الإجراءات القانونيةالدعاوى القضائيةالقانون الجنائيالقانون المصريمحكمة الجنايات

الدفوع في قضايا تزييف العملة الأجنبية

الدفوع في قضايا تزييف العملة الأجنبية

دليل شامل لاستراتيجيات الدفاع القانوني عن المتهمين بتزييف العملات الأجنبية في القانون المصري

تعتبر قضايا تزييف العملة الأجنبية من الجرائم الخطيرة التي تمس الاقتصاد الوطني والثقة العامة، ويواجه المتهمون فيها عقوبات مشددة وفقاً للقانون المصري. تتطلب هذه القضايا إعداد دفوع قانونية قوية ومدروسة بعناية فائقة لضمان أفضل النتائج الممكنة. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل شامل للمحامين والمتهمين، يستعرض أبرز الدفوع المتاحة وطرق تقديمها بفعالية، مع التركيز على الجوانب العملية والقانونية التي يمكن استغلالها لدحض الاتهامات أو تخفيف العقوبة. سنقدم حلولاً متعددة وخطوات عملية للتعامل مع مختلف السيناريوهات في هذه النوعية من القضايا الحساسة.

الدفوع المتعلقة بالركن المادي لجريمة تزييف العملة الأجنبية

انتفاء فعل التزييف أو عدم اكتماله

الدفوع في قضايا تزييف العملة الأجنبيةتتطلب جريمة تزييف العملة الأجنبية وجود فعل مادي واضح يتمثل في تقليد العملة أو تزويرها بحيث تشابه العملة الحقيقية وتشكل خطراً على التعامل بها. يمكن للمحامي الدفع بانتفاء هذا الركن إذا كانت العملة المزعوم تزييفها لا تشبه العملة الحقيقية بشكل كافٍ للخداع، أو إذا كان فعل التزييف لم يكتمل بعد ولم يصل إلى المرحلة التي يمكن أن يخدع بها الجمهور. يتطلب هذا الدفع خبرة فنية من خلال تقرير الخبير المختص الذي يؤكد أن التقليد رديء ولا يرقى لمستوى الخداع. يجب تقديم هذا الدفع بوضوح مستنداً إلى تقارير فنية دقيقة تثبت عدم جودة التزييف.

عدم وجود عملة أجنبية مزيفة أصلاً

في بعض الحالات، قد لا تكون هناك عملة مزيفة على الإطلاق، بل قد يكون هناك مجرد سوء فهم أو اتهام خاطئ. يجب على الدفاع في هذه الحالة المطالبة بفحص دقيق للمضبوطات والتأكد من أنها عملة حقيقية أو أنها لا تعتبر عملة أجنبية بالمعنى القانوني الذي يغطيه التجريم. يمكن أن يشمل ذلك الدفع بأن المضبوطات هي مجرد أوراق عادية أو طابعات تستخدم لأغراض مشروعة أخرى غير التزييف. يجب التركيز على أن عبء الإثبات يقع على عاتق النيابة العامة في إظهار وجود العملة المزيفة نفسها.

الدفوع المتعلقة بالركن المعنوي (القصد الجنائي)

انتفاء القصد الجنائي (الجهل بكون العملة مزيفة)

يُعد القصد الجنائي ركناً أساسياً في جريمة تزييف العملة الأجنبية، إذ يجب أن يكون المتهم عالماً بأن العملة مزيفة ويقصد ترويجها أو التعامل بها. إذا ثبت أن المتهم كان جاهلاً بكون العملة مزيفة، أو أنه كان حسن النية، فلا يمكن أن يُدان بهذه الجريمة. يمكن إثبات ذلك بالدفع بأن المتهم تلقى العملة من مصدر موثوق به دون علمه بحقيقتها، أو أنه كان ضحية لعملية احتيال. يجب جمع الأدلة التي تدعم حسن النية، مثل شهادات الشهود أو سجلات التعاملات التي تظهر طبيعة العلاقة مع مصدر العملة.

