الاعتراف لغة واصطلاحاً وأهم تقسيماته والفرق بينه وبين الشهادة
يعد الاعتراف من أقدم طرق الإثبات التي عرفتها البشرية منذ ميلادها ، وقد ظل يتمتع بقوة قانونية ملزمة في الإثبات حتى قيام الثورة الفرنسية وظهور مبدأ حرية الإثبات والاقتناع ، فخضع الاعتراف - مثله مثل سائر الأدلة - لسلطة القاضي التقديرية .
لكن رغم أنه لم يعد دليلاً قانونياً ملزماً ، إلا لازال يلعب دوراً هاماً في مجال الإثبات الجنائي ، فكثير من القضايا الجنائية قد تعتمد على الاعتراف ، وقد يكون هو الدليل الوحيد القائم في الدعوى ، ولذا فإن الاعتراف الصادق الذي يتقدم به المتهم مختاراً يكون خير معين للمحكمة على تكوين عقيدتها وحكمها .
ومن هنا كان حرص النظم الإجرائية المختلفة ، ومن قبلها الشريعة الإسلامية على وضع شروط معينة لصحة الاعتراف تضمن سلامته شرعاً وقانوناً وتكفل صدقه واقعاً وموضوعاً ، كما حرصت أغلب هذه النظم على عدم تقرير حجية خاصة للاعتراف بل جعلته - كباقي عناصر الإثبات - متروكاً لحرية القاضي .
والاعتراف بالذنب - لغة - هو الإقرار به ، ولربما وضعوا اعتراف موضع عرف وبالعكس ، أما في الاصطلاح فإنه توجد عدة تعريفات للاعتراف في الفقه القانوني الجنائي .
وهذه التعريفات على الرغم من تعددها ، إلا أنها تتفق في مضمونها من حيث أن الاعتراف هو " قول صادر عن المتهم يقر فيه نسبة التهمة إليه كلها أو بعضها " .
وقد أختلف فقهاء الشريعة الإسلامية في تعريفهم للاعتراف.
وهناك عدة تقسيمات للاعتراف ، لعل من أهمها تقسيم الاعتراف من حيث السلطة التي يصدر أمامها الاعتراف ، إلي اعتراف قضائي ، وهو ما يصدر من المتهم على نفسه في مجلس القضاء واعتراف غير قضائي ، وهو ما قد يرد ذكره في التحقيقات نقلاً عن أقوال منسوبة إلي المتهم خارج مجلس القضاء .
كما ينقسم من حيث الحجية إلي الاعتراف كدليل إثبات ويستوي فيه أن يكون دليلاً معنوياً ودليلاً قانونياً ، أما النوع الثاني فهو الاعتراف كسبب للإعفاء من العقاب ، فقد يرى المشرع في بعض الجرائم الخاصة التي ترتكب عادة في الظلام أو يصعب إثبات التهمة فيها بالنظر إلي ما يحيطها من دقة في تنفيذها ، أن يشجع الجناة على كشفها وإرشاد السلطات إلي حقيقة المساهمين فيها ، فنص على إعفاء الجناة من العقاب إذا اعترفوا بشروط معينة .
والاعتراف بالمعنى السابق يختلف عن الشهادة من حيث أن الاعتراف هو إقرار المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها أو بعضها ، أما الشهادة فهي أن يدلي شخص بما رآه أو سمعه عن الجريمة أو فاعلها من أمور تمس غيره سواء كانت رؤيته في مقام الإثبات أو النفي ، بعبارة أخرى فإن الاعتراف هو إقرار المرء على نفسه بما يضرها بخلاف الشهادة فإنها إقرار المرء على غيره سواء بما يضر هذا الغير أو ينفعه.