التدابير الاحترازية |
ماهية التدابير الاحترازية
التدابير الاحترازية عبارة عن مجموعة من الإجراءات التي ينص عليها المشرع لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في نفس شخصية مرتكب الجريمة بقصد استئصال هذه الخطورة ودرأها عن المجتمع.
ومن هذا التعريف يتبين لنا أن التدابير الاحترازية تهدف إلي تحقيق غرض واحد هو حماية المجتمع من خلال مجابهة الحالات الخطرة الإجرامية اي التي يحتمل ان تنتهك القاعدة الجنائية وذلك بقصد التأهيل الاجتماعي لصاحبها، ومن هنا يتضح لنا أن وظيفة التدابير الاحترازية وظيفة نفعية هدفها الدفاع عن المجتمع ضد خطورة المجرم لمنع ارتكابه جريمة جديدة ولا ينطوي تنفيذها هلي الإيلام المقصود خلافاً لوظيفة العقوبة وهي وظيفة اخلاقية جوهرها الردع ولهذا فإن التدابير تتجه إلي المستقبل بينما تلتفت العقوبة إلي الماضي، كما أن تطبيق التدابير لا يستلزم مسئولية الجاني عن الجريمة وانما تطبق في حالات انعدام المسئولية كالجنون وانعدام الادراك والتمييز، إذ ينتفي الاساس الذي يبني عليه توقيعها خلاف للعقوبة التي لا تطبق في حالات انعدام المسئولية.
نشأة فكرة التدابير وتطورها
فكرة التدابير جزء لا يتجزأ من النظرية العملية للقانون الجنائي كما صورتها المدرسة الوضعية فهي أرست اساسها ورسمت معالمها وحددت عناصرها وأحكامها، ويمكن القول بأن تأصيل المدرسة الوضعية لنظرية التدابير الاحترازية علي أساس منهج علمي سليم هو النتيجة المنطقية لفكرة الاختيار والخطأ والجزاء والعقاب، اي فكرة العدالة بكل عناصرها واخذها بمبدأ المسئولية الاجتماعية القائمة علي أساس الخطورة الإجرامية الكامنة في شخص المجرم.
علة التدابير الاحترازية
تستند علة التدابير إلي الاعتبارات العملية للعدالة الجنائية، فقصور العقوبة كأداة نفعية وحيدة لقانون العقوبات وهي مكافحة الجريمة، هي التي اوحت بظهور التدابير منذ أن نادت بها السياسة الجنائية الوضعية، ويمكن ان نوجز علة التدابير الاحترازية في النقاط الآتية :
1) عدم كفاية المبدأ الأساسي التي ترتكز إليه العقوبة، وهو التكفير والإيلام في مكافحة الجريمة، إذ لم تردع العقوبة معتادي الإجرام الذي فقدوا الاحساس بالألم واصبحت غير كافية لمواجهة الخطورة الإجرامية.
2) تفادي مساوئ النظام العقابي وما وجه إلي العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة من انتقادات.
أنواع التدابير الاحترازية
من حيث موضوعها:
تنقسم إلي تدابير شخصية وتدابير عينية، والتدابير الشخصية هي التي يكون موضوعها شخص المجرم وتنقسم بدورها إلي تدابير سالبة للحرية كالإيداع في محل معين، كإيداع المجنون مستشفى الامراض العقلية، وإيداع المتسول غير صحيح النية ملجأ من الملاجئ، أو تدابير مقيدة للحرية كالوضع تحت مراقبة الشرطة أو تدابير منطوية علي حرمان من بعض الحقوق .
أما التدابير العينية فهي التي تنصب علي شيء مادي استخدمه الجاني في جريمته مثل مصادرة الاشياء المستعملة في جناية أو جنحة أو تتحصل منها ومصادرة الاشياء التي تعتبر حيازتها جريمة كالمواد المخدرة.
ومن حيث علاقتها بالعقوبة:
تنقسم إلي تدابير لا يتصور اجتماعها إلي جانب العقوبة وإنما توقع بمفردها وذلك إذا كان المجرم غير أهل للمسئولية الجنائية كاعتقال المجرم المجنون، وتدابير يتصور اجتماعها إلي جانب العقوبة وذلك إذا توافرت لدي المجرم الأهلية للمسئولية الجنائية كاعتقال المجرم الشاذ أو المعتاد علي الاجرام .
ومن حيث سلطة القاضي في شأنها:
تنقسم إلي تدابير وجوبية وتدابير جوازية، والتدابير الوجوبية هي التي يلتزم القاضي بإنزالها، أما التدابير الجوازية فهي التي تكون له في شأنها سلطة تقديرية .
ومن حيث وسائلها في مواجهة الخطورة الإجرامية:
تنقسم إلي تدابير تهذيبية مثل التدابير التي تطبق علي الاحداث المنحرفين وتدابير علاجية كالتدابير التي تطبق علي المجانين المجرمين، وتدابير حماية اجتماعية تكتفي بمجرد وضع من ينزل به في ظروف مادية تحول بينه وبين الاقدام علي جرائم تالية كالتدابير التي تطبق علي معتادي الإجرام .
التدابير الاحترازية في التشريع المصري
والتي ورد النص عليها في نصوص قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجناية وبعض القوانين الخاصة وهي أما تدابير شخصية وأما تدابير عينية .
التدابير الشخصية
التدابير ضد الاحداث : يقصد بالحدث كل من لم يتجاوز سنه ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة او عند وجوده في احدي حالات التعرض للانحراف، وذلك لأن الصغير في مثل هذه السن يكون قابلاً للإصلاح والتهذيب من جهة ويكون من الخطر علي اخلاقه وضعه في السجن بين المجرمين من جهة أخرى، وتتنوع التدابير التي اقرها المشرع للمصري للأحداث وفقاً لاختلاف اعمارهم:
1) مرحلة ما قبل الخامسة عشر عاماً : في حالة ارتكابه جريمة يحكم عليه بأحد التدابير الآتية:
التوبيخ: وهو توجيه المحكمة اللوم والتأنيب إلي الحدث عما صدر منه وتحذيره بالا يعود إلي مثل هذا السلوك مرة أخري.
تسليم الحدث: يكون لوالديه أو لمن له الولاية أو الوصاية عليه.
الالحاق بالتدريب المهني: يقصد به ان تعهد المحكمة بالحدث إلي احد المراكز لذلك أو أحد المصانع أو المتاجر أو المزارع التي تقبل تدريبه ولا تحدد في حكمها مدة لهذا التدبير، علي ألا تزيد عن ثلاث سنوات.
الالتزام بواجبات معينة: يكون بحظر ارتياد أنواع من المحال أو بفرض الحضور في أوقات محددة أمام اشخاص أو هيئات معينة أو بالمواظبة علي الاجتماعات التوجيهية، لمدة ما بين ستة اشهر وثلاث سنوات.
الاختبار القضائي: يكون بوضع الحدث في بيئته الطبيعية تحت التوجيه والاشراف مع مراعاة الواجبات التي تحددها المحكمة ولا يجوز أن تزيد مدة الاختبار القضائي عن ثلاث سنوات.
الايداع في أحدي مؤسسات الرعاية الاجتماعية: ويكون بإرسال الحدث إلي احدى المؤسسات الاجتماعية، وإذا كان الحدث ذا عاهة يكون الايداع في معهد مناسب لتأهيله.
الايداع في أحدى المستشفيات المتخصصة: ويكون بالحاق الحدث في الجهة التي يلقي فيها العناية التي تدعو إليها حالته، وتتولي المحكمة الرقابة علي بقائه تحت العلاج في فترات دورية لا تجاوز سنة.
2) المرحلة من الخامسة عشر إلي الثامنة عشر: تقضي المادة (15) من قانون الاحداث بأن يخفف العقاب قبل من يرتكب جريمة وهو في هذه المرحلة من العمر، فإن كانت الجريمة المرتكبة عقوبتها الإعدام أو الاشغال الشاقة المؤبدة يحكم عليه بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات، وإذا كانت العقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة يحكم بالسجن، وإذا كانت الجناية عقوبتها الاشغال الشاقة المؤقتة أو السجن تبدل هذه العقوبة بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وإذا كانت عقوبتها السجن تبدل العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وفي الجنح التي يجوز الحكم فيها بالحبس للقاضي ان يحكم بدلاً منها بالاختبار القضائي او الإيداع في أحدي مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
وفي حالة ارتكاب الحدث جريمتين أو اكثر وجب الحكم عليه بتدبير واحد مناسب، ويتبع ذلك إذا ظهر بعد الحكم بالتدابير ان الحدث ارتكب جريمة أخري سابقة أو لاحقة علي ذلك الحكم.
التدابير العينية
التدابير العينية في التشريع المصري كثيرة نذكر منها:
* المصادرة الخاصة، كمصادرة الموازين والمكاييل والمقاييس المغشوشة، ومصادرة المواد المخدرة ومصادرة النقود والأمتعة في محال القمار والنصب وبصفة عامة الاشياء التي تستعمل في جناية أو جنحة او تتحصل منها.
* إغلاق المحال، كالصيدليات والمحال الغير المرخص لها بالإتجار بالجواهر المخدرة وبيوت الدعارة .
* تعطيل الجرائد.