القانون الجنائي تقسيمات العقوبة في التشريع الجنائي المصري
تقسيمات العقوبة في التشريع الجنائي المصري
تقسيمات العقوبة في التشريع الجنائي المصري

العقوبات التي يقررها القانون متعددة وتعدد المعايير التي يمكن ان تقوم عليها  تقسيماتها، واهم تلك المعايير:

اولاً : تقسيم العقوبات بحسب جسامة الجريمة

وفقا لهذا المعيار يحتكم المشرع الى جسامة الجريمة في تصنيف الجرائم التي ينص عليها، ومن ثم فهو يفرق بين الجنايات والجمح والمخالفات جاعلاً طائفة منها عقوبة او عقوبات مناسبة.

 وفي التشريع المصري احتكم المشرع الي معيار جسامة الجريمة في تصنيف الجرائم التي تنص عليها، ومن ثم فهو يفرق بين الجنايات والجنح والمخالفات جاعلاً لكل طائفة منا عقوبة او عقوبات مناسبة  فقد نص في المادة(10) من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1927 على ان الجنايات هي الجرائم المعاقب عليها بالعقوبات الاتية:

1)  اعدام.

2) الاشغال الشاقة المؤبدة.

3)  الاشغال الشاقة المؤقتة.

4) السجن.

كما ينص في المادة (11) على ان الجنح هي الجرائم المعاقب عليها العقوبات الاتية:

1) الحبس.

2) الغرامة التي يزيد اقصى مقدار لها على مائة جنية.

كما ينص في المادة (12) من نفس القانون على ان المخالفات هي الجرائم المعاقب عليها بالغرامة التي لا يزيد اقصى مقدارها على مائة جنية.

ثانياً: تقسيم العقوبات بحسب اهميتها كجزاء قائم بذاته

وفقا لهذا المعيار نجد ان بعض العقوبات تعد في نظر القانون جزاءا ً اساسيا للجريمة بحيث يجب القضاء بها على من تثبت ادانته بالجريمة .  ومن الدستور ان يكون الجزاء الوحيد، وبعض العقوبات ليست لها ذات الاهمية اذ توقع الى جانب الجزاء الاصلي لكي بدعم آثارها، او لكي يضيف اثار  تكميلية، ولذ لا يتصور ان تكون الجزاء الوحيد الذي ينطق به القاضي.

ومن ثم فان العقوبات  وفقاً لهذا المعيار تنقسم الي عقوبات اصلية، وعقوبات تبعية، وعقوبات تكميلية.

1 )  العقوبات الاصلية

العقوبات الاصلية هي تلك المقررة بصفة رئيسية لفاعل الجريمة ولا يتعلق تنفيذها على الحكم بسواها،  ويتعين ان ينص عليها الحكم صراحة، محدداً مقدارها في غير لبس، وقد تكون سالبة للحياة الو الحرية او الذمة المالية.

 والعقوبات الاصلية  في التشريع المصري هي  :  الاعدام والاشغال الاقة المؤبدة او المؤقتة والسجن والحبس والغرامة، مع ملاحظة ان الوضع تحت مراقبة الشرطة يعتبر عقوبة اصلية اذا قررها المشرع وحدها على الجريمة، كما هو الحال في جرائد التشرد والاشتباه.

2) العقوبات التبعية

تتميز هذه بانها تلحق المحكوم عليه لمجرد الحكم عليه بعقوبة اصلية دون حاجة الى ان ينص القاضي عليها صراحة في الحكم، فان فعل كان من قبيل التزيد، فهي  اذن تلحق العقوبة الاصلية بقوة القانون مثال ذلك ان كل محكوم عليه بعقوبة جنائية يحرم حتماً من عدة حقوق نصت عليها المادة 25 العقوبات المصري، كالحرمان من تولي  الوظائف العامة، ومن الترشيح لعضوية المجالس النيابية، ومن قبول شهادته امام المحاكم  مدة العقوبة  الا على سبيل الاستدلال.

3) العقوبات التكميلية

تختلف هذه العقوبة عن سابقتها في ان تطبيقها لا يكون ممكناً الا اذا نص عليها الحكم القضائي بالعقوبة الاصلية فهي تعتبر  كما تبين من تسميتها مكملة لهذا الاخير، وتنقسم العقوبة التكميلية الى وجوبية حين يتعين على القاضي ان ينطق بها صراحة في حكمه  المتضمن للعقوبة الاصلية والا كان حكمه محلاً للطعن، مصال ذلك المصادرة (المادة 20/2) عقوبات مصري، والمادة (82) عقوبات اتحادي، والعزل من الوظيفة  (المادة 27 عقوبات مصري ) والمادة (81) عقوبات اتحادي. 

كما قد تكون العقوبة التكميلية جوازيه حين يتوقف النطق بها عل تقدير القاضي ، فله الخيار بين النطق بها والنص على ذلك في حكمه، وبين اعفاء المتهم منها  والاكتفاء بالعقوبة الاصلية، مثال ذلك  الوضع تحت مراقبة في بعض الجنح ، ونشر الحكم الصادر بالإدانة في بعض جرائم التموين والمخدرات.

ثالثاً: تقسيم العقوبات بحسب مدتها

تنقسم العقوبة من حيث مدتها إلى مؤبدة ومؤقتة، وينصرف هذا القسم إلي العقوبات السالبة للحرية او المقيدة لها وكذلك العقوبات السالبة للحقوق والمزايا فلا محل لهذا التقسيم بطبيعة الحال بالنسبة الى عقوبة الاعدام والمصادرة والغرامة ونشر الحكم.

والعقوبة المؤبدة هي التي يستغرق تنفيذها كل حياة المحكوم عليه، كالأشغال الشاقة المؤبدة الا انها تقف من الناحية العملية عن عشرين عاماً حيث يجوز الافراج الشرطي بعد مضي هذه المدة، كما يعد الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة 25 عقوبات مصري، عقوبة تبعية مؤبدة.

اما العقوبات المؤقتة فهي التي تحدد بمدة معينة كالأشغال الشاقة المؤقتة والسجن والحبس، حيث ان الاولى تتراوح مدتها بين ثلاثة وخمس عشر سنة (المادة 14/2 العقوبات المصري) الا في الاحوال الخصوصية التي ينص عليها قانوناً، وتتفق عقوبة السجن مع عقوبة الاشغال الشاقة المؤقتة من حيث  حديها الادنى والاقصى. 

فلا تنقص مدتها عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس عشرة سنة الا في الاحوال المخصوصة التي بنص عليها  قانون المادة 16 العقوبات المصري).  

اما الحبس فيتراوح مدته بين 24 ساعة وثلاث سنوات الا في الاحوال الخصوصية التي ينص عليها قانوناً، (المادة 18 عقوبات المصري).

رابعاً: تقسيم العقوبات  بحسب محلها

اساس هذا التقسيم هو اختلاف الحقوق التي تمسها العقوبة حين توقع على من يحكم عليها بها. ومن ثم تتنوع العقوبات الي عدة انواع بعضها  ينال من الحق في الحية وسلامة الجسم  وهي عقوبة الاعدام  والعقوبات البدنية كعقبة الجلد في قانون العقوبات الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة (المادة20/4 عقوبات اتحادي ) وبعضها ماس بالحرية وتسمى بالعقوبات السالبة للحربة او المقيدة للحرية. ومنها  من ينال من اعتبار المحكوم عليه وتسمى بالعقوبات الماسة بالاعتبار، واخيراً منها ما ينال من ذمة المحكوم عليه وتسمى بالعقوبات المالية.

العقوبة السالبة للحياة

ويقصد بها عقوبة الاعدام، اي ازهاق روح المحكوم عليه شنقاً وهي عقوبة بالغة القسوة، ولذا فان المشرع لا يقررها الا في اضيق نطاق وبالنسبة  لصنف من الجرائم ينطوي على قدر عظيم من الجسامة، ويفصح عن درجة عالية من الخطورة  تكمن في نفس مرتكبها تستوجب استئصاله من عداد قومه، ويرى البعض ان  عقوبة الاعدام هي العقوبة البدنية والوحيدة الباقية لان تنفيذها في العقود الماضية كان يصطحب بالتعذيب البدني، الا ان بعض التشريعات التي لا زالت تطبقها ، ومنها التشريع المصري حرصت على ان يتجرد تنفيذها قدر المستطاع من اي تعذيب بدني  لذا اقتصرت على كونها عقوبة  سالبة للحياة.

