القانون الجنائي نظرية لومبروزو في تفسير الظاهرة الإجرامية
نظرية لومبروزو في تفسير الظاهرة الإجرامية
نظرية لومبروزو في تفسير الظاهرة الإجرامية

مضمون نظرية لومبروزو

يعد لومبروزو أول من وضع النظرية البيولوجية والنفسية لتفسير السلوك الاجرامي ، ودارت نظريته حول فكرة أساسية هي أن المجرم هو نوع معين من البشر يتسم بصفات عضوية معينة وسمات نفسية يرتد بها الي الانسان الأول والمخلوقات البدائية .

فقد لاحظ أثناء عماه كطبيب بالجيش الايطالي أن هناك فرقاً بين الأسوياء وغير الأسوياء ، خاصة في اقبالهم علي الوشم وانتشاره علي أبدانهم بطريقة خليعة لم يشهدها لدي الأسوياء .

ومن فحصه ل 383 جمجمة لمجرمين من الايطاليين وحوالي ستة ألاف فرد من المجرمين الأحياء ، خلص الي ان المجرم انسان شاذ التكوين ، يتصف بصفات معينة كضيق الجبهة وضخامة فكيه ، وشذوذ أسنانه ، وعدم انتظام جمجمته وفرطحة أنفه أو اعوجاجه وكثافة شعره.

ومما أكد صدق ملاحظاته وساعده في وقع نظريته، أنه قام بتشريح جثة مجرم معتاد الاجرام وتبين له وجود غور في مؤخرة جمجمة هذا المجرم، حيث كان ينبغي أن يوجد مكان ذلك الغور بروز، وهذا ما تتسم به الحيوانات الدنيا، مما أكد له وجود علاقة وثيقة بين هذه المخلوقات البدائية والمجرم الذي ينتمي عضوياً ونفسياً الي عالم الأوائل ، حيث كان الانسان أقرب الي الحيوان منه الي البشر.

أما النواحي النفسية في المجرم ومنها عدم الاحساس بالألم، فقد أرجعه الي الوشم المنتشر علي جسده ، كما فسر السبب في اقدامهم وعنفهم في ارتكاب الجرائم، وخاصة جرائم الجنس والدم الي ما تميزوا به من اندفاع في التصرف وعدم الاحساس بالحياء ، وسهولة الاثارة.

تطور آراء لومبروزو

دون لومبروزو ملاحظاته في كتاب ولكنه كان موقعا للنقد العنيف خاصة من العالمين (فيري وفير جيليو) فأعاد النظر في اراءه وانتهي الي تعديل نظريته وتوصل الي ان جميع المجرمين ليسوا من طائفة واحدة بل هم نماذج وانواع متعددة وأن المجرم بالفطرة ليس الا واحداً منهم.

ونتيجة لذلك قسم المجرمين الي طوائف وجعل التقسيم علي أساس العوامل البيولوجية، أما العوامل البيئية فجعلها في حدود ضيقة، وجاء التقسيم علي النحو التالي:

المجرم بالميلاد

هو المجرم بالفطرة وعلاجه يكون بأبعاده عن المجتمع بحبسه المؤبد .

المجرم السيكوباتي

هو المجرم المصاب باضطرابات سلوكية وأبرز خصائصه الخلل العصب والآلية الاندفاعية ، فيصبح من الصعب عليه التكيف مع المجتمع واتباع سلوكاً سوياً وبذلك يسهل انزلاقه للجريمة ، ويجمع بينه وبين المجرم بالميلاد سمة مشتركة وهي الميل الداخلي للأجرام لضعف القوة المانعة من الاجرام .

المجرم المصاب بالصرع

لاحظ وجود علاقة بين الصرع والجريمة، اذا ان المصاب بصرع مصاب بوقف في نمو الوظائف النفسية والعقلية، مما يسبب له اضطرابات عقلية، فيتحول لمجرم مجنون نتيجة لحالته.

المجرم بالعاطفة

ترجع سبب ارتكابه للجريمة أسباب مثل الغيرة والدفاع عن الشرف ويتسم بحساسية مفرطة، لا يستطيع معها كبح جماح ثورته النفسية يندرج تحت مرتكبو جرائم السب والقذف والاعتداء علي الأشخاص .

المجرم بالصدفة

هو شخص سوي يندفع للجريمة نتيجة تأثير عامل خارجي استثنائي يخل بتوازنه الداخلي بين القوة الدافعة للجريمة والمانعة لها، خشية عقاب الدنيا أو عذاب الآخرة.

المجرم بالصدفة اقرب المجرمين الي الشخص الطبيعي فيكون لديه استعداد داخلي نفسي يجعله أكثر عرضة للتأثر بالعامل الخارجي وارتكاب الجريمة، والدليل أنه لا يترتب علي قيام هذا العامل الخارجي نفس الأثر بالنسبة لجميع الأشخاص لو تعرضوا له.

تقييم نظرية لومبروزو

رغم فضل لومبروزو في لفت أنظار العلماء والباحثين نحو الظاهرة الاجرامية من الفعل الاجرامي الي شخص المجرم لمعرفة أسباب اندفاعه للأجرام، الا انها لم تسلم من النقد من جانب الباحثين والعلماء،

وأهم هذه الانتقادات :

النقد الأول: أن لومبروزو قرر وجود اختلاف بين المجرم والشخص المادي في التكوين العضوي والنفسي.

الا ان الواقع لم يثبت عملياً حتي الأن أن شخص المجرم يختلف في تكوينه عن الشخص العادي، كما أظهرت دراسة العالم (جورنج) وشملت 3000 من المحكوم عليهم وعد من الأشخاص العاديين فلم يوجد اختلاف بين المحكوم عليهم والأشخاص العاديين والقول بتشابه المجرم مع الانسان البدائي لا يستند الي دليل قاطع لان معلومات لومبروزو عنه لا تسمح باتخاذه نموذج للقياس عليه.

النقد الثاني: ان تقسيم المجرمين الي انواع لا يتفق مع الحقيقة العلمية حيث ان الجريمة هي خلق قانوني يصطنعها المشرع حين يقدر من المصالح ما هو جدير بالحماية القانونية وتجريم الاعتداء عليها.

كما عيب علي النظرية انها اغفلت اثر العوامل البيئية في استعداد الفرد للجريمة، واستندت بصفة أساسية علي العوامل البيولوجية، مع انه ثابت علمياً أن تأثير البيئة علي الفرد لا يقل عن تأثير العوامل البيولوجية في الدفع للسلوك الاجرامي، ومما يؤكد صواب هذا الرأي أن لومبروزو فيأخر مؤلف له صدر بعد وفاته، اعترف أن عوامل الجريمة متعددة منها عوامل تتعلق بالبيئية، مما يقطع بعدم دقة آرائه وملاحظاته.

  • المقال

  • الكاتب:

    الدكتور مينا فايق
  • تصنيف:

    القانون الجنائي القانون المصري المحاضرات علم الاجرام