نظرية دي توليو في تفسير الظاهرة الإجرامية |
نظرية دي توليو في تفسير الظاهرة الإجرامية
(نظرية التكوين الاجرامي): نشأت عام 1945 علي يد بيتينو دي توليو أستاذ علم طبائع المجرم في روما وهي من أشهر النظريات البيولوجية في علم الإجرام.
مضمون النظرية : يري العالم دي توليو أن الجريمة نتيجة الصراع بين العوامل الداخلية للإنسان والعوامل البيئية، فكل انسان يحمل في داخله ميول طيبة وجانب خير بجانب نوازع الحقد والأنانية وجانب الشر، اي أن هناك توازن بين دوافع الجريمة وموانعها.
ولكن هل يظل هذا التوازن قائم باستمرار لدي كل فرد؟
ذلك يتوقف علي قدرة الفرد علي التكيف مع البيئة التي يعيش فيها، فالجريمة حصيلة لعوامل داخلية فردية وظروف اجتماعية، ولهذا يصدق قول دي توليو ان الجريمة دائما نتاج أسباب (بيولوجية –اجتماعية).
ودراسة المجرم تقتضي بحث العوامل النفسية والبيولوجية معاً، فرغم اهمية العوامل البيولوجية عند دي توليو الا أنه يري أن بعض الأشخاص لديهم استعداد للأجرام لا يتوافر عند غيرهم من الناس المحاطين بنفس الظروف الاجتماعية وأغلبهم لا يستجيب لها فالأجرام يستند علي تكوين خاص يجعل الشخص اقل قدرة من غيره في مقاومة الجرام ولهذا أطلق علي هذه النظرية (التكوين الاجرامي).
ويقصد بالتكوين الاجرامي: الخلل الذي يصيب شخصية الفرد في جانب أو أكثر من جوانبها العضوية أو النفسية فتكون أما بطغيان الشر أو وأد جوانب الخير أو الأمرين معاً.
واما كانت الجريمة نتاجاً للعوامل البيولوجية والبيئية فان تأثيرهما يتفاوت من مجرم لآخر.
فإذا كان الخلل ثابتاً في شخص الفرد طغت العوامل الداخلية والعكس، واستناداً لهذا التأثير ينقسم المجرمون لطائفتين، الأولي نكون بصدد مجرم خطر وذي تكوين اجرامي اما الحالة الثانية نكون بصدد مجرم بالصدفة ليس لديه تكوين اجرامي.
فصنف دي توليو المجرمين إلي: مجرمين خطرين، مجرمين بالصدفة.
أرجع دي توليو عوامل الاجرام الي ثلاثة أنواع :
- الأول هو العوامل التكوينية ، ويقصد بها استعداد الفرد للجريمة.
- النوع الثاني عوامل مساعدة دورها يقتصر علي ظهور الاستعداد وايقاظه.
- واخيراً العوامل المفجرة لهذا الاستعداد.
تقييم نظرية دي توليو
لفتت نظر الباحثين الي أهمية دراسة شخص المجرم بكل عناصرها، بحثاً عن أسباب سلوك طريق الأجرام دون اهمال العوامل الاجتماعية ولهذا فنظرية دي توليو تحتل أهمية كبيرة في القانون الجنائي فدراسة شخصية المجرم من جميع الجوانب وكل العوامل الخارجية المحيطة به تحدد مسئوليته المؤسسة علي حريته في اختيار طريق الجريمة.
ومع ذلك لم تسلم نظرية دي توليو من النقد ومن أهم انتقاداتها القول بوجود التكوين الاجرامي لدي جميع المجرمين، ولكم هذا القول لا يصدق علي جميع المجرمين وايضاً الواقع يؤكد انه لا يوجد تكوين اجرامي الا في الجرائم الطبيعية والأخلاقية أما الشكلية فلا يمكن القول بوجود استعداد فطري من شخص الجاني، اذ أن تجريم سلوك معين يختلف من مكان لآخر ومن وقت لآخر.
مثال: تجريم المشرع للبيع أكثر من التسعيرة لسلعة ثم إلغاء هذا القانون أو صدوره لفترة مؤقتة، وهذا يغني خلاف ما تقرره النظرية انما التكوين الاجرامي امر مرتبط بإرادة الشارع نفسه.
بالإضافة لأن النظرية تقرر ان العوامل الخارجية هي مجرد عامل مساعد للسلوك الاجرامي، وهذا يخالف الواقع اذ أن الكثير من الجرائم يكون الدور السببي للعامل الخارجي اظهر من الاستعداد الاجرامي.
مثال: الزوج الذي يصحب زوجته لنزهة، فيقابله شاب يحاول الاعتداء عليها فيقوم الزوج بالاعتداء عليه بالضرب حفاظاً علي شرفه ، لا يمكننا القول هنا ان سبب الجريمة هو الاستعداد الاجرامي.