 وتجدر الاشارة الى ان عقوبة الاعدام تثير كثيراً من النقاش والجدل حول مشروعيتها وجدوى الابقاء عليها ، والفائدة المرجوة من تنفيذها، مما حدة ببعض الدول إلى الغائها، على ما سنوضحه تفصيلياً فيما بعد.

العقوبات البدنية

العقوبة البدنية هي التي تصيب المحكوم عليه في بدنه فتمس  بتكامله الجسدي  في او بسلامة اعضائه، ولا توجد في التشريعات الحديثة عقوبات بدنية تمس التكامل الجسدي للإنسان او بسلامة اعضائه الا في الدول  التي تطبق احكام الشريعة الاسلامية، وابرز مثال عليها عقوبة الجلد المقررة لحدي  الشرب والقذف في نص  المادة 29 / 4 من قانون العقوبات الاتحادي لدولة الامارات العربية المتحدة، وكانت هذه العقوبة تطبق في مصر  على الاحداث المنحرفين ثم الغيت عام  1937 م.

العقوبات السالبة للحرية

وهي تلك التي تنطوي على احتجاز المحكوم عليه داخل احدى المؤسسات العقابية وهي متنوعة في القانون المصري وتشمل، الاشغال الشاقة بنوعيها (المؤبد والمؤقت) والسجن والحبس، وفي قانون العقوبات الاتحادي لدولة الامارات العربية تشمل السجن المؤبد والسجن المؤقت والحبس.

العقوبات المقيدة للحرية

 هذه العقوبات وان كانت لا تنطوي على احتجاز المحكوم عليه داخل احدى المؤسسات العقابية، الا انها تفرض قيوداً على حريته في التنقل او مزاولة مهنة معينة ومن امثلتها عقوبة الوضع تحت مراقبة الشرطة او الزام المحكوم عليه بالإقامة في مكان معين او منعه من ارتياد مكان معين على النحو الذي يحول بينه وبين العودة الى طريق الجريمة مرة اخرى.

وقد يحكم في الغالب بالوضع تحت مراقبة الشرطة كعقوبة تبعية اذا حكم على الجاني بالإشغال الشاقة  او السجن لجناية مخلة بأمن الدولة او بتزييف نقود او سرقة او قتل  في الاحوال المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 224 عقوبات مصري، اذا يلزم  اذا لم يقضي بإعفاء الجاني منها او تخفيض المدة ووضعه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة  على ان  لا يزيد عن  خمس سنوات وقد تكون هذه العقوبة تبعية ايضاً لما صدر قرار بالعفو عن المحكوم عليه بالإشغال الشاقة المؤبدة او بدلت عقوبته (المادة 75 /3 عقوبات مصري).

 فضلاً عن انها تعتبر عقوبة تكميلية جوازيه اذا قضى بها القاضي على المحكوم عليه بعقوبة الحبس في حالة العودة الى ارتكاب جريمة السرقة او النصب او لارتكاب جريمة قتل حيوان او تسميمه بغير مقتضى ولو بغير عودة، ومع ذلك فقد يحكم بهذه العقوبة كعقوبة اصلية في جرائم التشرد والاشتباه.

العقوبات الماسة بالاعتبار

وهي العقوبات  التي تنال من اعتبار المحكوم عليه ومثالها نشر الحكم الصادر بالإدانة في الصحف او إلصاقه على الجدران وحرمان المحكوم عليه من تولي الوظائف العامة، ومن الترشيح لعضوية المجالس النيابية ومن قبول شهادته امام المحاكم  الا على سبيل الاستدلال.

العقوبات المالية

العقوبات المالية هي تلك العقوبات التي تصيب المحكوم عليه في ذمته وهي متنوعة اهمها الغرامة، والمصادرة، والرد، والمصاريف، وسوف نكتفي في هذا المجال بالإشارة الى كل من عقوبتي الغرامة والمصادرة.

أ) عقوبة الغرامة:

الغرامة عبارة عن إلزام المحكوم عليه بان يدفع الى خزينة الدولة مبلغاً يحدده القاضي في حكمه  كعقوبة على ارتكاب الجريمة والضي يميز الغرامة عن غيرها من الصور المختلفة التي  تتشابه معها  كالتعويض . هو ان الغرامة عقوبة تحمل  معنى الايلام مجردا من كل معنى من معاني التعويض وهذا  هو المعنى الضي يجعل منها عقوبة جنائية تصيب باذاها المباشر الذمة المالية للمحكوم عليه.

وتتسم الغرامة بخصائص العقوبات من حيث:

  1. كونها لا توقع الى من محكمة جنائية.
  2. انها ذات صبغة شخصية فلا يلزم بها غير  المحكوم عليه اي لا يحكم بها على ورثته، واذا توفي المحكوم عليه بعد الحكم عليه نهائياً، تنفذ الغرامة في تركته . فاذا لم توف بها التركة فلا يلتزم بها الورثة بها، ولا يمكن تنفيذها عليهم بطريق الاكراه البدني، ذلك لان الغرامة دين على التركة وليس ديناً على الورثة، فضلاً عن انها عقوبة شخصية تنفذ بدنياً على  المحكوم عليها بها دون سواه.
  3. ان الغرامة احدى صور الجزاء الجنائي الذي يمثل قدراً من الايلام المقصود ايقاعه على مرتكب الجريمة.
  4. تسري على الغرامة جميع الاحكام الخاصة بالدعوى الجنائية، والعقوبة  كالتقادم . كما يجوز الحكم بوقف تنفيذها الى غير ذلك من الاحكام الخاصة بالعقوبة.  
  5. تخضع الغرامة  لمبدأ الشرعية  اذ انها لا توقع الا بناءاً على نص في قانون العقوبات يحدد نوعها ومقدارها.

 ويجوز تحصيل الغرامة بالطرق المقررة في قانون المرافعات في المواد المدينة والتجارية، او بالطرق الإدارية المقرة لتحصيل الاموال الاميرية، وقد يكون  السبيل إلي تنفيذها هو طريق الاكراه البدني، وهو حبس المحكوم عليه حبساً بسيطاً تقدر مدته باعتبار يوم واحد لكل عشرة قروش او اقل بحد اقصى مقرراً قانونياً.

ب ) المصادرة:

 تنقسم المصادرة الى نوعين : مصادرة خاصة ومصادرة عامة . والمصادرة الخاصة هي نزلع ملكية مال معين جبراً عن المحكوم عليه واضافته الى ملكية الدولة بغير مقابل . اما المصادرة العامة فهي نزع ملكية جميع اموال مالكها ونقلها الى ملكية الدولة :

 وتختلف المصادرة الخاصة عن المصادرة العاملة في اساسها والفكرة التي دعت اليها . وتكون المصادرة الخاصة عقوبة تكميلية  في الجنايات والجنح. 

اي لا  توقع الا اذا صدر حكم بعقوبة اصلية . وهي عقوبة مالية معينة  . اي تنصب على مال معين وليس على ما يقابله وهي بذلك تختلف عن الغرامة التي تنصب على الذمة المالية للمحكوم عليه، ولذلك كانت الغرامة عقوبة اصلية . بينما المصادرة عقوبة تكميلية دائماً.

 وقد تكون  المصادرة جوازيه او وجوبية، وهي تقع في اغلب الاحيان على الاشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة وكذلك الاسلحة والآلات التي استعملت او التي من شانها ان تستعمل فيها  وهذا كله  بدون اخلال بحقوق الغير حسن النية.

 واذا  كانت الاشياء المذكورة  من التي يعد صنعها او استعمالها او حيازتها او عرضها للبيع جريمة في ذاته وجب الحكم بالمصادرة في جميع الاحوال ولو لم تكن تلك الاشياء ملكاً للمتهم.

  • المقال

  • الكاتب:

    الدكتور مينا فايق
  • تصنيف:

    القانون الجنائي القانون المصري المحاضرات علم العقاب