الإكراه المادي أو المعنوي

يمكن للدفاع أن يتمسك بدفع الإكراه إذا تم إجبار المتهم على حيازة أو ترويج العملة المزيفة تحت تهديد أو ضغط لا يمكن مقاومته. الإكراه المادي يعني استخدام القوة البدنية، بينما الإكراه المعنوي يشمل التهديد بالضرر الجسيم الذي لا مفر منه. يجب على المحامي تقديم أدلة قوية تثبت وجود هذا الإكراه، مثل تقارير الشرطة عن تهديدات سابقة، أو شهادات الشهود على المواقف التي تعرض فيها المتهم للضغط. يُعتبر هذا الدفع من الدفوع المهمة التي تنفي الركن المعنوي للجريمة كلياً.

الدفوع الإجرائية والشكلية في قضايا التزييف

بطلان إجراءات الضبط والتفتيش

يُعد الدفع ببطلان إجراءات الضبط والتفتيش من الدفوع الجوهرية التي يمكن أن تؤدي إلى استبعاد الأدلة المتحصل عليها وبالتالي براءة المتهم. يجب أن يتم الضبط والتفتيش وفقاً للضوابط القانونية المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، مثل صدور إذن من النيابة العامة وتحديد المكان والزمان. إذا تم التفتيش بدون إذن، أو تجاوز الإذن الصادر، أو تم في غير الأحوال التي يجيزها القانون، يصبح الإجراء باطلاً وكل ما ترتب عليه من أدلة لاغياً. يجب على المحامي التدقيق في محضر الضبط والتفتيش لاستكشاف أي مخالفات إجرائية.

عدم اختصاص المحكمة

قد يحدث أن تُعرض القضية على محكمة غير مختصة بنظرها، سواء كان الاختصاص نوعياً أو مكانياً. في قضايا تزييف العملة الأجنبية، يكون الاختصاص عادة للمحاكم الجنائية المتخصصة أو محاكم الجنايات. إذا تم عرض القضية على محكمة غير مختصة، يجب على الدفاع التمسك بهذا الدفع فوراً قبل الخوض في الموضوع. هذا الدفع الشكلي يمكن أن يؤدي إلى إعادة القضية إلى المحكمة المختصة، مما يمنح الدفاع وقتاً إضافياً لإعداد دفوعه ويسمح بمراجعة الإجراءات من جديد.

الدفوع الإضافية والاستراتيجيات العامة للدفاع

الشك في الأدلة المطروحة

يُعد الشك لصالح المتهم من المبادئ القانونية الأساسية. إذا تمكن الدفاع من إثارة الشكوك حول صحة أو قوة الأدلة المقدمة من النيابة العامة، فإن ذلك قد يؤدي إلى براءة المتهم. يمكن إثارة الشكوك من خلال تحليل تناقضات أقوال الشهود، أو الطعن في مصداقية تقارير الخبراء، أو إظهار ثغرات في سلسلة جمع الأدلة وحفظها. يتطلب هذا الدفع قدرة عالية على التحليل والجدال القانوني لزعزعة قناعة المحكمة بالأدلة المقدمة.

الدفع بتكييف الواقعة على أنها جريمة أقل خطورة

في بعض الحالات، قد تكون الأفعال المنسوبة للمتهم لا ترقى إلى مستوى جريمة تزييف العملة الأجنبية الكاملة، بل يمكن تكييفها كجريمة أخرى أقل خطورة، مثل حيازة عملة مزيفة بحسن نية دون نية الترويج، أو جريمة شروع في التزييف. يهدف هذا الدفع إلى تخفيف العقوبة بدلاً من البراءة المطلقة. يتطلب ذلك دراسة دقيقة لوقائع القضية ومقارنتها بالنصوص القانونية لتحديد التكييف القانوني الأنسب والأقل شدة.

طلب ندب لجنة خبراء

من الاستراتيجيات الفعالة في قضايا التزييف هي طلب ندب لجنة خبراء متخصصة لإعادة فحص العملة المضبوطة وتحديد مدى مطابقتها للعملة الأصلية ومدى إتقان التزييف. قد تختلف نتائج تقرير الخبير الجديد عن التقرير الأول الذي قدمته النيابة العامة، مما يثير شكوكاً حول الأدلة الفنية. يجب على المحامي صياغة طلب الندب بشكل دقيق، محدداً النقاط التي يرى فيها قصوراً في التقرير الأول أو الحاجة إلى فحص أعمق.

Dr. Mena Fayq

د. دكتوراة في القانون الجنائي الدولي، المحامي بالجنايات والجنايات المستأنفة، مستشار ومدرب دولي معتمد في القانون الجنائي الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock