الإجراءات القانونيةالإستشارات القانونيةالقانون الجنائيالقانون المصريالنيابة العامة

حقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي

حقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي

دليلك الشامل لضمان حماية حقوقك القانونية

تُعد مرحلة التحقيق الابتدائي أحد أخطر المراحل القضائية التي يمر بها أي متهم، فهي الأساس الذي تُبنى عليه الدعوى الجنائية. في هذه المرحلة، تتجمع الأدلة وتُدون الأقوال، وقد يكون المتهم في موقف ضعف يجعله عرضة للتجاوزات أو التنازل عن حقوقه دون إدراك كامل. لذلك، فإن الوعي التام بالحقوق القانونية الممنوحة للمتهم في هذه المرحلة ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة قصوى لضمان محاكمة عادلة ونزيهة وحماية حريته وكرامته. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل عملي ومفصل للمتهمين حول كيفية تفعيل هذه الحقوق وحمايتها.

الحق في العلم بالتهمة وأساسها القانوني

حقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائييُعد حق المتهم في معرفة التهمة الموجهة إليه وأساسها القانوني أحد الركائز الأساسية للعدالة. بدون هذا العلم، لا يمكن للمتهم أن يدافع عن نفسه بفعالية. هذا الحق يكفله القانون لضمان الشفافية وإتاحة الفرصة للدفاع. يجب أن يكون المتهم على دراية كاملة بما يُنسب إليه من اتهامات وبالمواد القانونية التي تستند إليها النيابة العامة في توجيه الاتهام.

كيفية التأكد من طبيعة التهمة الموجهة

لضمان فهمك الكامل للتهمة، يمكنك اتخاذ عدة خطوات عملية. أولاً، اطلب من جهة التحقيق (النيابة العامة أو مأمور الضبط القضائي) أن تُطلعك على محضر الضبط أو التحقيق وأن تشرح لك التهمة صراحة ووضوحًا. يحق لك قراءة الأوراق المتعلقة بالقضية التي تُنسب إليك التهمة بناءً عليها. إذا كان هناك غموض، لا تتردد في طلب المزيد من التوضيحات.

ثانياً، استشر محاميًا متخصصًا فورًا. المحامي سيمتلك الخبرة القانونية اللازمة لقراءة الأوراق وفهم التكييف القانوني للتهمة وشرحها لك بوضوح. لا تعتمد على فهمك الشخصي فقط، فالقضايا القانونية قد تحتوي على تفاصيل معقدة لا يدركها غير المتخصصين. يمكن للمحامي أيضًا أن يطلب نسخة من محضر التحقيق أو الاطلاع عليه بشكل رسمي لضمان دقة المعلومات.

ثالثاً، قم بتوثيق أي معلومات تحصل عليها. دون ملاحظات حول تاريخ ومكان إطلاعك على التهمة ومن قام بإبلاغك بها. هذه الخطوات تساعد في بناء دفاع قوي وفي التأكد من أن جميع الإجراءات قد تمت بشكل قانوني وصحيح، وتجنبك أي مفاجآت محتملة في سير القضية لاحقًا.

دور المحامي في توضيح التهمة

يضطلع المحامي بدور حيوي في توضيح التهمة وأبعادها للمتهم. فعند توكيلك لمحامٍ، يقوم هو بالاطلاع على جميع الأوراق والمستندات الخاصة بالقضية. يشمل ذلك محضر الضبط ومحاضر التحقيق وأي أدلة أخرى قدمتها النيابة العامة. يتمتع المحامي بالقدرة على تحليل التهمة وفهم النصوص القانونية التي استندت إليها.

بعد الاطلاع، يقوم المحامي بشرح التهمة لك بلغة واضحة وبسيطة، مفصلًا كل جانب من جوانبها وما قد يترتب عليها من آثار قانونية. كما يوضح لك طبيعة الأدلة المتاحة ضدك وكيف يمكن التعامل معها. هذا الشرح يساعدك على فهم موقفك القانوني وتحديد أفضل استراتيجية للدفاع. المحامي هو مرشدك الأول في هذه المرحلة لضمان عدم وجود أي سوء فهم.

حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ

يُعد حق المتهم في الاستعانة بمحامٍ أحد أهم الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة. فالدفاع القانوني المتخصص يوفر الحماية للمتهم ويضمن أن تتم الإجراءات وفقًا للقانون. يحق لكل متهم، بمجرد اتهامه أو القبض عليه، طلب وجود محامٍ ليمثله ويدافع عن مصالحه. هذا الحق ليس قابلًا للتنازل عنه قسرًا.

إجراءات توكيل محامٍ والدفاع عن النفس

بمجرد إلقاء القبض عليك أو استدعائك للتحقيق، يحق لك طلب الاستعانة بمحامٍ. يمكنك إبلاغ جهة التحقيق برغبتك في توكيل محامٍ، ويجب عليهم تمكينك من ذلك. إذا كنت غير قادر على توكيل محامٍ بسبب الظروف المادية، يمكنك طلب توفير محامٍ منتدب من قبل النقابة أو الدولة، وهذا حق يكفله القانون في كثير من التشريعات لضمان الدفاع عن كل متهم.

يجب على المحامي أن يكون حاضرًا أثناء التحقيق، ويحق له الاعتراض على أي إجراءات غير قانونية أو أسئلة موجهة للمتهم قد تُضر بموقفه. يعطيك وجود المحامي الثقة اللازمة للتعبير عن نفسك بشكل صحيح، ويضمن ألا تُسجل أقوالك بشكل قد يفسر ضدك لاحقًا. من المهم أن يكون المحامي مختصًا في القضايا الجنائية لتقديم أفضل دفاع.

عملية توكيل المحامي تتم عادة من خلال تحرير توكيل رسمي أو خاص في مكتب التوثيق، أو من خلال إثبات حضوره أمام جهة التحقيق. احرص على اختيار محامٍ تثق به وتدرك خبرته في هذا النوع من القضايا. ناقش معه كل التفاصيل والملابسات المحيطة بالقضية، وقدم له كل ما لديك من معلومات ومستندات لدعم موقفك.

متى يحق لك طلب محامٍ؟

حقك في طلب المحامي ينشأ فورًا عند لحظة القبض عليك أو استدعائك للتحقيق كمتهم. لا تنتظر حتى تبدأ النيابة في توجيه الأسئلة إليك. يجب أن تُبلغ جهة التحقيق برغبتك في وجود محامٍ قبل بدء أي استجواب. في حال تم استجوابك قبل حضور محاميك، يحق لك الاعتراض على تلك الأقوال لاحقًا لعدم قانونيتها. هذا الحق جوهري ولا يمكن التنازل عنه.

حتى في الحالات التي لا يتم فيها القبض عليك، بل يتم استدعاؤك كشاهد قد تتحول شهادته إلى اتهام، يُنصح بشدة بالاستعانة بمحامٍ. فالمحامي يمكنه تقديم المشورة القانونية لك قبل وأثناء التحقيق، ويضمن عدم توريطك في أي أقوال قد تستخدم ضدك لاحقًا. لا تخاطر بالإدلاء بأقوالك دون استشارة قانونية مسبقة، فهذا هو خط الدفاع الأول عن حقوقك.

حق المتهم في الصمت وعدم الإجابة إلا بحضور محاميه

يُعد حق المتهم في الصمت أحد أهم ضمانات حماية الذات من الإدانة القسرية أو غير المقصودة. يخول هذا الحق للمتهم عدم الإجابة على الأسئلة الموجهة إليه من قبل جهة التحقيق حتى يحضر محاميه، أو حتى إذا حضر المحامي، إذا رأى ذلك في مصلحته. هذا ليس اعترافًا بالذنب، بل هو ممارسة لحق دستوري وقانوني يهدف إلى حماية المتهم من الضغوط أو الأخطاء التي قد تحدث أثناء التحقيق.

كيفية ممارسة حق الصمت بفعالية

لممارسة حق الصمت بفعالية، يجب عليك أولاً أن تُبلغ جهة التحقيق بشكل واضح ومؤدب أنك تود ممارسة حقك في الصمت وعدم الإدلاء بأي أقوال إلا بحضور محاميك. لا يجب أن تشعر بالخوف أو التردد في ذلك، فهو حق مكفول لك قانونًا. يمكنك أن تقول ببساطة: “أنا أرغب في ممارسة حقي في الصمت ولا أريد الإجابة على أي أسئلة إلا بعد استشارة محامي وحضوره”.

ثانياً، تجنب الإدلاء بأي تصريحات، سواء كانت مكتوبة أو شفهية، حتى بعد طلبك للمحامي. في بعض الأحيان، قد تُحاول جهات التحقيق الحصول على معلومات منك بطرق غير مباشرة. كن حذرًا والتزم بالصمت الكامل بشأن وقائع القضية. أي كلمة قد تُقال يمكن أن تُسجل وتُستخدم ضدك، حتى لو كانت بنية حسنة أو لتوضيح موقفك.

ثالثاً، إذا تم تسجيل أي أقوال لك رغماً عنك أو قبل حضور محاميك، احرص على أن يثبت محاميك هذا الأمر في محضر التحقيق عند حضوره. يمكن لمحاميك أن يطلب إعادة الاستجواب أو أن يعترض على محضر الأقوال السابق لعدم قانونيته. إن الالتزام الصارم بالصمت حتى حضور المحامي هو أفضل وسيلة لحماية نفسك في هذه المرحلة الحساسة.

النتائج المترتبة على التنازل عن حق الصمت

التنازل عن حق الصمت قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على موقف المتهم في القضية. فإذا أدلى المتهم بأقواله دون استشارة محامٍ، قد يقدم معلومات أو تفاصيل يمكن أن تُفسر ضده لاحقًا. قد يقوم المتهم بالإدلاء بأقوال متناقضة، أو يعترف بأمور لم يكن يقصد الاعتراف بها، أو يُقدم أدلة تدينه دون قصد، وذلك نتيجة للضغط أو عدم الفهم الكامل لأبعاد القضية.

كما أن الإدلاء بأقوال دون محامٍ قد يفقد المتهم فرصة الحصول على مشورة قانونية حول كيفية الرد على الأسئلة أو ما هي المعلومات التي يجب الإدلاء بها وما هي التي يُفضل عدم الخوض فيها. المحامي يوجه المتهم بذكاء قانوني لتقديم دفاع فعال. بالتالي، فإن التنازل عن حق الصمت يُمكن أن يُضعف موقف المتهم بشكل كبير في مرحلة التحقيق وقد يؤثر سلبًا على نتيجة القضية برمتها.

حق المتهم في الاطلاع على الأوراق ومواجهة الأدلة

يكفل القانون للمتهم حقه في الاطلاع على أوراق القضية ومواجهة الأدلة المقدمة ضده. هذا الحق أساسي لضمان مبدأ المواجهة بين الخصوم ولتمكين المتهم ومحاميه من بناء دفاع فعال. إن معرفة ما تحتويه ملفات التحقيق من اتهامات وأدلة هو الخطوة الأولى نحو تفنيدها أو تقديم أدلة مضادة. هذا يضمن الشفافية والعدالة في الإجراءات.

إجراءات الاطلاع على محضر التحقيق

للاطلاع على محضر التحقيق، يجب أن يتم ذلك عبر محاميك. يقوم المحامي بتقديم طلب رسمي إلى النيابة العامة أو جهة التحقيق للسماح له بالاطلاع على ملف القضية. يُسمح للمحامي بتصوير الأوراق أو تدوين ملاحظات مفصلة منها. يجب أن يتم هذا الإجراء في أقرب وقت ممكن بعد توكيل المحامي، وقبل أي استجواب للمتهم.

في بعض الحالات، قد يتم رفض طلب الاطلاع في بداية التحقيق لحماية سرية التحقيقات، ولكن القانون يوجب تمكين الدفاع من الاطلاع على الأقل قبل إحالة المتهم للمحاكمة أو قبل استجوابه في بعض الأحيان. إذا تم رفض طلب الاطلاع، يجب على محاميك تسجيل هذا الرفض رسميًا والاحتجاج عليه، حيث يُعد هذا انتهاكًا لحق الدفاع. تأكد دائمًا من متابعة محاميك لهذه الإجراءات بدقة.

يجب أن يحرص المحامي على قراءة جميع الوثائق بعناية فائقة، بما في ذلك محاضر الضبط، أقوال الشهود، التقارير الفنية، وأي مستندات أخرى ضمن ملف القضية. هذا الفحص الدقيق يمكن أن يكشف عن أي تناقضات أو ثغرات في الأدلة المقدمة من النيابة العامة، والتي يمكن استغلالها في صالح الدفاع.

طرق مواجهة الأدلة المطروحة ضد المتهم

بعد الاطلاع على الأدلة، تبدأ مرحلة مواجهتها. يمكن للمحامي تقديم طلبات للنيابة العامة بإجراء تحقيقات إضافية أو سماع شهود جدد يدعمون موقف المتهم. على سبيل المثال، إذا كان هناك شاهد يدعي رؤية المتهم في مكان معين، يمكن للمحامي تقديم دليل يثبت أن المتهم كان في مكان آخر وقت وقوع الحادثة، مثل فواتير أو شهادات.

كما يحق للمتهم ومحاميه طلب إجراء خبرات فنية مضادة. إذا قدمت النيابة تقرير خبير، يمكن للدفاع طلب ندب خبير آخر لمراجعة التقرير أو لإجراء خبرة مستقلة. هذه الخبرات يمكن أن تكون في مجالات مثل الطب الشرعي، التزييف والتزوير، أو الخبرة الفنية في القضايا الإلكترونية.

إلى جانب ذلك، يمكن للدفاع تقديم مستندات ووثائق تدعم براءة المتهم أو تنفي التهمة عنه. يجب أن تكون جميع هذه الإجراءات موثقة ومقدمة بشكل رسمي لضمان أخذها في الاعتبار من قبل جهة التحقيق. إن مواجهة الأدلة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وتعاونًا وثيقًا بين المتهم ومحاميه.

الحق في الاستجواب في نطاق القانون

الاستجواب هو الإجراء الذي تقوم به جهة التحقيق لسؤال المتهم عن التهم الموجهة إليه وعن الوقائع المتعلقة بالقضية. ولكن هذا الاستجواب يجب أن يتم في إطار قانوني صارم يضمن حقوق المتهم ويحميه من أي تجاوزات. لا يجوز استخدام الإكراه أو التهديد أو أي وسيلة غير قانونية للحصول على أقوال من المتهم. يجب أن يكون الاستجواب فرصة للمتهم لتوضيح موقفه بحرية.

حدود الاستجواب القانونية

للاستجواب حدود قانونية واضحة يجب على جهة التحقيق الالتزام بها. أولاً، لا يجوز استجواب المتهم إلا بحضور محاميه، ما لم يتنازل المتهم عن هذا الحق صراحة وبإرادة حرة وموثقة. ثانياً، يجب أن تكون الأسئلة واضحة ومحددة، ولا تتضمن إيحاءات أو إكراهًا. يجب أن تُسجل جميع الأسئلة والأجوبة بدقة في محضر التحقيق.

ثالثاً، يُمنع منعًا باتًا استخدام أي وسائل تعذيب جسدي أو نفسي للحصول على أقوال من المتهم. أي أقوال يتم الحصول عليها تحت الإكراه تعتبر باطلة ولا يجوز التعويل عليها كدليل. رابعاً، يجب أن يتم الاستجواب في أوقات مناسبة، وألا يستمر لساعات طويلة بشكل مرهق أو غير إنساني. المحامي يلعب دورًا رئيسيًا في مراقبة هذه الحدود والاحتجاج عند تجاوزها.

خامساً، يجب أن يتاح للمتهم وقت كافٍ للتفكير قبل الإجابة، ولا يجوز الضغط عليه للإجابة فورًا. إذا شعر المتهم بالتعب أو الإرهاق، يحق له طلب استراحة. هذه الضوابط تهدف إلى ضمان أن الأقوال التي يدلي بها المتهم هي نابعة عن إرادته الحرة وغير مشوبة بأي عيب. يجب أن تُسجل الأقوال بأسلوب يسمح للمتهم بقراءتها والتوقيع عليها بعد التأكد من دقتها ومطابقتها لما قاله.

كيفية التعامل مع الاستجوابات غير القانونية

إذا تعرضت لاستجواب غير قانوني، سواء كان ذلك بسبب غياب محاميك، أو استخدام الإكراه، أو توجيه أسئلة غير مشروعة، فمن المهم جدًا معرفة كيفية التعامل مع ذلك. أولاً، يجب أن تُبلغ محاميك فورًا بأي انتهاك حدث. المحامي سيقوم بتوثيق هذه الانتهاكات وتقديم شكوى رسمية للنيابة العامة أو المحكمة المختصة.

ثانياً، يمكنك رفض الإجابة على الأسئلة التي تشعر أنها غير قانونية أو التي تُوجه إليك تحت الإكراه، وتُسجل رفضك هذا في محضر التحقيق. من المهم توثيق تاريخ ووقت ومكان الاستجواب غير القانوني، وأسماء الأفراد الذين قاموا به إن أمكن. أي دليل على الإكراه، مثل تقارير طبية تثبت وجود إصابات، يجب تقديمه لدعم شكواك.

ثالثاً، لا توقع على أي أقوال لم تُقلها أو لا توافق عليها، حتى لو تعرضت لضغوط. يمكنك إضافة ملاحظات بخط يدك على المحضر إذا كان يتضمن معلومات خاطئة أو ناقصة، قبل التوقيع (أو رفض التوقيع إذا كان المحضر كله غير صحيح). رفض التوقيع هو حق يكفله القانون في حال عدم مطابقة الأقوال لما صدر عن المتهم أو وجود تجاوزات. هذه الإجراءات تساعد في إبطال الأقوال التي تم الحصول عليها بشكل غير قانوني.

الحق في الرعاية الصحية والمعاملة الإنسانية

يُعد الحق في الرعاية الصحية والمعاملة الإنسانية من الحقوق الأساسية للمتهم، حتى وهو قيد التحقيق. يجب أن يُعامل المتهم بكرامة واحترام، وأن تُلبى احتياجاته الصحية الضرورية. هذا الحق مكفول بموجب المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، ويضمن ألا يتعرض المتهم لأي إهمال طبي أو سوء معاملة أثناء احتجازه. أي انتهاك لهذا الحق يُعد جريمة يعاقب عليها القانون.

كيفية طلب الرعاية الطبية اللازمة

إذا كنت متهمًا وتحتاج إلى رعاية طبية، فمن حقك طلبها فورًا. يجب عليك إبلاغ الضابط المسؤول أو وكيل النيابة المشرف على التحقيق بحالتك الصحية وبحاجتك للعلاج. لا تتردد في طلب ذلك بشكل واضح ومحدد. إذا كنت تعاني من مرض مزمن أو تحتاج إلى أدوية معينة، يجب أن تُبلغ بذلك السلطات ليتم توفيرها لك.

يفضل أن تُبلغ محاميك أيضًا بحالتك الصحية، فالمحامي يمكنه متابعة طلبك بشكل قانوني ويضغط على السلطات لتوفير الرعاية الطبية اللازمة. يمكن للمحامي تقديم طلب رسمي للنيابة العامة لإصدار قرار بعرضك على طبيب متخصص أو نقلك إلى مستشفى لتلقي العلاج. توثيق طلباتك للرعاية الطبية وتاريخ تقديمها مهم للغاية.

إذا تم رفض طلبك للرعاية الطبية أو تم تأخيرها بشكل غير مبرر، يجب على محاميك اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك تقديم شكوى ضد المسؤولين عن ذلك الإهمال. يجب أن تحصل على تقارير طبية توضح حالتك الصحية وأي إهمال حدث لك، فهذه التقارير ستكون دليلاً قويًا في أي إجراءات قانونية مستقبلية.

الإجراءات المتبعة عند التعرض لسوء المعاملة

إذا تعرضت لسوء المعاملة أثناء مرحلة التحقيق، سواء كانت جسدية أو نفسية، فمن الضروري اتخاذ إجراءات فورية لحماية نفسك وتوثيق ما حدث. أولاً، أبلغ محاميك فورًا بكل تفاصيل سوء المعاملة: من قام بها، متى حدثت، وأين. المحامي هو خط دفاعك الأول وسيقوم باللازم لتوثيق هذه الانتهاكات.

ثانياً، اطلب عرضك على طبيب شرعي لتوثيق أي إصابات جسدية. التقرير الطبي الشرعي يُعد دليلاً قويًا على تعرضك لسوء المعاملة. احتفظ بنسخة من هذا التقرير. ثالثاً، يمكن لمحاميك تقديم شكوى رسمية إلى النيابة العامة أو الجهات الرقابية المختصة ضد الأفراد الذين قاموا بسوء المعاملة. يجب أن تتضمن الشكوى تفاصيل دقيقة للواقعة وأي أدلة داعمة.

رابعاً، لا تتنازل عن حقك في تقديم الشكوى أو الملاحقة القضائية للمسؤولين عن سوء المعاملة. يجب أن تكون هذه الشكاوى موثقة بشكل جيد ومتابعة بانتظام لضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب. حقك في المعاملة الإنسانية غير قابل للتفاوض، ومحاربة سوء المعاملة جزء أساسي من حماية كرامتك الإنسانية.

عناصر إضافية لضمان حقوقك

إلى جانب الحقوق الأساسية المذكورة أعلاه، هناك بعض العناصر الإضافية التي يمكن أن تساهم بشكل كبير في ضمان حماية حقوق المتهم في مرحلة التحقيق الابتدائي. هذه العناصر تركز على التنظيم والتوثيق والسعي للحصول على دعم إضافي، مما يعزز من موقف المتهم ويساعد في تقديم دفاع فعال ومقنع أمام جهات التحقيق والقضاء.

أهمية التوثيق وحفظ المستندات

يُعد التوثيق وحفظ المستندات أمرًا بالغ الأهمية في أي قضية قانونية، وخاصة في مرحلة التحقيق الابتدائي. احتفظ بنسخ من جميع الأوراق المتعلقة بقضيتك: محاضر التحقيق، طلبات المحامي، التقارير الطبية، وأي مراسلات رسمية. هذه المستندات تُعد أدلة قوية لدعم موقفك ولتفنيد أي ادعاءات غير صحيحة.

قم بتدوين تواريخ وأوقات جميع الإجراءات التي تمر بها، مثل تواريخ الاستجواب، ومواعيد زيارات المحامي، وأي انتهاكات حدثت لك. هذه الملاحظات الشخصية، وإن لم تكن دليلًا رسميًا وحدها، إلا أنها تُعين محاميك على تجميع الصورة الكاملة للأحداث وتقديم دليل زمني دقيق. يمكن لهذه المعلومات أن تُستخدم في إثبات أي تأخير غير مبرر أو انتهاك للإجراءات القانونية.

تعاون مع محاميك في جمع وحفظ المستندات. تأكد من أن لديه نسخًا من جميع الأوراق الهامة. هذا التنظيم يضمن أن جميع الأدلة متاحة عند الحاجة، ويُمكن محاميك من تقديم دفاع قوي ومستند على وثائق رسمية. عدم التوثيق قد يؤدي إلى فقدان أدلة مهمة أو صعوبة في إثبات بعض الوقائع لاحقًا.

دور المنظمات الحقوقية في دعم المتهمين

في بعض الحالات، قد يكون من المفيد طلب دعم المنظمات الحقوقية المحلية أو الدولية. هذه المنظمات غالبًا ما تكون متخصصة في مراقبة حقوق الإنسان وتقديم الدعم القانوني والمعنوي للأفراد الذين يتعرضون لانتهاكات. يمكنها تقديم المشورة، المساعدة في توثيق الانتهاكات، وحتى الضغط على السلطات لضمان احترام حقوق المتهم.

إذا شعرت أن حقوقك تُنتهك بشكل منهجي أو أن هناك إهمالًا جسيمًا من قبل جهات التحقيق، فإن اللجوء إلى هذه المنظمات قد يوفر لك طبقة إضافية من الحماية والدعم. يمكن للمحامي الخاص بك أن يرشدك إلى المنظمات المناسبة ويساعدك في التواصل معها. لا تتردد في استخدام كل الوسائل المتاحة لحماية حقوقك، فالدعم الخارجي قد يُحدث فارقًا كبيرًا.

لا تتنازل عن حقوقك: نصائح ختامية

النصيحة الأهم والأخيرة هي: لا تتنازل أبدًا عن حقوقك. كل حق من الحقوق المذكورة هنا هو ضمانة قانونية وُضعت لحمايتك. قد تُحاول جهات التحقيق ممارسة ضغوط مختلفة، ولكن تذكر دائمًا أن لديك حقوقًا لا يمكن المساس بها. حافظ على هدوئك، وتعاون مع جهات التحقيق في إطار القانون، ولكن بحضور محاميك.

كن صادقًا مع محاميك ولا تخف من إخباره بكل التفاصيل، حتى لو كانت محرجة، فذلك يساعده على بناء دفاع قوي. لا توقع على أي وثيقة قبل قراءتها جيدًا وفهمها التام، وبعد استشارة محاميك. الوعي بحقوقك وكيفية ممارستها هو درعك الواقي في هذه المرحلة الحرجة. تأكد من أنك تفهم كل خطوة قبل اتخاذها.

تذكر دائمًا أنك بريء حتى تثبت إدانتك، وهذا المبدأ هو أساس العدالة. الدفاع عن حقوقك ليس عائقًا أمام العدالة، بل هو جزء لا يتجزأ منها. استمر في المطالبة بحقوقك، وبمساعدة محاميك، ستكون قادرًا على تجاوز هذه المرحلة بنجاح وضمان محاكمة عادلة لكافة الأطراف.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock