءات استثنائية لا يلجأ إليها إلا عند الضرورة القصوى. يجب على المدعي إثبات أن الإجراءات العادية لن تكون كافية أو فعالة في الوقت المناسب لمنع الضرر أو حماية الحق، وأن طبيعة الخطر تتطلب تدخلًا قضائيًا فوريًا وخاصًا.

أنواع دعاوى الاستعجال الأكثر شيوعًا وخطوات تقديمها

تتنوع دعاوى الاستعجال القضائي لتشمل العديد من الحالات التي تتطلب تدخلًا سريعًا لحماية الحقوق. تختلف هذه الدعاوى في طبيعتها ولكنها تتفق في جوهرها على ضرورة توافر شروط الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق. فهم هذه الأنواع وكيفية التعامل معها يمكن أن يوفر حماية كبيرة للأفراد والكيانات في مواجهة المواقف الطارئة.

كل نوع من هذه الدعاوى له خصائصه وإجراءاته الفرعية التي يجب اتباعها بدقة لضمان قبولها وفاعليتها. تقديم الحلول لهذه المشاكل يتطلب معرفة عميقة بالقانون والإجراءات القضائية، وكذلك القدرة على صياغة الطلبات بشكل واضح ومقنع لإقناع القاضي بضرورة التدخل الفوري.

دعاوى وقف الأعمال الجديدة أو استمرارها

تهدف هذه الدعاوى إلى وقف عمل جديد قد بدأ بالفعل أو على وشك البدء، ويهدد بإحداث ضرر جسيم للمدعي، أو طلب استمرار عمل كان قائمًا وتم إيقافه بشكل غير مشروع. على سبيل المثال، يمكن رفع دعوى لوقف بناء غير مرخص يسبب ضررًا لجيران، أو لوقف تشغيل مصنع ينبعث منه تلوث يضر بالصحة العامة.

خطوات التقديم: تتضمن هذه الخطوات صياغة صحيفة دعوى مفصلة توضح طبيعة العمل الجديد أو الموقف القائم، وتصف الضرر المحتمل أو الواقع، مع التأكيد على عنصر الاستعجال والخطر الداهم. يجب تقديم الأدلة التي تثبت وقوع الضرر أو احتمال وقوعه، مثل تقارير المعاينة أو صور فوتوغرافية، ويتم قيد الدعوى وإعلانها للطرف الآخر لحضور الجلسة.

دعاوى الحراسة القضائية

تستخدم هذه الدعاوى عندما يكون هناك نزاع على شيء أو مجموعة أشياء، ويخشى المدعي من ضياعها أو تلفها أو إخفائها أثناء فترة التقاضي. تسمح دعوى الحراسة القضائية بتعيين حارس قضائي يتولى إدارة وحفظ هذه الأشياء حتى يتم الفصل في النزاع الأصلي أمام محكمة الموضوع. هذا الإجراء يحمي الأصول من سوء الإدارة أو التصرف فيها.

خطوات التقديم: يجب أن توضح صحيفة الدعوى طبيعة الشيء المراد وضع الحراسة عليه، وأسباب الخشية من ضياعه أو تلفه، مع إبراز عنصر الاستعجال. يتم تقديم المستندات التي تثبت ملكية المدعي أو حقه في الشيء، ويجب على القاضي المستعجل أن يتأكد من ضرورة تعيين حارس لحماية هذه الأصول من أي تصرفات ضارة محتملة خلال فترة النزاع.

دعاوى إثبات الحالة

تهدف هذه الدعاوى إلى إثبات حالة معينة لشيء أو واقعة قبل أن تتغير معالمها بمرور الوقت، وذلك بهدف الاحتفاظ بها كدليل في نزاع مستقبلي محتمل. على سبيل المثال، يمكن رفع دعوى لإثبات حالة عقار تضرر بسبب أعمال بناء مجاورة، أو إثبات حالة بضاعة وصلت تالفة.

خطوات التقديم: تتطلب صياغة صحيفة الدعوى تحديدًا دقيقًا للحالة المراد إثباتها، وسبب الخشية من تغيرها، مع إثبات الاستعجال. يقوم القاضي المستعجل بتكليف خبير فني أو معاينة الموقع لإعداد تقرير مفصل يصف الحالة الراهنة. هذا التقرير يصبح مستندًا رسميًا يمكن استخدامه لاحقًا كدليل قاطع في الدعوى الموضوعية.

دعاوى الإفراج عن محجوزات

تستخدم هذه الدعاوى لطلب الإفراج عن ممتلكات أو أشياء تم حجزها بشكل غير قانوني أو بدون وجه حق. يهدف المدعي إلى استعادة حيازته لهذه الأشياء بسرعة، خاصة إذا كان استمرار حجزها يسبب له ضررًا كبيرًا أو يعرقل مصالحه. هذا النوع من الدعاوى يتطلب إثبات أن الحجز كان غير مبرر أو تم بطريقة مخالفة للقانون.

خطوات التقديم: يجب أن تتضمن صحيفة الدعوى شرحًا واضحًا لظروف الحجز، وسبب عدم قانونيته أو مشروعيته، مع التأكيد على عنصر الاستعجال والضرر الناتج عن استمرار الحجز. يتم تقديم المستندات التي تثبت ملكية المدعي أو حقه في المحجوزات، بالإضافة إلى أي مستندات تثبت عدم قانونية الحجز أو عدم مشروعيته.

الإجراءات العملية لرفع دعوى استعجال

إن تقديم دعوى استعجال يتطلب اتباع مجموعة من الإجراءات القانونية الدقيقة، بدءًا من صياغة صحيفة الدعوى وحتى مرحلة التنفيذ. هذه الإجراءات مصممة لضمان السرعة والفعالية، مع الحفاظ على حقوق جميع الأطراف. الالتزام بهذه الخطوات بدقة يرفع من فرص نجاح الدعوى المستعجلة ويضمن تحقيق الهدف المرجو منها.

يجب على المدعي أن يكون مستعدًا لتقديم كافة المستندات والأدلة التي تدعم طلبه بسرعة، وأن يكون على دراية بدور قاضي الأمور المستعجلة وحدود سلطاته. فهم هذه التفاصيل يضمن سير الدعوى بسلاسة ويسهم في الحصول على القرار المطلوب في أقصر وقت ممكن.

خطوات صياغة صحيفة الدعوى المستعجلة

تعتبر صحيفة الدعوى المستعجلة هي الوثيقة الأساسية التي تقدم للمحكمة. يجب أن تتضمن بيانات المدعي والمدعى عليه، تحديد دقيق للطلب المستعجل، وشرح مفصل لوقائع الدعوى التي تبرر الاستعجال. يجب التركيز بشكل خاص على عنصر الخطر الداهم والضرر الوشيك، وكيف أن تأخير التدخل القضائي سيؤدي إلى نتائج وخيمة.

يجب أن تصاغ الصحيفة بلغة قانونية واضحة ومختصرة، مع تجنب الإسهاب الذي يمس أصل الحق. ينبغي أن يركز الطلب على التدابير المؤقتة التي لا تحسم النزاع، وأن تكون صياغة الأسباب منطقية ومقنعة لقاضي الأمور المستعجلة بضرورة التدخل السريع للحفاظ على الحقوق.

الوثائق والمستندات اللازمة لدعم الدعوى

لدعم صحيفة الدعوى، يجب تقديم كافة الوثائق والمستندات التي تثبت وجود الحق والضرر وعنصر الاستعجال. قد تشمل هذه المستندات عقودًا، فواتير، تقارير خبراء، صور فوتوغرافية، أو أي مراسلات تثبت الوقائع المدعاة. يجب أن تكون هذه المستندات أصلية أو صورًا طبق الأصل وموثقة بشكل صحيح.

يجب تنظيم هذه المستندات وتقديمها بشكل منهجي وواضح، بحيث يسهل على القاضي مراجعتها وفهمها بسرعة. كل مستند يجب أن يدعم حجة معينة في صحيفة الدعوى، ويجب التأكد من أن كل ما يقدم له صلة مباشرة بطلب الاستعجال ويدعم ضرورة التدخل العاجل.

إجراءات قيد الدعوى وإعلانها

بعد صياغة صحيفة الدعوى وتجهيز المستندات، يتم قيد الدعوى في قلم كتاب محكمة الأمور المستعجلة المختصة. يتم دفع الرسوم القضائية المقررة، ويتم تحديد جلسة للنظر في الدعوى. ثم يتم إعلان صحيفة الدعوى للطرف المدعى عليه بواسطة المحضرين. يجب التأكد من صحة بيانات الإعلان وسرعة وصوله للمدعى عليه لضمان حضور الجلسة.

تتميز إجراءات قيد وإعلان الدعاوى المستعجلة بالسرعة، حيث تهدف إلى اختصار المدد الزمنية مقارنة بالدعاوى العادية. يجب متابعة إجراءات الإعلان للتأكد من تمامها في الوقت المناسب، حيث أن أي تأخير قد يؤثر على سرعة البت في الدعوى المستعجلة التي تتطلب تدخلًا فوريًا.

دور قاضي الأمور المستعجلة وسلطاته

قاضي الأمور المستعجلة هو القاضي المختص بالنظر في هذه الدعاوى. يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في تحديد ما إذا كانت شروط الاستعجال متوفرة أم لا. دوره يقتصر على فحص ظاهر الأوراق والوقائع دون التعمق في أصل الحق. يمكنه أن يصدر أوامر وقتية أو تدابير تحفظية تلزم الأطراف.

القرارات التي يصدرها قاضي الأمور المستعجلة تكون قابلة للتنفيذ الفوري، وغالبًا ما تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون. ومع ذلك، فإن هذه القرارات ليست نهائية ولا تقيد محكمة الموضوع عند النظر في أصل النزاع. إذا ارتأى القاضي المستعجل عدم توافر شروط الاستعجال، فله الحق في رفض الدعوى.

أهمية الاستعجال القضائي وفوائده

تتجلى أهمية الاستعجال القضائي في كونه أداة فعالة لتحقيق العدالة السريعة والوقائية، خاصة في الظروف التي تتطلب تدخلاً فوريًا لحماية الحقوق والمصالح. إنه نظام يضمن أن طول أمد التقاضي العادي لا يؤدي إلى إلحاق أضرار لا يمكن تداركها، مما يجعله عنصرًا حيويًا في النظام القانوني الحديث.

الفوائد المترتبة على استخدام هذه الآلية متعددة وتشمل جوانب حماية الحقوق، وتسريع حل النزاعات، والحفاظ على الوضع القانوني السليم للأطراف. هذه الفوائد تجعل من الاستعجال القضائي ضرورة لا غنى عنها في العديد من الحالات التي تواجه فيها الحقوق خطرًا داهمًا.

حماية الحقوق من الضياع أو التلف

المنفعة الأساسية لدعاوى الاستعجال هي قدرتها على حماية الحقوق المهددة بخطر الضياع أو التلف قبل فوات الأوان. ففي كثير من الأحيان، يمكن أن يؤدي التأخير في البت في النزاع إلى تغييرات لا رجعة فيها في الوضع القائم، مما يجعل أي حكم لاحق عديم الجدوى. على سبيل المثال، إذا كانت وثائق هامة على وشك التدمير، فإن الدعوى المستعجلة يمكن أن تضمن حفظها.

تتيح هذه الآلية للضحايا أو الأطراف المتضررة التدخل قضائيًا بسرعة لوقف الأضرار المستمرة أو منع وقوع أضرار جديدة، مما يحافظ على قيمة الحق المتنازع عليه حتى يتم الفصل فيه نهائيًا. هذه الحماية الوقائية تضمن أن العدالة لا تتأخر إلى درجة تؤثر سلبًا على حقوق الأفراد والمؤسسات.

سرعة البت في النزاعات الطارئة

تتميز دعاوى الاستعجال بسرعة إجراءاتها مقارنة بالدعاوى القضائية العادية. هذه السرعة ضرورية للتعامل مع النزاعات الطارئة التي لا تحتمل التأخير. حيث يتم تحديد جلسات قريبة، وتكون المدد المحددة للرد والإعلان أقصر، مما يتيح إصدار قرار مؤقت في وقت قياسي.

هذه السرعة لا تعني التسرع أو الإخلال بمبادئ العدالة، بل هي نتيجة لتركيز القاضي المستعجل على ظاهر الأوراق والوقائع دون الخوض في أصل الحق. وبالتالي، يمكن للأطراف الحصول على قرار سريع يحمي مصالحهم في الوقت الذي يحتاجون فيه إلى ذلك بشدة، دون انتظار انتهاء إجراءات التقاضي الطويلة في الدعاوى الموضوعية.

الحفاظ على المركز القانوني للأطراف

تساهم دعاوى الاستعجال في الحفاظ على المركز القانوني للأطراف المتنازعة كما كان قبل وقوع الخطر أو النزاع. هذا يعني أن القرارات المستعجلة تعمل على تجميد الوضع الراهن ومنع أي طرف من اتخاذ خطوات قد تغير الحقائق على الأرض أو تضر بالطرف الآخر قبل أن يتم الفصل في النزاع الموضوعي.

من خلال هذه التدابير، يتم منع أي طرف من استغلال طول أمد التقاضي لتحقيق مكاسب غير مشروعة أو لفرض أمر واقع يصعب تغييره لاحقًا. هذا يضمن أن الفرص متساوية أمام جميع الأطراف، وأن الحكم النهائي في الدعوى الأصلية سيتم بناءً على الحقائق السليمة دون تأثيرات خارجية ناجمة عن تأخير إجراءات التقاضي.

نصائح عملية لنجاح دعواك المستعجلة

لضمان نجاح أي دعوى استعجالية، لا يكفي مجرد معرفة الشروط والإجراءات، بل يجب اتباع مجموعة من النصائح العملية التي تزيد من فرص قبول الدعوى والحصول على القرار المطلوب. هذه النصائح تركز على الجوانب التطبيقية في التعامل مع هذه الأنواع من القضايا الحساسة التي تتطلب سرعة ودقة.

تتضمن هذه النصائح الاستعانة بالخبرات القانونية المتخصصة، والحرص على تقديم أدلة قوية وواضحة، والالتزام الصارم بجميع الإجراءات القانونية. تطبيق هذه الإرشادات يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في مسار الدعوى ويضمن حماية فعالة للحقوق المعرضة للخطر.

الاستعانة بمحامٍ متخصص

إن قضايا الاستعجال تتطلب خبرة قانونية متخصصة نظرًا لطبيعتها الفنية والدقيقة. المحامي المتخصص في هذا النوع من القضايا يمتلك المعرفة اللازمة بشروط الاستعجال، أنواع الدعاوى، والإجراءات القضائية المتبعة. سيساعدك في صياغة صحيفة دعوى قوية وواضحة، وتقديم الأدلة المناسبة، وتمثيلك أمام القضاء بفاعلية.

المحامي الخبير يمكنه أيضًا تقدير فرص نجاح الدعوى، وتقديم المشورة حول أفضل السبل لحماية حقوقك، وتجنب الأخطاء الإجرائية التي قد تؤدي إلى رفض الدعوى. دوره لا يقتصر على التمثيل القانوني فحسب، بل يمتد ليشمل الإرشاد والتوجيه خلال كل خطوة من خطوات الدعوى.

الدقة في تقديم الأدلة والإثباتات

يعتمد نجاح دعوى الاستعجال بشكل كبير على قوة الأدلة والإثباتات المقدمة. يجب أن تكون الأدلة دقيقة، واضحة، ومباشرة في دعم ادعاءاتك حول وجود الحق، والخطر الداهم، وضرورة التدخل الفوري. يجب تجنب تقديم أدلة غامضة أو غير ذات صلة، لأن ذلك قد يشتت القاضي ويضعف موقفك.

من المهم تنظيم الأدلة بشكل منهجي، وتقديمها في ملفات واضحة وسهلة الفحص. كل مستند يجب أن يكون له غرض محدد ويدعم نقطة معينة في صحيفة الدعوى. هذا يساعد القاضي على اتخاذ قراره بسرعة وفعالية بناءً على معلومات موثوقة ومثبتة.

الالتزام بالإجراءات القانونية

الالتزام الصارم بجميع الإجراءات القانونية هو عامل حاسم في دعاوى الاستعجال. يجب التأكد من صحة البيانات الواردة في صحيفة الدعوى، والالتزام بالمواعيد المحددة لتقديم المستندات أو حضور الجلسات. أي إخلال بالإجراءات قد يؤدي إلى رفض الدعوى أو تأخير البت فيها، مما يتعارض مع طبيعة الاستعجال نفسها.

يشمل ذلك الإعلان الصحيح للطرف الآخر، ودفع الرسوم القضائية، وتقديم الطلبات بالطريقة القانونية الصحيحة. الدقة في اتباع هذه الإجراءات تضمن أن الدعوى تسير في مسارها القانوني الصحيح وتزيد من فرص الحصول على القرار المستعجل الذي يحمي حقوقك بفعالية.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock